مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 25

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 25/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب النكاح

اشارة

.....

______________________________

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه الذي خلقنا مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهٰا زَوْجَهٰا وَ بَثَّ مِنْهُمٰا رِجٰالًا كَثِيراً وَ نِسٰاءً (1)، و جعلهما نَسَباً وَ صِهْراً (2) و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين محمد و آله الطاهرين.

حيث إن النكاح موضوع لعروض الأحكام الخمسة عليه كما تقدم و منها التحريم، فلا بد من بيان أسبابه أي: ما بسببه لا يصح تزويج الرجل بالمرأة بل يحرم و هي أمور: النسب، و الرضاع، و الكفر، و عدم الكفاءة، و المصاهرة، و الاعتداد، و استيفاء العدد، و الإحرام و تقدم البحث عن الأربعة الأخيرة، و يأتي في كتاب الطلاق- إن شاء اللّه تعالى- أن من أسباب التحريم اللعان، و الطلاق التسع أيضا.

ثمَّ إن بعض الفقهاء أنهى المحرمات إلى واحد و عشرين كما مر (3)، و الظاهر أن التكثير خلط بين الأقسام و إلا فلا بأس إن كانوا في مقام البيان و التفصيل.

ص: 5


1- سورة النساء: 1.
2- سورة الفرقان: 54.
3- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 73.

فصل في المحرمات بالنسب

اشارة

فصل في المحرمات بالنسب يحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء (1) على سبعة أصناف من الرجال (2).

الأول: الأم بما شملت الجدات عاليات و سافلات لأب كن أو لام

اشارة

الأول: الأم بما شملت الجدات عاليات و سافلات لأب كن أو لام (3).

مسألة 1: كما تحرم المرأة على ابنها كذلك تحرم على ابن ابنها

(مسألة 1): كما تحرم المرأة على ابنها كذلك تحرم على ابن ابنها و ابن ابن ابنها، و كذلك على ابن بنتها و ابن بنت ابنها و هكذا (4).

______________________________

النسب جمع نسبة كسدر جمع سدرة، و المراد بها في المقام الاتصال بالولادة بانتهاء أحدهما إلى الآخر كالأولاد و الآباء، أو انتهائهما إلى ثالث كالاخوة و الأخوات.

(1) للكتاب، و السنة كما يأتي، و إجماع المسلمين بل الضرورة من دينهم قال تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ (1).

(2) للملازمة المستفادة من الآية الشريفة و النص و الإجماع بل الضرورة.

(3) لإطلاق الأمهات في الآية الشريفة و إتيانها بصيغة الجمع الشاملة للجميع عرضا و طولا مضافا إلى الإجماع بل الضرورة في الجملة.

(4) لصدق الأمومة بالنسبة إلى الجميع و لو بالواسطة فتشملها الآية الشريفة.

ص: 6


1- سورة النساء: 23.

و بالجملة: تحرم على كل ذكر ينتمي إليها بالولادة، سواء كان بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط، و سواء كانت الوسائط ذكورا أو إناثا أو بالاختلاف (5).

الثاني: البنت بما شملت الحفيدة

اشارة

الثاني: البنت بما شملت الحفيدة و لو بواسطة أو وسائط، فتحرم هي على أبيها بما شمل الجد لأب كان أو لام (6).

مسألة 2: كما تحرم على الرجل بنته كذلك تحرم بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته

(مسألة 2): كما تحرم على الرجل بنته كذلك تحرم بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته.

و بالجملة: كل أنثى تنتمي إليه بالولادة بواسطة أو وسائط ذكورا كانوا أو إناثا أو بالاختلاف (7).

______________________________

كل ذلك للصدق اللغوي و العرفي و لذا يصح لذراري رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كل عصر أن يقولوا: «السلام على أمنا فاطمة الزهراء» لغة و عرفا، كما يصح لجميع البشر في كل عصر أن يقولوا: «السلام على أمنا حواء»، كما قال الصادق عليه السّلام في بعض دعواته: «اللهم صل على أمنا حواء المطهرة من الرجس المصفاة من الدنس» (1)، فالنسبة موجودة و الاستعمال صحيح فيشملها الدليل لا محالة.

(6) لذكر البنات في الآية الشريفة المتقدمة بصيغة الجمع الشامل لكل من أمكن أن ينطبق عليها العنوان أو «كل أنثى ينتهي نسبها إليك بواسطة أو بغيرها».

(7) لصدق البنت في جميع ذلك و إن نزلن، فلو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيا ليس له أن ينكح في إحدى من نساء ذراريه في كل عصر إلى يوم القيامة: بل لو كان أبو البشر حيا لم يكن له أن ينكح في إحدى من نساء ذريته، لتحقق

ص: 7


1- راجع دعاء الاستفتاح في المصباح للكفعمي صفحة: 532.

الثالث: الأخت

الثالث: الأخت لأب كانت أو لام أو لهما (8).

الرابع: بنت الأخ

اشارة

الرابع: بنت الأخ، سواء كان لأب أو لام أو لهما و هي كل امرأة تنتمي بالولادة إلى أخيه بلا واسطة أو معها و إن كثرت، سواء كانت الانتماء إليه بالآباء أو الأمهات أو بالاختلاف (9).

مسألة 3: كما تحرم بنت الأخ كذلك تحرم بنت ابن الأخ

(مسألة 3): كما تحرم بنت الأخ كذلك تحرم بنت ابن الأخ، و بنت ابن ابنه، و بنت بنته، و بنت بنت بنته، بنت ابن بنته و هكذا (10).

الخامس: بنت الأخت

الخامس: بنت الأخت (11) و هي كل أنثى تنتمي إلى أخته بالولادة على النحو الذي ذكر في بنت الأخ (12).

السادس: العمة

السادس: العمة، و هي أخت أبيه لأب أو لام أو لهما.

و المراد بها ما يشمل العاليات اعني عمة الأب- أخت الجد للأب لأب أو لام أو لهما و عمة الأم- أخت أبيها- لأب أو لام أو لهما، و عمة الجد للأب و الجد للام و الجدة كذلك، فمراتب العمات مراتب الآباء، فهي كل أنثى هي أخت الذكر تنتمي إليك بالولادة من طرف أبيك أو أمك (13).

______________________________

الانتساب و الأصلية و الفرعية مع الاتفاق عليه.

(8) للصدق اللغوي و العرفي فتشملها الآية المباركة مضافا إلى الإجماع.

و المراد منها الأنثى التي ولدت معك من شخص واحد بلا واسطة و لا يدخل في اسمهن غيرهن، و لذا لم يكن فيهن علوّ و لا سفل كما هو واضح.

(9) لظهور إطلاق الآية الشريفة الشامل للجميع، مع إجماعهم عليه.

(10) للصدق العرفي فتشملها الآية الشريفة كما تقدم.

(11) لإطلاق قوله تعالى وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ الشامل لجميع ما يمكن أن ينطبق كل واحد من العنوانين عليه مضافا إلى الإجماع.

(12) و الدليل عين الدليل بلا فرق بينهما في كيفية التعليل.

(13) لظهور الجميع في قوله تعالى وَ عَمّٰاتُكُمْ في ذلك في اللغة

ص: 8

السابع: الخالة

اشارة

السابع: الخالة (14) و المراد بها أيضا ما تشمل العاليات، فهي كالعمة (15) إلا أنها أخت إحدى امهاتك و لو من طرف أبيك، و العمة أخت أحد آبائك و لو من طرف أمك، فأخت جدتك للأب خالتك حيث انها خالة أبيك فهي خالتك، كما أن أخت جدك للام عمتك حيث انها عمة أمك.

مسألة 4: لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة

(مسألة 4): لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة و لو بالواسطة (16)، و هما قد تدخلان فيهما فتحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأب و أم أو لأب، و لأبي أبيك أخت لأب أو أم أولهما، فهذه عمة لعمتك بلا واسطة و عمة لك معها، و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لامها أو لامها و أبيها و كانت لأم أمك أخت فهي خالة خالتك بلا واسطة و خالة لك معها (17) و قد لا تدخلان فيهما فلا تحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأمة لا لأبيه و كانت لأبي الأخت أخت فالأخت الثانية عمة لعمتك و ليس بينك و بينها نسب أصلا (18)،

______________________________

و العرف، و ينزل عليهما الشرع أيضا.

(14) لإطلاق قوله تعالى وَ خٰالٰاتُكُمْ فيشمل جميع مراتبها.

(15) فيجري فيها ما جرى في العمة.

(16) لعدم تلازم النسبة بين الشخص و عمة عمته و لا بينه و بين خالة خالته فهما أجنبيتان لا ربط لإحديهما بالأخرى.

نعم، إذا تحققت النسبة فتحرمان كما يأتي.

(17) فتحرم لما تقدم من إطلاق الآية المباركة.

(18) للأصل و عدم الصدق كما هو المفروض.

ثمَّ إنه يستفاد من الآية الكريمة حرمة سبعة أصناف من الرجال على سبعة أصناف من النساء كالأب- و إن علا- و الأخ و ابنه و العم و إن علا و مثله

ص: 9

و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لأبيها لا لامها و كانت لأم الأخت أخت فهي خالة لخالتك و ليست خالتك و لو مع الواسطة، و كذلك أخت الأخ أو الأخت إنما تحرم إذا كانت أختا لا مطلقا، فلو كان لك أخ أو أخت لأبيك و كانت لامها بنت من زوج آخر فهي أخت لأخيك أو أختك و ليست أختا لك لا من طرف أبيك و لا من طرف أمك فلا تحرم عليك (19).

مسألة 5: النسب إما شرعي

(مسألة 5): النسب إما شرعي و هو ما كان بسبب و طي حلال ذاتا بسبب شرعي من نكاح أو ملك يمين أو تحليل (20) و إن حرم لعارض من حيض أو صيام أو اعتكاف أو إحرام و نحوها (21) و يلحق به و طي الشبهة (22)- و اما غير شرعي، و هو ما حصل بالسفاح و الزنا.

______________________________

الخال و الولد- و إن سفل- و ابن الأخت، لأن الزواج أمر متقوم بالطرفين فإذا حرمت المرأة حرم الرجل بالملازمة كما أن حرمة الأم يلازم حرمة ولدها عليها و هكذا في الأب فإن حرمة البنت يستلزم حرمة الأب و إن علا و هكذا.

(19) للأصل و عدم الصدق كما هو المفروض.

(20) إن كل ذلك من الأسباب المقررة عند الشرع التي ذكر كل واحد منها مستقلا في محله.

(21) لأن الحرمة العارضة لا تنافي الحلية الذاتية حتى يخرج بذلك النسب عن الشرعية إلى الزنا.

(22) أما إلحاق و طي الشبهة، فلظواهر جملة من النصوص كما يأتي و أما موضوعه فقد تقدم البحث عن وطي الشبهة في المحرمات بالمصاهرة فراجع (1).

ص: 10


1- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 147.

و الأحكام المترتبة على النسب الثابتة في الشرع من التوارث و غيره و إن اختصت بالأول لكن الظاهر بل المقطوع أن موضوع حرمة النكاح أعم فيعم غير الشرعي (23).

فلو زنا بامرأة فولدت منه ذكرا و أنثى حرمت المزاوجة بينهما، و كذا بين كل منهما و بين أولاد الزاني و الزانية الحاصلين بالنكاح الصحيح، و كذا حرمت الزانية و أمها و أم الزاني و أختها على الذكر، و حرمت الأنثى على الزاني و أبيه و أجداده و إخوته و أعمامه (24).

مسألة 6: المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق واقعا

(مسألة 6): المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق واقعا مع عدم العلم بالتحريم (25)، كما إذا وطأ أجنبية باعتقاد أنها زوجته.

______________________________

(23) لأن مدار حرمة النسبيات السبع على اللغة و لا ريب في الصدق اللغوي لو تحققت بالزنا كصدقه لو تحققت بالوطي الصحيح أيضا، هذا مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

و ذلك لا يستلزم ترتب جميع الأحكام الشرعية عليه أيضا لصحة التفكيك فيما قام عليه الدليل.

(24) لصدق العناوين النسبية في جميع ذلك لغة و عرفا فيترتب عليها الأحكام إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام، بل ظاهر إجماعهم ترتب حرمة النكاح فلو زنا بامرأتين مثلا فولد من أحدهما ذكرا و من الأخرى أنثى فهما أخ و أخت من أب واحد لا يجوز الازدواج بينهما.

نعم، خرج التوارث بالدليل كما يأتي في كتاب الميراث إن شاء اللّه المتعال.

(25) لصدق الشبهة على جميع ما ذكر، و قد ذكرنا مناط تحقق الشبهة

ص: 11

و يلحق به وطي المجنون و النائم و شبههما دون السكران إذا كان سكره بشرب المسكر عن عمد (26).

______________________________

سابقا (1) فراجع.

ثمَّ إن المشهور بل ظاهرهم الإجماع على أنه لو تعمد في شرب المسكر يجري عليه حكم العمد و لا يلحق بالشبهة مع إطلاق قوله عليه السّلام: «في صحيح محمد بن مسلم: «الحرام لا يفسد الحلال» (2)، أو قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «ما حرّم حرام حلالا قط» (3).

(26) و عصيان كما تقدم.

ص: 12


1- راجع ج: 24 صفحة: 150.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 1.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 1.

فصل في المحرمات بالرضاع

اشارة

فصل في المحرمات بالرضاع

انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط

اشارة

انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط (1).

الأول: أن يكون اللبن حاصلا من وطي جائز شرعا
اشارة

الأول: أن يكون اللبن حاصلا من وطي جائز شرعا (2)، بسبب

______________________________

من أسباب التحريم الرضاع، للكتاب و السنة المتواترة بين الفريقين كما يأتي، و إجماع المسلمين في الجملة، قال تعالى في عداد المحرمات:

وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ (1)، و ذكرهما من باب الأصل لكل ما ينطبق عليه، و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (2)، و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرضاع فقال: يحرم منه ما يحرم من النسب» (3).

ثمَّ ليعلم أن مقتضى العمومات و الإطلاقات الدالة على الحلية و أصالة الإباحة و استصحاب الحلية عدم نشر الحرمة مطلقا إلا ما دل دليل معتبر على نشر الحرمة، ففي جميع الموارد التي لم يتم الدليل على نشر الحرمة أو شك في تمامية الدليل عليه نتمسك بأصالة عدم نشر الحرمة و عدم ترتب الأثر مع أن هذا الأصل مجمع عليه عند الفقهاء.

(1) لما يأتي من الأدلة على اعتبارها، و قاعدة «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه».

(2) بحسب ذاته و إن حرم بالعرض كالوطي في حال الإحرام و الحيض و غيرهما.

ص: 13


1- سورة النساء: 23.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 8.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 8.

نكاح أو ملك يمين أو تحليل، و يلحق به وطئ الشبهة على الأقوى (3)، فلو درّ اللبن من الامرأة من دون نكاح لم ينشر الحرمة (4) و كذا لو كان اللبن من زنا (5).

مسألة 1 لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل

(مسألة 1) لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل (6) فلو

______________________________

(3) لفرض أنه وطي حلال شرعي، و دعوى الانصراف عنه عهدة إثباتها على مدعيها.

(4) للأصل و الإجماع و النص، ففي موثق يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة فأرضعت جارية و غلاما من ذلك اللبن، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال عليه السّلام:

لا» (1).

و في رواية يعقوب بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام امرأة درّ لبنها من غير ولادة فأرضعت ذكرانا و إناثا أ يحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ فقال:

لا» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و يمكن أن يقال: إن التعبير من باب الغالب فيشمل الحمل الحاصل من وصول ماء الرجل إلى الرحم الحمل منه بوجه حلال و لو في الجملة بغير نكاح.

(5) للإجماع، و لأنه لا حرمة لماء الزاني حتى يترتب عليه الأثر الشرعي مضافا إلى الأصل بعد ظهور الأدلة في غيره، و إطلاق قوله عليه السّلام: «الحرام لا يحرّم الحلال» (3)، و عن علي عليه السّلام: «لبن الحرام لا يحرّم الحلال، و مثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها ثمَّ أرضعت بلبن فجور، و من أرضع من فجور بلبن صبية لم يحرم نكاحها لأن اللبن حرام لا يحرّم الحلال» (4).

(6) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

ص: 14


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5.
4- مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

طلقها الزوج أو مات عنها و هي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا نشر الحرمة (7)، حتى لو تزوجت و دخل بها الزوج الثاني و لم تحمل منه أو حملت منه و كان اللبن بحاله لم ينقطع و لم تحدث فيه زيادة (8).

الثاني: أن يكون شرب اللبن بالامتصاص من الثدي
اشارة

الثاني: أن يكون شرب اللبن بالامتصاص من الثدي (9)، فلو وجر في حلقه اللبن، أو شرب اللبن المحلوب من المرأة لم ينشر الحرمة (10).

______________________________

(7) لأن اللبن منسوب إليه بلا فرق بين أن يرتضع في العدة أو بعدها ما دامت النسبة موجودة.

(8) للأصل و ظهور الإجماع.

نعم، لو انتسب اللبن إلى الثاني بعد انقطاعه عن الأول كان اللبن للثاني إجماعا و لما يأتي.

(9) للأدلة المشتملة على الرضاع و الارتضاع و الرضعة و نحوها الظاهرة في المص المباشر من الثدي مضافا إلى الأصل، و الإجماع، و بعض الأخبار المشتمل على لفظ «ثدي واحد» مثل قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «سألته عن الرضاع فقال عليه السّلام: لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد» (1)، و مثله غيره، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال يا أمير المؤمنين إن امرأتي حلبت من لبنها في مكوك فأسقته جاريتي فقال عليه السّلام: أوجع امرأتك و عليك بجاريتك» (2).

و ما يظهر منه الخلاف مثل قول الصادق عليه السّلام: «وجور الصبي بمنزلة الرضاع» (3)، محمول أو مطروح.

(10) لانتفاء الشرط فتنتفي الحرمة.

و كذا لو أوصل اللبن إلى جوفه بسقوط أو تقطير أو بالآلات الحديثة أو

ص: 15


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 13.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 3 و الوجور بالضم أي: الصب في الفم.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 3 و الوجور بالضم أي: الصب في الفم.
مسألة 2: لو جعلت المرضعة آلة في رأس ثديها

(مسألة 2): لو جعلت المرضعة آلة في رأس ثديها و ارتضع الصبي منها هل ينشر الحرمة أو لا؟ وجهان (11).

الثالث: أن تكون المرضعة حيّة

الثالث: أن تكون المرضعة حيّة (12) فلو ماتت في أثناء الرضاع و أكمل النصاب حال موتها و لو رضعة لم ينشر الحرمة (13).

الرابع: أن يكون المرتضع في أثناء الحولين و قبل استكمالهما
اشارة

الرابع: أن يكون المرتضع في أثناء الحولين و قبل استكمالهما (14).

فلا عبرة برضاعه بعدها (15).

______________________________

جبّنه و أكل الصبي منه مثلا.

(11) مقتضى الأصل عدم النشر كما مر إلا أن يصدق عليه الامتصاص من الثدي عرفا.

(12) للأصل و الإجماع و ظواهر الأدلة.

(13) لظواهر الأدلة. و أصالة عدم نشر الحرمة.

و لا يلحق بالميت المغمى عليها و النائمة و الغافلة و السكرانة أو من شربت ما يوجب سلب اختيارها و غيرها، لشمول الإطلاقات لجميع ذلك من غير دليل حاكم عليها و وقوع ذلك كثيرا في الخارج.

(14) للأصل، و الإجماع و النص الذي رواه الفريقان عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«لإرضاع بعد فطام» (1)، و هو من جوامع كلماته التي فضّله اللّه تعالى بها على سائر النبيين.

و في صحيح حماد قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لإرضاع بعد فطام، قلت: جعلت فداك و ما الفطام؟ قال عليه السّلام: الحولان اللذان قال اللّه عز و جل» (2)، و في صحيح البقباق عن الصادق عليه السّلام: «الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(15) للأصل و الإجماع و التحديد بالحولين في الأدلة كما عرفت.

ص: 16


1- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 4.

و لا يعتبر الحولان في ولد المرضعة على الأقوى (16) فلو وقع

______________________________

(16) لعدم دليل معتبر على اعتبار ذلك بعد ظهور سياق أدلة اعتبار الحولين في خصوص المرتضع بقرائن خارجية و داخلية.

و قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم» (1)، ظاهر في ذلك أي: الرضاع المعهود بين المسلمين إنما يكون قبل الحولين و مثله غيره من الأخبار.

و منشأ الاختلاف بين الفقهاء اختلاف الأخبار، منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في رواية داود بن الحصين: «الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم محرم» (2)، و لا بد من حمله على التقية (3)، أو طرحه لعدم مقاومته لسائر الأخبار.

و قد يتمسك باعتبار الحولين في ولد المرضعة.

تارة: بالأصل أي: استصحاب بقاء نشر الحرمة.

و اخرى: إطلاق: اعتبار الحولين.

و ثالثة: إطلاق قوله عليه السّلام في الصحيح: «لا رضاع بعد فطام» (4).

و رابعة: إطلاق قوله تعالى وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ (5).

و خامسة: استبعاد إهمال هذا الشرط عند الخاصة مع أن العامة تعرضوا له.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلا وجه له مع الاستظهار من الأخبار أن الحولين و الفطام إنما يلحظان بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة كما تقدم.

و أما الثاني: مع ظهور الأخبار في المرتضع لا يبقى مجال للتمسك

ص: 17


1- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 7.
3- المغني لابن قدامة ج 9: صفحة: 203.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 1.
5- سورة البقرة: 233.

الرضاع بعد كمال حولية نشر الحرمة إذا كان قبل تمام حولي المرتضع (17).

مسألة 3: المراد بالحولين أربعة و عشرون شهرا هلاليا

(مسألة 3): المراد بالحولين أربعة و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة (18)، و لو وقعت في أثناء الشهر يكمل من الشهر الخامس

______________________________

بالإطلاق كما مر في المناقشة في الأول.

و أما الثالث: فيظهر مما تقدم أن المراد المرتضع- أو مطلق الحد- دون ولد المرضعة فقط كما هو ظاهر.

و أما الرابعة: فلا ربط للآية الشريفة بالمقام لورودها في مقام تحديد أصل الرضاع مع قطع النظر عن ولد المرضعة أو نفس المرتضع.

و أما الأخيرة: فتعرّضهم لاعتبار الحولين في المرتضع مع اختلافهم في اعتباره في ولد المرضعة يغني عن التعرض لذلك مستقلا، و العمدة موثق ابن بكير ففي رواية علي بن أسباط قال: «سأل ابن فضال ابن بكير في المسجد فقال:

ما تقولون في امرأة أرضعت غلاما سنتين ثمَّ أرضعت صبية لها أقل من سنتين حتى تمت السنتان أ يفسد ذلك بينهما؟ قال: لا يفسد ذلك بينهما لأنه رضاع بعد فطام و إنما: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا رضاع بعد فطام، أي: أنه إذا تمَّ للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حد اللبن و لا يفسد بينه و بين من شرب لبنه قال:

و أصحابنا يقولون إنه يفسد لا أن يكون الصبي و الصبية يشربان شربة شربة» (1).

و فيه: أن ابن بكير ثقة- و من أصحاب الإجماع- في رواياته.

و أما اجتهاده فهو معتبر لنفسه لا لغيره مع ما مر من كون ظواهر الأدلة على خلافه.

(17) لوجود المقتضي- بالنسبة إلى المرتضع- و فقد المانع.

(18) لأنها المنساق من الحول في اصطلاح السنة.

ص: 18


1- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 6.

و العشرين ما مضى من الشهر الأول على الأظهر (19)، فلو تولد في العاشر من شهر تكمل حولاه في العاشر من الخامس و العشرين (20).

مسألة 4: لو شك في تمام الحولين و عدمه

(مسألة 4): لو شك في تمام الحولين و عدمه فلا يوجب نشر الحرمة (21).

الخامس: الكمية
اشارة

الخامس: الكمية و هي بلوغه حدا معينا فلا يكفي مسمى الرضاع (22) و لا رضعة كاملة (23) و له في الأخبار و عند فقهائنا الأخيار

______________________________

(19) لأن هذا مقتضى عد الحول اثني عشر شهرا هلاليا فيشمل إطلاقه الملفّق و المستقيم و له نظائر في الفقه، و أما احتمال عد كل شهر تاما أي الثلاثين فلا دليل عليه.

و من ذلك يظهر أن التعبير بالأظهر مسامحة.

(20) يظهر وجهه مما مر.

(21) لأصالة عدم النشر بعد كون الشك في الشرط شكا في المشروط أيضا.

و أصالة عدم تمامية الحولين لا يثبت نشر الحرمة إلا بناء على القول بالأصل المثبت إلا أن يقال: بأنه لا واسطة في البين عرفا كما تعرضنا لذلك في نظائر المقام فراجع (1).

(22) للأصل و الاتفاق و الإطلاقات التي يأتي التعرض لها.

(23) إجماعا و نصوصا مستفيضة مقيّدة بتحديدات خاصة كما يأتي بعضها، و ما يظهر منه الخلاف مثل ما روي عن علي عليه السّلام أنه قال: «يحرم من الرضاع كثيره و قليله المصة الواحدة تحرم» (2)، و عن أبي الحسن عليه السّلام في مكاتبة علي بن مهزيار: «يسأله عما يحرم من الرضاع فكتب إليه: قليله و كثيره حرام» (3)،

ص: 19


1- راجع ج: 24 صفحة: 98.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 10.

تحديدات و تقديرات ثلاثة: الأثر، و الزمان، و العدد (24) و أي واحد منها حصل كفى في نشر الحرمة (25).

أما الأثر: فهو أن يرضع بمقدار نبت اللحم و شد العظم (26).

و أما الزمان: فهو أن يرتضع من المرأة يوما و ليلة (27) مع اتصالهما

______________________________

و عن علي عليه السّلام: «الرضعة الواحدة كالمائة رضعة لا تحل له أبدا» (1)، محمول أو مطروح لما يأتي.

(24) هذا الحصر استقرائي شرعي بل عقلي و يأتي التعرض لذلك.

(25) كما هو المشهور لإطلاق الأدلة الواردة في كل منها فيستفاد منه أن كل واحد منها سبب لحصول المسبب، فلا وجه للتعدد حينئذ كما أن ما يظهر عن بعض الفقهاء من الاختصاص بالعدد أو الزمان مخدوش: فإنه لا بد في الاستفادة من الروايات من ملاحظة جميعها ورد بعضها إلى بعض ثمَّ الأخذ بالمتحصل منها و هو ما ذكره المشهور.

(26) إجماعا و نصوصا مستفيضة فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا رضاع إلا ما شد العظم و أنبت اللحم» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح علي بن رئاب: «ما يحرم من الرضاع؟ قال عليه السّلام: ما أنبت اللحم و شد العظم» (3)، و في موثق مسعدة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يحرم من الرضاع إلا ما شد العظم و أنبت اللحم» (4)، و في صحيح حماد بن عثمان عن الصادق عليه السّلام: «لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم و الدم» (5)، إلى غير ذلك من الروايات الواردة في المقام.

(27) إجماعا و نصا ففي موثق ابن سوقة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام هل للرضاع حد يؤخذ به؟ فقال: لا يحرم الرضاع أقل من يوم و ليلة أو خمس عشرة

ص: 20


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 12.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 461.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 19.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 19.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

بأن يكون غذاؤه في هذه المدة منحصرا بلبن المرأة (28).

و أما العدد فهو أن يرتضع منها خمس عشرة رضعة كاملة (29).

______________________________

رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينهما رضعة امرأة غيرها» (1)، و في مرسل الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لا يحرم من الرضاع إلا رضاع يوم و ليلة» (2).

(28) إجماعا و نصا قال الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن أبي يعفور: «سألته عما يحرم من الرضاع؟ قال: إذا رضع حتى يمتلئ بطنه» (3)، و في موثقة الثاني عن الصادق عليه السّلام: «الرضاع الذي ينبت اللحم و الدم هو الذي يرضع حتى يتضلّع و يتملى و ينتهي نفسه» (4).

(29) نسب ذلك إلى المشهور و يدل عليه موثق ابن سوقة الآتي و لكن المقام من أحد الموارد التي اختلفت فيها الروايات اختلافا شديدا، و في مثله لا بد من رد الأخبار الشاذة النادرة إليهم كما أمرنا بذلك و الأخذ بما هو الراجح مع أنه يمكن أن يقال: بعد التأمل في أخبار الرضاع يظهر أن الأصل في صدورها مراعاة التقية إلا ما خرج بالدليل.

فمن لاحظها يعرف صدق ما قلناه حتى قال مولانا الرضا عليه السّلام: «ما أكثر ما اسأل عن الرضاع» (5)، و في بعضها أعرض أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الجواب كما في صحيح عبيد بن زرارة الآتي.

و لا ريب في أن عدد الخمسة عشر أقرب إلى إنبات اللحم و شد العظم عرفا، و كذا بالنسبة إلى اليوم و الليلة أيضا فتوافق العلامات الثلاث حينئذ.

ص: 21


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 14.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 24.

.....

______________________________

و سند الحديث الدال على الخمسة عشر معتبر و دلالته ظاهرة و هو في مقام الشرح و التفصيل، فعن زياد بن سوقة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام هل للرضاع حد يؤخذ به؟ فقال عليه السّلام: لا يحرم الرضاع أقل من يوم و ليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها، فلو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد و أرضعتهما امرأة أخرى من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما» (1)، و هو من محكمات أخبار الباب مشتمل على النفي و الإثبات و موافق للمشهور و مخالف للعامة فهو جامع للمرجحات الداخلية و الخارجية.

و أما قول الصادق عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «خمس عشرة رضعة لا تحرم» (2)، فيمكن حمله على الإنكار، أو فاقد الشرائط مع القصور في السند.

و أما ما ورد في العشرة فمجموعها أقسام:

الأول: ما دل على عدم الحرمة مطلقا مثل موثق عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام: «عشر رضعات لا يحرّمن شيئا» (3)، و في موثق ابن بكير: «عشر رضعات لا تحرّم» (4)، و قريب منهما غيرهما.

الثاني: ما علقت الحرمة في العشرة على اشتداد العظم و إنبات اللحم فجعلهما المناط دون العدد مثل رواية مسعدة عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يحرم من الرضاع إلا ما شد العظم و أنبت اللحم، فأما الرضعة و الثلاث حتى بلغ العشر إذا كن متفرقات فلا بأس» (5)، و في صحيح ابن رئاب عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت ما يحرم من الرضاع؟ قال: ما أنبت اللحم و شد العظم قلت فيحرم عشر رضعات؟

قال: لا، لأنه لا تنبت اللحم و لا تشد العظم عشر رضعات» (6)، فالجمع بين هذين القسمين في غاية الوضوح.

ص: 22


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 6 و 4 و 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 6 و 4 و 3.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 6 و 4 و 3.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 9 و 2.
6- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 9 و 2.
مسألة 5: المعتبر في إنبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما

(مسألة 5): المعتبر في إنبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان إليه (30)، فلو فرض ضم السكر و نحوه إليه

______________________________

الثالث: ما دل على التحريم مثل رواية عمر بن يزيد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الغلام يرضع الرضعة و الثنتين فقال: لا يحرم فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات فقال: إذا كانت متفرقة فلا» (1).

الرابع: ما يستفاد منه التقية و انه ليس في مقام البيان مثل رواية عبيد بن زرارة (2)، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام إنا أهل بيت كبير فربما كان الفرح و الحزن الذي يجتمع فيه الرجل و النساء، فربما استخفت المرأة أن تكشف رأسها عند الرجل الذي بينها و بينه رضاع، و ربما استخف الرجل أن ينظر إلى ذلك فما الذي يحرم من الرضاع؟ فقال: ما أنبت اللحم و الدم، فقلت: و ما الذي ينبت اللحم و الدم؟ فقال: كان يقال: عشر رضعات، قلت: فهل تحرم عشر رضعات؟ فقال:

دع ذا و قال: ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع» فيستفاد من هذه الموثقة أن كل ما دل على التحريم في العشر يحمل على التقية أو يحمل على القسم الثاني من اشتداد العظم و إنبات اللحم.

الخامس: موثق فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لا يحرم من الرضاع إلا المخبورة أو خادم أو ظئر ثمَّ يرضع عشر رضعات يروى الصبي و ينام»(3)، و هو مضطرب المتن متروك الظاهر فاسد الحصر.

و لو تأمل المتأمل في هذه الأخبار و رد بعضها إلى بعض لاطمئن بأن شيئا منها لم يصدر لبيان الحكم الواقعي، و إن ما هو المشهور من خمسة عشر رضعة أبعد عن التقية و أقرب إلى اعتبار اليوم و الليلة و نبت اللحم و شد العظم و اللّه العالم بالحقائق.

(30) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها.

ص: 23


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5 و 18.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5 و 18.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 11.

على نحو ينسبان إليهما أشكل ثبوت التحريم (31)، كما ان المدار على الإنبات و الشد المعتد به منهما على ما يصدقان عليه عرفا و لا يكفي حصولهما بالدقة العقلية (32)، و إذا شك في حصولهما بهذه المرتبة أو في استقلال الرضاع في حصولهما يرجع إلى التقديرين الآخرين (33).

مسألة 6: يعتبر في التقدير بالزمان أن يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن

(مسألة 6): يعتبر في التقدير بالزمان أن يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن (34)، و لا يقدح شرب الماء للعطش و لا ما يأكل أو يشرب دواء (35)، و الظاهر كفاية التلفيق في التقدير بالزمان (36) لو ابتدأ بالرضاع في أثناء الليل أو النهار.

______________________________

(31) للأصل بعد الشك في شمول الأدلة له.

(32) أما الأول فلأنه المنساق من الأدلة.

و أما الأخير للأصل بعد عدم ابتناء الأحكام الشرعية عليها.

(33) لإطلاق دليل اعتبار هما الشامل لصورة التفرق و الاجتماع كما هو شأن العلامات الشرعية في كل مقام تسهيلا على الأنام في ما يبتلون به من الأحكام.

(34) لأنه الظاهر من الأخبار المتقدمة، مضافا إلى الإجماع، و أصالة عدم نشر الحرمة في غيره.

نعم، لا يقدح تناول شي ء خارجي قليل جدا بما هو المتعارف في الرضع كما سيأتي.

(35) لما عرفت في سابقة و أن المناط الغذاء الواصل إلى الجوف و لا يصدق ذلك في الماء و الدواء.

(36) لأن المتفاهم عرفا من ذكر اليوم و الليلة في نظير المقام اربع و عشرون ساعة كيف ما تحققت لا خصوص بياض اليوم و سواد الليل بقرينة ذكر العدد و النبت.

ص: 24

مسألة 7: يعتبر في التقدير بالعدد أمور

(مسألة 7): يعتبر في التقدير بالعدد أمور:

منها: كمال الرضعة، بأن يروى الصبي و يصدر من قبل نفسه (37) و لا تحسب الرضعة الناقصة و لا تضم الناقصات بعضها ببعض بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات مثلا واحدة (38).

نعم، لو التقم الصبي الثدي ثمَّ رفضه لا بقصد الإعراض بأن كان للتنفس أو الالتفات إلى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو غير ذلك كان الكل رضعة واحدة (39).

و منها: توالي الرضاعات (40) بأن لا يفصل بينها رضاع امرأة أخرى و لا يقدح في التوالي تخلل غير الرضاع من المأكول و المشروب و إن تغذى به (41).

______________________________

(37) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن أبي عمير: «الرضاع الذي ينبت اللحم و الدم هو الذي يرضع حتى يتملأ و يتضلع و ينتهي نفسه» (1)، و في موثق ابن أبي يعفور قال: «سألته عما يحرم من الرضاع؟ قال: إذا رضع حتى يمتلئ بطنه فإن ذلك ينبت اللحم و الدم و ذلك الذي يحرم» (2)، مضافا إلى الإجماع و أصالة عدم النشر بدون ذلك.

(38) كل ذلك للأصل و الإجماع و ظاهر ما مر من قول الصادق عليه السّلام.

(39) لأن ذلك كله من لوازم الرضاع فيشملها إطلاق الدليل بلا كلام.

(40) لقول أبي جعفر عليه السّلام في موثق ابن سوقة: «لا يحرم من الرضاع أقل من يوم و ليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها»(3)، مضافا إلى الإجماع.

(41) لإطلاق الأدلة و استثناء خصوص الارتضاع من امرأة أخرى فقط.

ص: 25


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

و منها: أن يكون كمال العدد من امرأة واحدة (42) فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة و أكملها من امرأة أخرى لم ينشر الحرمة و إن اتحد الفحل، فلا تكون واحدة من المرضعتين اما للمرتضع و لا الفحل أبا له (43).

و منها: اتحاد الفحل (44) بأن يكون تمام العدد من لبن فحل واحد و لا يكفي اتحاد المرضعة، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثمَّ طلقها الفحل و تزوجت بآخر و حملت منه ثمَّ أرضعت ذلك الطفل من لبن الفحل الثاني تكملة العدد من دون تخلل رضاع امرأة أخرى في البين- بأن يتغذى الولد في هذه المدة المتخللة بالمأكول و المشروب- لم ينشر الحرمة (45).

______________________________

(42) إجماعا و نصا تقدم في موثق ابن سوقة عن أبي جعفر عليه السّلام.

(43) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط.

(44) للأصل و الإجماع و النصوص منها قول أبي جعفر عليه السّلام و أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق ابن سوقة و الساباطي: «من لبن فحل واحد من امرأة واحدة» «1»، و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يرضع من امرأة و هو غلام، أ يحل له أن يتزوج أختها لأمها من الرضاعة؟ فقال: إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن واحد فلا يحل، فإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار فما يظهر منه الخلاف محمول أو مطروح.

(45) للأصل و الإجماع و ظاهر النصوص و إطلاق أدلة حلية النكاح إلا ما

ص: 26


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3.
مسألة 8: لا يعتبر حلية اللبن في نشر الحرمة بعد تحقق الشرائط المتقدمة

(مسألة 8): لا يعتبر حلية اللبن في نشر الحرمة بعد تحقق الشرائط المتقدمة كما لو أرضعت أمه الصبي بدون إذن المالك أو المستأجرة بدون إذن المؤجر (46).

مسألة 9: ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة

(مسألة 9): ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة فلو انتفى بعضها لا أثر له (47)، و ليس بناشر لها أصلا حتى بين الفحل و المرتضعة و كذا بين المرتضع و المرتضعة فضلا عن الأصول و الفروع و الحواشي (48).

و في الرضاع شرط آخر زائد على ما مر مختص بنشر الحرمة بين المرتضعين و بين أحدهما و فروع الآخر.

و بعبارة أخرى: شرط لتحقق الأخوة الرضاعية بين المرتضعين و هو اتحاد الفحل الذي ارتضع المرتضعان من لبنه، فلو ارتضع صبي من امرأة من لبن شخص رضاعا كاملا و ارتضعت صبية من تلك المرأة من لبن شخص آخر كذلك- بأن طلقها الأول و زوّجها الثاني و صارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعا كاملا- لم تحرم الصبية على ذلك الصبي و لا فروع أحدهما على الآخر (49)، بخلاف ما إذا كان الفحل صاحب اللبن واحدا

______________________________

خرج بالدليل المخصوص.

(46) لإطلاقات الأدلة بعد الصدق العرفي إلا أن يدعى الانصراف و هو أول الدعوى.

(47) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط.

(48) لإطلاق أدلة الحلية و أصالة الإباحة، و الاتفاق في غير ما خرج بالنص الخاص و لما مر من القاعدة، مضافا إلى النصوص الخاصة الواردة في موارد مختلفة كما مر.

(49) للإجماع و الخبر المتواتر عنهم عليهم السّلام: «اللبن للفحل» و نصوص

ص: 27

.....

______________________________

خاصة منها صحيح بريد العجلي قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسّر لي ذلك، فقال: كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام فذلك الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كل امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام، فإن ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و إنما هو من نسب ناحية الصهر رضاع و لا يحرم شيئا و ليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم» (1).

و منها: موثق الساباطي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غلام رضع من امرأة أ يحل له أن يتزوج أختها لأبيها من الرضاع؟ فقال: لا، فقد رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة، قال: فيتزوج أختها لأمها من الرضاعة؟ فقال: لا بأس بذلك إن أختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و نسب إلى الطبرسي رحمه اللّه كفاية وحدة المرضعة و إن تعدد الفحل لخبر الهمداني قال: «قال الرضا عليه السّلام: ما يقول أصحابك في الرضاع؟ قال: قلت كانوا يقولون: اللبن للفحل حتى جاءتهم الرواية عنك أنك تحرّم من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا إلى قولك.

فقال: و ذاك إن أمير المؤمنين سألني عنها البارحة، فقال لي: اشرح لي اللبن للفحل و أنا أكره الكلام، فقال لي: كما أنت حتى أسألك عنها ما قلت في رجل كانت له أمهات أولاد شتى فأرضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا، أ ليس كل شي ء من ولد ذلك الرجل من أمهات الأولاد الشتى محرما على ذلك الغلام؟ قلت: بلى، قال فقال أبو الحسن عليه السّلام: فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل و لا يحرم من قبل الأمهات و انما الرضاع من قبل الأمهات و إن كان لبن

ص: 28


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2.

و تعددت المرضعة، كما إذا كانت لشخص نسوة متعددة و أرضعت كل واحدة منهن من لبنه طفلا رضاعا كاملا، فإنه يحرم بعضهم على بعض و على فروعه، لحصول الأخوة الرضاعية بينهم (50).

مسألة 10: إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا

(مسألة 10): إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا و اما للمرتضع و أصولهما أجدادا و جدات و فروعهما أخوة و أولاد أخوة له و من في حاشيتهما و في حاشية أصولهما أعماما أو عمات و أخوالا أو خالات له، و صار هو- أعني المرتضع- ابنا أو بنتا لهما و فروعه احفادا لهما (51).

______________________________

الفحل أيضا يحرم» (1)، و هو معارض بالمتواتر على خلافه مع قصور سنده و ظهور التقية في متنه.

(50) لتحقق وحدة الفحل و سائر الشرائط فيترتب الأثر لا محالة.

(51) لإطلاق قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله المتواتر بين الفريقين: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة» (3)، و هو صريح في تنزيل الرضاع منزلة النسب شرعا، و لكنه من المعلوم أنه لا دخل للشارع في تحقق موضوعات النسب من الأبوة و الأمومة و العمومة و نحوها، بل هي موضوعات لغوية عرفية و إنما الشارع جعل الحرمة فقط لموضوعات في النسب و المصاهرة معروفة لغة و عرفا لا يتعدى عنها إلى غيرها، و كذلك لا دخل له في تحديد الموضوعات الرضاعية من الام و الأخت و نحوهما بل هي لغة و عرفا و شرعا على ما هي عليها في النسب بل هما متحدان مع زيادة لفظ الرضاع إلى الثانية دون الاولى، فلا تغيير في نفس الموضوع إلا بتعنونه بعنوان الرضاعة فقط من دون ملاحظة اللوازم

ص: 29


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 2.

و إذا تبين ذلك فكل عنوان نسبي محرم من العناوين السبعة المتقدمة إذا تحقق مثله في الرضاع يكون محرما (52).

فالام الرضاعية كالأم النسبية و البنت الرضاعية كالبنت النسبية و هكذا.

فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلا حرمت المرضعة و أمها و أم الفحل على المرتضع للامومة و المرتضعة و بناتها و بنات المرتضع على الفحل و على أبيه و أبي المرضعة للبنتية، و حرمت أخت الفحل و أخت

______________________________

أبدا للأصل و عمومات الحلية إلا خصوص ما خرج بالدليل، فلو أرضعت أجنبية ولدك مثلا تصير هي الأم الرضاعية للولد و تنشر الحرمة بينهما لا أن تصير المرأة زوجتك و تحرم أمها عليك لقوله تعالى وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ (1)، لكونها خارجة عن عنوان النسب و عنوان المصاهرة، و يأتي بيان جملة من اللوازم غير الحرمة الأبدية فلا بد من تحقق العنوان المحرم النسبي و المصاهري و في الرضاع يضاف إليه عنوان الرضاع.

(52) لأن المراد بكلمة الموصول في ما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» أو قوله عليه السّلام: «يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة» نفس الأشخاص المحرمة النسبية و الأشخاص المحرمة بالمصاهرة من دون تصوير فرضي يترتب عليه العنوان المحرم على ذلك الفرض كما مثلناه من المثال و ما تأتي من الأمثلة، لأن مقام نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و الكلمة التي بيّنها أجل من ذلك، فما هو المفاد المطابقي للمحرمات الذاتية بعينه لو تحقق هو الموضوع للمحرمات الرضاعية مع عدم وساطة فرض و ملازمة و تشبيه من جهة أخرى في البين أصلا لئلا يلزم تحريم ما أحله اللّه تعالى.

ص: 30


1- سورة النساء: 23.

المرضعة على المرتضع بصيرورتهما عمة و خالة له، و المرتضعة على أخ الفحل و أخ المرضعة، لصيرورتهما بنت أخ أو بنت أخت لهما، و حرمت بنات الفحل على المرتضع و المرتضعة على أبنائه نسبيين كانوا أم رضاعيين (53)، و كذا بنات المرضعة على المرتضع و المرتضعة على ابنائها إذا كانوا نسبيين للأخوة.

و أما أولاد المرضعة الرضاعيون ممن أرضعتهم بلبن فحل آخر غير الفحل الذي ارتضع المرتضع بلبنه لم يحرموا على المرتضع، لما مر من اشتراط اتحاد الفحل في نشر الحرمة بين المرتضعين (54).

مسألة 11: تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة

(مسألة 11): تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة (55)، فقد تحصل من دون دخالة غيره فيها كعلاقة

______________________________

(53) أما من النسب فلتحقق الأخوة النسبية و أما من الرضاع فلأن كل ما حرم من النسب يحرم مثله من الرضاع.

(54) تقدم في (مسألة 9) ما يتعلق بالمقام فلا وجه للإعادة و التكرار.

(55) للإجماع و النصوص المتواترة المتقدمة بل بالضرورة، لتقوم أصل الرضاع بذلك، و لكن أصل تحقق العلاقة الرضاعية لها مراتب طولا- صعودا و نزولا أو هما معا- و عرضا أو الجميع و تتسع دائرتها مقدار اتساع دائرة النسب قلة و كثرة.

و يمكن فرض الاشتداد و التضعيف في الرضاع بحسب الكيفية أيضا فأين الرضاع الحاصل من خمسة عشر رضعة فقط و مما يحصل في تمام الحولين الكاملين، و من ذلك يظهر إعجاز الكلمة الموجزة المباركة: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»(1).

ص: 31


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 4.

الأبوة و الأمومة و الابنية و البنتية الحاصلة بين الفحل و المرضعة و بين المرتضع (56) و كذا الحاصلة بينه و بين أصولهما الرضاعيين (57) كما إذا كان لهما أب أو أم من الرضاعة حيث انهما جد و جدة للمرتضع من جهة الرضاع محضا (58)، و قد تحصل به مع دخالة النسب في حصولها كعلاقة الأخوة الحاصلة بين المرتضع و أولاد الفحل و المرضعة النسبيين، فإنهم و إن كانوا منسوبين إليهما بالولادة إلا أن إخوتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع، فهم أخوة أو أخوات له من الرضاعة (59).

توضيح ذلك: أن النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقتين كالنسبة بين الأخوين فإنها تحصل بعلاقة كل منهما مع الأب أو الأم أو كليهما، و كالنسبة بين الشخص وجده الأدنى فإنها تحصل بعلاقة بينه و بين أبيه مثلا و علاقة بين أبيه و بين جده، و قد تحصل بعلاقات ثلاث كالنسبة بين الشخص و بين جده الثاني، و كالنسبة بينه و بين عمه الأدنى فإنه تحصل

______________________________

(56) فيتحقق موضوع الرضاع قهرا و يشمله إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» شرعا.

(57) لشمول إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» لهما أيضا.

(58) لتحقق الموضوع حينئذ بالنسبة إلى من حصلت فيه العلاقة الرضاعية فتشمله الأدلة.

و بعبارة أخرى: حصول العلاقة.

تارة: يكون ذات طرفين.

و اخرى: يكون لها أطراف متعددة كما مر.

(59) فيترتب جميع الأحكام الشرعية على ذلك قهرا ف «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» كما مر.

ص: 32

بينه و بين أبيه و بعلاقة كل من أبيه و أخيه مع أبيهما مثلا، و هكذا تتصاعد و تتنازل النسب و تتشعب بقلة العلاقات و كثرتها (60) حتى انه قد تتوقف نسبة بين شخصين على عشر علائق أو أقل أو أكثر، و إذا تبين ذلك فإن كانت تلك العلائق كلها حاصلة بالولادة كانت العلاقة نسبية، و إن حصلت كلها أو بعضها و لو واحدة من العشر بالرضاع كانت العلاقة رضاعية (61).

مسألة 12: لمّا كانت المصاهرة التي هي- أحد أسباب تحريم النكاح

(مسألة 12): لمّا كانت المصاهرة التي هي- أحد أسباب تحريم النكاح كما مر- (62) علاقة بين أحد الزوجين و بعض أقرباء الآخر، فهي تتوقف على أمرين مزاوجة و قرابة (63)، و الرضاع إنما يقوم مقام الثاني (64)

______________________________

(60) حيث أن العلاقة من الأمور النسبية الإضافية يمكن تحققها في أطراف قليلة أو كثيرة فهي منوطة لقلة أطراف العلاقة و كثرتها.

(61) لقاعدة أنه «كل ما اتسعت النسبة يتسع الرضاع و كل ما تضيقت يتضيق» و أنهما متلازمان سعة و ضيقا، للإطلاق و الاتفاق و الواحدة من العشر:

كما إذا كان فحل له عشرة أولاد ارتضع مع واحد منهم صبية رضاعا جامعا للشرائط من امرأة لذلك الفحل، فيصير جميع العشرة أخوة رضاعية للصبية و سيأتي في (مسألة 13) نظير المقام.

(62) تقدم في فصل المحرمات بالمصاهرة فراجع (1).

(63) و الأولى اختيارية لنفس الزواج، و الثانية تكوينية مرتبة على الاختيار كأم الزوجة و ربيبتها.

(64) لأنه نسب و قرابة فيشمله قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من

ص: 33


1- راجع ج: 24 صفحة: 124.

دون الأول (65) فمرضعة ولدك لا تكون بمنزلة زوجتك حتى تحرم أمها عليك (66)، لكن الام و البنت الرضاعيين لزوجتك تكونان كالأم و البنت النسبيين لها فتحرمان عليك (67)، و كذلك حليلة الابن الرضاعي كحليلة الابن النسبي (68) و حليلة الأب الرضاعي كحليلة الأب النسبي (69)، تحرم الاولى على أبيه الرضاعي و الثانية على ابنه الرضاعي (70).

مسألة 13: قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد

(مسألة 13): قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد

______________________________

النسب» (1)، و قوله عليه السّلام: «يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة» (2).

(65) للأصل و ما مر من النص و الإجماع.

(66) لما تقدم من أنه لا بد في التنزيل الرضاعي من انطباقه على ما هو المحرم أولا، و ما هو المحرم أولا ما في قوله تعالى وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ (3)، و مرضعة الولد ليست زوجة للشخص و من نسائه حتى يحرم أمها.

نعم، هي أم رضاعي للولد، و الام الحقيقي للولد لا تكون حراما لوالده حتى تكون الأم الرضاعي حراما عليه.

(67) لانطباق إحديهما على قوله تعالى وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ و الأخرى على قوله تعالى وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ (4).

(68) لانطباقها على قوله تعالى وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ (5).

(69) لانطباقها على قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ (6)، الشامل كل منهما للتنزيل الرضاعي أيضا.

(70) لما عرفت الوجه في كل منهما.

ص: 34


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 9.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 9.
3- سورة النساء: 23.
4- سورة النساء: 23.
5- سورة النساء: 23.
6- سورة النساء: 23.

تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة و صاحب اللبن، و قد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع و بين أبوي الفحل و المرضعة الرضاعيين، و قد تحصل برضاعات متعددة (71)، فإذا كان لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع و كان لذلك الأب الرضاعي أيضا أب من الرضاع و كان للأخير أيضا أب من الرضاع، و هكذا إلى عشرة آباء كان الجميع أجدادا رضاعيين للمرتضع الأخير و جميع المرضعات جدات له، فإن كانت أنثى حرمت على جميع الأجداد، و إن كان ذكرا حرمت عليه جميع الجدات (72).

بل لو كانت للجد الرضاعي الأعلى أخت رضاعية حرمت على المرتضع الأخير، لكونها عمته العليا من الرضاع، و لو كانت للمرتضعة البعيدة التي هي الجدة العليا للمرتضع أخت حرمت عليه لكونها خالته العليا من الرضاع (73).

مسألة 14: قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الأخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل

(مسألة 14): قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الأخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل (74)، و يتفرع على ذلك مراعاة

______________________________

(71) و يشمل الجميع إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (1)، مع وجود المقتضي و فقد المانع.

(72) لما مر في سابقة.

(73) و كذا إذا كان لفحل واحد زوجات متعددة و أرضعت كل زوجة ولدا من عشيرة مثلا.

(74) مر ذلك في المسألة السابعة (2).

ص: 35


1- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 9.
2- راجع صفحة: 26.

هذا الشرط في العمومة و الخؤلة الحاصلتين بالرضاع أيضا، لأن العم و العمة أخ و أخت للأب، و الخال و الخالة أخ و أخت للأم (75)، فلو تراضع أبوك أو أمك مع صبية من امرأة فإن اتحد الفحل كانت الصبية عمتك أو خالتك من الرضاعة، بخلاف ما إذا لم يتحد فحيث لم تحصل الأخوة الرضاعية بين أبيك أو أمك مع الصبية لم تكن هي عمتك أو خالتك فلم تحرم عليك (76).

مسألة 15: لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن

(مسألة 15): لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا (77)،

______________________________

(75) فيتحقق هذا الشكل الأول البديهي الإنتاج فيقال: هما أخ و أخت و يشترط اتحاد الفحل في حصول كل أخوة رضاعية فيشترط اتحاد الفحل فيهما.

(76) لعدم وجود مناط الحرمة و هو اتحاد الفحل.

(77) لأنهم صاروا بمنزلة أولاده، و للأخبار المستفيضة منها صحيح ابن مهزيار قال: «سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر عليه السّلام: ان امرأة أرضعت لي صبيا فهل يحل لي أن أتزوج ابنة زوجها؟ فقال لي: ما أجود ما سألت من هاهنا يؤتى أن يقول الناس حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل هذا هو لبن الفحل لا غيره، فقلت له: الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي هي ابنة غيرها فقال: لو كنّ عشرا متفرقات ما حلّ لك شي ء منهن و كن في موضع بناتك» (1).

و منها: صحيح ابن نوح قال: «كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السّلام امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟

فكتب عليه السّلام: لا يجوز ذلك لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك» (2)، إلى غير ذلك من

ص: 36


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

و كذا في أولاد المرضعة نسبا لا رضاعا (78)، و أما أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن فيجوز نكاحهم في أولاد صاحب اللبن و في أولاد المرضعة التي أرضعت أخاهم (79) و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه (80).

مسألة 16: إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثمَّ أرضعت بنت شخص آخر

(مسألة 16): إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثمَّ أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلك الفحل فتلك البنت و إن حرمت على ذلك الابن لكن تحل أخوات كل منهما لإخوة الآخر (81).

______________________________

الأخبار و إطلاقها يشمل النسبي و الرضاعي و ان المنشأ إنما هو لبن الفحل و هو متحقق فيهما.

(78) أما النسب فلأنهم صاروا بمنزلة ولد أب المرتضع و لا يجوز أن ينكح أب المرتضع في إخوة ابنه.

و أما عدم الحرمة في الرضاعي منها فيظهر منهم الإجماع عليه و هو صحيح في صورة اختلاف الفحل و لو لم يكن إجماع، لما مر من اشتراط اتحاد الفحل.

(79) للأصل و عمومات الحلية بعد عدم دليل على الخلاف.

(80) لما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه من الإجماع على الحرمة و تمسك بعموم المنزلة.

و لكن دعوى الإجماع بلا دليل، و يأتي أن عموم المنزلة عليل.

(81) أما حرمة البنت على الابن، فلتحقق الأخوة الرضاعية بينهما جامعة للشرائط.

و أما حلية أخوات كل منهما لإخوة الآخر، فللأصل و إطلاق أدلة الحلية بعد عدم تحقق النسب و الرضاع بينهم.

نعم من قال بعموم المنزلة تحرم و يأتي بعد ذلك بطلانه.

ص: 37

مسألة 17: الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لا حقا

(مسألة 17): الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لا حقا (82)، فلو كانت له زوجة صغيرة فأرضعتها بنته أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه بلبنه رضاعا كاملا بطل نكاحها و حرمت عليه، لصيرورتها بالرضاع بنتا أو أختا أو بنت أخ أو بنت أخت له فحرمت عليه لا حقا كما لو ارتضعت قبل الزوجية كانت تحرم عليه سابقا (83).

و كذا لو كانت له زوجتان صغيرة و كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت عليه الكبيرة لأنها صارت أم زوجته، و كذلك الصغيرة إن كان رضاعها من لبنه أو دخل بالكبيرة لكونها بنتا له في الأول و بنت زوجته المدخول بها في الثاني (84).

______________________________

(82) للإطلاقات الدالة على الحرمة بالرضاع و عموماتها الشاملة للابتداء و الاستدامة، و النصوص الخاصة مثل صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «لو أن رجلا تزوج جارية فأرضعتها امرأته فسد النكاح» (1)، و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج جارية صغيرة فأرضعتها امرأته و أم ولده، قال: تحرم عليه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات التي وردت في موارد متفرقة تأتي الإشارة إليها إن شاء اللّه تعالى، مضافا إلى إجماع المسلمين.

(83) لشمول إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (3)، لكل منهما مضافا إلى ما تقدم و يأتي.

(84) إجماعا و نصوصا منها ما مر من قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح

ص: 38


1- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

.....

______________________________

محمد بن مسلم، و منها صحيح ابن مهزيار عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن رجلا تزوج بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ثمَّ أرضعتها امرأة له اخرى، فقال ابن شبرمة:

حرمت عليه الجارية و امرأتاه، فقال أبو جعفر عليه السّلام: أخطأ ابن شبرمة تحرم عليه الجارية و امرأته التي أرضعتها أولا فأما الأخيرة فلم تحرم عليه كأنها أرضعت ابنته» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

ثمَّ أنه ينفسخ عقد الصغيرة و إن لم يكن الرضاع من لبنه و لم يدخل بالكبيرة، لعدم صحة اجتماع عقد نكاح الام و البنت حدوثا و بقاء، فالجمع لا يجوز، و بطلان أحد العقدين دون الآخر ترجيح بلا مرجح فلا بد من بطلان العقدين معا.

و ما يقال: بأنه لا يصح صدق أم الزوجة، لأنه في أول آنات الصدق ينفسخ النكاح فكيف يصدق ذلك.

مردود بأن مقتضى إطلاق الأدلة كفاية المقارنة الزمانية في البطلان، فالأمية و البنتية و انفساخ النكاح متحقق في آن واحد، فالثلاثة كمعلولات لعلة واحدة، و لا محذور فيه من عقل أو نقل و لا حاجة لإتعاب النفس و إدخال المقام في مسألة المشتق مع أنه ساقط من أصله، لما مر من أن عنوان التحريم بالرضاع لا بد و أن يتعلق بذات العنوان كالنسب و المصاهرة بلا دخل شي ء فيه أبدا و أم من كانت زوجة ليس من عناوين المصاهرة و ما هو من عناوينها أم الزوجة.

ص: 39


1- الوسائل باب: 14 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

تنبيه

اشارة

تنبيه إذا كان أخوان في بيت واحد مثلا و كانت زوجة كل منهما أجنبية عن الآخر و أراد أن تصير زوجة كل منهما من محارم الآخر حتى يحل له النظر إليهما، يمكن لهما الاحتيال (1) بأن يتزوج كل منهما بصبية و ترضع زوجة كل منهما زوجة الآخر رضاعا كاملا فتصير زوجة كل منهما اما لزوجة الآخر، فتصير من محارمه و حل نظره إليها و بطل نكاح كلتا الصبيتين، لصيرورة كل منهما بالرضاع بنت أخي زوجها (2).

______________________________

(1) هذا من الوجوه المرخصة شرعا لمحرمية زوجة أحد الأخوين بالنسبة إلى الآخر فتشمله العمومات و الإطلاقات، و مثل ذلك كثير في الفقه فيكون شي ء بلحاظ عنوان محرما فإذا غير ذلك العنوان إلى عنوان آخر يصير محللا، و هذا معنى قولهم عليهم السّلام: «نعم الشي ء الفرار من الحرام إلى الحلال» (1)، و قد ذكر الفقهاء الحيل الشرعية في موارد من الفقه.

و عن الصادق عليه السّلام في موثق ابن حمران: «ما أعاد الصلاة فقيه قط يحتال لها و يدبرها حتى لا يعيدها» (2)، و تقدم في كتاب الربا بعض ما يتعلق بالمقام» (3).

(2) فيشمله إطلاق الآية الشريفة الدالة على حرمة:

ص: 40


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الصرف الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1.
3- راجع ج: 17 صفحة: 324.
مسألة 1: إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها

(مسألة 1): إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها و بطل نكاحها (3)، سواء أرضعته بلبن أبي البنت أم بلبن غيره، و ذلك لأن زوج البنت أب للمرتضع و زوجته بنت للمرضعة جدة الولد، و قد مر أنه يحرم على أبي المرتضع نكاح أولاد المرضعة (4)، فإذا منع منه سابقا أبطله لاحقا (5).

و كذا إذا أرضعت زوجة أبي البنت من لبنه ولد البنت بطل نكاح البنت، لما مر من أنه يحرم نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن.

و أما الجدة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا يترتب عليه شي ء (6)، كما أنه لو كان رضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها بعد وفاة

______________________________

بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ (1).

(3) كما يأتي، و انها صارت في حكم ولده كما في النص ففي معتبرة أيوب بن نوح قال: «كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السّلام امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب عليه السّلام: لا يجوز ذلك لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك» (2).

(4) تقدم في (مسألة 15) فلا وجه للتكرار و الإعادة.

(5) كما مر في (مسألة 17) من عدم الفرق بين الابتداء و الاستدامة و مر في النص أيضا.

(6) للأصل و إطلاق أدلة الحلية بعد عدم تحقق موضوع للحرمة.

(7) لزوال موضوع الحرمة استدامة بالموت، فلا موضوع للحرمة حتى

ص: 41


1- سورة النساء: 23.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

بنتها (7)، أو طلاقها (8) أو وفاة زوجها (9)، لم يترتب عليه شي ء فلا مانع منه (10).

مسألة 2: لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثمَّ أرضعت جدتهما- من طرف الأب أو الأم- أحدهما انفسخ نكاحهما

(مسألة 2): لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثمَّ أرضعت جدتهما- من طرف الأب أو الأم- أحدهما انفسخ نكاحهما، لأن المرتضع إن كان هو الذكر فإن أرضعته جدته من طرف الأب صار عما لزوجته (11) و إن أرضعته جدته من طرف الام صار خالا لزوجته (12)، و إن كان هو الأنثى صارت هي عمة لزوجها على الأول (13) و خالة له على

______________________________

يحرم استدامة.

نعم، بالنسبة إلى أخت المتوفاة تحرم على أبي المرتضع نكاحها، لما تقدم في (مسألة 15).

(8) و انقضاء عدتها إن كان الطلاق رجعيا، فلا موضوع للحرمة فعلا أيضا، و أما من حيث تجديد العقد عليها بعد ذلك أو العقد على أختها، فكما عرفت.

(9) لزوال أصل الموضوع بموت الزوج.

(10) للأصل و الإطلاق كما عرفت.

(11) و تقدم حرمة بنت الأخ على العم في الصنف الثالث من الأصناف السبعة المحرمة.

(12) فتشمله العمومات و الإطلاقات الدالة على حرمة بنات الأخت.

(13) لأنها تصير بالرضاع الأخت الرضاعية لأب المرتضع أي: عمة المرتضع فيشمله إطلاق الآية المباركة حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ (1).

ص: 42


1- سورة النساء: 23.

الثاني (14)، فبطل النكاح على أي حال (15).

مسألة 3: لو تزوج الأب بإحدى الأختين و تزوج الابن بالأخرى

(مسألة 3): لو تزوج الأب بإحدى الأختين و تزوج الابن بالأخرى فأرضعت كل واحدة منهما ولد الآخر فالظاهر عدم نشر الحرمة (16).

مسألة 4: إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح

(مسألة 4): إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فإما أن يبطل نكاح المرضعة بإرضاعها كما في إرضاع الزوجة الكبيرة لشخص زوجته الصغيرة بالنسبة إلى نكاحها، و إما أن يبطل نكاح المرتضعة كالمثال بالنسبة إلى نكاح الصغيرة، و إما أن يبطل نكاح غيرهما كما في إرضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها، و الظاهر استحقاق الزوجة للمهر في الجميع (17)،

______________________________

(14) فتشملها ما تقدم من الآية الشريفة الدالة على حرمة نكاح الخالات كما هو واضح.

(15) كما عرفت ذلك فيما مر.

(16) لبقاء آثار النسب تكليفا و وضعا فليس للرضاع أثر حادث بينهما.

(17) لأصالة بقاء الاستحقاق إلا إذا ثبت دليل على الخلاف و هو مفقود.

و خلاصة ما يقال في وجه السقوط.

تارة: بأنه انفساخ يوجب رد كل عوض إلى صاحبه فيكون في المقام كذلك.

و فيه. أولا: أنه في المعاوضات المحضة لا في مثل النكاح الذي هو برزخ بين المعاملات المحضة و غيرها و لا بد في ترتيب أحكام المعاوضات المحضة عليه من متابعة الدليل.

و ثانيا: بأنه إن كان ذلك بعد الدخول كيف يصح الالتزام بذلك.

و اخرى: بأن الأدلة مشتملة على عنوان فساد العقد بالرضاع و لا وجه للفساد إلا هذا.

و فيه: أنه أعم كما لا يخفى و لكن الأحوط التراضي.

ص: 43

إلا في الصورة الأولى فيما إذا كان الإرضاع و انفساخ العقد قبل الدخول (18)، و هل تضمن المرضعة ما يغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فيما إذا كان إرضاعها مبطلا لنكاح غيرها؟ قولان أقواهما العدم (19)

______________________________

(18) بدعوى: حصول الانفساخ فيفي بكل ما يكون من الطرفين لصاحبه.

و فيه: انه قد حصل ملكية الزوجة للمهر بنفس العقد فيستصحب ذلك ما لم يدل دليل على الخلاف، و التنصيف مختص بالطلاق فقط فلا بد في المقام أيضا من التراضي و التصالح.

و ما يقال: من أنه إذا جاء سبب انفساخ النكاح من ناحية الزوجة، و كان قبل الدخول فهي قد أقدمت على إسقاط مهرها.

مخدوش بما ذكرنا مرارا في المعاملات من ان الإقدام على الإسقاط إما قصدي أو انطباقي و المفروض عدم الأول.

و الثاني يحتاج إلى دليل، فنقول به في مورد الدليل و لو من القرائن المعتبرة الخارجية و المقام لم يكن كذلك.

(19) هذه المسألة و نحوها مبنية على ان منافع الحر يضمن بالتفويت أم لا؟ و منشأ الإشكال انه لا مالية و لا ملكية فيها فلا معنى للضمان و الغرامة.

و يمكن الخدشة فيه بأنه لا إشكال في صحة اعتبار المالية الاقتضائية فيها، و يمكن أن يستشهد لذلك بما ورد في الديات و أرش الجنايات كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

مع أن المالية الاعتبارية الإضافية بالنسبة إلى الزوج قد حصل بعقد النكاح فيقال: قد وقع التسبيب إلى تفويت ما يبذل بإزائه المال و كل ما كان كذلك يغرم عند العرف و المتشرعة، فالمقام كذلك و لكن الأحوط هنا أيضا التصالح و التراضي.

ص: 44

و الأحوط التصالح (20).

مسألة 5: قد سبق أن العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة

(مسألة 5): قد سبق أن العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة: الأمهات، و البنات، و الأخوات و العمات، و الخالات، و بنات الأخ، و بنات الأخت (21)، فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوين كان محرما كالحاصل بالولادة (22)، و قد عرفت فيما سبق كيفية حصولها بالرضاع مفصلا، و أما لو لم يحصل بسببه أحد تلك العناوين السبعة لكن حصل عنوان خاص لو كان حاصلا بالولادة لكان ملازما و متحدا مع أحد تلك العناوين السبعة (23)، كما لو أرضعت امرأة ولد بنته فصارت أم ولد بنته و أم ولد البنت ليست من تلك السبع، لكن لو كانت أمومة ولد البنت

______________________________

و توهم: أن المقام ليس داخلا في تلك الكبرى (هل ان منافع الحر يضمن بالتفويت؟) لفرض أن للمهر مالية خارجية كالدراهم و الدنانير أو البستان و الدار.

فاسد لأن للمهر طريقية إلى منفعة الحر أي البضع و سائر التمتعات لا أن تكون له موضوعية خاصة، و لذا ورد في الأخبار: إنما تشتريها بأغلى الثمن (1).

(20) ظهر وجهه مما مر.

(21) كما تقدم في الآية المباركة (2)، و العمومات و الإطلاقات الدالة على حرمة نكاح تلك الأصناف.

(22) لما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (3).

(23) هذا هو المراد بعموم المنزلة في الرضاع الذي ذهب إليه جمع رحمه اللّه و استفادوه من إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من

ص: 45


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- تقدم في صفحة: 6.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.

بالولادة كانت بنتا له و البنت من المحرمات السبعة فهل مثل هذا الرضاع أيضا محرم فتكون مرضعة ولد البنت كالبنت أم لا؟ الحق هو الثاني، و قيل بالأول.

و هذا هو الذي اشتهر في الألسنة بعموم المنزلة الذي ذهب إليه بعض الأجلة (24)، و لنذكر لذلك أمثلة:

______________________________

النسب» (1)، فكلماتهم في الرضاع بين الإفراط و التفريط.

و الحد الوسط و المنساق إلى الأذهان العرفية ما ذهب إليه المشهور.

و خلاصة معنى عموم المنزلة: أنه كل ما يصح إطلاق العنوان النسبي عليه و لو بالعناية و التشبيه اللفظي و بلا حقيقة يشمله إطلاق حديث: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».

و بتعبير آخر: كما ان الأمارات معتبرة في مدلولاتها المطابقية و الالتزامية سواء كان اللزوم عرفيا أم شرعيا أو عقليا ما لم يكن دليل على الخلاف من إطلاق أو عموم أو نحوهما، فالتنزيل في المقام أيضا يكون كذلك فيشمل ذوات الأنساب و أشخاصها كما يشمل ما يلازمها أيضا بأي وجه من الشباهة و المثلية و الإطلاق حتى في مجرد التشبيه اللفظي.

و خلاصة رد المشهور عليهم: أن التحريم بالرضاع خلاف أصالة الحلية و العمومات الدالة عليها و الإطلاقات كتابا (2)، و سنة (3)، فلا بد من الاقتصار فيه على خصوص المنساق العرفي، و في غيره يقال بالتحليل إذ التحريم فيه قول بلا برهان و دليل.

(24) المراد به الحكيم المتأله السيد الداماد قدّس سرّه، و لعل ذهابه إلى عموم المنزلة لما كان مغروسا في ذهنه الشريف في المباحث الحكمية من اللوازم

ص: 46


1- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 9.
2- سورة النساء: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات النكاح.

أحدها: زوجتك أرضعت بلبنك أخاها فصار ولدك و زوجتك أخت له فهل تحرم عليك من جهة أن أخت ولدك إما بنتك أو ربيبتك و هما محرمتان عليك، و زوجتك بمنزلتهما أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، (25)، و من قال بالعدم يقول لا (26).

ثانيها: زوجتك أرضعت بلبنك ابن أخيها فصار ولدك و هي عمته،

______________________________

و الملزومات فانطبق ما هو المغروس على ما لم يكن بما هو مأنوس، و إلا فأين الأمور العقلية من الكتاب و السنة و الفرعيات المبتنية على الأذهان العرفية الساذجة من دون بنائها أصلا على غير ذلك.

و إن كان نظره رحمه اللّه إلى ما ذكر في الأمارات مع أنه بعيد جدا.

فلا وجه له لأن عمومات الحلية و إطلاقاتها في المقام دليل على الخلاف و الشك في أصل التخصيص و التقييد فلا وجه للرجوع إلى عموم التنزيل.

(25) لأن لازم هذا الرضاع صيرورة الزوجة مثل البنت و الربيبة و لو بمجرد التشبيه و المغالطة و بمنزلتهما كذلك و لو من جهة تعميم المنزلة من الواقعي الحقيقي إلى التشبيه اللفظي فتحرم.

(26) لأن مورد التنزيل و مصداقه إما مطابقي ظاهري بحيث ينسبق إلى الأذهان عرفا أو تشبيهي يحتاج إلى العناية أو يشك في أنه من أي القسمين، و قوله صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (1)، يشمل خصوص الصورة الأولى فقط، و في غيرها يرجع إلى أصالة الحلية و عموماتها و إطلاقاتها، و يكفي الشك في الشمول في عدمه و هذا يجري في جميع التنزيلات الشرعية و غيرها، فيؤخذ بالمفاد المطابقي الظاهري و يترك غيره إلا مع وجود الدليل عليه و هو مفقود.

ص: 47


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الرضاع الحديث: 1 و 9.

و عمة ولدك حرام عليك لأنها أختك فهل تحرم من الرضاع أم لا (27)، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول: لا.

ثالثها: زوجتك أرضعت عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها فصارت أمهم، و أم عم و عمة زوجتك حرام عليك حيث أنها جدتها من الأب، و كذا أم خال و خالة زوجتك حرام عليك حيث انها جدتها من الام، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا (28).

رابعها: زوجتك أرضعت بلبنك ولد عمتها أو ولد خالها فصرت أبا ابن عمها أو أبا ابن خالها و هي تحرم على أبي ابن عمها و أبي ابن خالها لكونهما عمها و خالها (29)، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا.

______________________________

(27) أما بناء على عموم المنزلة فتحرم جمودا على إطلاق حرمة عمة الولد بأي وجه كان الإطلاق و لو بالفرض و الوهم.

و من يقول بالعدم يقول إنه لا موضوع للحرمة أصلا، لأن عمة الولد ليست من العناوين المحرمة و إنما المحرم هي ذات العمة نسبة أو رضاعا كما مر و كل منهما لم يتحقق في المقام.

(28) أما منشأ القول بالحرمة، فلمجرد الإطلاق و لو بالتنظير و العناية.

و في مثله لا وجه لأن يكون منشأ للحرمة في الحكم المخالف للأصل.

و مدرك القول بالحلية أن عمة الولد ليست من العناوين المحرمة في الأدلة و إنما هي ذات العمة نسبة فتنطبق عليها ذات العمة رضاعا لا محالة من دون تنظير و عناية في شي ء آخر.

(29) العنوان المحرم في الدليل إنما هو العم و الخال في النسب فيحل الرضاع محلها فقط، و أما أبا ابن العم فليس من العناوين المحرمة فلا موضوع

ص: 48

خامسها: امرأة أرضعت أخاك أو أختك لأبويك فصارت اما لهما (30) و هي محرمة في النسب لأنها أم لك، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع و يبطل نكاح المرضعة إن كانت زوجتك أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا.

سادسها: امرأة أرضعت ولد بنتك فصارت اما له، فهل تحرم عليك لكونها بمنزلة بنتك (31)، و إن كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا؟

فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا.

سابعها: امرأة أرضعت ولد أختك فصارت اما له فهل تحرم عليك من جهة أن أم ولد الأخت حرام عليك لأنها أختك (32) و إن كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا.

______________________________

في النسب حتى يحل الرضاع محله، فمنشأ الحرمة يحصل بالمغالطة لا بظاهر الدليل.

(30) هنا أيضا حصلت المغالطة لأن المحرم النسبي إنما هو الام فيحل الرضاع محلها فقط، و أما أم الأخ و أم الأخت فليست من العناوين المحرمة الأولية حتى يحل الرضاع محلها، بل قد حصلت بالمغالطة و عموم المنزلة البعيدة عن سياق الأدلة.

(31) و المغالطة فيها ظاهرة لأن المحرم في النسب إنما هو ذات البنت، فيحل الرضاع محلها.

و أما تنزيل المرضعة منزلة البنت فمبني على عموم التنزيل الخارج عن الأذهان العرفية.

(32) المسامحة فيها واضحة لأن المحرم في عنوان الدليل إنما هو الأخت و لم يدل دليل من عقل أو نقل على حرمة أم ولد الأخت إلا بالمسامحة الفرضية التي عبر عنها بعموم المنزلة.

ص: 49

ثامنها: امرأة أرضعت عمك أو عمتك أو خالك أو خالتك فصارت أمهم و أم عمك و عمتك نسبا تحرم عليك لأنها جدتك من طرف أبيك (33)، و كذا أم خالك و خالتك لأنها جدتك من طرف الام فهل تحرم عليك بسبب الرضاع و إن كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا؟ فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم، و من قال بالعدم يقول لا (34).

مسألة 6: لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم

(مسألة 6): لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم (35).

نعم، يشكل فيما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه و لم يعلم بوقوعه في الحولين أو بعدهما و علم تاريخ الرضاع و جهل تاريخ ولادة المرتضع فحينئذ لا يترك الاحتياط (36).

مسألة 7: لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة

(مسألة 7): لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة (37) بأن يشهد

______________________________

(33) الجدة مطلقا من العناوين المحرمة النسبية فيحل الرضاع محلها و أما أم العم و العمة بهذا العنوان ليس من العناوين المحرمة إلا بعموم المنزلة الوهمية و المغالطة.

(34) و الحاصل: ان عموم المنزلة يوجب تحريم جمع مما حلله اللّه تعالى مع عدم إمكان استفادة ذلك من الأدلة الشرعية إذا لا اعتبار بعموم المنزلة مطلقا كما هو المشهور بين الفقهاء.

(35) لأصالة عدم ترتب الأثر إلا بعد إحراز الموضوع بحدوده و قيوده.

(36) لأصالة عدم انقضاء الحولين فتنشر الحرمة، و أصالة عدم الولادة في الزمان المشكوك فتنشر الحرمة في الرضاع بعده.

و منشأ التردد احتمال كون الأصلين من الأصول المثبتة، و بناء على ما قررناهما فلا وجه للإثبات كما لا يخفى.

(37) لفرض أن الموضوع محدود بحدود خاصة فلا بد و أن يشهد بجميع تلك الحدود، و لا يكفي مجرد الشهادة بصرف الطبيعة في الحرمة للأصل

ص: 50

الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة رضعة متواليات مثلا إلى آخر ما مر من الشروط (38).

و لا تكفي الشهادة المطلقة و المجملة بأن يشهد على وقوع الرضاع المحرم أو يشهد مثلا على أن فلان ولد فلانة أو فلانة بنت فلان من الرضاع بل يسأل منه التفصيل (39).

مسألة 8: الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع

(مسألة 8): الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع مستقلات (40) بأن تشهد أربع نسوة عليه، و منضمات بأن تشهد به

______________________________

و ظواهر الأدلة المتقدمة.

(38) لكثرة الاختلاف بين الفقهاء في خصوصيات هذه المسألة فيمكن أن يختلف نظر الشاهد و المشهود عنه في الخصوصيات فلا تتم الشهادة حينئذ مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

(39) كل ذلك لأصالة عدم الحرمة و عدم ترتب الأثر إلا بالبيان و التفصيل.

(40) على المشهور بل ادعي عليه الإجماع، لإطلاق جملة من الأخبار منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «تجوز شهادة النساء و حدهن بلا رجال في كل ما لا يجوز للرجال النظر» (1).

و في رواية محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «يجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات الشاملة للرضاع مع شرائطه المفصلة المتقدمة لأنه مما لم يكن اطلاع الرجال عليه، و نسب إلى جمع منهم الشيخ رحمه اللّه في بعض كتبه عدم القبول للمرسل: «لا تقبل شهادة النساء في الرضاع أصلا» (3)، و للإجماع، و مرسله غير معتبر حتى عند نفسه و إجماعه قد خالفه نفسه في غير مورد حكايته.

ص: 51


1- الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات الحديث: 7.
3- المبسوط ج: 8 صفحة: 175.

امرأتان مع رجل واحد (41).

مسألة 9: لو ادعت المرأة أنها محرّمة على الرجل بالرضاع و أنكر الرجل يقدم قول الرجل ما لم تقم البينة

(مسألة 9): لو ادعت المرأة أنها محرّمة على الرجل بالرضاع و أنكر الرجل يقدم قول الرجل ما لم تقم البينة (42)، و لو انعكس لا يصح الزواج بالنسبة إليه سواء صدقته المرأة أم لا (43).

مسألة 10: لو تبين بعد عقد النكاح حرمة الزوج على الزوجة بالرضاع ينفسخ النكاح فورا

(مسألة 10): لو تبين بعد عقد النكاح حرمة الزوج على الزوجة بالرضاع ينفسخ النكاح فورا (44)، و لو وقع وطي قبل الاستنابة يترتب عليه حكم الوطي بالشبهة من حيث المهر و من حيث الولد (45).

مسألة 11: يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة

(مسألة 11): يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة فإن للّبن تأثيرا تاما في المرتضع،

______________________________

(41) على ما يأتي في كتاب الشهادات إن شاء اللّه تعالى.

(42) للأصل الموضوعي و الحكمي إلا إذا أثبتت المرأة الرضاع الموجب لنشر الحرمة بالبينة.

و توهم: ان هذا مما يكون موكولا إليها كالحيض و العدة و الحمل و نحوها كما تقدم مكررا.

مدفوع: بان ذلك منصوص في موارد خاصة و التعدي إلى غيرها يكون من القياس.

(43) لاعتراف الزوج و إقراره بالحرمة «و إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (1).

(44) لما عرفت من أن عدم الرضاع المحرم شرطا حدوثا و بقاء و يترتب على الوطي حكم الوطي بالشبهة.

(45) كما يأتي في أحكام الصداق و الأولاد.

ص: 52


1- الوسائل باب: من أبواب الإقرار.

كما يشهد به الاختبار و نطقت به الأخبار و الآثار (46)، فعن الباقر عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء فان اللبن يعدي» (47)، و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يغلب الطباع» (48) و عنه عليه السّلام: «انظروا من ترضع أولادكم فإن الولد يشب عليه» (49) إلى غير ذلك من الأخبار المستفاد منها رجحان اختيار ذوات الصفات الحميدة خلقا و خلقا (50). و مرجوحية اختيار اضدادهن سيما الكافرة و إن اضطر إلى استرضاعها فليختر اليهودية و النصرانية على المشركة و المجوسية (51)، و مع ذلك لا يسلّم الطفل إليهن و لا يذهبن

______________________________

(46) بل الحس و الوجدان.

(47) العمش بالتحريك مرض في العين موجب لسيلان الدمع و ضعف الرؤية و يقال للرجل: اعمش و للمرأة عمشاء.

(48) أي يغير الطبيعة التي في الولد الحاصلة من الأسرة و البيئة إلى الطبيعة التي في المرضعة، فعن أبي جعفر عليه السّلام: «إن الغلام ينزع إلى اللبن يعني إلى الظئر في الرعونة و الحمق»(1).

(49) يعني أن الولد يتغير و يستقر حسب الصفات التي في المرضعة بواسطة اللبن.

(50) بل و غيرهما من المحاسن التي حث عليها الشرع قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «عليكم بالوضاء من الظؤرة فان اللبن يعدي» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «استرضع لولدك بلبن الحسان و إياك و القباح فان اللبن قد يعدي» (3).

(51) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة سعيد بن يسار: «لا يسترضع الصبي

ص: 53


1- الوسائل باب: 78 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 79 من أبواب أحكام الأولاد.
3- الوسائل باب: 79 من أبواب أحكام الأولاد.

بالولد إلى بيوتهن، و يمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير (52)، و مثل الكافرة أو أشد كراهة استرضاع الزانية باللبن الحاصل من الزنا و المرأة المتولدة من زنا، فعن الباقر عليه السّلام: «لبن اليهودية و النصرانية و المجوسية أحب إليّ من ولد زنا»، و عن الكاظم عليه السّلام: «سئل عن امرأة زنت هل يصلح أن تسترضع؟ قال: لا يصلح و لا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا» (53).

و أما المصاهرة فهي: علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر توجب حرمة النكاح كما تقدم (54).

______________________________

المجوسية و تسترضع اليهودية و النصرانية و لا يشربن الخمر يمنعن من ذلك» (1)، و في رواية عبد اللّه بن هلال عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن مظائرة المجوسي؟ قال: لا و لكن أهل الكتاب» (2).

و عنه عليه السّلام أيضا: «رضاع اليهودية و النصرانية خير من رضاع الناصبية» (3).

(52) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «تمنعها من شرب الخمر و ما لا يحل مثل لحم الخنزير، و لا يذهبن بولدك إلى بيوتهن» (4).

(53) كما ورد عنه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و الزانية لا ترضع ولدك فإنه لا يحل لك» (5).

(54) و مر أحكامها في ضمن مسائل فلا وجه للإعادة (6).

كما مر حرمة التزويج في عدة الغير (7)، و تكميل العدد (8)، و التزويج في حال الإحرام (9)، فلا داعي للتكرار هنا و اللّه العالم.

ص: 54


1- الوسائل باب: 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 77 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب: 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6.
5- الوسائل باب: 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6.
6- راجع ج: 24 صفحة: 145.
7- راجع ج: 24 صفحة: 104.
8- راجع ج: 24 صفحة: 92.
9- سبق في ج: 24 صفحة: 117.

فصل في ما يحرم بالكفر

اشارة

فصل في ما يحرم بالكفر لا يجوز للمسلمة أن تنكح الكافر دواما و انقطاعا، سواء كان أصليا حربيا كان أم كتابيا أو كان مرتدا عن فطرة كان أو عن ملة (1)، و كذا

______________________________

(1) لقوله تعالى لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (1)، و قوله تعالى وَ لٰا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّٰى يُؤْمِنُوا (2)، و يتم في غيرهم بالقول بعدم الفصل، و لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «إذا أسلمت امرأة و زوجها على غير الإسلام فرق بينهما» (3)، و يدل على الابتداء بالأولى مضافا إلى إجماع المسلمين بل الضرورة من الدين، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين جميع ما ذكر من الأقسام.

و الكافر الأصلي في مقابل الكتابي و الحربي من كان محاربا للإسلام، و انه لا تختص بالمحاربة الخارجية بل تتحقق بكل ما صدق عليه بحسب المتعارف.

و المرتد الفطري من حكم بإسلامه ثمَّ كفر، و الملي من حكم بكفره فأسلم ثمَّ ارتد.

و مضى في كتاب الطهارة(4)، و يأتي في الحدود إن شاء اللّه تعالى ما ينفع المقام.

ص: 55


1- سورة النساء: 141.
2- سورة البقرة: 221.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 4.
4- راجع ج: 1 صفحة: 355.

لا يجوز للمسلم تزويج غير الكتابية من أصناف الكفار و لا المرتدة عن فطرة كانت أو ملة (2).

و أما الكتابية من اليهودية و النصرانية ففيها أقوال (3) أشهرها المنع في النكاح الدائم و الجواز في المنقطع، و قيل بالمنع مطلقا و قيل

______________________________

(2) لقوله تعالى وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ (1)، مضافا إلى السنة- كما يأتي و مر بعضها- و إجماع المسلمين.

(3) أنهاها في الحدائق إلى ستة:

الأول: الجواز مطلقا.

الثاني: المنع مطلقا.

الثالث: جواز التمتع اختيارا و الدوام اضطرارا.

الرابع: عدم جواز العقد مطلقا و جواز التملك.

الخامس: عدم الجواز مطلقا و جواز المتعة و ملك اليمين.

السادس: عدم الجواز مطلقا و الجواز في حال الاضطرار.

و منشأ الاختلاف اختلاف الأخبار، و إنما حصل اختلاف الأقوال من ملاحظة بعض الأخبار و عدم ملاحظة مجموعها ورد بعضها إلى بعض ثمَّ استفادة الحكم من المجموع و جعله كخبر واحد.

و أما الأخبار فهي على أقسام ستة أيضا:

الأول: ما يظهر منه الجواز مطلقا مثل صحيح ابن وهب عن الصادق عليه السّلام:

«في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية و النصرانية، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية و النصرانية؟!! فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير، و اعلم أن عليه في دينه

ص: 56


1- سورة الممتحنة: 10.

.....

______________________________

غضاضة» (1)، و هذا الحديث من محكمات الأخبار سندا و متنا و تعليلا و ظهوره في المرجوحية الغيرية و الغضاضة مما لا ينكر فلا بد من حمل غيره على الكراهة بحسب الموارد شدة و ضعفا.

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن نكاح اليهودية و النصرانية؟ فقال: لا بأس به أما علمت انه كانت تحت طلحة بن عبيد اللّه يهودية على عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله» (2).

الثاني: ما دل على التحريم المطلق مثل صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن نصارى العرب أتوكل ذبائحهم؟ فقال: كان علي عليه السّلام ينهى عن ذبائحهم و عن صيدهم و عن مناكحتهم» (3).

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لا ينبغي نكاح أهل الكتاب قلت: جعلت فداك و أين تحريمه؟ قال: قوله تعالى وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ (4)»، إلى غير ذلك من الروايات.

الثالث: ما يدل على الجواز مع الضرورة مثل ما ورد عنهم عليهم السّلام كما في معتبرة يونس: «لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الأمة إلا أن لا يجد حرة و كذلك لا ينبغي له أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب إلا في حال ضرورة حيث لا يجد مسلمة حرة و لا أمة»(5)، و قريب منه غيره.

الرابع: ما يدل على الجواز مطلقا على كراهة كما في صحيح عبد اللّه ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «سأله أبي و أنا أسمع عن نكاح اليهودية و النصرانية فقال: نكاحهما أحب إليّ من نكاح الناصبية و ما أحب للرجل المسلم أن يتزوج

ص: 57


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 4.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 3.

.....

______________________________

اليهودية و لا النصرانية مخافة أن يتهود ولده أو يتنصروا» (1).

و في معتبرة حفص بن غياث قال: «كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مسائل، فسألته عن الأسير هل له أن يتزوج في دار الحرب؟

فقال عليه السّلام: أكره ذلك فإن فعل في بلاد الروم فليس هو بحرام و هو نكاح، و أما في الترك و الديلم و الخزر فلا يحل له ذلك» (2)، إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة الدالة على الجواز مع الكراهة.

الخامس: ما يدل على تخصيص الجواز بالبلهة مثل صحيح زرارة قال:

«سألت أبا جعفر عليه السّلام عن نكاح اليهودية و النصرانية؟ فقال: لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية و لا نصرانية إنما يحل منهن نكاح البله» (3).

و في معتبرة حمران بن أعين قال: «كان بعض أهله يريد التزويج فلم يجد امرأة مسلمة موافقة فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال: أين أنت من البله الذين لا يعرفون شيئا» (4).

و في صحيح زرارة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام إني أخشى أن لا يحل لي أن أتزوج ممن لم يكن على أمري فقال: و ما يمنعك من البله؟ قلت و ما البله؟

قال: هي المستضعفات من اللاتي لا ينصبن و لا يعرفن ما أنتم عليه» (5).

السادس: ما يدل على جواز التمتع مثل صحيح زرارة قال: «سمعته يقول:

لا بأس أن يتزوج اليهودية و النصرانية متعة و عنده امرأة» (6).

و في معتبرة ابن فضال عن الصادق عليه السّلام: «لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية و النصرانية و عنده حرة» (7)، إلى غير ذلك من الروايات.

و دعوى: أن التمتع بالكتابية إذا صح فلا بد و أن يصح نكاحها دائما أيضا،

ص: 58


1- الوسائل باب: 1 و 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 5 و 10.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1 و 3 و 2.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1 و 3 و 2.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1 و 3 و 2.
6- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالكفر.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالكفر.

.....

______________________________

لأنهما حقيقة واحدة كما يأتي.

غير صحيحة: لأن كون حقيقتهما واحدة لا تستلزم وحدتهما صنفا فيمكن أن يترتب على أحد الصنفين حكم دون الآخر.

ثمَّ أن نفس هذا الاختلاف الذي تقدم يدل على عدم إرادتهم عليهم السّلام لبيان نفس الحكم الواقعي بهذه المختلفات.

و استدل على المنع تارة: بأنهن مشركات موضوعا فيشملهن قوله تعالى:

وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ (1).

و اخرى: بإطلاق قوله تعالى وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ (2).

و ثالثة: بان الزواج موادة و هي منهي عنها في الآية الشريفة (3).

و رابعة: بسراية دينها إلى دينه و دين أولاده.

و خامسة: بما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «كان علي عليه السّلام ينهي عن ذبائحهم و عن صيدهم و مناكحتهم» (4).

و الكل مخدوش أما الأولى فلأنه خلاف اللغة و العرف و اصطلاح الكتاب و السنة.

و أما الثانية فلأنها منسوخة بآية وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ (5)، و هي في سورة المائدة التي قال فيها النبي صلّى اللّه عليه و آله: «آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها و حرموا حرامها» (6)، و ما في معناه ما عن علي عليه السّلام قال: «كان القرآن ينسخ بعضه بعضا و إنما يؤخذ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بآخره و كان آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها و لم ينسخها شي ء لقد نزلت عليه و هو على

ص: 59


1- سورة البقرة: 221.
2- سورة الممتحنة: 10.
3- سورة المجادلة: 22.
4- مر في صفحة: 65.
5- سورة المائدة: 5.
6- الدر المنثور ج: 2 صفحة: 252.

بالجواز كذلك، و هو لا يخلو من قوة (4) على كراهية خصوصا في الدائم بل الاحتياط فيه لا يترك إن استطاع نكاح المسلمة (5).

مسألة 1: المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية

(مسألة 1): المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية (6) و أما الصابئة

______________________________

بغلة شهباء، و قد ثقل عليه الوحي حتى وقفت و تدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض و اعيى و أغمي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقرأ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سورة فعمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عملنا»(1) و كذا ما عن أبي جعفر عليه السّلام (2).

و أما الثالثة و الرابعة فلا كلية فيهما كما هو معلوم، و الأخير محمول على الكراهة جمعا بين ما مر من الأخبار الدالة على الجواز.

فتبقى أصالة الحلية و عموماتها و إطلاقاتها على حالها مضافا إلى ما تقدم من صحيح ابن وهب الدال على الحلية مطلقا مع الكراهة جمعا بين الأخبار.

هذه خلاصة ما ينبغي ان يقال في المقام.

و مما ذكرنا يظهر الحال في حكم ملك اليمين لهم و اللّه العالم بالحقائق.

(4) لما تقدم من الآية الشريفة وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذٰا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ (3) و صحيح ابن وهب و إمكان حمل ما خالفه على الكراهة لكن سياق بعضها يأبى عن الحمل عليها فلا يترك الاحتياط.

(5) ظهر مما مر وجه ذلك كله.

(6) لظاهر الآية الكريمة حيث ذكر فيها المجوس في ضمن أهل الكتاب قال تعالى:

ص: 60


1- البحار ج 92 صفحة: 274.
2- راجع مجمع البيان: الآية: 2 من سورة المائدة.
3- سورة المائدة: 5.

ففيها إشكال حيث إنه لم يتحقق عندنا إلى الآن حقيقة دينهم (7) فان

______________________________

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هٰادُوا وَ الصّٰابِئِينَ وَ النَّصٰارىٰ وَ الْمَجُوسَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا (1)، و قد ذكر فيها الذين أشركوا بعد ذكر المجوس، و لخبر الواسطي عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل عن المجوس أ كان لهم نبي؟ فقال: نعم أما بلغك كتاب رسول صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكة أن أسلموا و إلا فأذنوا بحرب، فكتبوا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه يريدون تكذيبه: زعمت انك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثمَّ أخذت الجزية من مجوس هجر؟

فكتب إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه، و كتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور» (2)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» (3)، و نقل عن كتاب الملل و النحل أنهم من أهل الكتاب أيضا، و عن بعض الغربيين أن قسما من كتابهم موجود في بعض المتاحف.

و ما دل على الخلاف مثل صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ قال: لا و لكن إن كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها و يعزل عنها و لا يطلب ولدها» (4)، محمول على الكراهة كما تقدم في اليهودية و النصرانية.

ثمَّ أنه لا فرق فيها بين الدائم و المؤجل لما مر و لمعتبر محمد بن سنان عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته عن نكاح اليهودية و النصرانية؟ فقال: لا بأس، فقلت: فمجوسية؟ فقال: لا بأس به يعني متعة»، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة الصيقل: «لا بأس بالرجل أن يتمتع بالمجوسية» (5).

(7) الذي يظهر من سياق الآية الشريفة المتقدمة أن دينهم من الأديان

ص: 61


1- سورة الحج: 17.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1 و 9.
3- الوسائل باب: 49 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1 و 9.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 13 من أبواب المتعة الحديث: 5.

تحقق انهم طائفة من النصارى كما قيل كانوا بحكمهم (8).

مسألة 2: العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يترتب عليه آثار الصحيح عندنا

(مسألة 2): العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يترتب عليه آثار الصحيح عندنا (9)، سواء كان الزوجان كتابيين أو وثنيين أو مختلفين (10)، حتى انه لو أسلما معا دفعة أقرا على

______________________________

المعتقدة باللّه تعالى في الجملة و تعرضنا في تفسيرنا في ضمن الآية الشريفة:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هٰادُوا وَ النَّصٰارىٰ وَ الصّٰابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ (1)، ما يتعلق بهم.

(8) و الذي يظهر من بعض المتتبعين في حالاتهم و كتب في ذلك رسالة أسماها (الصابئون في حاضرهم و ماضيهم) أنه دين ممتزج من اليهودية و المجوسية و أشياء كثيرة من غيرها، و هو في معرض الزوال لكثرة صعوبة تكاليفهم و مشاكلها حتى في مذهبهم فينقص من افراد دينهم و لا يزيد فيهم أحد.

(9) نصا و إجماعا فعن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم:

«يجوز على أهل كل دين ما يستحلون» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «لكل قوم نكاحا» (3).

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «كل قوم يعرفون النكاح من السفاح فنكاحهم جائز» (4)، أي نكاحهم صحيح إلى غير ذلك من الأخبار، و سيأتي في كتاب الطلاق (مسألة 33) من شرائط صيغة الطلاق التعرض لقاعدة الإلزام إن شاء اللّه تعالى.

(10) لإطلاق الدليل الشامل للجميع.

ص: 62


1- سورة البقرة: 62 راجع المجلد الأول من مواهب الرحمن في تفسير القرآن صفحة: 317 ط: بغداد.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ميراث الأخوة الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 83 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 83 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

نكاحهما الأول و لم يحتج إلى عقد جديد على طبق مذهبنا (11)، بل و كذا لو أسلم أحدهما أيضا في بعض الصور الآتية (12).

نعم، لو كان نكاحهم مشتملا على ما يقتضي الفساد ابتداء و استدامة كنكاح احدى المحرمات عينا أو جمعا جرى عليه بعد الإسلام حكم الإسلام (13).

مسألة 3: إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول

(مسألة 3): إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول، سواء كان كتابيا أم و ثنيا، و سواء كان إسلامه قبل الدخول أم بعده (14).

______________________________

(11) للأصل و الإجماع، و قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم:

«إن أهل الكتاب و جميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما» (1).

و في معتبرة البزنطي (2)، قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه؟ قال: إذا أسلمت لم تحل له، قلت: فإن الزوج أسلم بعد ذلك أ يكونان على النكاح؟ قال: لا يتزوج بتزويج جديد».

(12) يأتي ذلك في أول المسألة اللاحقة.

(13) لعموم أدلة أحكام الإسلام الشامل له أيضا، و يجري على وطيه السابق حكم الوطي بالشبهة عندنا تسهيلا و امتنانا كما مر سابقا.

(14) كل ذلك للأصل و الإجماع و النصوص منها: صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل هاجر و ترك امرأته مع المشركين ثمَّ لحقت به بعد ذلك أ يمسكها بالنكاح الأول أو تنقطع عصمتها؟ قال عليه السّلام: بل يمسكها و هي امرأته» (3).

ص: 63


1- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2 و 5.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2 و 5.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1.

و إذا أسلم زوج الوثنية و ثنيا كان أو كتابيا فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال (15)، و إن كان بعده ينتظر انقضاء العدة فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما (16)، و إلا انفسخ بمعنى أنه يتبين انفساخه من حين إسلام الزوج (17).

مسألة 4: إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية

(مسألة 4): إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال (18) و لا مهر لها (19)،

______________________________

و منها ما في خبر يونس: «فإن أسلم الرجل و لم تسلم المرأة يكون الرجل عندها بالليل و النهار» (1)، و غيرهما من الأخبار.

(15) لما اجمعوا عليه من أن اختلاف الدين فسخ للعقد الواقع بين الزوجين في المقام.

(16) إجماعا و نصا قال علي عليه السّلام في معتبر السكوني: «إن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها، قال: لا يفرق بينهما، ثمَّ قال: إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، و إن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثمَّ أسلمت فأنت خاطب من الخطاب» (2)، المحمول على ذلك بقرينة الإجماع.

(17) للإجماع و قاعدة «أن اختلاف الدين فسخ للنكاح إلا ما خرج بالدليل»، و لا دليل على الخلاف في المقام.

(18) اتفاقا مضافا إلى قاعدة: «ان اختلاف الدين فسخ للنكاح إلا ما خرج بالدليل»، و في صحيح ابن سنان: «إذا أسلمت امرأة و زوجها على غير الإسلام فرق بينهما» (3).

(19) لقول أبي الحسن عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «في نصراني تزوج

ص: 64


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 4.

و إن كان بعده وقف على انقضاء العدة فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته و إلا بان أنها بانت منه حين إسلامها (20).

مسألة 5: لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ

(مسألة 5): لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال (21).

______________________________

نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها منه و لا مهر لها و لا عدة عليها منه» (1)، و لأن الفسخ حصل من ناحيتها.

و أما ما عن الصادق عليه السّلام في معتبر السكوني قال: «قال أمير المؤمنين في مجوسية أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام لزوجها:

أسلم فأبى زوجها أن يسلم فقضى لها عليه نصف الصداق، و قال: لم يزدها الإسلام إلا عزا» (2)، محمول أو مطروح لما عرفت و سيأتي في أحكام المهر ما يتعلق بالمقام.

(20) للإجماع و النصوص التي تقدم بعضها، و في صحيح البزنطي: «سئل الرضا عليه السّلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم، يحل لها أن تقيم معه؟

قال: إذا أسلمت لم تحل له، قلت: جعلت فداك فإن الزوج أسلم بعد ذلك أ يكونان على النكاح؟ قال: لا إلا بتزويج جديد» (3).

و أما خبر جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السّلام قال: «في اليهودي و النصراني و المجوسي إذا أسلمت امرأته و لم يسلم قال: هما على نكاحهما و لا يفرّق بينهما و لا يترك يخرج بها من دار الإسلام إلى الهجرة» (4)، و مثله غيره مطروح أو محمول.

(21) لاتفاق الإمامية إن لم يكن من المسلمين في الجملة و القاعدة

ص: 65


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 5.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1.

سواء كان الارتداد عن فطرة أم ملة (22)، و كذا بعد الدخول إذا كان الارتداد من الزوج و كان عن فطرة (23)، و أما إن كان ارتداده عن ملة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقا (24) وقف الفسخ على انقضاء العدة (25)،

______________________________

المزبورة في صورة ارتداد أحدهما، و في صحيح عمار الساباطي قال:

«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام: «كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نبوته و كذبه، فإن دمه مباح و امرأته بائنة منه يوم ارتد و يقسم ماله و تعتد امرأته» (1)، و قريب منه غيره الشامل للمرتدة بالقول بعدم الفصل.

(22) لإطلاق الدليل الشامل لهما، و عن الصادق عليه السّلام: «المرتد تعزل عنه امرأته و لا تؤكل ذبيحته و يستتاب ثلاثة أيام و إلا قتل» (2)، الظاهر في الملي بقرينة الاستتابة.

(23) إجماعا و نصوصا منها إطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في المرتد: «من رغب عن الإسلام و كفر بما أنزل على محمد صلّى اللّه عليه و آله بعد إسلامه فلا توبة له، و قد وجب قتله، و بانت منه امرأته، و يقسم ما ترك على ولده» (3)، و مر صحيح عمار الساباطي أيضا، و تقدم في كتاب الطهارة بعض الكلام و يأتي في الحدود تمامه.

(24) أي عن ملة كان ارتدادها أو عن فطرة.

(25) للإجماع و النصوص الدالة على أن نكاح الكفار إذا أسلموا باق (4)، و تقدم ما يدل على ذلك.

ص: 66


1- الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب حد المرتد الحديث: 5.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر.

فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته (26) و إلا انكشف أنها بانت منه عند الارتداد (27).

مسألة 6: العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق

(مسألة 6): العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق (28).

مسألة 7: لو كانت زوجة المسلم كتابية و انتقلت إلى ملة اخرى من ملل الكفر بطل النكاح

(مسألة 7): لو كانت زوجة المسلم كتابية و انتقلت إلى ملة اخرى من ملل الكفر بطل النكاح (29).

______________________________

(26) لأن الرجوع إلى الزوجية بالإسلام قهري و انها ليست كالمطلقة التي تحتاج إلى الرجوع باللفظ و الفعل.

و أما معتبرة الحضرمي عن الصادق عليه السّلام: «إذا ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثة، و تعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الإسلام و تاب قبل أن تتزوج فهو خاطب من الخطاب و لا عدة عليها منه له و انما عليها العدة لغيره، فإن قتل أو مات قبل انقضاء العدة أعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها و هي ترثه في العدة و لا يرثها إن ماتت و هي مرتدة عن الإسلام» (1)، محمول على عدم الرجوع إلا بعد انقضاء العدة، و ان التشبيه بالمطلقة إنما هو مع عدم إرادة الرجوع و البقاء على كفره.

(27) للإجماع و لما تقدم من النصوص.

(28) أما انها في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة فللإجماع و النص الذي تقدم.

و أما انها في غيره كالطلاق فلأنها الأصل في العدة إلا ما خرج بالدليل مضافا إلى الإجماع، و إن كان اختلاف الدين فسخا لا طلاقا كما يأتي و ان العود إلى الإسلام بنفسه عود إلى النكاح بلا احتياج إلا قول أو فعل كما مر.

(29) لأنه يعتبر في نكاح المسلم للمرأة أن تكون مسلمة أو كتابية حدوثا

ص: 67


1- الوسائل باب: 6 من أبواب موانع الإرث الحديث: 4.

مسألة 8: لو كان الزوجان كافرين و أسلمت المرأة فإسلامها فسخ لعقد النكاح

(مسألة 8): لو كان الزوجان كافرين و أسلمت المرأة فإسلامها فسخ لعقد النكاح لا أن يكون طلاقا لها (30) و لا مهر لها و لا عدة عليها منه ان كان قبل الدخول (31)، و إن كانت الزوجة كتابية و الزوج مسلم ثمَّ ارتد الزوج و كان قبل الدخول ينفسخ النكاح و الأحوط له استرضائها بالنسبة إلى نصف المهر (32)، و إن كان بعد الدخول فقد استقر تمام المهر (33).

______________________________

و بقاء كما مر فإذا انتفى الشرط ينتفي المشروط لا محالة.

نعم، لو كانت يهودية و صارت مسيحية أو بالعكس يبقى النكاح على حاله للأصل بعد عدم منشأ للبطلان.

(30) أما الأول فللنص و الإجماع قال أبو الحسن عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها منه و لا مهر لها و لا عدة عليها منه» (1).

و أما الثاني فلأصالة عدم ترتب أحكام الطلاق إلا مع الدليل و هو مفقود مضافا إلى الإجماع.

(31) أما الأول فلما مر في صحيح ابن الحجاج و أما الثاني فلما يأتي في العدد من كتاب الطلاق من انه لا عدة لغير المدخول بها.

(32) أما الأول فلما تقدم في (مسألة 5).

و أما الثاني فلما نسب إلى المشهور من وجوب النصف عليه تنزيلا لهذا الفسخ منزلة الطلاق.

و فيه: انا نطالبهم بالدليل على هذا التنزيل و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه، مع ان صريح غير واحد من الفقهاء ثبوت الجميع عليه لحصول السبب و هو العقد، و التنصيف يحتاج إلى دليل و هو مفقود فالأحوط ما ذكرناه.

(33) للأصل و الإطلاق و الاتفاق كما يأتي في أحكام الصداق.

ص: 68


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 6.

مسألة 9: لو تزوج الكافر امرأة حرة و بنتها ثمَّ أسلم بعد الدخول بهما حرمتا عليه

(مسألة 9): لو تزوج الكافر امرأة حرة و بنتها ثمَّ أسلم بعد الدخول بهما حرمتا عليه (34)، و لو دخل بالأم وحدها حرمت البنت (35)، و أما لو دخل بالبنت وحدها فيثبت نكاحه لها و تختص الحرمة بالأم (36)، و إن لم يدخل بهما صح عقد السابق و بطل اللاحق (37)، و إن تقارنا بطل عقد الام (38) و كذا الحكم لو أسلم عن أمة و بنتها (39).

مسألة 10: لو أسلم عن أختين تخير أيتهما شاء

(مسألة 10): لو أسلم عن أختين تخير أيتهما شاء (40)، و كذا لو

______________________________

(34) لإطلاق الآية الشريفة الواردة في تعداد المحرمات وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ (1)، مضافا إلى الإجماع.

(35) لصدق ربيبة المدخول بها الواردة في الآية المباركة المتقدمة.

(36) لصدق أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ الواردة في الآية الشريفة المتقدمة.

(37) لأن الأول وقع جامعا للشرائط فيستصحب دون الثاني حيث وقع فاسدا و إن كان في مذهبه صحيحا و لكن يجري عليه حكم الإسلام بعد ما أسلم.

(38) لصدق أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ فيكون المقتضي لحرمتها موجودا و المانع مفقودا.

و ما نسب إلى الشيخ قدّس سرّه من التخيير لا دليل له إلا التنظير على التزويج من أربع و لا يخفى ما فيه.

(39) لقاعدة الاشتراك التي تقدمت مكررا.

(40) لأنه يدور الأمر بين أن يكونا فاسدين أو صحيحين أو أحدهما المعين كذلك دون الآخر.

ص: 69


1- سورة النساء: 23.

أسلم و عنده امرأة و عمتها أو خالتها و لم تجز العمة و لا الخالة الجمع (41).

و لو رضيتا صح الجمع (42).

مسألة 11: لو أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة استدام أربعا

(مسألة 11): لو أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة استدام أربعا و فارق البقية (43)، و كذا لو كان عبدا فأسلم اختار حرتين أو حرة مع

______________________________

و الأول خلاف الإجماع و ظواهر الأدلة كما مر.

و الثاني: خلاف الضرورة كما تقدم.

و الأخير: ترجيح بلا مرجح، فيثبت التخيير لا محالة مضافا إلى الإجماع، و ما عن النبي صلّى اللّه عليه و آله في إسلام فيروز الديلمي عن أختين «اختر إحداهما» (1)، و ما في بعض النصوص الوارد في بعض الصغريات كمن تزوج أختين في عقد واحد أمسك أيتهما شاء و فارق الأخرى (2).

(41) لما مر في سابقة، كما تقدم في أحكام المصاهرة ما يتعلق بالمقام (3).

(42) لزوال المانع حينئذ عن الجمع.

(43) لفرض بطلان ما زاد على الأربع كتابا و سنة قال تعالى فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنىٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ (4)، و في صحيح زرارة: «لا يجمع ماء في خمس» (5)، فتبطل من غير اختياره و لا فرق في اختيار الأربع بين أن يكون بالقول أو بالفعل و كذا في المفارقة لإطلاق قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«اختر أربعا و فارق سائرهن» (6).

ص: 70


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 184.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- راجع ج: 24 صفحة: 133.
4- سورة النساء: 3.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب استيفاء العدد الحديث: 1.
6- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 182.

أمتين أو أربع إماء و فارق غير هن (44) فلو كن و ثنيات انفسخ العقد مع عدم الدخول و معه انتظر إسلامهن في العدة (45).

مسألة 12: لو أسلم و أسلمن معه لزمه نفقة الجميع

(مسألة 12): لو أسلم و أسلمن معه لزمه نفقة الجميع حتى يختار أربعا فتسقط نفقة البواقي (46)، و لا تلزمه النفقة لو أسلم دونهن إن كن غير كتابية (47) و لو أسلمن- أو بعضهن- و هو على كفره فلهن مطالبة النفقة (48).

مسألة 13: لو مات الزوج قبل اختيار الأربع منهن فعليهن الاعتداد منه

(مسألة 13): لو مات الزوج قبل اختيار الأربع منهن فعليهن الاعتداد منه (49)، و لو ماتت إحداهن أو جميعهن بقي الاختيار على حاله (50).

______________________________

(44) لما مر سابقا في استيفاء العدد (1).

(45) لما تقدم في المسألة الخامسة فلا وجه للإعادة و التكرار.

(46) أما الأول فلاستصحاب حكم الزوجية.

و أما الثاني فلزوال الموضوع.

(47) لتحقق البينونة فلا موضوع للنفقة حينئذ.

(48) بالنسبة إلى الماضي فلأنها من الديون و قد قرر الشارع نكاحهن و أما بالنسبة إلى الحاضر فيشكل فيما زاد عن الأربع للأصل و عدم دليل صالح للإيجاب.

و أما الأربع: فلا ريب في أنهن زوجاته فتجري عليهن حكم الزوجية.

إلا أن يجري على الزائد على الأربع حكم المطلقة الرجعية و هو من مجرد الدعوى.

(49) للإطلاقات و العمومات الشاملة لمورد العلم الإجمالي كشمولها للعلم التفصيلي، و يحتمل الرجوع إلى القرعة لأنها لكل أمر مشكل و المقام منه.

(50) للأصل بعد عدم وجود دليل على الخلاف و وجود أثر شرعي من

ص: 71


1- راجع ج: 24 صفحة: 84.

مسألة 14: لو أسلم الزوج و أسلمن ثمَّ مات قبل الاختيار يعين الأربع منهن بالقرعة

(مسألة 14): لو أسلم الزوج و أسلمن ثمَّ مات قبل الاختيار يعين الأربع منهن بالقرعة ثمَّ يرثن منه (51)، و إن مات قبل إسلامهن فلا يرثن منه (52).

مسألة 15: لو اختلف الزوجان في السابق إلى الإسلام فالقول قول الزوج مع يمينه

(مسألة 15): لو اختلف الزوجان في السابق إلى الإسلام فالقول قول الزوج مع يمينه (53).

مسألة 16: قد مر أنه لا يجوز للمسلمة نكاح الكافر

(مسألة 16): قد مر أنه لا يجوز للمسلمة نكاح الكافر و لو كان كفره للنصب أو الغلو (54)، و كذا لا يجوز للرجل أن يتزوج امرأة كذلك (55).

______________________________

الوارثية و الموروثية أو التجهيزات و غيرها.

(51) لأنها لكل أمر مشكل و المقام منه هذا إن لم يقبلن التصالح.

(52) لأن الكافر لا يرث المسلم.

نعم، لو أسلمت قبل القسمة ترث كما يأتي في كتاب الإرث إن شاء اللّه تعالى.

(53) لأصالة البراءة عما يجب عليه لو كان صورة تقرير الدعوى بنحو المدعي و المنكر و كان الزوج منكرا، و أما لو كانت الدعوى بنحو آخر فيمكن أن تكون من التداعي و التحالف.

(54) إجماعا و نصوصا لما مر، و قد تقدم في كتاب الطهارة ما يتعلق بهما مفصلا.

(55) لأنهما بحكم الكفار كما هو المفروض مضافا إلى معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «دخل رجل على علي بن الحسين عليهما السّلام فقال: إن امرأتك الشيبانية خارجية تشتم عليا عليه السّلام فإن سرك أن أسمعك ذلك منها أسمعتك، فقال: نعم، فقال: إذا كان غدا حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج فعد و أكمن في جانب الدار، قال فلما كان من الغد كمن في جانب الدار و جاء

ص: 72

مسألة 17: لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبية

(مسألة 17): لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبية (56)، و أما نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ففيه خلاف، و الجواز مع الكراهة لا يخلو من قوة (57).

مسألة 18: لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة

(مسألة 18): لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة (58).

______________________________

الرجل فكلمها فتبيّن ذلك منها فخلّى سبيلها و كانت تعجبه»(1)، و لعل ذلك كان لأجل بيان الحكم بفعله عليه السّلام بعد تحقق النصب منها، و أنه عليه السّلام عمل بعلمه الظاهري.

(56) للأصل و الإطلاقات و العمومات من غير ما يصلح للمنع.

(57) أما وجه الجواز الأصل و الإطلاقات و العمومات من غير دليل على الخلاف.

و أما ما يستفاد منه المنع مثل معتبرة فضيل بن يسار عن الصادق عليه السّلام: «أن العارفة لا توضع إلا عند العارف» (2)، و غيرها من الأخبار فمحمولة على الكراهة و الغضاضة جمعا و لكن الاحتياط لا ينبغي تركه مهما أمكن لما نسب إلى المشهور من عدم الجواز.

(58) للأصل و الإطلاقات و العمومات و قوله تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ (3)، و قوله تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (4)، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوّجوه الا تفعلوه تكن فتنة

ص: 73


1- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 5.
3- سورة النور: 32.
4- سورة الشرح: 6.

.....

______________________________

في الأرض و فساد كبير» (1).

و عن أبي حمزة الثمالي في الموثق قال: «كنت عند أبي جعفر فقال له رجل: إني خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة فردّني و رغب عني و ازدرأني لدمامتي و حاجتي و غربتي، فقال أبو جعفر عليه السّلام: اذهب فأنت رسولي إليه فقل له: يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام زوج منجح بن رياح مولاي بنتك فلانة و لا ترده- إلى أن قال أبو جعفر عليه السّلام- إن رجلا كان من أهل اليمامة يقال له جويبر أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منتجعا للإسلام فأسلم و حسن إسلامه و كان رجلا قصيرا دميما محتاجا عاريا، و كان من قباح السودان- إلى أن قال- و إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال له: يا جويبر لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك و أعانتك على دنياك و آخرتك، فقال له جويبر: يا رسول اللّه بأبي أنت و أمي من يرغب فيّ فو اللّه ما من حسب و لا نسب و لا مال و لا جمال فأيّة امرأة ترغب فيّ؟

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا جويبر إن اللّه قد رفع بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعا، و أعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلا، و أذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية و تفاخرها بعشائرها و باسق أنسابها، فالناس اليوم كلهم أبيضهم و أسودهم و قرشيهم و عربيهم و عجميهم من آدم، و أن آدم خلقه اللّه من طين، و ان أحب الناس إلى اللّه أطوعهم له و أتقاهم، و ما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقى للّه منك و أطوع، ثمَّ قال له انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنه من أشرف بني بياضة حسيا فيهم فقل له: إني رسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إليك، و هو يقول لك زوّج جويبرا بنتك الدلفاء- إلى أن قال- أنه زوجه إياها بعد ما راجع النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال صلّى اللّه عليه و آله له: يا زياد جويبر مؤمن و المؤمن كفو المؤمنة و المسلم

ص: 74


1- الوسائل باب: 28 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.

نعم، لو زوّج الصغيرة وليها بغير القادر عليها لم يلزم العقد عليها فلها الرد بعد كمالها، لما مر من أنه يعتبر في نفوذ عقد الولي على المولّى عليه عدم المفسدة (59)،

______________________________

كفو المسلمة فزوّجه يا زياد و لا ترغب عنه» (1)، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على ذلك.

و نسب إلى جمع اعتباره لقوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنٰاتِ الْمُؤْمِنٰاتِ فَمِنْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ (2)، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله لبنت قيس لما أخبرته أن معاوية يخطبها: «إن معاوية صعلوك لا مال له» (3)، و قول الصادق عليه السّلام: «الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار» (4)، و لقاعدة نفي الضرر، و لأن النفقة قوام الزواج إلى غير ذلك مما قالوه.

و الكل مخدوش غير مناسب بمقام التوكل و أنبياء اللّه و أوصيائه.

و الآية المباركة بالنسبة إلى المهر و الإرشاد، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله إرشاد للمستشير الذي يجل فيه بيان الواقع و لو انطبق عليه عنوان الغيبة.

و أما قول الصادق عليه السّلام في مقام بيان الأمور العرفية لا بيان الشرائط الشرعية.

و بقية أدلتهم أشبه بالاستحسان من الاستدلال، و لحاظ حالات الأنبياء و الأولياء يكفي في الرد عليهم فالمسألة من الواضحات.

(59) تقدم البحث عن ذلك في أولياء العقد فراجع (5)، فلا وجه للتكرار و الإعادة مرة أخرى هنا.

ص: 75


1- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- سورة النساء: 25.
3- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 135.
4- الوسائل باب: 28 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4.
5- تقدم في ج: 24 صفحة: 268.

و لا ريب أن ذلك مفسدة (60)، و أية مفسدة إلا إذا زوحمت بمصلحة غالبة عليها (61).

مسألة 19: بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه

(مسألة 19): بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه، فلو كان متمكنا منها حين العقد ثمَّ تجدد العجز عنها بعد ذلك لم يكن لها التسلط على الفسخ لا بنفسها و لا بالحاكم على الأقوى (62).

نعم، لو كان ممتنعا عن الإنفاق مع اليسار و رفعت أمرها إلى الحاكم ألزمه بأحد الأمرين إما الإنفاق أو الطلاق (63)، فإذا امتنع عن الأمرين و لم يمكن الإنفاق من ماله و لا إجباره بالطلاق، فالظاهر أن للحاكم أن يطلقها إن أرادت الطلاق (64).

مسألة 20: لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد

(مسألة 20): لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد و العربية بالعجمي و الهاشمية بغير الهاشمي و بالعكس (65)، و كذا ذوات البيوتات

______________________________

(60) فيجب حينئذ مراعاة التمكن من الإنفاق بالعنوان الثانوي لا العنوان الأولي الشرعي في كل زواج.

(61) فتقدم تلك المصلحة الغالبة على المفسدة لما مر في (فصل أولياء النكاح) فراجع (1).

(62) لعدم الموضوع لهذه الولاية و السلطنة لا لنفسها و لا للحاكم الشرعي بعد عدم كون التمكن شرطا شرعا مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه.

(63) لأن له الولاية من باب الحسبة لإلزام الزوج إما على الإنفاق أو الطلاق كما يأتي في النفقات.

(64) لأن كل ذلك من إحقاق الحق و إبطال الباطل و الحاكم الشرعي الجامع للشرائط ولّي ذلك كله.

و يأتي في أحكام النفقات و الطلاق ما ينفع المقام فراجع.

(65) كل ذلك لما مر من الأصل و الإطلاق و العموم و معتبرة أبي حمزة

ص: 76


1- تقدم في ج: 24 صفحة: 253.

الشريفة بأرباب الصنائع الدنيئة كالكناس و الحجام و نحوهما، لأن المسلم كفؤ المسلمة و المؤمن كفؤ المؤمنة و المؤمنون بعضهم أكفاء بعض كما في الخبر.

نعم، يكره التزويج بالفاسق خصوصا شارب الخمر و الزاني كما مر (66).

مسألة 21: و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه

(مسألة 21): و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه، بأن يرميها بالزنا و يدعي المشاهدة بلا بينة أو ينفي ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به و تنكر ذلك، رفعا أمرهما إلى الحاكم فيأمرهما بالملاعنة بالكيفية الخاصة فإذا تلاعنا سقط عنه حد القذف و عنها حد الزنا و انتفى الولد عنه و حرمت عليه مؤبدا (67).

مسألة 22: نكاح الشغار باطل

(مسألة 22): نكاح الشغار باطل (68)، و هو أن تتزوج امرأتان

______________________________

الثمالي المتضمنة قضية جويبر و غيرها من الأخبار.

(66) أما كراهة التزويج بمطلق الفاسق فهو المشهور بل يظهر منهم الإجماع عليها و علّلت بجملة من التعليلات التي تقدمت في أول كتاب النكاح أيضا.

و أما بالنسبة إلى شارب الخمر فيكفي فيه قول الصادق عليه السّلام: «من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها» (1)، و مر أيضا في أول كتاب النكاح ما يتعلق به و كراهة التزويج مع جملة من الأشخاص.

(67) إجماعا و نصا يأتي في كتاب اللعان من الطلاق إن شاء اللّه تعالى.

(68) لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا شغار في الإسلام» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «نهى

ص: 77


1- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 27 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

برجلين على أن يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى و لا يكون بينهما مهر غير النكاحين و التزويجين، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر: زوجتك بنتي أو أختي على أن تزوجني بنتك أو أختك و يكون صداق كل منهما نكاح الأخرى، و يقول الآخر: قبلت و زوجتك بنتي أو أختي هكذا.

و أما لو زوج أحدهما بمهر معلوم و شرط عليه أن يزوجه الأخرى بمهر معلوم فيصح العقدان (69)، مثل أن يقول: زوجتك بنتي أو أختي على صداق مائة دينار على أن تزوجني أختك أو بنتك هكذا، و يقول الآخر قبلت و زوجتك بنتي أو أختي على مائة دينار، بل و كذا لو شرط أن يزوجه الأخرى و لم يذكر مهرا أصلا، مثل أن يقول: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، فقال: قبلت و زوجتك بنتي، فإنه يصح العقدان (70)، لكن حيث انه لم يذكر المهر تستحق كل منهما مهر المثل بالدخول (71).

______________________________

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن نكاح الشغار و هي الممانحة، و هو أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك حتى أزوجك ابنتي على أن لا مهر بيننا» (1)، مضافا إلى الإجماع.

(69) للعمومات و الإطلاقات و عموم أدلة الشروط ما لم يخالف الكتاب و السنة و المفروض عدم المخالفة لهما.

(70) لعموم أدلة الشروط و عدم اعتبار ذكر المهر في النكاح الدائم كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(71) كما يأتي في أحكام الصداق من ان ذكر المهر ليس شرطا في صحة عقد النكاح الدائم و لكن تستحق المرأة مهر المثل إن لم يذكر المهر.

ص: 78


1- الوسائل باب: 27 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.

النكاح المنقطع

اشارة

النكاح المنقطع و يقال له المتعة و النكاح المؤجل (1).

______________________________

(1) أما إطلاق الانقطاع فهو في مقابل الدوام، أما المتعة فلتحقق التمتع فيه، و أما المؤجل فلتقومه بذكر الأجل كما يأتي.

و لا بد من بيان أمور:

الأول: مقتضى القاعدة العقلية و هي قبح العقاب بلا بيان، التي هي من محكمات القواعد العقلية، و مقتضى الحديث المعروف بين الفريقين عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع عن أمتي ما لا يعلمون» (1)، حلية كل شي ء مطلقا ما لم ينص الشرع على خلافه و قد أثبت ذلك جميع علماء المسلمين في علمي كلامهم و أصولهم بل و فقههم أيضا.

هذا إذا لم يرد في الكتاب و السنة دليل على الجواز فكيف بما ورد الدليل عليه و نصوص الخاصة متواترة فيه، بل و تدل نصوص العامة على عدم نسخه و جوازه أيضا.

الثاني: قد ورد في الكتاب الكريم آيات شريفة تدل على جواز المتعة.

منها: قوله تعالى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ(2).

ص: 79


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس ج: 11.
2- سورة النساء: 24.

.....

______________________________

و منها: قوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تُحَرِّمُوا طَيِّبٰاتِ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكُمْ (1).

و منها: قوله تعالى لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذٰا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (2).

و منها قوله تعالى فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (3)، إلى غير ذلك من الآيات المطلقة و العامة الواردة في النكاح و الانصراف إلى الدائم فقط على فرضه بدوي لا يعتنى به.

و أما السنة فهي كثيرة ففي صحيحي البخاري و مسلم، و تفسير الثعلبي عن عمران بن حصين قال: «نزلت آية المتعة في كتاب اللّه عز و جل و لم تنزل آية بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم ينهانا عنها، فقال رجل برأيه ما شاء» (4)، قال البخاري في بعض النسخ «يقال انه- أي الرجل المذكور- هو عمر».

و في صحيح مسلم عن عطاء قال: «قدم جابر بن عبد اللّه معتمرا فجئنا في منزله فسأله القوم عن أشياء ثمَّ ذكروا المتعة فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار و ذكرنا في تفسيرنا مواهب الرحمن (6)، ما يتعلق بذلك.

و أما من طريق الخاصة فهي كثيرة لا تحصى.

و أما الإجماع فقد أجمع الأئمة الهداة الذين هم قرين الكتاب بالحديث المتواتر بين الفريقين عن النبي صلّى اللّه عليه و آله جوازها و عدم نسخها، و أجمعت

ص: 80


1- سورة المائدة: 87.
2- سورة الممتحنة: 10.
3- سورة النساء: 25.
4- صحيح البخاري كتاب التفسير ج: 7 صفحة: 24 و في صحيح مسلم ج: 1 ص 474.
5- صحيح مسلم ج: 1 صفحة: 586 كتاب النكاح باب نكاح المتعة.
6- راجع ج: 3 صفحة: 205.

مسألة 1: النكاح المنقطع كالدائم

(مسألة 1): النكاح المنقطع كالدائم في أنه يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين (2) و أنه لا يكفي مجرد الرضا القلبي من

______________________________

الإمامية عليه أيضا تبعا لأئمتهم عليهم السّلام.

الثالث: هل أن نسخ تشريع المتعة كان في زمان النبي صلّى اللّه عليه و آله أو لا؟ مقتضى الأصل عدم نسخه صلّى اللّه عليه و آله لذلك و لم يدل دليل على ذلك مضافا إلى إجماع المسلمين على أنه صلّى اللّه عليه و آله لم ينسخه بل يظهر من تغيير الخليفة أنه بنفسه نسخها و حرّمها.

الرابع: هل أودع صلّى اللّه عليه و آله علم نسخه عند بعض خلفائه؟ مقتضى الأصل عدم ذلك أيضا و لو كان شي ء لظهر و بان، لأن إيداع نسخ القانون عند غير المقنن من أهم أمور تقنين القانون و لا معنى لأن يختفي على أحد.

الخامس: هل كان نسخ الخليفة له حكما وقتيا اقتضاه مصلحة الوقت كما قد يحرّم الحاكم بيع متاع في وقت لمصلحة اقتضته الظروف أو حكما دائميا أبديا؟ المعلوم هو الأول، و الثاني يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

إن قيل إن حكم الحاكم الجامع للشرائط يتبع مطلقا و لا ينقض و لو بعد وفاته.

يقال: أنه فيما إذا تمت موازين الحكم شرعا لا فيما إذا كان من الاجتهاد في مقابل النص فإنه لا بد من نقضه بإجماع المسلمين، و لا وجه لتطويل القول فيما كفانا علماء الفريقين في نقضه و إبطاله.

(2) إجماعا و نصوصا منها معتبرة أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا موروثة كذا و كذا يوما، و إن شئت كذا و كذا سنة بكذا و كذا درهما، و تسمي من الأجر (الأجل) ما تراضيتما عليه قليلا

ص: 81

الطرفين (3) و لا المعاطاة و لا الكتابة و الإشارة (4) و في اعتبار العربية و في كون الإيجاب من طرف الزوجة كما فصل ذلك كله فيما سبق (5).

______________________________

كان أو كثيرا فإذا قالت: نعم فقد رضيت و هي امرأتك و أنت أولى الناس بها» (1).

و في معتبرة هشام بن سالم قال: «قلت كيف يتزوج المتعة؟ قال يقول:

أتزوجك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما، فإذا مضت تلك الأيام كان طلاقها في شرطها» (2)، و غيرهما من الروايات الدالة على ذلك و تقدم في ألفاظ النكاح الدائم ما يرتبط بالمقام فراجع.

(3) للأصل و الإجماع، و ما تقدم في أول النكاح من أنه عقد لا بد من مبرز خارجي بلا فرق فيه بين الدائم و غيره.

و أما ما نسب إلى بعض من كفاية الرضاء الباطني تمسكا برواية عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه السّلام قال: «جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إني زنيت فطهرني فأمر بها أن ترجم فأخبر بذلك أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال:

كيف زنيت؟ قالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابيا فأبى أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي، فلما أجهدني العطش و خفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: تزويج و رب الكعبة» (3)، فهو مخالف للضرورة الدينية كما مر و الرواية محمول أو مطروح.

(4) كل ذلك للأصل و ظهور الإجماع مع عدم دليل معتبر على الخلاف.

(5) و قد مر جميع ذلك في أول كتاب البيع (4)، فراجع.

ص: 82


1- الوسائل باب: 18 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 8.
4- راجع ج: 24 صفحة: 214 و ج: 16 صفحة: 215.

مسألة 2: ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متّعت» و «زوّجت» و «أنكحت»

(مسألة 2): ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متّعت» و «زوّجت» و «أنكحت» أيها حصل وقع الإيجاب به (6) و لا ينعقد بغيرها كلفظ التمليك و الهبة و الإجارة (7).

و القبول كل لفظ دال على إنشاء الرضا بذلك الإيجاب كقوله «قبلت المتعة» أو «التزويج» أو «النكاح» (8).

و لو قال: «قبلت» أو «رضيت» و اقتصر كفى (9) و لو بدأ بالقبول فقال:

تزوجتك فقالت: زوجتك نفسي صح (10).

مسألة 3: لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه

(مسألة 3): لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه (11)، و كذا لا يجوز تمتع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفار و لا بالمرتدة و لا بالناصبية المعلنة بالعداوة كالخارجية (12).

______________________________

(6) لتحقق الظهور العرفي في المراد فلا بد من الاكتفاء به إجماعا من الفقهاء بل من العقلاء كما في جميع المحاورات الدائرة بينهم.

(7) للأصل و ظهور إجماعهم عليه بعد عدم دليل معتبر على الخلاف.

(8) للإجماع و تحقق قبول الإيجاب في المحاورات العرفية.

(9) لتحقق قبول الإيجاب عرفا و لا دليل على اعتبار أزيد من ذلك بل مقتضى الإطلاقات عدم اعتبار الزائد.

(10) لتحقق عنوان المزاوجة باللفظ المظهر لها عرفا فتشملها الإطلاقات لا محالة.

(11) لما مر في أول (فصل ما يحرم بالكفر) فلا وجه للتكرار و الإعادة مرة أخرى.

(12) للإجماع مضافا إلى الإطلاقات الدالة على المنع في جميع ذلك و تقدم بعضها في النكاح الدائم.

ص: 83

مسألة 4: لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها

(مسألة 4): لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها (13) و لو فعل وقف على إجازتها (14)، و كذا لا يدخل على العمة بنت أخيها و لا على الخالة بنت أختها إلا بإذنهما أو إجازتها، و كذا لا يجمع بين الأختين (15).

مسألة 5: يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر

(مسألة 5): يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر (6) فلو أخل به بطل (17).

______________________________

(13) للإجماع و النص ففي صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام هل للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها و له امرأة أخرى؟

قال عليه السّلام: نعم إذا رضيت الحرة، قلت: فإن أذنت الحرة يتمتع منها؟ قال:

نعم» (1).

(14) لما تقدم من إطلاق قول أبي الحسن عليه السّلام: «إذا رضيت الحرة» و تقدم في (فصل نكاح الأمة) ما يتعلق بالمقام (2).

(15) لما مر في (مسألتي 9 و 33) من (فصل في المحرمات بالمصاهرة) فراجع هناك(3)، فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(16) إجماعا و نصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح زرارة: «لا تكون متعة إلا بأمرين: بأجل مسمى و أجر مسمى» (4).

(17) لما مر من النص الظاهر في نفي الحقيقة مضافا إلى الإجماع و «إنهن مستأجرات» كما في صحيح زرارة (5)، و لا ريب في بطلان الإجارة مع عدم ذكر العوض.

ص: 84


1- الوسائل باب: 16 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- راجع ج: 24 صفحة: 272.
3- تقدم في ج: 24 صفحة: 133- 127.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب المتعة الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2.

و يعتبر فيه أن يكون مما يتمول (18) سواء كان عينا خارجيا أم كليا في الذمة أو منفعة و عملا محللا صالحا للعوضية بل و حقا من الحقوق المالية كحق التحجير و نحوه (19).

و أن يكون معلوما (20) بالكيل أو الوزن في المكيل و الموزون و العد في المعدود أو المشاهدة أو الوصف الرافعين للجهالة (21) و يتقدر بالمراضاة قل أو كثر، و لو كان كفا من طعام (22).

______________________________

(18) إجماعا بل ضرورة من الفقه إن لم تكن من المذهب، و سيأتي في أحكام الصداق ما يتعلق بالمقام.

(19) كل ذلك لإطلاق الأدلة و إجماع فقهاء الملة.

(20) لبناء العقلاء في عوض كل انتفاع و إجماع الفقهاء، و المنساق من الأدلة الشرعية المنزّلة على المتعارف بين الناس.

(21) لما مر من اشتراط أن يكون المهر معلوما بما تقدم و ذلك يستلزم رفع الجهالة.

(22) لما مر عن الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير: «عن أدنى مهر المتعة ما هو؟ قال: كف من طعام دقيق أو سويق أو تمر» (1).

و في معتبرة أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن متعة النساء؟ قال:

حلال و أنه يجزي فيه الدرهم فما فوقه» (2).

و عن الصادق عليه السّلام: «أدنى ما تحل به المتعة كف طعام» (3).

و في صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كم المهر يعني في المتعة؟ قال: ما تراضيا عليه إلى ما شاءا من الأجل» (4).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «في المتعة قال: لا بد من أن

ص: 85


1- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 1 و 6.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 1 و 6.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 1 و 6.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 3.

مسألة 6: تملك المتمتعة المهر بالعقد

(مسألة 6): تملك المتمتعة المهر بالعقد (23) فيلزم عليه دفعه إليها بعده لو طالبته و إن كان استقراره بالتمام مراعى بالدخول و وفائها بالتمكين في تمام المدة (24)، فلو وهبها المدة فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المهر (25) و إن كان بعده لزمه الجميع (26) و إن مضت من المدة ساعة

______________________________

يصدقها شيئا قل أو كثر، و الصداق كل شي ء تراضيا عليه في تمتع أو تزويج بغير متعة» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار مضافا إلى الإجماع.

(23) لأنه لا معنى للعقود المملكة من الطرفين إلا مالكية كل واحد من الطرفين لما انتقل إليه من أحد العوضين و يدل عليه ظواهر الأدلة و الإجماع ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود.

(24) لقوله تعالى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (2)، و قد استفاضت النصوص أنه في المتعة، و لما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة عمر بن حنظلة: «أتزوج المرأة شهرا فتريد مني المهر كملا فأتخوف أن تخلفني، فقال: لا يجوز أن تحبس ما قدرت عليه فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك» (3)، مضافا إلى الإجماع.

(25) إجماعا و نصا، فعن سماعة قال: «سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثمَّ جعلته في حل من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا قال: نعم إذا جعلته في حل فقد قبضته منه فإن خلاها قبل أن يدخل بها رد المرأة على الزوج نصف الصداق» (4).

(26) لاستقرار ملكها للمهر بالدخول، فالمقتضي لملكيتها لتمام المهر موجود و المانع عنه مفقود، فتؤثر العلة التامة أثرها.

ص: 86


1- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 9.
2- سورة النساء: 24.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب المتعة الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 30 من أبواب المتعة الحديث: 1.

و بقيت منها شهور أو أعوام فلا يقسّط المهر على ما مضى منها و ما بقي (27).

نعم، لو لم يهب المدة و لكنها لم تف بها و لم تمكّنه من نفسها في تمامها كان له أن يضع من المهر بنسبتها إن نصفا فنصف و إن ثلثا فثلث و هكذا (28) ما عدا أيام حيضها فلا ينقص لها شي ء من المهر (29) و في

______________________________

(27) لتحقق الملكية و استقرارها و عدم تخلفها عن الوفاء بالتمكين و هبة المدة إنما جاءت من قبله.

(28) إجماعا و نصوصا منها خبر ابن حنظلة قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أتزوج المرأة شهرا بشي ء مسمى فتأتي بعض الشهر و لا تفي ببعض، قال: يحبس عنها من صداقها بقدر ما احتبست عنك إلا أيام حيضها فإنها لها» (1).

و عنه أيضا عن الصادق عليه السّلام: «أتزوج المرأة شهرا فتريد مني المهر كملا فأتخوف أن تخلفني، فقال عليه السّلام: لا يجوز أن تحبس ما قدرت عليه، فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك» (2).

و منها معتبرة إسحاق بن عمار: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: الرجل يتزوج المرأة متعة بشرط أن تأتيه كل يوم حتى توفيه شرطه أو يشترط أياما معلومة تأتيه فيها فتغدر به فلا تأتيه على ما شرط عليها، قال: نعم ينظر ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها بمقدار ما لم تف له ما خلا أيام الطمث، فإنها لها فلا يكون عليها إلا ما حل له فرجها» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(29) للإجماع و النصوص التي تقدم بعضها.

ص: 87


1- الوسائل باب: 27 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 27 من أبواب المتعة الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب المتعة الحديث: 3.

إلحاق سائر الأعذار كالمرض المدنف و نحوه بها أو عدمه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (30) و الأحوط التصالح (31).

مسألة 7: لو أوقع العقد و لم يدخل بها حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر

(مسألة 7): لو أوقع العقد و لم يدخل بها حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر (32).

مسألة 8: لو عقد عليها تمتعا في مدة و هو يعلم أنه لا يقدر من الاستمتاع بها في تلك المدة لعذر فيها

(مسألة 8): لو عقد عليها تمتعا في مدة و هو يعلم أنه لا يقدر من الاستمتاع بها في تلك المدة لعذر فيها فهل يثبت المهر حينئذ بعد انقضائها أو لا؟ وجهان (33).

مسألة 9: لو تمتع بامرأة و دخل بها ثمَّ لم تمكّن نفسها منه و بانت منه في زمان عدم التمكن تستحق تمام المهر

(مسألة 9): لو تمتع بامرأة و دخل بها ثمَّ لم تمكّن نفسها منه و بانت منه في زمان عدم التمكن تستحق تمام المهر (34)، إلا ما يكون بمقدار

______________________________

(30) لصحة دعوى أن ذكر الحيض في الأخبار المتقدمة إنما هو من باب المثال لكل عذر مقبول عن الاستمتاع، و تغليب جهة الإجارة للانتفاع في المقام على النكاح الدائم.

و من الجمود على ما تقدم من النصوص الواردة في خصوص الحيض فلا يجري في سائر الاعذار.

و لكن المنساق منها أن ذكر الحيض من باب المثال لكل عذر مقبول شرعا كما مر.

(31) لثبوت حق في الجملة في البين من الطرفين.

(32) لأصالة بقاء وجوب تمام المهر عليه إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام، مع كون عدم الانتفاع منها من قبله، و الظاهر عدم الفرق بين ما إذا كان لعذر أو غيره.

(33) من الإقدام على دفع المهر، فتشمله العمومات و يثبت النصف حينئذ لما مر، و من أن ذلك يكون بمنزلة الاستيجار بلا عوض فيفسد العقد إن لم يكن غرض صحيح شرعي آخر في البين.

(34) لوجود المقتضي له و فقد المانع.

ص: 88

أيام عدم تمكينها (35).

مسألة 10: لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها و لم يدخل بها- فلا مهر لها

(مسألة 10): لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها و لم يدخل بها- فلا مهر لها (36)، و لو قبضته كان له استعادته، بل لو تلف كان عليها بدله (37)، و كذا إن دخل بها و كانت عالمة بالفساد (38)، و أما إن كانت جاهلة فلها مهر المثل (39) فإن كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد، و إن كان أقل أكمله (40).

______________________________

(35) لما مر في (مسألة 6) فلا وجه للتكرار.

(36) للأصل و الإجماع، بل الضرورة الفقهية.

(37) كل ذلك لقاعدة اليد مضافا إلى الإجماع.

(38) لكونها حينئذ زانية و لا مهر لبغي كما مر.

و أما قول الصادق عليه السّلام في معتبرة حفص: «إذا بقي عليه شي ء من المهر و علم أن لها زوجا فما أخذته فلها بما استحل من فرجها و يحبس عنها ما بقي عنده» (1)، فلا بد من حمله على صورة جهلها و عدم تحقق الزنا منها.

و عن أبي الحسن عليه السّلام في مكاتبة ابن ريان: «الرجل يتزوج المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم و أعطاها بعض مهرها و أخرته بالباقي ثمَّ دخل بها، و علم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنها زوّجته نفسها و لها زوج مقيم معها، أ يجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب: لا يعطيها شيئا لأنها عصت اللّه» (2)، فإنها صريحة في ما ذكرناه.

(39) لأن الوطي وقع شبهة و هو محترم شرعا فلا بد من تدارك العوض و هو مهر المثل مضافا إلى قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده».

(40) لقاعدة الضمان كما هو واضح.

ص: 89


1- الوسائل باب: 28 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2.

مسألة 11: لو زوج الوليان الصغيرين لغرض شرعي مثلا فالمهر على الصغير

(مسألة 11): لو زوج الوليان الصغيرين لغرض شرعي مثلا فالمهر على الصغير إن كان له مال (41) و على الولي إن لم يكن لهما مال و لم يكن العقد مصلحة لهما (42).

مسألة 12: يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل

(مسألة 12): يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل (43) فلو لم يذكره متعمدا أو نسيانا بطل متعة (44) و انعقد دائما على إشكال (45).

______________________________

(41) لفرض ثبوت ولاية الولي على ذلك و بعد فرض أن العقد كان لمصلحتهما.

(42) لفرض عدم ثبوت المصلحة في عقدهما فلا وجه للتغريم هذا إذا كان في العقد غرض شرعي آخر أو لم يكن فيه مفسدة و إلا ففي صحته إشكال لما مر سابقا فلا وجه للإعادة «1».

(43) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «لا تكون متعة إلا بأمرين: بأجل مسمى و أجر مسمى» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «مهر معلوم إلى أجل معلوم» (2)، و غيرهما من النصوص كما يأتي.

(44) لأنها مشروطة بذكر الأجل و إذا انتفى الشرط ينتفي المشروط لا محالة لقاعدة: «انتفاء المشروط بانتفاء الشرط».

(45) أما الانقلاب دائما فلأصالة الصحة بعد قصد أصل النكاح، و ذكر الأجل كان مانعا عن تحقق الدوام فإذا زال المانع أثّر المقتضي أثره، للإطلاقات و العمومات بعد كون أصل النكاح و النكاح المنقطع من باب تعدد المطلوب، فالدائم ما لم يذكر فيه الأجل و المنقطع ما ذكر فيه، مضافا إلى نصوص خاصة تدل عليه، منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبر ابن بكير: «إن سمى الأجل فهو متعة و إن لم يسم الأجل فهو نكاح

ص: 90


1- الوسائل باب: 17 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 3.

.....

______________________________

بات» (1).

و في موثق أبان بن تغلب: «إني استحي أن أذكر شرط الأيام، فقال عليه السّلام: هو أضر عليك، قلت: و كيف؟ قال: إنك إن لم تشترط كان تزويج مقام، و لزمتك النفقة و العدة و كانت وارثا و لم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة» (2).

و في معتبر هشام بن سالم: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أتزوج المرأة متعة مرة مبهمة، فقال عليه السّلام: ذاك أشد عليك، ترثها و ترثك، و لا يجوز لك أن تطلقها إلا على طهر و شاهدين، قلت: أصلحك اللّه فكيف أتزوجها؟ قال: أياما معدودة، بشي ء مسمى» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما الإشكال فلأن العقود تابعة للقصود فيلزم التطابق بين اللفظ و القصد و إذا كان المقصود هو المنقطع و يقع باللفظ الدوام يكون ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع، و هو خلاف الاستعمالات في المحاورات و ما في معتبرة سماعة: «سألته عن رجل أدخل جارية يتمتع بها ثمَّ إنه نسي أن يشترط حتى واقعها يجب عليه حد الزاني؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يتمتع بها بعد النكاح و يستغفر اللّه مما أتى» (4).

و يمكن الجواب عن الأول بأنه لا ريب في اشتراك النكاح الدائم و المنقطع في عنوان النكاح، و ليس قصد الدوام معتبرا في النكاح الدائم بل هو ذات النكاح من حيث هو و ذكر الأجل شرط لتحقق الانقطاع و مانع عن الدوام، و إذا لم يذكر الأجل يتحقق أصل النكاح لا محالة لقصده و تحقق مقتضية و فقد المانع عنه.

نعم، لو كان قصد الدوام و ذكره معتبرا في النكاح الدائم لكان للإشكال وجه و لكنه ليس كذلك.

و أما خبر سماعة فمضافا إلى معارضته بغيره يمكن أن يراد بنسيان الاشتراط نسيان أصل العقد لا نسيان ذكر الأجل.

ص: 91


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب المتعة الحديث: 1.

و تقدير الأجل إليهما طال أو قصر (46) و لا بد أن يكون معينا بالزمان محروسا من الزيادة و النقصان (47)، و لو قدره بالمرة أو مرتين من دون أن يقدره بزمان بطل متعة و انعقد دائما (48)، و فيه الإشكال المتقدم بل هنا أشكل (49).

______________________________

(46) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «ما تراضيا عليه إلى ما شاءا من الأجل» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في معتبرة عمر بن حنظلة: «يشارطها ما شاء من الأيام» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار مضافا إلى الإطلاق و الاتفاق.

(47) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام: «لا تكون متعة إلا بأمرين أجل مسمى و أجر مسمى» (3)، و قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في معتبرة محمد بن إسماعيل: «إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم» (4).

(48) أما البطلان فلعدم ذكر الأجل كما مر، و أما الانعقاد دائما فلما تقدم من أنهما حقيقة واحدة إذا بطل أحدهما يثبت الآخر.

(49) لاحتمال أن يكون المراد بذكر الأجل- في الروايات المتقدمة- الأعم من تعين العمل و المفروض أنه قد عين ذلك مع ورود العرد و العردين و المرة و المرتين في الروايات، ففي معتبرة زرارة قال: «قلت له هل يجوز أن يتمتع الرجل من المرأة ساعة أو ساعتين؟ فقال: الساعة و الساعتان لا يوقف على حدهما، و لكن العرد و العردين و اليوم و اليومين و الليلة و أشباه ذلك» (5).

و في خبر قاسم بن محمد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يتزوج

ص: 92


1- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 3 و 4.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب المتعة الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب المتعة الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 25 من أبواب المتعة الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 25 من أبواب المتعة الحديث: 2.

مسألة 13: إذا قالت: «زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا» مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد

(مسألة 13): إذا قالت: «زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا» مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد (50)، و هل يجوز أن تجعل المدة منفصلة عن العقد بأن تعين المدة شهرا مثلا و تجعل مبدأه بعد شهر من حين وقوع العقد أم لا؟ قولان أحوطهما الثاني بل لا يخلو من قوة (51).

______________________________

المرأة على عرد واحد؟ فقال: لا بأس و لكن إذا فرغ فليحول وجهه و لا ينظر» (1).

و عن خلف بن حماد قال: «أرسلت إلى أبي الحسن عليه السّلام كم أدنى أجل المتعة؟ هل يجوز أن يتمتع الرجل بشرط مرة واحدة؟ قال عليه السّلام: نعم» (2).

و لكن أسقطها عن الاعتبار هجر الأصحاب عنها، مع أن تحديد المدة بمثل العرد و العردين في هذا الأمر القائم على إعمال الشهوة الجنسية مما يتعذر غالبا، فلو شك أن ذلك من التحديد أو لا ليس لنا التمسك بالاستصحاب لأن الشك في أصل الموضوع.

(50) لأنه المنساق من هذا التعبير في المحاورات ما لم تكن قرينة على الخلاف و المفروض عدمها.

(51) منشأ القول الأول- أي الصحة- الجمود على الإطلاقات المتقدمة، و أصالة الصحة، و التنظير بالإجارة، بل ورد في بعض نصوص المتعة «إنما هي إجارة» (3).

و منشأ الثاني- أي الفساد- دعوى ظهورها في ما هو المتعارف من حصول الزوجية بعد العقد بلا فصل و هو كالقرينة المتصلة، فلا وجه للتمسك بالإطلاقات، و أصالة الصحة معارضة بأصالة الاحتياط في الفروج.

و التنظير بالإجارة لا يخلو عن القياس.

ص: 93


1- الوسائل باب: 25 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 5.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 14.

مسألة 14: لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة

(مسألة 14): لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة (52) فلو كانت المدة شهرا و أراد أن تكون شهرين

______________________________

و يمكن الإشكال في كون المتعارف كالقرينة بأنه من باب الانصراف الغالبي لا التقييد الحقيقي، و معارضة أصالة الصحة مع أصالة الاحتياط لا وجه لها، لأنه إن أريد بها استصحاب الحرمة، فأصالة الصحة مقدمة عليه كما ثبت في محله.

و إن أريد بها أصل آخر فلم يثبت وجوب هذا الاحتياط بعقل أو نقل و شبهة القياس ممنوعة لما مر من إطلاق الإجارة عليها في الروايات كما تقدم، فألقوه ممنوعة.

و أما خبر بكار عن الصادق عليه السّلام: «الرجل يلقي المرأة فيقول لها: زوجيني نفسك شهرا و لا يسمي الشهر بعينه ثمَّ يمضي فيلقاها بعد سنين، فقال: له شهره إن كان سماه، و إن لم يكن سماه فلا سبيل له عليها» (1)، فمضافا إلى قصور سنده لا ظهور له في اعتبار الاتصال بل يمكن أن يستفاد صحة اعتبار الانفصال أيضا.

(52) إجماعا و نصا، فعن أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

الرجل يتزوج المرأة متعة فيتزوجها على شهر ثمَّ إنها تقع في قلبه فيحسب أن يكون شرطه أكثر من شهر فهل يجوز أن يزيدها في أجرها و يزداد في الأيام قبل أن تنقضي أيامه التي شرط عليها؟ فقال: لا يجوز شرطان في شرط، قلت: كيف يصنع؟ قال يتصدق عليها بما بقي من الأيام ثمَّ يستأنف شرطا جديدا» (2).

و في صحيح أبي بصير: «لا بأس أن تزيدك و تزيدها إذا انقطع الأجل فيما

ص: 94


1- الوسائل باب: 35 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب المتعة الحديث: 1.

لا بد أن يهبها المدة ثمَّ يعقد عليها و يجعل المدة شهرين (53)، و لا يجوز أن يعقد عليها عقدا آخر و يجعل المدة شهرا بعد الشهر الأول حتى يصير المجموع شهرين (54).

مسألة 15: يجوز هبة المدة لها تماما أو بعضا

(مسألة 15): يجوز هبة المدة لها تماما أو بعضا (55) و لا بد أن تكون من آخر المدة لا من أولها و يبقي البقية أو وسطها فيبقى الطرفين (56) و لا يصح له الرجوع بعد الهبة (57).

______________________________

بينكما، تقول لها: استحلتك بأجل آخر برضا منها، و لا يحل ذلك لغيرك حتى تنقضي عدتها» (1)، و لأنه إن أريد به حصول الزواج فعلا يكون لغوا لكونه حاصلا بالفعل.

و ان أريد به حصوله بعد ذلك يكون من حصول أثر عقد النكاح منفصلا عن عقده و تقدم بطلانه هذا مضافا إلى ما مر.

(53) لوجود المقتضي للصحة حينئذ و فقد المانع عنها فلا بد من الصحة حينئذ.

(54) للزوم كون عقد الشهر الثاني منفصلا عن العقد الأول بشهر و هو غير صحيح كما مر.

(55) للأصل، و لأنه إسقاط ما يستحقه عليها فله ذلك، نظير إبراء الأجير، بلا فرق بين الصغيرة و المجنونة بعد فرض كون العقد جامعا للشرائط.

(56) لأنها مع هبة المدة تصير أجنبية فرجوعها إلى نكاحه يحتاج إلى عقد جديد.

(57) لفرض سقوط المدة بالإسقاط مضافا إلى الإجماع و النص، ففي صحيح علي بن رئاب قال: «كتبت إليه أسأله عن رجل تمتع بامرأة ثمَّ وهب

ص: 95


1- الوسائل باب: 23 من أبواب المتعة الحديث: 2.

مسألة 16: لا يعتبر في عقد التمتع ترتب جميع الآثار

(مسألة 16): لا يعتبر في عقد التمتع ترتب جميع الآثار بل يكفي ترتب بعضها (58).

مسألة 17: يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر الإتيان ليلا أو نهارا

(مسألة 17): يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر الإتيان ليلا أو نهارا، و أن يشترط المرة أو المرات مع تعيين المدة بالزمان (59).

______________________________

لها أيامها قبل أن يفضي إليها أو وهب لها أيامها بعد ما أفضى إليها، هل له أن يرجع فيما و هب لها من ذلك؟ فوقع عليه السّلام: لا يرجع» (1).

(58) للعمومات و الإطلاقات الشاملة لذلك أيضا مضافا إلى معتبرة عمار بن مروان عن الصادق عليه السّلام: «قلت: رجل جاء إلى امرأة فسألها أن تزوجه نفسها فقالت: أزوجك نفسي على أن تلتمس مني ما شئت من نظر و التماس، و تنال مني ما ينال الرجل من أهله إلا أن لا تدخل فرجك في فرجي و تتلذذ بما شئت فإني أخاف الفضيحة، قال عليه السّلام: ليس له إلا ما اشترط» (2)، فلو عقد عليها لحظة معينة لترتب بعض آثار المصاهرة يصح ذلك لما عرفت.

(59) كل ذلك للأصل و الإجماع، و إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله «المؤمنون عند شروطهم»(3)، مضافا إلى النصوص الخاصة.

منها إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن بكير: «ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح، و ما كان بعد النكاح فهو جائز» (4)، أي: بعد إرادة إنشاء النكاح بحيث يقع إنشاء الشرط في النكاح، و المراد بقبل النكاح ما لم يكن العقد مبنيا عليه و إلا فقد مر في أحكام الشروط في البيع صحته و لزومه فراجع، و تقدم في معتبرة عمار بن مروان عن الصادق عليه السّلام في امرأة تزوجت

ص: 96


1- الوسائل باب: 29 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب المتعة الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب المتعة الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب المتعة الحديث: 2.

مسألة 18: لو أسقط من له الشرط حقه فالظاهر السقوط

(مسألة 18): لو أسقط من له الشرط حقه فالظاهر السقوط (60).

مسألة 19: يجوز العزل للمتمتع من دون إذنها

(مسألة 19): يجوز العزل للمتمتع من دون إذنها و إن قلنا بعدم جوازه في الدائم (61)، و لكن يلحق به الولد لو حملت و إن عزل، لاحتمال سبق المني من غير تنبه، و لو نفاه عن نفسه انتفى ظاهرا و لم يفتقر إلى اللعان (62).

______________________________

نفسها من رجل على أن يلتمس منها ما شاء إلا الدخول فقال: «ليس له إلا ما اشترط»(1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما تعيين الزمان فقد مر في تعيين الأجل فلا وجه للتكرار.

(60) لأن الشرط له إثباتا و إسقاطا، و يدل عليه معتبرة إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج بجارية على أن لا يفتضها ثمَّ أذنت له بعد ذلك؟ فقال عليه السّلام: إذا أذنت فلا بأس» (2).

(61) أما حكم العزل في النكاح الدائم فقد تقدم (3)، فلا وجه للإعادة بالتكرار، و أما الجواز في المتعة و لو بدون إذنها، فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم الوارد في العزل: «ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن أبي عمير: «الماء ماء الرجل يضعه حيث شاء» (5).

و الأولى أن يشترط ذلك عليها لما في بعض الأخبار(6).

(62) لأن اللعان مشروط بالنكاح الدائم نصا و فتوى ففي صحيح ابن أبي

ص: 97


1- الوسائل باب: 36 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 3.
3- راجع ج: 24 صفحة: 64.
4- الوسائل باب: 34 من أبواب المتعة.
5- الوسائل باب: 34 من أبواب المتعة.
6- الوسائل باب: 45 من أبواب المتعة الحديث: 2 و باب 33 الحديث: 3 و 2 و باب 18 الحديث: 6 و 5.

و لكن لا يجوز له النفي بينه و بين اللّه إلا مع العلم بالانتفاء (63).

مسألة 20: لا يقع بها طلاق

(مسألة 20): لا يقع بها طلاق و إنما تبين بانقضاء المدة أو هبتها، و لا رجوع له بعد ذلك (64).

مسألة 21: لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين

(مسألة 21): لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين (65)، و لو

______________________________

يعفور عن الصادق عليه السّلام: «لا يلاعن الرجل امرأته التي يتمتع بها» (1)، و غيره كما يأتي في كتاب الطلاق فلا يتحقق موضوع اللعان فيها، و إن هو يعلم أن الولد ليس له فلا بد من انتفائه بمجرد النفي من غير حاجة إلى اللعان مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

(63) لأن النفي بدون العلم لا أثر له بل قد يكون حراما كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(64) للأصل، و الإجماع، و النص قال الصادق عليه السّلام في المتعة: «إنما هي إجارة» (2)، فلو طلقها طلاقا جامعا للشرائط بقيت على الزوجية و لا تتحقق البينونة، و لا يعتبر في هبة المدة أو انقضائها شرائط الطلاق كما يأتي.

(65) لجملة من النصوص منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من حدودها أن لا ترثها و لا ترثك» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «و لا ميراث بينهما في المتعة إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل» (4).

و عنه عليه السّلام أيضا: «في المتعة ليست من الأربع لأنها لا تطلق و لا ترث و إنما هي مستأجرة» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 98


1- الوسائل باب: 10 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 14.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 8 و 10.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 8 و 10.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 4.

شرطا التوارث أو توريث أحدهما فالظاهر التوريث على حسب شرطهما (66).

______________________________

(66) البحث في المقام. تارة: بحسب الأصل العملي.

و اخرى: بحسب القاعدة.

و ثالثة: بحسب الإطلاقات و العمومات.

و رابعة: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فمقتضاه عدم الإرث ما لم يثبت موجبه.

و أما الثانية: فمقتضى قاعدة: «المؤمنون عند شروطهم إلا ما خالف كتاب اللّه» (1)، صحة الشرط أو التوارث مطلقا.

و أشكل عليه. أولا: بأنه خلاف المشروع و هو فاسد كما في ذيل القاعدة فيكون كاشتراط إرث الأجنبي.

و ثانيا: بأنه مستلزم لصحة شرط الإرث بحسب ما تقتضيه أدلة الإرث من الولد و عدمه و غير العقار.

و ثالثا: بأن الموت يوجب زوال الموضوع رأسا فلا مقتضي للإرث أصلا.

و رابعا: قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن يسار: «ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط» (2)، و قريب منه غيره.

و الكل مخدوش. أما الأول: فلأنه خلاف إطلاقه لا خلاف ذاته و الإطلاق يقيد بالقاعدة، و قول الصادق عليه السّلام: «من حدودها أن لا ترثها و لا ترثك» (3)، ليس المراد منها الحدود المنطقية الذاتية بل الحد الاعتباري الشرعي القابل للتغيير و التبديل بالجهات الخارجية و العناوين المنطبقة، و في مورد

ص: 99


1- راجع ج: 17 صفحة: 222.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 7 و 8.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 7.

.....

______________________________

الشك في أنه مخالف للكتاب أو لا، تجري أصالة عدم المخالفة على ما بيناه في الشروط فراجع (1).

و أما الثاني: فلا إشكال فيه إذا اقتضاه عموم أدلة الشروط بل لا معنى له إلا ذلك.

و أما الثالث: فهو موضوع تحقق الإرث بالشروط و لولاه لما يتحقق موضوع للشرط.

و أما الرابع: فمعنى قوله عليه السّلام في صحيح ابن يسار: اشترط سقوطه أو لم يشترط لا أن يكون المعنى اشترط ثبوته أو لم يشترط.

و أما الثالثة: أي التمسك بالأصل اللفظي و إطلاقات ثبوت الإرث بين الزوجين و عموماتها مثل قوله تعالى وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ (2)، فهو ساقط لا وجه للتمسك بها بعد تخصيصها بما دل على أن حدود المتعة عدم التوارث كما مر.

و أما الرابعة: أي الأخبار الخاصة، فمنها قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح البزنطي: «تزويج المتعة نكاح بميراث و نكاح بغير ميراث إن اشترطت كان، و إن لم تشترط لم يكن» (3)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم «و إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما» (4)، و هما من محكمات أخبار الباب سندا و متنا و حملهما على الوصية كما عن صاحب الجواهر بعيد جدا لما عرفت.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يتزوج المرأة متعة إنهما يتوارثان إذا لم يشترطا و إنما الشرط بعد النكاح» (5)، فالمراد به المتعة التي لم يذكر فيها

ص: 100


1- تقدم في ج: 17 صفحة: 224.
2- سورة النساء: 12.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 2.
5- الوسائل باب: 32 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 2.

و إن كان الأحوط التصالح مع باقي الورثة (67).

مسألة 22: إذا انقضى أجلها- أو وهب مدتها- قبل الدخول فلا عدة عليها

(مسألة 22): إذا انقضى أجلها- أو وهب مدتها- قبل الدخول فلا عدة عليها (68) و إن كان بعده و لم تكن غير بالغة و لا يائسة (69)، فعليها العدة (70)،

______________________________

الأجل فيكون نكاح دوام و لا ربط له بالمقام.

(67) لذهاب جمع إلى عدم صحة الإرث حتى مع الشرط لمناقشات ذكرناها و أجبنا عنها.

(68) بالضرورة من الفقه و نصوص مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «إذا التقى الختانان وجب الغسل و المهر و العدة» (1)، و في موثق ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة» (2)، و سيأتي في كتاب الطلاق ما يرتبط بالمقام.

(69) فلا عدة لهما إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، و التي لم تحض و مثلها لا تحيض، أي لم تبلغ تسع سنين و التي لم يدخل بها» (3).

و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «ثلاث يتزوجن على كل حال التي لم تحض و مثلها لا تحيض، قلت و ما حدها؟ قال عليه السّلام: إذا أتى لها أقل من تسع سنين، و التي لم يدخل بها، و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض» (4)، و يأتي في أحكام العدد ما يناسب المقام.

(70) لضرورة من الدين كما يأتي في كتاب الطلاق في أقسام العدد.

ص: 101


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب العدد: 5.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 4.

و عدتها على الأشهر و الأظهر حيضتان (71) و إن كانت في سن من تحيض

______________________________

(71) لصحيح الهاشمي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال: الق عبد الملك بن جريح فاسأله عنها فإن عنده منها علما فأتيته فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها- إلى أن قال- و عدتها حيضتان فإن كانت لا تحيض فخمسة و أربعون يوما فأتيت بالكتاب أبا عبد اللّه عليه السّلام فعرضته عليه، فقال:

صدق و أقرّ به» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام: «و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان» (2).

و الأخبار الواردة في المقام على أقسام أربعة:

الأول: ما مر من صحيح الهاشمي و غيره و هو المشهور في الأخبار و عمل به الأصحاب.

الثاني: ما دل على أنها حيضة و نصف كما في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «المرأة يتزوجها الرجل متعة ثمَّ يتوفى عنها هل عليها العدة؟

قال عليه السّلام: تعتد أربعة أشهر و عشرا و إذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة» (3).

و يمكن حمله على الإشراف على تمام الثانية فلا منافاة بينه و بين القسم الأول كما تقدم، و على ذلك يحمل خبر الحميري كما في الاحتجاج عن صاحب الأمر (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف): «أنه كتب إليه في رجل تزوج امرأة بشي ء معلوم إلى وقت معلوم و بقي له عليها وقت فجعلها في حل مما بقي له عليها، و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيامها بثلاثة أيام،

ص: 102


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب المتعة الحديث: 6.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 5.

و لا تحيض فعدتها خمسة و أربعون يوما (72) و الظاهر اعتبار حيضتين

______________________________

أ يجوز أن يتزوجها رجل آخر بشي ء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أخرى؟ فأجاب عليه السّلام: يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة لأن أقل العدة حيضة و طهرة تامة» (1).

الثالث: ما دل على أنها حيضة مثل صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: «عدة المتمتعة إن كانت تحيض فحيضة و إن كانت لا تحيض فشهر و نصف» (2)، و في خبر عبد اللّه بن عمر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة- إلى أن قال- فكم عدتها؟ قال: خمسة و أربعون يوما أو حيضة مستقيمة» (3)، و في رواية محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام عدة المتمتعة حيضة و قال: خمسة و أربعون يوما» (4).

و لكن ندرة القول به أسقطه عن الاعتبار و يمكن حمله على ان الحيضة أول الشروع في العدة و الدخول فيها تتم بتمام الثانية، و يشهد له ذكر خمس و أربعين لغير من تحيض حيضة مستقيمة.

الرابع: ما دل على انها طهران مثل معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن كان حر تحته أمة فطلاقها تطليقتان و عدتها قرءان» (5)، بانضمام أن المراد من القرء الطهر، و كذا قوله عليه السّلام: «إن على المتعة مثل ما يجب على الأمة» (6)، فإن أمكن إرجاعه إلى ما ذكرنا و إلا فلا يخفى ما فيه.

و الحاصل أن ما عليه المشهور هو المتعين كما يأتي في كتاب الطلاق (مسألة 21) من القسم الأول من عدة الفراق.

(72) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها فلا وجه للتكرار.

ص: 103


1- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 7.
2- التهذيب ج: 8 صفحة 165 الحديث: 573.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 6.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 5.

تامتين (73) فلو انقضى الأجل أو وهب المدة في أثناء الحيض لم يحسب تلك الحيضة منها (74) بل لا بد من حيضتين تامتين بعد ذلك (75) هذا فيما إذا كانت حائلا، و أما لو كانت حاملا فعدتها إلى أن تضع حملها كالمطلقة (76) على إشكال (77)، فالأحوط مراعاة أبعد الأجلين من وضع الحمل و من انقضاء خمسة و أربعين يوما أو حيضتين (78).

______________________________

(73) لأنها المنساق من الأدلة اللفظية كما مر، و المتيقن من الإجماع و لأصالة بقاء العدة و عدم الخروج منها إلا بذلك ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود.

(74) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، فإن البقية من متممات الحيض لا أن تكون حيضا مستقلا.

(75) كما مر من أن العدة حيضتان مستقلتان بعد المفارقة في المتعة.

و سيأتي حكم العدة لو كانت المتمتع بها مسترابة في (مسألة 22) من القسم الأول من أقسام العدد في كتاب الطلاق (1).

(76) للإطلاقات الدالة على أن عدة الحامل وضع حملها من الآية و الرواية قال تعالى وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (2)، و يأتي التفصيل في (مسألة 21) من القسم الأول من أقسام العدد في كتاب الطلاق(3).

(77) لاحتمال اختصاصها بخصوص الدوام و من يطلب ولدها لا مثل المقام، و يظهر منهم الإجماع على ان العدة في المقام أبعد الأجلين عملا بالعامين.

(78) ظهر وجه جميع ذلك آنفا فلا وجه للإعادة مرة أخرى.

ص: 104


1- راجع ج: 26 صفحة: 95- 98.
2- سورة الطلاق: 4.
3- راجع ج: 26 صفحة: 95- 98.

و أما عدتها من الوفاة فهي أربعة أشهر و عشرة أيام إن كانت حائلا، (79)، و أبعد الأجلين منها و من وضع حملها إن كانت حاملا كالدائمة (80).

مسألة 23: لا يشترط حضور العدلين و لا الطهر غير المواقعة

(مسألة 23): لا يشترط حضور العدلين و لا الطهر غير المواقعة في بذل مدة المتعة و لا انقضاء المدة (81).

مسألة 24: لا تجب النفقة في هذا النكاح

(مسألة 24): لا تجب النفقة في هذا النكاح (82) و لو شرطا النفقة فالظاهر الثبوت (83).

مسألة 25: يلحق ولد المتمتع بها بالزوج

(مسألة 25): يلحق ولد المتمتع بها بالزوج مع تحقق الشرائط (84)

______________________________

(79) للآية (1)، و الإجماع، و النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «في المرأة يتزوجها الرجل متعة ثمَّ يتوفى عنها هل عليها العدة؟ فقال عليه السّلام: تعتد أربعة أشهر و عشرا» (2).

(80) عملا بالعامين مع عدم خلاف في ذلك في البين.

(81) للأصل، و إطلاق أدلة الفسخ في حصول البينونة مضافا إلى الإجماع و السيرة.

(82) لما يأتي إن شاء اللّه تعالى في كتاب النفقات من النص و الإجماع، قال الصادق عليه السّلام في معتبرة هشام بن سالم: «و لا نفقة و لا عدة عليك» (3).

(83) لإطلاق أدلة الشرط و يأتي هنا أيضا ما مر في (مسألة 21) فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(84) للإطلاقات و العمومات المتقدمة، و نصوص خاصة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في امرأة حبلت- من المتعة-؟ قال:

ص: 105


1- سورة البقرة: 234.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 5.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب المتعة الحديث: 1.

سواء اشترط عدم الإلحاق أو لا (85).

مسألة 26: لا تجب عليها إطاعته في الخروج عن المنزل

(مسألة 26): لا تجب عليها إطاعته في الخروج عن المنزل (86).

مسألة 27: لا فرق في جواز المتعة بين الثيب و البكر

(مسألة 27): لا فرق في جواز المتعة بين الثيب و البكر (87)، و إن كان الأولى ترك الثانية (88).

______________________________

هو ولده» (1)، و قريب منه غيره.

(85) لأن شرط عدم الإلحاق مخالف للكتاب و السنة و هو ساقط فلا أثر له.

(86) للأصل و الإجماع.

(87) لإطلاق الأدلة و نصوص كثيرة منها صحيح جميل بن دراج قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام يتمتع من الجارية البكر؟ قال: لا بأس به ما لم يستصغرها» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها» (3)، و غير ذلك من الأخبار.

و تقدم الكلام في ولاية الأب و الجد على البالغة الرشيدة في (فصل في أولياء العقد) (4)، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(88) لجملة من الأخبار منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام فيهن «لا يكون تزويج متعة ببكر» (5)، و قوله عليه السّلام: «إن أمرهن شديد فاتقوا الأبكار»(6)، إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد منها المرجوحية بقرينة الروايات الدالة على الجواز (7)، هذا مع قطع النظر عن العناوين الخارجية و إلا فقد يحرم.

ص: 106


1- الوسائل باب: 33 من أبواب المتعة.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب المتعة الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة.
4- راجع ج: 24 صفحة: 261.
5- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 11 و 14 و 1 و 7.
6- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 11 و 14 و 1 و 7.
7- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 11 و 14 و 1 و 7.

مسألة 28 يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة

(مسألة 28) يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة (89) و السؤال عن حالها و انها ذات بعل أو ذات عدة أم لا (90)، و ليس السؤال و الفحص عن حالها شرطا في الصحة (91).

______________________________

(89) لقول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «المؤمنة أحب إليّ» (1)، و في معتبرة أبي سارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال لي: حلال فلا تتزوج إلا عفيفة إن اللّه عز و جل يقول وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك» (2)، و في معتبرة محمد بن العيص قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال: نعم، إذا كانت عارفة، قلنا فان لم تكن عارفة؟ قال فأعرض عليها و قل لها فإن قبلت فتزوجها و إن أبت أن ترضى بقولك فدعها» (3).

(90) لقول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي مريم: «إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم إنهن كنّ يومئذ يؤمن و اليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن» (4)، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في موثق محمد بن إسماعيل: «لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة» (5).

(91) للأصل و الإجماع و سياق الأخبار، بل يستفاد من بعض الأخبار مرجوحية السؤال بعد العقد ففي معتبرة فضل: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني تزوجت المرأة متعة فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت عن ذلك؟

قال عليه السّلام: و لم فتشت؟» (6).

ص: 107


1- الوسائل باب: 13 من أبواب المتعة الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب المتعة الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب المتعة الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب المتعة الحديث: 1 و 2.
6- الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة الحديث: 3.

مسألة 29: يجوز التمتع بالزانية على كراهية

(مسألة 29): يجوز التمتع بالزانية على كراهية (92) خصوصا لو

______________________________

و في معتبرة أبان بن تغلب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني أكون في بعض الطرقات فأرى المرأة الحسناء و لا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر، قال عليه السّلام: ليس هذا عليك إنما عليك أن تصدقها في نفسها» (1)، فإنها تدل على مرجوحية السؤال مطلقا.

(92) أما أصل الجواز فللأصل و الإطلاقات، و النصوص الخاصة ففي موثق إسحاق بن جرير قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أ يحل أن أتزوجها متعة؟ فقال: رفعت راية؟ قلت: لا، لو رفعت راية أخذها السلطان، قال: نعم، تزوجها متعة، ثمَّ أفضى إلي بعض مواليه فأسرّ إليه شيئا فلقيت مولاه، فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنما قال لي:

و لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شي ء إنما يخرجها من حرام إلى حلال» (2)، و في صحيح زرارة قال: «سأله عمار و أنا عنده عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة؟ قال: لا بأس و إن كان التزويج الآخر فليحصن بابه» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما الكراهة فللأخبار الظاهرة في المنع المحمولة على الكراهة جمعا منها معتبرة ابن الفضيل قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة الحسناء الفاجرة هل تحب للرجل أن يتمتع منها يوما أو أكثر؟ فقال: إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتع منها و لا ينكحها» (4)، و سياقه يشعر بالغضاضة و الكراهة مع قطع النظر عن غيره، و كذا ما هو مثله و في موثق ابن أبي يعفور قال: «سألته عن المرأة و لا يدري ما حالها أ يتزوجها الرجل متعة؟ قال:

ص: 108


1- الكافي ج: 5 صفحة: 462 و في الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب المتعة الحديث: 3 و 1.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب المتعة الحديث: 3 و 1.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 1.

كانت من العواهر المشهورات بالزنا، و إن فعل فليمنعها من الفجور (93).

مسألة 30: يجوز التمتع بالمرأة الواحدة مرارا

(مسألة 30): يجوز التمتع بالمرأة الواحدة مرارا كثيرة و لا تحرم بالثالثة و لا في التاسعة (94).

مسألة 31: كما يحرم الجمع بين الأختين في الدائمة كذلك في المتعة

(مسألة 31): كما يحرم الجمع بين الأختين في الدائمة كذلك في المتعة حتى في العدة منها (95).

______________________________

يتعرض لها فإن أجابته إلى الفجورة فلا يفعل» (1)، و مما ذكرنا يظهر وجه اشتداد الكراهة بالمشهورة بالزنا.

(93) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سئل عن رجل أعجبته امرأة فسأل عنها فإذا الثناء عليها يثنى في الفجور؟ فقال عليه السّلام: لا بأس بأن يتزوجها و يحصنها» (2)، هذا مع قطع النظر عن طرو سائر العناوين و إلا فقد يجب من باب الأمر بالمعروف لو تمَّ شرائطه.

(94) للأصل و نصوص مستفيضة منها معتبرة ابن جعفر عن أخيه موسى عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة متعة كم مرة يرددها و يعيد التزويج؟ قال: ما أحب» (3)، و عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتمتع من المرأة المرات؟ قال: لا بأس يتمتع منها ما شاء» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(95) لما مر في المحرمات بالمصاهرة، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في معتبرة أبي نصر البزنطي: «سألته عن الرجل تكون له المرأة هل يتزوج بأختها

ص: 109


1- الوسائل باب: 8 من أبواب المتعة الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب المتعة الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب المتعة الحديث: 2.

مسألة 32: لو كانت الامرأة تعتقد فساد أصل المتعة تقليدا أو اجتهادا دون الرجل يصح عقد التمتع و كذا العكس

(مسألة 32): لو كانت الامرأة تعتقد فساد أصل المتعة تقليدا أو اجتهادا دون الرجل يصح عقد التمتع و كذا العكس (96).

مسألة 33: يجوز إنشاء عقد التمتع من الرجل

(مسألة 33): يجوز إنشاء عقد التمتع من الرجل (97) كما يجوز إنشاؤه من المرأة (98) و يصح توكيلهما شخصا ثالثا في ذلك بل في مطلق النكاح (99)

______________________________

متعة؟ قال: لا» (1).

(96) للإطلاقات و العمومات خرج منهما ما إذا كان فاسدا من الطرفين و بقي الباقي فتشمله الإطلاقات و العمومات.

و لكن في المسألة أقوال منها البطلان مطلقا، و منها الصحة بالنسبة إلى من يعتقد الصحة و الفساد بالنسبة إلى من يعتقده.

و المسألة من صغريات الاختلاف في الاجتهاد و التقليد في الموضوع الخارجي المشترك بين الاثنين، و لها نظائر كثيرة تعرضنا لبعضها في مسائل الاجتهاد و التقليد فراجع (2).

(97) للعمومات و الإطلاقات و نصوص خاصة ففي معتبرة أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال: تقول:

أتزوجك متعة على كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا موروثة كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما و تسمي من الأجر ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا، فإذا قالت نعم، فقد رضيت و هي امرأتك و أنت أولى الناس بها» (3)، و غيرها من النصوص الكثيرة مضافا إلى الإجماع.

(98) للعمومات و الإطلاقات كما مر في (فصل في عقد النكاح).

(99) لإطلاق أدلة الوكالة الشامل للمقام، مضافا إلى الإجماع و السيرة، و قد

ص: 110


1- الوسائل باب: 44 من أبواب المتعة.
2- راجع ج: 1 صفحة الحديث: 97.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب المتعة الحديث: 1.

كما يجوز توكيل أحدهما الآخر (100).

و إن كان الأحوط ترك ذلك في الانقطاع (101).

______________________________

مر في (فصل أولياء عقد النكاح) و فصل في عقد النكاح ما يرتبط بالمقام.

(100) لشمول الإطلاقات و العمومات لذلك أيضا.

و ما يقال من أنه يلزم أن يكون الواحد متعددا، لاستلزامه كون الشخص الواحد موجبا و قابلا.

مردود: بأنه يكفي التعدد الاعتباري.

كما أن الاستدلال بخبر عمار الساباطي الظاهر في عدم الجواز- قال:

«سألت أبا الحسن عليه السّلام عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها، أ يحل لها أن توكل رجلا أن يتزوجها، تقول له: قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال عليه السّلام: لا، قلت له: جعلت فداك و إن كانت أيّما، قال: و إن كانت أيّما، قلت: فإن و كلت غيره بتزويجها فيزوجها منه، قال: نعم» (1)- مخدوش بقصور الدلالة للمقام، بل و اعراض المشهور عنه، و المناقشة في السند.

(101) ظهر مما مر وجهه و لعل ذكر خصوص الانقطاع لأن هذا النحو من التسهيل ربما يمكن أن يوجب الوقوع في المحرم كما قال المحقق في الشرائع: «تحفظا من الاشتمار المشبه للإباحة».

ص: 111


1- الوسائل باب: 10 من أبواب عقد النكاح و أوليائه الحديث: 4.

فصل في العيوب الموجبة لخيار فسخ عقد النكاح

اشارة

فصل في العيوب الموجبة لخيار فسخ عقد النكاح و هي قسمان مشترك و مختص (1).

أما المشترك فهو الجنون (2) و هو اختلال العقل، و ليس منه

______________________________

تقدم في كتاب البيع أصالة اللزوم في كل عقد- إلا ما خرج بالدليل- خصوصا في النكاح حيث احتمل بعض بل قال به إن اللزوم فيه حكمي لا حقي، فكل نكاح لازم إلا إذا نص الشارع بصحة الفسخ فيه، فلو شككنا في جواز الفسخ فالمرجع أصالة اللزوم.

ثمَّ إن موجبات الفسخ في النكاح لا بد و أن تصل من الشارع كما هو الشأن في جميع العقود التي يجري فيها الخيار و الفسخ.

(1) إجماعا و نصوصا يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

(2) للإجماع و النصوص الكثيرة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إنما يردّ النكاح من البرص، و الجذام، و الجنون و العفل» (1).

و في خبر علي بن أبي حمزة المنجبر قال: «سئل أبو إبراهيم عليه السّلام عن امرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون؟ قال:

لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، فالجنون مشترك بينهما لما مر، و سيأتي ما يختص بالمرأة إن شاء اللّه تعالى.

ص: 112


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

الإغماء و مرض الصرع (3) الموجب لعروض الحالة المعهودة في بعض الأوقات، و لكل من الزوجين فسخ النكاح بجنون صاحبه (4) في الرجل مطلقا- سواء كان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به أو حدث بعده قبل الوطي أو بعده (5)- و أما المرأة ففيما إذا كان جنونها قبل العقد و لم يعلم الرجل دون ما إذا طرأ بعده (6).

______________________________

(3) لاختلاف الموضوع فلا يشملهما الحكم الثابت للجنون، مضافا إلى الأصل و الإجماع.

نعم، إذا عد ذلك من الجنون عرفا يلحقهما حكمه.

(4) لما مر من إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي مضافا إلى الإجماع و حديث نفي الضرر (1).

(5) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق، و أما التقييد بما كان قبل العقد بجهل المرأة فلأنه مع علمها به قبل العقد و إقدامها عليه بعلمه لا وجه لثبوت الخيار بالنسبة إليها لإقدامها على ذلك باختيارها حينئذ، مضافا إلى النص، ففي معتبرة ابن محبوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فوجدها قرناء؟ قال: هذه لا تحبل و ينقبض زوجها من مجامعتها ترد على أهلها، قلت: فإن كان قد دخل بها، قال: إن كان علم قبل أن يجامعها فقد رضي بها، و إن لم يعلم إلا بعد ما جامعها فإن شاء بعد أمسكها، و إن شاء سرحها إلى أهلها و لها ما أخذت منه بما استحل من فرجها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار، و الرواية و إن وردت في قرن المرأة و لكنها يمكن أن يكون من باب المثال بعد كون الحكم مطابقا للقاعدة.

(6) لأصالة اللزوم، و أنه المنساق من النصوص مضافا إلى الإجماع.

ص: 113


1- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات ج: 17.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.

و لا فرق في الجنون الموجب للخيار بين المطبّق و الأدوار إن وقع العقد حال إفاقته (7)، كما أن الظاهر عدم الفرق في الحكم بين النكاح الدائم و المنقطع (8).

و أما المختص: فالمختص بالرجل فثلاثة: الخصاء (9) و هو سل

______________________________

و أما التقييد بما إذا لم يعلم الرجل فلأنه مع علمه به قد أقدم عليه باختياره فلا وجه للخيار، لأنه لتدارك الضرر الذي لم يقدم عليه بسوء الاختيار، ففي معتبرة أبي الصباح قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا- إلى أن قال- قلت: فإن كان دخل بها؟ قال عليه السّلام: إن كان علم بذلك قبل أن ينكحها- يعني المجامعة- ثمَّ جامعها فقد رضي بها، و إن لم يعلم إلا بعد ما جامعها فإن شاء بعد أمسك و إن شاء طلق» (1)، و المراد من الطلاق مطلق الفراق، و المقطوع به عدم الفرق بين القرن و الجنون.

(7) لإطلاق الأدلة الشامل لكل من المطبق و الأدوار.

(8) لإطلاق الزوجة عليها فتشملها الإطلاقات المتقدمة و كذا العمومات و سيأتي في المسائل الآتية ما يتعلق بالمقام.

(9) لحديث نفي الضرر و الضرار (2)، و نصوص مستفيضة منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن مسكان قال: «بعثت بمسألة مع ابن أعين قلت: سله عن خصي دلّس نفسه لامرأة و دخل بها فوجدته خصيا؟ قال: يفرّق بينهما و يوجع ظهره و يكون لها المهر لدخوله عليها» (3)، و في معتبرة ابن بكير عن أحدهما عليهما السّلام: «في خصي دلّس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها، فقال: يفرّق بينهما إن شاءت المرأة و يوجع رأسه، و إن رضيت به و أقامت معه لم يكن لها

ص: 114


1- الوسائل باب: 3 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات ج: 17.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.

الأنثيين أو رضّهما، و تفسخ به المرأة مع سبقه على العقد و عدم علمها به (10).

و الجب (11) و هو قطع الذكر، بشرط أن لا يبقى منه ما يمكن معه الوطي و لو قدر الحشفة (12) و تفسخ به المرأة، سواء سبق العقد أو لحقه (13) بشرط كونه قبل الوطي لا بعده (14).

______________________________

بعد رضاها به أن تأباه» (1)، إلى غير ذلك من النصوص هذا مضافا إلى ظهور الإجماع.

(10) أما اعتبار السبق على العقد فلظواهر ما تقدم من الأدلة و الإجماع، و أصالة اللزوم في غيره.

و أما اعتبار عدم علمها به فلقاعدة الإقدام على التضرر بعد علمها فلا يجبر بالخيار.

(11) لقاعدة نفي الضرر و الضرار، و ظهور الإجماع و ظواهر النصوص منها صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على جماع أ تفارقه؟ قال: نعم إن شاءت» (2)، و في معتبرة أبي الصباح الكناني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع أبدا أ تفارقه؟ قال: نعم، إن شاءت» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار و لا ريب في شمولها للجب بل هو المتيقن منه، و لعل تردد المحقق في الشرائع ثمَّ اختيار الخيار لأجل عدم ذكر الجب بالخصوص لا وجه له بعد ذكر الكبرى فيها و عدم دليل على الخلاف.

(12) لأصالة اللزوم بعد خروجه عن ظاهر النصوص المتقدمة.

(13) لإطلاق ما مر من الأدلة من غير تقييد لها بزمان دون آخر.

(14) لإطلاق قول علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «من أتى امرأة مرة

ص: 115


1- الوسائل باب: 13 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 6 و 4.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 6 و 4.

العنن (15) و هو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار بحيث يعجز عن الإيلاج (16) و هو سبب لتسلط المرأة على الفسخ بشرط عجزه عن الوطي بها و غيرها، فلو لم يقدر على وطيها و قدر على وطي غيرها لا خيار لها (17) و يثبت به الخيار سواء سبق العقد أو تجدد بعده (18) لكن بشرط أن لم يقع منه وطيها و لو مرة (19) فلو وطأها ثمَّ حدثت به العنّة بحيث لم يقدر على الوطي بالمرة فلا خيار لها (120).

______________________________

واحدة ثمَّ أخذ عنها فلا خيار لها» (1)، و لأصالة اللزوم، و في موثق إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السّلام كان يقول: «إذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها (وقعة واحدة) ثمَّ أعرض عنها فليس لها الخيار لتصبر فقد ابتليت» (2).

(15) إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام: «في العنين إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرّق بينهما و إذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرّق بينهما» (3)، و عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: «سألته عن عنين دلّس نفسه لامرأة ما حاله؟ قال عليه السّلام: عليه المهر و يفرّق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار مضافا إلى قاعدة «نفي الضرر» (5).

(16) كما هو المعروف بين اللغويين و الأطباء.

(17) للأصل و ما مر من الروايات مثل خبر ابن جعفر المتقدم.

(18) لإطلاق الأخبار و حديث نفي الضرر و الضرار.

(19) فإنه لا موضوع للعنن حينئذ مع فرض تحقق الوطي.

(20) تقدم وجهه آنفا فلا وجه للتكرار.

ص: 116


1- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 8 و 6 و 13.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 8 و 6 و 13.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 8 و 6 و 13.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات.

و أما المختص بالمرأة فستة (21): البرص، و الجذام، و الإفضاء- و قد مر تفسيره فيما سبق (22)- و القرن و يقال له العفل (23)- و هو لحم ينبت في فم الرحم يمنع من الوطي- و العرج البين- و إن لم يبلغ حد

______________________________

(21) إجماعا و نصوصا منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي عبيدة قال: «إذا دلّست العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق» (1)، و عنه عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم: «ترد العمياء و الرصاء و الجذماء و العرجاء» (2).

و يمكن إدخال الجذماء في الزمانة.

و ما دل على أنها أربعة مثل ما مر، و موثق عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام قال: «المرأة ترد من أربعة أشياء: من البرص، و الجذام، و الجنون، و القرن و هو العفل ما لم يقع عليها فإذا وقع عليها فلا» (3)، لا اعتبار به لعدم حجية مفهوم العدد خصوصا مع وجود نص معتبر على الأزيد.

و ما دل على الحصر مثل موثق رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«و ترد المرأة من العفل و البرص و الجذام و الجنون فأما ما سوى ذلك فلا» (4)، و قريب منه غيره لا يراد به الحقيقي من الحصر بل الإضافي منه.

(22) و مر ما يتعلق به فراجع (5).

(23) فعن الصادق عليه السّلام فيما مر: «و القرن و هو العفل».

ثمَّ إن مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح في المرأة التي وجد

ص: 117


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 5 و 12.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 5 و 12.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.
5- المجلد الرابع و العشرين صفحة: 76.

الإقعاد- و الزمانة على الأظهر (24)

______________________________

بها قرنا: «هذه لا تحبل و ينقبض زوجها من مجامعتها ترد على أهلها» (1)، أن المناط ما هو أعم من إمكان الوطي.

(24) لصدق الزمانة على العرج البين كما تقدم في قول أبي جعفر عليه السّلام كما مر، و عن الصادق عليه السّلام في موثق داود بن سرحان: «في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد على وليها و يكون لها المهر على وليها و إن كان بها زمانة لا تراها الرجال أجيزت شهادة النساء عليها» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم: «ترد العمياء و البرصاء و الجذماء و العرجاء» (3).

و أقوالهم رحمهم اللّه في كون العرج عيبا بين الإفراط و التفريط فمنهم من نفى كونه عيبا مطلقا، للأصل، و الحصر- خصوصا قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «المرأة ترد من أربعة أشياء: من البرص، و الجذام، و الجنون، و القرن و هو العفل» (4)، و لم يذكر فيها العرج- و الاستبعاد كما عن بعض.

و منهم من قال بكونه عيبا مطلقا تمسكا بالإطلاق و بما مر من الروايات.

و منهم من تردد فيه أولا ثمَّ قيده بالإقعاد.

و الكل مخدوش أما الأول فلا وجه للتمسك بالأصل مع وجود الدليل، كما أن الحصر إضافي، و من مفهوم العدد فلا وجه للأخذ به كما مر، و الاستبعاد لا يصلح للاستناد.

ص: 118


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 2 و 4 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 6 و 1.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 7 و 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 7 و 1.

و العمى (25) و هو ذهاب البصر عن العينين و إن كانتا مفتوحتين.

و لا اعتبار بالعور و لا بالعشاء و هي علّة في العين لا يبصر في الليل و يبصر بالنهار، و لا بالعمش و هو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب

______________________________

و أما الثاني فمع ذكر الزمانة الظاهرة في صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا دلّست العفلاء، و البرصاء، و المجنونة و المفضاة، و من كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق» (1)، و هي تنطبق على العرج البين أيضا و لو لم يصل إلى حد الإقعاد فإن للزمانة مراتب، و لذا قيدها عليه السّلام بالزمانة الظاهرة.

نعم، يمكن أن يكون الإقعاد بنفسه من موارد الزمانة الظاهرة.

ثمَّ انهم رحمهم اللّه: لم يذكروا الزمانة الظاهرة مع ذكرها في صحيح أبي عبيدة.

و لعلهم رحمهم اللّه استغنوا عن ذكرها بالإيكال إلى المتعارف، فإن عيوب المرأة إنما توجب الخيار إذا كانت قبل العقد لا ما تتجدد بعده، و إذا كانت الزمانة ظاهرة لا يقدم العاقل على الزواج بها إلا مع العلم و تعمده و اختياره و لا وجه للخيار حينئذ.

أو جعلوا الزمانة الظاهرة منحصرة في الستة المذكورة فيكون المراد بها ظهورها بعد العقد مع وجودها قبله و عدم علم الزوج بها إلا بعده.

(25) لما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن سرحان: «في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء قال عليه السّلام: ترد على وليّها» (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم انه قال: «ترد العمياء و البرصاء و الجذماء و العرجاء» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار مضافا إلى الإجماع.

ص: 119


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 9.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 7.

الأوقات (26).

مسألة 1: إنما يفسخ بعيوب المرأة إذا تبيّن وجودها قبل العقد

(مسألة 1): إنما يفسخ بعيوب المرأة إذا تبيّن وجودها قبل العقد (27) و أما ما يتجدد بعده فلا اعتبار به (28) سواء كان قبل الوطي أو بعده (29).

مسألة 2: ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار

(مسألة 2): ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف الرجل و لا من طرف المرأة (30).

مسألة 3: ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة

(مسألة 3): ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة عند المشهور (31) و قيل بكونهما منها، فهما من العيوب المشتركة

______________________________

(26) كل ذلك للأصل بعد خروج ذلك كله عن مفهوم العمى و عن الصادق عليه السّلام في موثق زيد الشحام: «ترد البرصاء و المجنونة و المجذومة، قلت: العوراء؟ قال: لا» (1)، و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال:

«في الرجل يتزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء و لم يبينوا له، قال: لا ترد» (2).

(27) للإجماع و النصوص المشتملة على عنوان «فوجد بها»(3)، و قوله عليه السّلام: «إذا دلّست العفلاء و البرصاء» (4)، و «يؤتى بها عمياء» (5)، أو «فوجدها برصاء أو جذماء» (6)، الظاهر في السبق على العقد فيحمل إطلاق سائر النصوص المتقدمة عليها بقرينة الإجماع على الاختصاص بقبل العقد.

(28) لما مر من أصالة اللزوم إلا في مورد النص و الإجماع.

(29) لما تقدم في سابقة من غير دليل على الخلاف مضافا إلى الإجماع.

(30) للإجماع، و أصالة اللزوم و ظاهر الحصر في غيره.

(31) لأصالة اللزوم بلا دليل على الخلاف مضافا إلى ذكر المرأة في أكثر

ص: 120


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 11 و 6.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب العيوب و التدليس.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3 و 5 و 9 و 14.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3 و 5 و 9 و 14.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3 و 5 و 9 و 14.
6- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3 و 5 و 9 و 14.

بين الرجل و المرأة (32) و هو ليس ببعيد، لكن لا يترك الاحتياط من طرف

______________________________

الروايات الواردة في الباب، ففي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام قال: «المرأة ترد من أربعة أشياء: من البرص و الجذام و الجنون و القرن و هو العفل ما لم يقع عليها فإذا وقع عليها فلا» (1)، و مثله غيره و بها تقيّد ما يتوهم منه الإطلاق كما يأتي.

(32) نسب ذلك إلى القاضي و جماعة من المتأخرين، لقاعدة نفي الضرر، و الأولوية، و لأجل العدوى و صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «إنما يرد النكاح من البرص، و الجذام، و الجنون و العفل» (2).

و الكل باطل أما قاعدة نفي الضرر فلا يعتمد عليها في إثبات الخيار، و إنما يستشهد بها فيما إذا ثبت الخيار بدليل من الخارج من نص أو إجماع كما فعلنا ذلك في الفروع السابقة.

و أما الصحيح فإنما هو في المرأة فقط بالنسبة إليهما بقرينة غيره مما اشتمل على البرصاء و الجذماء أو العمياء كما مر (3).

و أما الأولوية فلا وجه لها إذ رب امرأة تكون من مساوئ أخلاق زوجها أو جهاته الأخرى في تعب و مشقة ما لا تكون كذلك من جهة عيوبه و كذا العكس مع انهم لا يقولون بالخيار فيه.

و أما العدوى فلا بد و أن يقال بالخيار في كل مرض معد و لا اختصاص له بهما و لا يقولون به، فما هو المشهور هو المنصور بعد أصالة اللزوم و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في موثق صفوان بن يحيى: «الرجل لا يرد من عيب» (4)،

ص: 121


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 10.
3- تقدم في صفحة: 118.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

الزوجة بإرضاء الزوج بالطلاق و من طرف الزوج بتطليقها إذا أرادت الفسخ و فسخت النكاح (33).

مسألة 4: إذا كان العفل أو غيره من الأمراض المتقدمة كالبرص بنحو صرف الوجود و زال بعلاج أو غيره فهل يوجب ذلك الخيار أم لا؟

(مسألة 4): إذا كان العفل أو غيره من الأمراض المتقدمة كالبرص بنحو صرف الوجود و زال بعلاج أو غيره فهل يوجب ذلك الخيار أم لا؟

وجهان (34).

مسألة 5: لو وقع عقد النكاح في حال المرض

(مسألة 5): لو وقع عقد النكاح في حال المرض بإقرار المرأة ثمَّ زال باعتراف الرجل فلا خيار في البين (35).

مسألة 6: لو ابتلت الزوجة بأحد الأمراض

(مسألة 6): لو ابتلت الزوجة بأحد الأمراض المتقدمة بعد العقد عليها صحيحا لا تجب نفقة العلاج على الزوج (36).

مسألة 7: لو ادعت المرأة أن الزوج كان عالما بتحقق المرض

(مسألة 7): لو ادعت المرأة أن الزوج كان عالما بتحقق المرض فأقدم على النكاح معه فلا خيار له و أنكرها الزوج يقدم قوله بيمينه (37).

مسألة 8: إذا تردد المرض بين ما يكون موجبا للخيار أو لا

(مسألة 8): إذا تردد المرض بين ما يكون موجبا للخيار أو لا، فلا

______________________________

بناء على قراءة «لا يرد» بالمجهول كما هو المنساق من ذلك.

(33) للعلم بصحة زوال النكاح حينئذ، و قد ظهر مما مر وجه هذا الاحتياط.

(34) من الجمود على الإطلاقات المتقدمة فيجري الخيار.

و من الانصراف إلى ما هو المستقر الثابت فلا يجري الخيار و لعل الثاني هو الأولى إلا أن الاحتياط في الطلاق إن أراد الفراق.

(35) لفرض اعتراف الزوج بالعدم فلا موضوع له حينئذ.

إلا أن يقال: بان صرف الوجود موجب له و هو أول الدعوى كما مر في المسألة السابقة.

(36) للأصل و عدم كونها من النفقات الواجبة كما يأتي.

(37) لأصالة عدم العلم إلا إذا أثبتت المرأة قولها بالبينة.

ص: 122

خيار (38).

مسألة 9: لا فرق في إيجاب هذه العيوب للفسخ بين حصولها اختيارا أو بغيره

(مسألة 9): لا فرق في إيجاب هذه العيوب للفسخ بين حصولها اختيارا أو بغيره (39).

مسألة 10: خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور

(مسألة 10): خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور (40) فلو علم الرجل أو المرأة بالعيب فلم يبادرا بالفسخ لزم العقد (41).

نعم الظاهر أن الجهل بالخيار بل و بالفورية عذر (42) فلو كان عدم المبادرة بالفسخ من جهة الجهل بأحدهما لم يسقط الخيار (43).

مسألة 11: الأمراض المعدية لا توجب الخيار

(مسألة 11): الأمراض المعدية لا توجب الخيار و إن كانت خطرة (44).

______________________________

(38) لأصالة اللزوم كما مر مكررا ما لم يثبت موضوع الخيار بوجه معتبر شرعي.

(39) لعموم الأدلة الشامل لكل منهما.

(40) للإجماع عليه و الاقتصار على المتيقن في مقابل أصالة اللزوم بعد عدم إحراز كون أدلة الخيار في مقام البيان من هذه الجهة فلا وجه حينئذ للتمسك بإطلاقها للتراخي، كما لا وجه لاستصحاب بقاء الخيار للشك في بقاء الموضوع.

(41) للأصل بعد ما عرفت أن الفورية قيد الخيار فيسقط بفواتها.

(42) لأن المرجع في العذر هو العرف فيما لم يرد دليل شرعي على كونه عذرا و لا ريب في ان المتعارف من المتشرعة يحكم بكون الجهل بهما عذرا.

(43) للإطلاق بعد ما عرفت من ان الجهل بهما عذر لا يوجب سقوطه.

(44) للأصل بعد حصر موجبات الخيار في غير ذلك.

ص: 123

.....

______________________________

نعم، لا بد من الرجوع في مثل ذلك إلى الحاكم الشرعي في الفصل و الحكم بينهما بما يقتضي نظره.

و دعوى: ان الجذام من الأمراض المعدية كما هو المعروف و هو من الأمراض التي يوجب الفسخ، فيمكن التعدي منه إلى غيره من الأمراض المعدية خصوصا في مثل هذه الأعصار التي كثرت تلك الأمراض بالعدوى منها.

مردودة: لأنه قياس لا نقول به، و ان أصالة اللزوم محكمة إلا ما خرج بالدليل، و انها محصورة فيما مر.

نعم، قلنا لا بد لهما من المراجعة إلى الحاكم الشرعي ليعمل نظره فيه.

ثمَّ أن ما ورد من الخيار في الرد بزنا المرأة مثل قول علي عليه السّلام: «في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها يفرق بينهما و لا صداق لها لأن الحدث كان من قبلها» (1)، و في صحيح معاوية بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها كانت قد زنت؟ قال: إن شاء زوجها أخذ الصداق ممن زوجها و لها الصداق بما استحل من فرجها و إن شاء تركها» (2)، و مثله غيره.

لا يصح الالتزام به لما مر من الحصر (3)، بل في معتبرة رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «في المحدود و المحدودة هل ترد من النكاح؟ قال: لا» (4)، و ما تقدم من الأخبار محمول أو مطروح لإعراض المشهور و المناقشة السندية في بعضها.

ص: 124


1- الوسائل باب: 6 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
3- تقدم في صفحة: 117.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

مسألة 12: إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره

(مسألة 12): إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين (45).

إذا لم يكن لمدعيه بينة (46) و يثبت بها العيب حتى العنن على الأقوى (47)، كما أنه يثبت كل عيب بإقرار صاحبه أو البينة على إقراره (48)، و كذا يثبت باليمين المردودة على المدعى كسائر الدعاوي (49)، و تثبت العيوب الباطلة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات

______________________________

(45) لعموم قوله عليه السّلام: «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر» (1)، الشامل لهذه الدعوى و غيرها.

و لا فرق بين المقام و سائر الدعاوي في كيفية فصل الخصومة فيجري في المقام جميع ما يأتي تفصيله إن شاء اللّه تعالى في كتاب القضاء.

(46) لما سيأتي في كتاب القضاء من تقديم البينة على اليمين فمع وجودها لا تصل النوبة إلى اليمين.

(47) لعموم حجية البينة الشامل للمقام أيضا.

و دعوى: أنه لا يجوز للبينة النظر و اللمس و نحو ذلك لكونه نظرا إلى العورة فلا يجوز ذلك.

مدفوعة: بإمكان كون ذلك من وراء الستر أو لأجل الضرورة الداعية إلى ذلك.

(48) أما الإقرار فلعموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (2)، و أما البينة على الإقرار فلأنها حجة شرعية على ثبوت كل موضوع إلا ما خرج بالدليل و لا دليل في المقام على الخلاف.

(49) يأتي وجه ذلك في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

ص: 125


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الإقرار ج: 16.

كما في نظائرها (50).

مسألة 13: إذا ثبت عن الرجل بأحد الوجوه المذكورة، فإن صبرت فلا كلام

(مسألة 13): إذا ثبت عن الرجل بأحد الوجوه المذكورة، فإن صبرت فلا كلام (51) و إن لم تصبر و رفعت أمرها إلى حاكم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجّلها سنة كاملة من حين المرافعة، فإن واقعها أو واقع غيرها في أثناء هذه المدة فلا خيار لها (52).

______________________________

(50) لعموم ما دل على حجيتها في ذلك كما يأتي في كتاب الشهادات إن شاء اللّه تعالى.

(51) في سقوط خيارها مع العلم بالموضوع و الحكم و الرضا بالبقاء معه إجماعا و نصا، ففي مرسل الصدوق: «متى أقامت المرأة مع زوجها بعد ما علمت أنه عنين و رضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا» (1)، و يأتي ما يدل عليه أيضا، مع ان الحكم مطابق للقاعدة لا نحتاج إلى دليل خاص، لأن الخيار حق لها و الرضا بالبقاء معه مع العيب إسقاط للحق.

(52) إجماعا و نصوصا منها قول علي عليه السّلام: «يؤخر العنين سنة من يوم ترافعه امرأته فإن خلص إليها و إلا فرق بينهما فإن رضيت أن تقيم معه ثمَّ طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار و لا خيار لها» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم قال: «العنين يتربص به سنة ثمَّ ان شاءت امرأته تزوجت و إن شاءت أقامت» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار المؤيدة بالعرف و الاعتبار.

و مقتضى إطلاقها و إطلاق الفتوى عدم الفرق في سقوط الخيار بين القدرة على إتيانها أو إتيان غيرها من النساء فيحمل قوله عليه السّلام: «فإن خلص إليها» على القدرة على الجماع، فما نسب إلى بعض من اعتبار القدرة على إتيان زوجته فقط لا وجه له.

ص: 126


1- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 10 و 9 و 5.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 10 و 9 و 5.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 10 و 9 و 5.

و إلا كان لها الفسخ (53) فورا عرفا (54)، و إن لم تبادر بالفسخ فإن كان بسبب جهلها بالخيار أو فوريته لم يضر كما مر (55) و إلا سقط خيارها (56)، و كذا إن رضيت أن تقيم معه ثمَّ طلبت الفسخ بعد ذلك فإنه ليس لها ذلك (57).

مسألة 14: الفسخ بالعيب ليس بطلاق

(مسألة 14): الفسخ بالعيب ليس بطلاق (58) سواء وقع من الزوج أو الزوجة فليس له أحكامه و لا يترتب عليه لوازمه و لا يعتبر فيه شروطه، فلا يحسب من الثلاث المحرمة المحتاج نكاحها إلى المحلل، و لا يعتبر فيه

______________________________

و في معتبرة عمار بن موسى الساباطي عن الصادق عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل أخذ عن امرأته فلا يقدر على إتيانها؟ فقال عليه السّلام: إذا لم يقدر على إتيان غيرها من النساء فلا يمسكها إلا برضاها بذلك و إن كان يقدر على غيرها فلا بأس بإمساكها» (1).

كما أن قول علي عليه السّلام: «فرّق بينهما» محمول على الخيار بقرينة ذيله و غيره.

(53) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها.

(54) كما مر في (مسألة 10).

(55) و تقدم الوجه فيه في (مسألة 10) أيضا فراجع.

(56) لما عرفت في (مسألة 10) فلا وجه للإعادة و التكرار.

(57) إجماعا و نصا ففي معتبرة ابن بكير عن أحدهما عليهما السّلام: «و إن رضيت به و أقامت معه لم يكن لها بعد رضاها به أن تأباه» (2)، و غيرها كما تقدم.

(58) بالضرورة الفقهية.

و السيرة المستمرة خلفا عن سلف حيث يرونهما موضوعين متغايرين لا ربط لأحدهما بالآخر.

ص: 127


1- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

الخلو من الحيض و النفاس و لا حضور العدلين (59).

مسألة 15: يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة

(مسألة 15): يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم، و كذا المرأة بعيب الرجل (60).

نعم، مع ثبوت العنن يفتقر إلى الحاكم لكن من جهة ضرب الأجل حيث إنه من وظائفه (61) لا من جهة نفوذ فسخها، فبعد ما ضرب الأجل لها كان لها التفرد بالفسخ عند انقضائه و تعذر الوطي في المدة من دون مراجعته (62).

مسألة 16: إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها

(مسألة 16): إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها (63)، و إن كان بعده استقر عليه المهر المسمى في

______________________________

(59) لقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع المسلمة بين العقلاء في جميع ذلك كما مر في كتاب الطهارة.

(60) لإطلاق الأدلة، و إجماع الأجلة، و أصالة عدم التوقف على إذن الحاكم.

(61) لقول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «فإذا ذكرت أنها عذراء فعلى الإمام أن يؤجله سنة فإن وصل إليها و إلا فرّق بينهما» (1)، و عن علي عليه السّلام في موثق حسين بن علوان: «أنه كان يقضي في العنين أنه يؤجل سنة من يوم ترافعه المرأة» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار مضافا إلى الإجماع.

(62) للإطلاق و الاتفاق و الأصل.

(63) إجماعا و نصوصا كثيرة منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح أبي عبيدة «و إن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها و لا مهر لها» (3)، و في صحيح ابن

ص: 128


1- الوسائل باب: 15 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 12.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

غير المدلسة نفسها (64).

و كذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل (65) فتستحق

______________________________

جعفر عن أخيه عليه السّلام في الرتقاء قال: «يفرّق بينهما و لا مهر لها» (1)، و في معتبرة أبي الصباح قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا قال عليه السّلام: ترد على أهلها و لا مهر لها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يدل على الخلاف مثل رواية ابن بكير عن بعض أصحابه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يتزوج المرأة بها الجنون و البرص و شبه ذا؟ فقال:

هو ضامن» (3)، محمول على ما إذا تحقق الغرور أو الدخول، أو مطروح لقصور السند.

(64) لاستقرار المهر بالدخول فلا يرجع بالفسخ.

و للإجماع، و النصوص الواردة في المقام منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة ابن محبوب: «و لها ما أخذت منه بما استحل من فرجها» (4).

و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال: المهر لها بما استحل من فرجها»، و في معتبرة رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة زوّجها وليها و هي برصاء أن لها مهر بما استحل من فرجها» (5)، إلى غير ذلك من الروايات.

(65) إجماعا و نصا، فعن الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في امرأة حرة تزوجت مملوكا على أنه حر فعلمت بعد أنه مملوك، فقال عليه السّلام:

ص: 129


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 5 و 2.

تمام المهر إن كان بعد الدخول، و إن كان قبله لم تستحق شيئا إلا في العنن فإنها تستحق عليه نصف المهر المسمى (66).

مسألة 17: لو كان لكل من الرجل و المرأة عيب موجب للخيار يثبت لكل منهما الخيار

(مسألة 17): لو كان لكل من الرجل و المرأة عيب موجب للخيار يثبت لكل منهما الخيار (67).

مسألة 18: لو طلق قبل الدخول ثمَّ علم بالعيب الموجب للخيار لم يسقط عنه ما وجب عليه بالطلاق

(مسألة 18): لو طلق قبل الدخول ثمَّ علم بالعيب الموجب للخيار لم يسقط عنه ما وجب عليه بالطلاق (68) و لا فسخ له (69) و لو طلق بعد الدخول ثمَّ علم بالعيب كذلك لم يسقط ما وجب عليه بالطلاق.

______________________________

هي أملك بنفسها إن شاءت قرّت معه و إن شاءت فلا، فإن كان دخل بها فلها الصداق، و إن لم يكن دخل بها فليس لها شي ء فإن هو دخل بها بعد ما علمت أنه مملوك بها و أقرت بذلك فهو أملك بها» (1).

(66) لقول أبي جعفر في معتبرة ابن محبوب في العنن: «فعلى الإمام أن يؤجله سنة فإن وصل إليها و إلا فرّق بينهما و أعطيت نصف الصداق و لا عدة عليها» (2).

(67) لعموم أدلة الخيار و إطلاقاتها الشاملة لكل منهما فردا أو جمعا.

و احتمال أن الضرر في كل منهما يتعارضان و يتساقطان فيرجع إلى أصالة اللزوم.

مردود: لعدم صحة فرض التعارض في البين بعد عدم تنافي ثبوت الأثر فيهما بثبوت الضرر لكل منهما و هو الخيار لكل واحد منهما.

(68) لأن عنوان الطلاق و الفسخ بالعيب شيئان متغايران لا يترتب أحدهما على الآخر فما يترتب على الطلاق من الأحكام لا يزيله الفسخ.

(69) لانتفاء الموضوع الذي هو الزوجية.

ص: 130


1- الوسائل باب: 11 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

أيضا (70).

نعم، لو طلق بعد الدخول ثمَّ رجع و بعده علم بالعيب كان له الخيار في الفسخ بلا إشكال (71).

مسألة 19: لو طلق رجعيا ثمَّ علم بالعيب كان له الفسخ

(مسألة 19): لو طلق رجعيا ثمَّ علم بالعيب كان له الفسخ (72) فيفيد حينئذ تعجيل البينونة، و حل الخامسة و الأخت، و انقطاع الإرث، و نفقة العدة، و عدم الرجعة (73).

مسألة 20: هل يثبت للأولياء الخيار

(مسألة 20): هل يثبت للأولياء الخيار إذا ظهر لهم العيب زوجا كان أو زوجة؟ قولان (74).

مسألة 21: لو رضي الزوج بالعيب كالبرص في عضو خاص مثلا

(مسألة 21): لو رضي الزوج بالعيب كالبرص في عضو خاص مثلا ثمَّ بان فيها عيب آخر من غير جنسه فله الخيار في الفسخ (75)، و هل يكون كذلك لو اتسع العيب الذي علم به الأقوى العدم (76).

______________________________

(70) للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، و لما مر في سابقة.

(71) لوجود المقتضي له و فقد المانع.

(72) لما أرسل إرسال المسلمات من أن الرجعية بمنزلة الزوجة.

(73) لانتفاء موضوع الزوجية بالفسخ فيترتب عليه جميع آثار عدمها.

(74) من أنه بمنزلة الطلاق فلا تثبت له الولاية كما يأتي و من أنه مستلزم للضرر فيجوز للحاكم الشرعي أو وكيله مباشرة ذلك من باب أمور الحسبة.

(75) للعمومات و الإطلاقات الشاملة للعيب الآخر.

(76) لفرض تعلق الخيار بالطبيعة الشاملة للكل و البعض و لكن الأحوط التراضي بالطلاق إن أراد.

ص: 131

فصل في التدليس

اشارة

فصل في التدليس

مسألة 1: إذا دلّست المرأة نفسها على الرجل

(مسألة 1): إذا دلّست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار (1) و تبيّن له بعد الدخول، فإن اختار البقاء فعليه تمام المهر كما مر (2)،

______________________________

التدليس: الخديعة و كتمان العيب و إظهار خلاف الواقع.

و أصل الدلس الظلمة، و ما ذكروه يكون من مصاديق الظلمة حيث إن المدلّس يظلم الأمر على غيره و لو اعتبارا بل على نفسه في الواقع، و لا ريب في تحققه بإراءة شي ء على خلاف واقعه و بكتمان العيب بإظهار الصحة قولا و عملا، بل يتحقق بمجرد السكوت عن العيب على تفصيل يأتي في المسألة اللاحقة في النكاح المبني على الدقة في ملاحظة خصوصيات الزوجين عند متعارف الناس.

و كذا التدليس في المظاهر الدينية- نستجير باللّه- الذي هو أدق من كل ذلك، لأن ذلك تدليس مع اللّه جلت عظمته الذي هو عالم السر و الخفيات، بل جميع العقود الخلقية عقد مع اللّه تعالى لأنه الولي المطلق للكل، فالخيانة معهم خيانة معه تعالى.

(1) الأقسام ثلاثة: عيب بلا تدليس و تقدم أن حكمه الخيار على تفصيل سبق، و تدليس بالعيب كما هو مورد البحث و له أحكام خاصة نتعرض لها إن شاء اللّه تعالى، و تدليس في غير العيب.

(2) لإطلاقات أدلة استقرار المهر بالدخول إجماعا و نصوصا مثل قول

ص: 132

و إن اختار الفسخ لم تستحق المهر (3) و إن دفعه إليها استعاده (4)، و إن كان المدلّس غير الزوجة فالمهر المسمى- و إن استقر على الزوج بالدخول و استحقت عليه الزوجة- إلا أنه بعد ما دفعه إليها يرجع به على المدلّس و يأخذه منه (5).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة» (1)، و قريب منه غيره، و قد مر بعضها و يأتي بعضها الآخر في المهر و أحكامه.

(3) للإجماع و لأن الضرر على نفسها جاء من قبلها لأجل تدليسها مضافا إلى ما يأتي من النص.

(4) لفرض عدم ملكيتها للمهر لأجل التدليس فيكون باقيا على ملك الزوج و لم ينقل إليها.

(5) إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام: في معتبرة رفاعة بن موسى: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة زوّجها وليها و هي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها و أن المهر على الذي زوّجها، و إنما صار عليه المهر لأنه دلّسها» (2).

و في صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها، فقال: إذا دلّست العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق، و يأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلّسها» (3)، إلى غير ذلك من الروايات كما يأتي التعرض لبعضها الآخر في (مسألة 4).

ص: 133


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهر الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس: 2.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

مسألة 2: يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج

(مسألة 2): يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج للتزويج بحيث صار ذلك سببا لغروره و انخداعه (6) فلا يتحقق بالأخبار أو لغير الزوج (7)، و الظاهر تحققه أيضا بالسكوت عن العيب مع العلم به و خفائه على الزوج و اعتقاده بالعدم (8).

مسألة 3: من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر

(مسألة 3): من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند إليه التزويج (9) من وليها الشرعي أو العرفي كأبيها وجدها و أمها

______________________________

(6) لأن ذلك هو المنساق من الأدلة عرفا في النكاح و في سائر ما يتحقق فيه التدليس و يترتب عليه أحكامه.

(7) لأصالة عدم تحقق موضوعه عند الشك فيه و أصالة عدم ترتب آثاره عليه بعد خروجه عن متفاهم الأدلة.

(8) لصدق التدليس فيه عرفا، فيشمله إطلاق الأدلة قهرا خصوصا في مثل النكاح الذي أذن الشارع في ذكر العيوب من باب نصح المستشير.

(9) الموجود في الروايات الواردة في المقام: «و يأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلّسها» (1)، و قوله عليه السّلام: «و يغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها» (2)، و قوله عليه السّلام: «على الذي زوجها و لم يبين» (3)، و قوله عليه السّلام «و أن المهر على الذي زوجها» (4).

و يدور الأمر بين أن يراد بالولي خصوص الولي الشرعي و القرابة أو مطلق من يتصدى لتزويجها بإذنها و يطلع على خصوصياتها التي لا بد و أن تذكر في عقد الزواج، و الجمود على لفظ الولي و إن اقتضى الأول، و لكن العرف و المنساق من بعض الأخبار يقضيان بالثاني، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم

ص: 134


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 5 و 7.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 5 و 7.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 5 و 7.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

و أخيها الكبير و عمها و خالها ممن لا تصدر إلا عن رأيهم (10)، و يقصدون تزويجها و ترجع إليهم فيه في العرف و العادة، و مثلهم على الظاهر بعض الأجانب ممن له شدة علاقة و ارتباط بها بحيث لا تصدر إلا عن رأيه و يكون هو المرجع في امورها المهمة و يركن إليه في ما يتعلق بها، بل لا يبعد أن يلحق بمن ذكر غيرهم الذي يراود الطرفين و يعالج في إيجاد وسائل الايتلاف في البين (11).

مسألة 4: كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص

(مسألة 4): كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص كالعور و نحوه بإخفائه، و كذا في صفات الكمال كالشرف و الحسب و النسب و الجمال و البكارة و غيرها بتوصيفها بها مع فقدانها (12) و لا أثر للأول- أي التدليس في

______________________________

دخيلة أمرها فوجدها قد دلّست عيبا هو بها، قال عليه السّلام: يؤخذ المهر منها و لا يكون على الذي زوجها شي ء» (1)، فيستفاد منه أن المناط تولية الأمر لا الولاية الشرعية و القرابة.

(10) لصدق السببية في ذلك كله بالنسبة إلى النكاح و التدليس.

(11) لإمكان استفادة التعميم مما تقدم من صحيح الحلبي و نحوه.

(12) لصدق التدليس في كل منهما عرفا فتشملهما الأدلة الشرعية قهرا، و ما ورد في الأدلة الخاصة من ذكر موارد مخصوصة انما يكون من باب المثال لا الخصوصية كتزويج الأمة على أنها حرة، ففي معتبرة إسماعيل بن جابر قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته فسأل عنها فقيل هي ابنة فلان فأتى أباها فقال: زوجني ابنتك فزوجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد أنها غير ابنته و أنها أمة؟ قال: ترد الوليدة على مواليها و الولد للرجل

ص: 135


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 4.

العيوب الموجبة للخيار- إلا رجوع الزوج على المدلّس بالمهر كما مر (13)، و أما الخيار فإنما هو بسبب نفس وجود العيب (14).

و الثاني:- و هو التدليس في سائر أنواع النقص و في صفة الكمال- فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مذكورين في العقد بنحو الاشتراط (15).

______________________________

و على الذي زوجه ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل و خدعه» (1)، و تزويج المرأة على انها بكر فبانت ثيبا ففي معتبرة عبد اللّه بن جعفر قال:

«كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام أسأله عن رجل تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا، هل يجب لها الصداق وافيا أم ينتقص؟ قال: ينتقص» (2)، و تزويج رجل على انه من بني فلان ثمَّ ظهر كذبه، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يتزوج المرأة فيقول لها أنا من بني فلان فلا يكون كذلك، فقال: تفسخ النكاح أو ترد» (3)، فيكون جميع ما تقدم من خيار تخلف الشرط لكن بحد معين في خصوص بعض صفات الزوجين لا كل صفة منهما أو شرط فعل في أحدهما أو كليهما، فيصح أن يصطلح على المقام خيار تخلف الشرط الصغير، و على سائر العقود خيار تخلف الشرط الكبير.

(13) تقدم في (مسألة 1) من ما نحن فيه.

(14) للإطلاقات و العمومات المتقدمة من غير اشتراط وجود العيب في العقد.

(15) لأنه المنساق من نصوص المقام فينطبق عليه خيار تخلف الشرط في الجملة.

ص: 136


1- الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 51.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 52.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

و يلحق به توصيفها به في العقد و إن لم يكن بعبارة الاشتراط كما إذا قال «زوجتك هذه البنت الباكرة أو غير الثيبة»، بل الظاهر أنه إذا وصفها بصفتي الكمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة و المقاولة ثمَّ أوقع العقد مبنيا على ما ذكر كان بمنزلة الاشتراط فيوجب الخيار (16)، و إذا تبين ذلك بعد العقد و الدخول اختيار الفسخ و دفع المهر رجع به على المدلّس (17).

______________________________

ثمَّ إن الشرط عند متعارف الناس في عهدهم و قراراتهم العقلائية على أقسام ثلاثة:

الأول: ذكر نفس الشرط في العقد كأن تقول المرأة: «أنكحتك نفسي بشرط كذا و كذا» و يقول الرجل: «قبلت النكاح بهذا الشرط».

الثاني: أن يذكر نفس المشروط في العقد كأن تقول المرأة «أنكحتك نفسي باكرة» و يقول الرجل «قبلت هكذا».

الثالث: أن يذكر المشروط قبل العقد و وقع العقد مبنيا عليه كأن تصف المرأة نفسها بالبكارة و يوقع العقد مبنيا عليها بالقرينة المعتبرة داخلية كانت أو خارجية.

و الكل معتبر عند العرف، فيشمله إطلاق دليل الشرط، و لو فرض الانصراف إلى الأول فهو من الانصراف البدوي الذي لا اعتبار به، و لو فرض التشكيك في كون الأخيرين من الشرط موضوعا فلا شك في كونهما منه تنزيلا و حكما.

(16) لأنه لا معنى لتخلف الشرط الحقيقي أو التنزيلي المعتبر إلا أن تخلفه يوجب الخيار بعد كون الشرط و ما شرط فيه من باب تعدد المطلوب عرفا لا التقييد الحقيقي الواقعي بحيث يكونان كوحدة المطلوب.

(17) لما تقدم من الإجماع و النص.

ص: 137

مسألة 5: ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة

(مسألة 5): ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليها عن النقص مع وجوده و اعتقاد الزوج عدمه (18) في غير العيوب الموجبة للخيار (19)، و أولى بذلك سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها (20).

مسألة 6: لو تزوج امرأة على أنها حرة

(مسألة 6): لو تزوج امرأة على أنها حرة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من اشتراط الحرية في العقد، أو توصيفها بها، أو إيقاع العقد بانيا عليها- فبانت أمة مع إذن السيد أو إجازته (21) كان له الفسخ (22)، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول (23)،

______________________________

(18) لأنه لا بد في ثبوت الخيار من اشتراط في البين بأحد الأقسام الثلاثة السابقة و السكوت ليس بشي ء منها فلا موجب لتحقق الخيار حينئذ.

(19) لثبوت الخيار فيها بنفس العيب و إنما السكوت يوجب صحة الرجوع إلى المدلّس لو انطبق على السكوت كما مر.

(20) لعدم تصوير موضوع التدليس حينئذ حتى يكون السكوت من مظاهرة.

(21) لأنه لو وقع العقد بدونهما بطل كما مر فلا يبقى موضوع للفسخ حينئذ.

(22) إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن قيس قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في المرأة إذا أتت إلى قوم و أخبرتهم أنها منهم و هي كاذبة و ادعت أنها حرة و تزوجت أنها ترد إلى أربابها، و يطلب زوجها ماله الذي أصدقها و لا حق لها في عتقه و ما ولدت من ولد فهم عبيد» (1)، و قد مر ما يدل على ذلك أيضا.

(23) للأصل بعد تحقق الفسخ قبل الدخول، و أن الفسخ ليس بطلاق كما مر.

ص: 138


1- الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

و لها المهر تماما لو كان الفسخ بعده (24)، و كان المهر لمولى الأمة (25) و يرجع الزوج به على المدلّس (26).

و كذا لو تزوجت المرأة برجل على أنه حر فبان مملوكا كان لها الفسخ قبل الدخول و بعده (27)، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول (28) و لها المهر المسمى لو فسخت بعده (29).

______________________________

(24) لما استحل من فرجها كما في نصوص الفسخ (1)، مضافا إلى الإجماع.

(25) لأنه من نماء ملكه.

(26) لأنه دلّسه، و لأن الغرور جاء من قبله كما في النص (2).

(27) إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في امرأة حرة تزوجت مملوكا على أنه حر فعلمت بعد أنه مملوك، فقال: هي أملك بنفسها إن شاءت قرّت معه و إن شاءت فلا، فإن كان دخل بها فلها الصداق، و إن لم يكن دخل بها فليس لها شي ء، فإن هو دخل بها بعد ما علمت أنه مملوك و أقرت بذلك فهو أملك بها» (3)، و في معتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة حرة دلّس لها عبد فنكحها و لم تعلم إلا أنه حر؟ قال: يفرق بينهما إن شاءت المرأة» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

(28) لما تقدم في صحيح محمد بن مسلم و غيره.

(29) لصحة العقد و وقوع المهر صحيحا و تحقق الدخول فيشمله

ص: 139


1- تقدم في صفحة: 133.
2- تقدم في صفحة: 133.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

مسألة 7: لو تزوج امرأة على أنها بكر- بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة- فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ

(مسألة 7): لو تزوج امرأة على أنها بكر- بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة- فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ إلا إذا ثبت بالإقرار أو البينة سبق ذلك على العقد (30) فحينئذ كان له الفسخ.

نعم، لو تزوجها باعتقاد البكارة و لم يكن اشتراط و لا توصيف و لا إخبار، و بنى على ثبوتها فبان خلافها ليس له الفسخ و إن ثبت زوالها قبل العقد (31).

مسألة 8: إذا فسخ حيث يكون له الفسخ

(مسألة 8): إذا فسخ حيث يكون له الفسخ فإن كان قبل الدخول فلا مهر (32)،

______________________________

قوله عليه السّلام: «المهر لها بما استحل من فرجها» (1).

(30) لأن مفاد الشرط عرفا بل الأصل وقوع العقد عليها بكرا، فلا بد من إثبات وقوع العقد عليها ثيبا حتى يتحقق موضوع الخيار و إلا فلا موضوع له، و مع وجدان الزوج لها ثيبا ليس لأحد أن يقول أنها ذهبت بالدخول بها حلالا أو حراما، لأن زوال البكارة أعم من الدخول، فعن أبي الحسن عليه السّلام: «في الرجل يتزوج المرأة على أنها بكر فيجدها ثيبا أ يجوز له أن يقيم عليها؟ فقال:

قد تفتق البكر من المركب و من النزوة» (2).

(31) لعدم اشتراط في البين بأي وجه من الوجوه أصلا حتى يوجب تخلفه الخيار، بل كان من مجرد البناء القلبي و النيّات القلبية و الدعاوي النفسانية لا أثر لها في العقود و العهود الواقعة بين الناس ما لم يكن مبرز خارجي في البين.

(32) للأصل، و الإجماع، و النصوص التي تقدم بعضها، و عدم كون الفسخ طلاقا حتى يثبت النصف قبل الدخول.

ص: 140


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس: 5.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

و إن كان بعده استقر المهر (33) و رجع به على المدلّس (34) و إن كانت هي المدلّس لم تستحق شيئا (35)، و إن لم يكن تدليس استقر عليه المهر و لا رجوع له على أحد (36).

و إذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ- كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط و توصيف و بناء- كان له ن ينقص من مهرها شيئا (37) و هو نسبة التفاوت بين مهر مثلها بكرا و ثيبا (38) فإذا كان المهر المسمى مائة و كان مهر مثلها بكرا ثمانين و ثيبا ستين ينقص من المائة ربعها و هي

______________________________

(33) للإجماع و النصوص المعللة بقولهم عليهم السّلام: «بما استحل من فرجها» (1)، كما مر.

(34) للإجماع و النصوص المتقدمة و في بعضها التعليل بقوله عليه السّلام: «كما غرّ الرجل و خدعه» (2)، أو «لأنه دلّسها» (3).

(35) لأن التدليس جاء من نفسها فلا وجه لاستحقاقها شيئا، فالحكم في جميع هذه الفروع مطابق للقاعدة مضافا إلى نصوص خاصة كما عرفت.

(36) لعدم موضوع للرجوع على أحد حينئذ حتى يرجع إليه.

(37) لما في صحيح محمد بن جزك قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام:

«أسأله عن رجل تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا هل يجب لها الصداق وافيا أم ينقص؟ قال: ينقص» (4).

(38) لأن المنساق من الصحيح ملاحظة النسبة بقرينة الإجماع الدال عليها.

ص: 141


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2 و 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.

خمسة و عشرون و تبقى خمسة و سبعون (39).

مسألة 9: يتحقق التدليس في الرجل أيضا- كما يتحقق في المرأة

(مسألة 9): يتحقق التدليس في الرجل أيضا- كما يتحقق في المرأة- بأن كان بنائهما في العقد على ان الزوج شاب حسن الوجه أو ذو مهنة شريفة مثلا ثمَّ بان الخلاف يجري عليه حكم تدليس المرأة (40).

مسألة 10: لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها لم يكن لها الخيار

(مسألة 10): لو انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها لم يكن لها الخيار (41) إلا إذا كان ذلك بنحو الاشتراط (42)، و كذا العكس (43) كما لو شرطت المرأة على الرجل أن يكون ذا مهنة شريفة معينة فبان الخلاف فلها الخيار (44)، و كذا لو شرط الرجل على المرأة كذلك (45)، و أما لو لم يشترط كل واحد منهما في العقد و لم يكن العقد مبنيا عليه فلا خيار في البين (46).

______________________________

(39) لما مر في خيار العيب من ان الصحيح هو ملاحظة النسبة بين الصحيح و المعيب ثمَّ الأخذ من الثمن بتلك النسبة.

(40) لقاعدة ان تخلف الشرط يوجب الخيار بلا فرق بين أن يكون الشرط مذكورا في العقد أو وقع العقد مبنيا عليه كما مر.

نعم، لو لم يكن كذلك يكون العقد لازما كما تقدم.

(41) لأصالة اللزوم.

(42) لما تقدم سابقا (1)، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(43) لعين ما تقدم في قبله.

(44) لعموم أدلة تخلف الشرط الموجب للخيار كما مر.

(45) لما مر في سابقة.

(46) لأصالة اللزوم و عموماته كما تقدم مكررا.

ص: 142


1- تقدم في صفحة: 136.

مسألة 11: لو شرط الاستيلاد فخرجت عقيما بشهادة أهل الخبرة

(مسألة 11): لو شرط الاستيلاد فخرجت عقيما بشهادة أهل الخبرة كان له الخيار (47).

مسألة 12: لو دلّست نفسها و ظهر للزوج تدليسها

(مسألة 12): لو دلّست نفسها و ظهر للزوج تدليسها و لكن كان ذلك سهل الزوال فهل يوجب ذلك الخيار؟ وجهان (48).

مسألة 13: لو ادعى الرجل تدليسها و أنكرت هي يقدم قولها

(مسألة 13): لو ادعى الرجل تدليسها و أنكرت هي يقدم قولها مع اليمين (49).

مسألة 14: إذا ادعى كل واحد منهما على الآخر التدليس

(مسألة 14): إذا ادعى كل واحد منهما على الآخر التدليس يكون من التداعي (50).

مسألة 15: لا فرق فيما تقدم من الأحكام بين عقد الدوام و المنقطع

(مسألة 15): لا فرق فيما تقدم من الأحكام بين عقد الدوام و المنقطع (51).

______________________________

(47) لأنه من خيار تخلف الشرط الموجب للخيار.

نعم، لو لم يشترط ذلك و لم يكن العقد مبنيا عليه العقم ليس من العيوب الموجبة للخيار كما تقدم.

(48) مقتضى أصالة اللزوم عدم الخيار إن لم يضر ذلك باستمتاع الزوج منها.

و مقتضى الجمود على أدلة الخيار ثبوته و لو بصرف الوجود إلا أن يدعى الانصراف عن ذلك.

(49) للأصل إلا إذا أقام الرجل البينة على التدليس- أو على العيب أو على تخلف الشرط- أو حلف الرجل اليمين المردودة.

(50) و سيأتي حكم التداعي في كتاب القضاء مفصلا إن شاء اللّه تعالى.

(51) للإطلاقات و العمومات المتقدمة من غير ما يدل على التقييد و التخصيص.

ص: 143

مسألة 16: لو تمتع بامرأة فبانت كتابية لم يكن له الفسخ

(مسألة 16): لو تمتع بامرأة فبانت كتابية لم يكن له الفسخ (52) إلا إذا شرط إسلامها في العقد (53).

مسألة 17: لو كان له حق الفسخ و طلق عوض الفسخ جهلا هل يترتب عليه أحكام الفسخ؟ وجهان

(مسألة 17): لو كان له حق الفسخ و طلق عوض الفسخ جهلا هل يترتب عليه أحكام الفسخ؟ وجهان (54).

______________________________

(52) للأصل كما تقدم مكررا.

نعم، له هبة المدة حينئذ فتفيد فائدة الخيار، و لا ينقص من مهرها شي ء لعدم الضرر باستمتاع الزوج عنها.

(53) لما مر من عموم أدلة تخلف الشرط الموجب للخيار.

(54) من الجمود على ما تقدم فلا تترتب أحكام الفسخ و من أن الظاهر عدم اعتبار لفظ خاص في الفسخ فتترتب أحكام الفسخ عليه و الحمد للّه رب العالمين.

ص: 144

فصل في المهر

اشارة

فصل في المهر و يقال له الصداق أيضا (1).

مسألة 1: كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهرا

(مسألة 1): كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهرا عينا كان أو دينا أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان (2)، و يصح جعله منفعة الحر كتعليم صنعة و نحوه من كل عمل محلل، بل الظاهر صحة جعله حقا ماليا قابلا للنقل و الانتقال كحق التحجير، و لا يتقدر بقدر بل ما تراضى عليه الزوجان كثيرا كان أو قليلا (3)

______________________________

و هو: ما يثبت على الزوج للزوجة بعقد النكاح فهو بمنزلة عوض البضع.

(1) كما ورد في الآية المباركة قال تعالى وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً (1)، و يسمى بالحباء، و الفريضة، و النحلة، و العليقة، و العقر و الطول، و الصدقة، و لعل ذلك للخروج عن المعاوضة المحضة.

نعم، ورد لفظ الأجر بالنسبة إلى عوض النكاح المنقطع كما مر (2).

(2) للنصوص المستفيضة- التي يأتي التعرض لها- الدالة بما تراضيا عليه في تحديد الصداق مضافا إلى الأصل.

(3) كل ذلك إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «الصداق كل شي ء تراضى عليه الناس قلّ أو كثر في متعة أو تزويج

ص: 145


1- سورة النساء: 4.
2- تقدم في صفحة: 90.

ما لم يخرج بسبب القلة عن المالية (4) كحبة حنطة.

نعم، يستحب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنة و هو خمسمأة درهم (5).

______________________________

غير متعة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة: «الصداق ما تراضيا عليه قلّ أو كثر» (2)، و روى الفريقان أنه «جاءت امرأة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالت: زوجني، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لهذه؟ فقام رجل و قال: أنا يا رسول اللّه زوجنيها، فقال صلّى اللّه عليه و آله:

ما تعطيها؟ فقال: مالي شي ء، قال: لا، فأعادت، فأعاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام فلم يقم أحد غير الرجل، ثمَّ أعادت فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في المرة الثالثة: أ تحسن من القرآن شيئا؟ قال: نعم، قال: قد زوجتكها على ما تحسن من القرآن فعلمها إياه» (3)، و هو مثال لتعليم كل شي ء مباح وضعي فضلا عن الراجح الشرعي.

(4) لأنه يصدق عدم المهر حينئذ شرعا فلا موضوع للمهر حتى يجري عليه أحكامه.

(5) إجماعا و نصوصا ففي صحيح عبيد بن زرارة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: مهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نساءه اثنتي عشرة أوقية و نشا، و الأوقية أربعون درهما، و النش نصف الأوقية و هو عشرون درهما» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح حماد بن عيسى قال أبي: «ما زوج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا من بناته، و لا تزوج شيئا من نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية و نش، و الأوقية أربعون.

و النش عشرون درهما» (5)، و في معتبرة حسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السّلام: «أوحى اللّه إلى نبيه صلّى اللّه عليه و آله (أن سنّ مهور المؤمنات خمسمأة درهم)» (6)، و في معتبرة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السّلام: «أن مهر المؤمنات

ص: 146


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 6 و 9.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 6 و 9.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب المهور الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب المهور الحديث: 3 و 4 و 2.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب المهور الحديث: 3 و 4 و 2.
6- الوسائل باب: 4 من أبواب المهور الحديث: 3 و 4 و 2.

مسألة 2: لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل المهر

(مسألة 2): لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل المهر، و إن صح العقد (6) فلم تملك شيئا بالعقد (7)، و إنما تستحق مهر المثل بالدخول (8).

مسألة 3: لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام

(مسألة 3): لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام (9) فلو أمهرها أحد هذين أو خياطة أحد ثوبين مثلا بطل المهر دون العقد (10)، و كان لها مع الدخول مهر المثل (11).

نعم، لا يعتبر فيه التعيين الذي يعتبر في البيع و نحوه من

______________________________

خمسمأة و هو مهر السنة و قد يكون أقل من خمس مائة و لا يكون أكثر من ذلك» (1)، و غيرها من الأخبار و يصير ذلك ثلاثين مثقال ذهب تقريبا.

(6) أما بطلان المهر فلفرض عدم صحة النقل و الانتقال فيه شرعا.

و أما صحة العقد، فلعدم كون النكاح من المعاوضة الحقيقة حتى يبطل بفساد أحد العوضين.

(7) لفرض فساد المهر و بطلانه شرعا.

(8) لما سيأتي من تحقق مهر المثل إذا انتفى مهر المسمى و تحقق الدخول كما في المقام.

(9) للإجماع و عدم إقدام العقلاء على المبهم كذلك كما تقدم.

(10) إن اختلفا في المالية للتردد، و عدم الترجيح بلا مرجح، و أما إن اتحدا من كل جهة، فيمكن أن يقال بالصحة مع كون التخيير للمرأة و إن كان الأحوط خلافه.

(11) لما سيأتي من أنه يتحقق مهر المثل لو انتفى مهر المسمى و تحقق الدخول، و لو كان أحدهما مطابقا لمهر المثل تختار المرأة أحدهما لانطباق المسمى و مهر المثل عليه.

ص: 147


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المهور الحديث: 10.

المعاوضات (12)، فيكفي مشاهدة عين حاضرة و إن جهل كيلها أو وزنها أو عدها أو ذرعها، كصبرة من الطعام و قطعة من الذهب و طاقة مشاهدة من الثوب و صبرة من الجوز و أمثال ذلك (13).

مسألة 4: ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم

(مسألة 4): ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم (14) فلو عقد عليها و لم يذكر مهرا أصلا- بأن قالت الزوجة للزوج مثلا زوجتك

______________________________

(12) للإطلاق، و ظهور الاتفاق، و الأصل، و السيرة و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح أبي الصباح الكناني: «ما تراضى عليه الناس» (1)، و قريب منه غيره.

(13) لإطلاق ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم في «أدنى ما يجزي في المهر؟ قال عليه السّلام: تمثال من سكر» (2)، فلم يعين عليه السّلام قدره و صفته و سائر جهاته.

(14) للأصل و الإجماع و النصوص المستفيضة منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «في رجل تزوج امرأة و لم يفرض لها صداقها ثمَّ دخل بها، قال عليه السّلام: لها صداق نسائها» (3).

و في موثق منصور بن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يتزوج امرأة و لم يفرض لها صداقا، قال عليه السّلام: لا شي ء لها من الصداق، فإن كان دخل بها فلها مهر نسائها» (4)، و قريب منه صحيح الحلبي (5).

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة «لا يصلح نكاح إلا بمهر» (6)، فالمراد عدم خلوه منه و لو بعنوان مهر المثل في مقابل الهبة المختصة

ص: 148


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 1 و 6.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 3 و 2 و 1.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 3 و 2 و 1.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 3 و 2 و 1.
6- الوسائل باب: 2 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 4.

نفسي أو قال وكيلها: زوجتك موكلتي فلانة، فقال: قبلت- صح العقد (15)، بل لو صرحت بعدم المهر- بأن قالت: زوجتك نفسي بلا مهر، فقال: قبلت- صح (16) و يقال لهذا أي: لإيقاع العقد بلا مهر «تفويض البضع» و للمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر «مفوّضة البضع» (17).

مسألة 5: إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا

(مسألة 5): إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا (18)، إلا إذا طلقها حينئذ فتستحق عليه أن يعطيها شيئا بحسب حاله (19)- من الغنى و الفقر و اليسار و الإعسار من دينار أو درهم أو ثوب

______________________________

بالنبي صلّى اللّه عليه و آله لا أنه لا بد و أن يذكر ذلك المهر في النكاح و يكون من شروط صحته.

(15) لعدم تقوم النكاح الدائم بالعوض بخلاف المنقطع كما مر (1).

(16) لشمول إطلاق جميع الأدلة لهذه الصورة أيضا.

(17) أصل التفويض- سواء كان في المهر كما يأتي بعد ذلك أم في بضع أو في غيرهما- هو الإيكال إلى الغير و التفويض إليه، قال تعالى حكاية عن موسى بن عمران وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ (2)، و قد يطلق الفوض على مطلق الترك و الإهمال كما في قول الشاعر الجاهلي:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم و لا سراة إذا جهالهم سادوا

و السراة جمع سري بمعنى الشريف.

(18) لعدم موجب للاستحقاق بعد عدم ذكر المهر في العقد و تحقق تفويض البضع و عدم حصول سبب للاستحقاق بوجه.

(19) لقوله تعالى:

ص: 149


1- تقدم في صفحة: 84.
2- سورة المؤمن: 44.

أو دابة أو غيرها- و يقال لذلك الشي ء «المتعة» (20) و لو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئا لا مهرا و لا متعة (21)، و كذا لو مات أحدهما قبله (22) و أما لو دخل بها استحقت عليه بسبب الدخول مهر

______________________________

لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (1)، مضافا إلى الإجماع و النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح الكناني: «إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها و إن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف على الموسع قدره و على المقتر قدره، و ليس لها عدة تزوّج إن شاءت من ساعتها» (2)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يطلق امرأته قبل أن يدخل بها قال: عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا، و إن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يمتع به مثلها في النساء» (3)، و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا في خبر حفص: «في الرجل يطلق امرأته أ يمتعها؟ قال عليه السّلام:

نعم أما يحب أن يكون من المحسنين، أما يحب أن يكون من المتقين» (4)، المحمول على الطلاق قبل الدخول و لم يسم لها مهرا إلى غير ذلك من الروايات.

(20) أطلقت المتعة عليه في الكتاب لما مر و السنة كما تقدمت و مورد إجماع الفقهاء.

(21) أما عدم المهر و لو نصفه فلفرض عدم ذكره في العقد فلا شي ء حتى ينصف، و أما عدم المتعة فلاختصاصها بالطلاق كتابا كما تقدم و سنة على ما مر مضافا إلى الأصل و الإجماع.

(22) للأصل، و الإجماع، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها، قال: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها

ص: 150


1- سورة البقرة: 236.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب المهور الحديث: 8 و 7 و 5.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب المهور الحديث: 8 و 7 و 5.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب المهور الحديث: 8 و 7 و 5.

أمثالها (23)

______________________________

الذي فرض لها، و لها الميراث، و عدتها أربعة أشهر و عشرا كعدة التي دخل بها، و إن لم يكن فرض لها مهرا فلا مهر لها و عليها العدة» (1)، و المتعة منفية بالإجماع.

(23) إجماعا و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة منصور بن حازم في من لم يفرض لها صداقا «فإن كان دخل بها فلها مهر نسائها» (2)، و في موثق عبد اللّه الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة و لم يفرض لها صداقها ثمَّ دخل بها، قال: لها صداق نسائها» (3)، و في صحيح الحلبي (4)، قال: «سألته عن الرجل يتزوج امرأة فدخل بها و لم يفرض لها مهرا ثمَّ طلقها؟ فقال: لها مهر مثل مهور نسائها و يمتعها» و يحمل ذيله «و يمتعها» على نفس مهر المثل، فيجعل العطف حينئذ تفسيريا لخلو سائر الروايات عن هذا الذيل كما يمكن حمله على الاستحباب مضافا إلى مهر المثل.

لكن عن جمع منهم المحقق في الشرائع تقييد ذلك بما إذا لم يتجاوز مهر السنة و نسب ذلك إلى المشهور بل ادعي الإجماع عليه.

و عن الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة فوهم أن يسمي لها صداقا حتى دخل بها؟ قال: السنة و السنة خمسمأة درهم» (5)، و عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في معتبرة أسامة بن حفص قال: «قلت له رجل يتزوج امرأة و لم يسم لها مهرا و كان في الكلام: أتزوجك على كتاب اللّه و سنة نبيه فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما لها من المهر؟ قال: مهر السنة،

ص: 151


1- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 22.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 3 و 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 3 و 2.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 13 من أبواب المهور الحديث: 2.

ان لم يتراضيا على شي ء (24).

مسألة 6: المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها

(مسألة 6): المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها من السن، و البكارة و النجابة، و العفة، و العقل، و الأدب، و الشرف، و الجمال، و الكمال، و أضدادها بل يلاحظ كل ما له دخل في العرف و العادة في ارتفاع المهر أو نقصانه فتلاحظ أقاربها و عشيرتها و بلدها و غير ذلك (25).

______________________________

قلت: يقولون: لها مهور نسائها، فقال: مهر السنة، و كل ما قلت له شيئا قال مهر السنة» (1).

و في معتبرة مفضل بن عمر قال: «دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له:

أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوزوه، فقال عليه السّلام: السنة المحمدية خمسمأة درهم فمن زاد على ذلك رد إلى السنة و لا شي ء عليه أكثر من الخمسمائة درهم» (2).

و فيه: أولا ان النسبة إلى المشهور أو الإجماع إثباتها على مدعيها في مقابل المستفيضة الدالة على ثبوت مهر المثل.

و ثانيا: ان خبر المفضل قاصر سندا و لم يعمل بإطلاقه الفقهاء، لأنه في مطلق المهر لا في خصوص المقام.

و ثالثا: ان مقتضى الصناعة حمل تلك الأخبار على الندب كما هو الجمع الشائع في الفقه من أوله إلى آخره فما بالهم رحمهم اللّه في نصوص المقام أخذوا بالقيد و في سائر موارد الفقه حملوا على الندب!! نعم، لا إشكال في استحبابه.

(24) و إلا فلا تصل النوبة إلى مهر المثل- أو مهر السنة على ما تقدم- بلا فرق في التراضي قبل الدخول أو بعده.

(25) المناط كله ما يتفاوت به الأغراض و الرغبات من الصفات

ص: 152


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المهور الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب المهور: 14.

مسألة 7: لو تردد مهر المثل بين الأقل و الأكثر يجب الأقل دون الأكثر

(مسألة 7): لو تردد مهر المثل بين الأقل و الأكثر يجب الأقل دون الأكثر (26).

______________________________

و الخصوصيات سواء كانت في نفسها أو من يتعلق بها أو ما يتعلق بها حتى الاختلاف بحسب الأزمنة و الأمكنة، ثمَّ ان النصوص مشتملة على تعبيرات:

الأول: قول الصادق عليه السّلام فيما مر من معتبرة منصور بن حازم: «لها مهر نسائها».

الثاني: ما تقدم في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «لها مهر مثل مهور نسائها».

الثالث: قوله عليه السّلام أيضا: «لها صداق نسائها» كما مر في موثق عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه.

و المستفاد من الجميع هو ما ذكره الفقهاء.

و الأقسام ثلاثة: ما هي المتعارفة كما هو الغالب بحيث ينطبق عليها عنوان مثل نسائها، و ما هي النادرة في الكمال و الجمال بحيث تنحصر بنفسها في نسائها، و ما هي المتفردة بنفسها في قباحة المنظر و نحوها بحيث لا تدخل في عنوان نسائها.

و لا ريب في شمول الأدلة للأولى، و في شمولها للأخيرين إشكال لعدم تحقق المثلية، و من الجمود على الإطلاق فتشمل حتى النادرة، فلا بد فيهما من التراضي كالإشكال فيما تعارف في هذه الأزمان من التوافق بين الزوجين في مجرد بعض الصفات الداخلية أو الخارجية.

ثمَّ انه قد يتفق قدر مهر المثل من حين العقد إلى حين الدخول و حكمه معلوم، و قد يختلف و حينئذ فهل المدار على مهر المثل حين الدخول؟ الظاهر هو الثاني لأنه وقت الثبوت و التحقق.

(26) للأصل الملجأ إليه في الدوران بين الأقل و الأكثر كما تقرر في محله، و يشهد لذلك معتبرة أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة فلم

ص: 153

و الأحوط التصالح (27).

مسألة 8: المرجع في تعيين مهر المثل الثقات

(مسألة 8): المرجع في تعيين مهر المثل الثقات الذين يطلعون على مثل ذلك (28)، فلو جعل الحاكم الشرعي للمهر حدا معينا فالظاهر تعينه (29)، و هل يكون كذلك لو عينته الدولة؟ (30).

مسألة 9: يجب أداء مهر المثل إليها

(مسألة 9): يجب أداء مهر المثل إليها و إن كان مجحفا بالنسبة إلى الزوج (31).

مسألة 10: لو تردد مهر المثل بين المتباينين فلا بد من اعتبار رضائهما في الاختيار

(مسألة 10): لو تردد مهر المثل بين المتباينين فلا بد من اعتبار رضائهما في الاختيار (32).

______________________________

يدخل بها فادعت أن صداقها مائة دينار و ذكر الزوج أن صداقها خمسون دينارا.

و ليس لها بينة على ذلك قال عليه السّلام: القول قول الزوج مع يمينه» (1).

(27) لحسن الاحتياط في كل حال.

(28) لأنهم المرجع حينئذ فيؤخذ بقولهم ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود.

(29) لفرض حجية حكمه ما لم يقطع بالخلاف و هو مفروض العدم.

(30) يختلف ذلك باختلاف الموارد فإذا شاع ذلك بين الناس و بنوا عليه يكون ذلك من القرينة المعتبرة على تعيين المهر فلا تصل النوبة إلى مهر المثل و إلا فالمرجع حينئذ التصالح.

(31) للإطلاقات و العمومات المتقدمة الشاملة لهذه الصورة أيضا إلا أن يدعى الانصراف عن مثل ذلك و هو مشكل.

(32) لفرض أن المهر موقوف على رضاهما كما مر في الروايات مثل قول أبي جعفر عليه السّلام: «ما تراضيا عليه» (2).

ص: 154


1- الوسائل باب: 18 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 3 و 9.

مسألة 11: لو كان مهر المثل من الأعيان الخارجية و لم توجد خارجا تتبدل حينئذ إلى القيمة

(مسألة 11): لو كان مهر المثل من الأعيان الخارجية و لم توجد خارجا تتبدل حينئذ إلى القيمة (33).

مسألة 12: لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد

(مسألة 12): لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد (34)، و بطل المهر (35) و استحقت عليه مهر المثل بالدخول (36)، و كذلك الحال فيما إذا جعل المهر شيئا باعتقاد كونه خلا فبان خمرا أو شخصا باعتقاد كونه عبدا فبان حرا، بل و كذا الحال فيما إذا جعل المهر مال الغير و لم يأذن أو شيئا باعتقاد كونه ماله فبان خلافه (37).

مسألة 13: لو شرّك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها

(مسألة 13): لو شرّك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها و سقط ما سمى لأبيها فلا يستحق الأب شيئا (38).

مسألة 14: ما تعارف في بعض البلاد من أنه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا

(مسألة 14): ما تعارف في بعض البلاد من أنه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا و هو المسمى في لسان بعض ب

______________________________

(33) لأن المدار كله على المالية و بعد فرض عدم وجدان العين فإنها موجودة في القيمة.

(34) لوقوعه جامعا للشرائط كما هو المفروض و عدم كون ذكر المهر حين العقد مقوما له كما في المعاوضات، فالمقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود.

(35) لعدم المالية له عند الناس أجمعين أو عند خصوص المسلمين.

(36) للإجماع، و الأخبار المتقدمة، و الاعتبار.

(37) كل ذلك لأن اشتراط كون المهر متمولا شرط واقعي لا أن يكون شرطا اعتقاديا، و يصح أيضا فيما إذا ظهر مال الغير فأجاز صاحب المال.

(38) للأصل، و الإجماع، و النصوص منها ما عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في

ص: 155

(شيربها) و في لسان بعض آخر بشي ء آخر ليس بعنوان المهر و جزء منه بل هو شي ء آخر يؤخذ زائدا على المهر، و حكمه أنه إن كان إعطاؤه و أخذه بعنوان الجعالة على عمل مباح- كما إذا أعطى شيئا للأخ لأن يتوسط في

______________________________

قال: ليس له ذلك» (1).

و الأقسام خمسة:

الأول: أن يهب الزوج شيئا مستقلا له من غير دخله في المهر أصلا و لا ريب في صحته.

الثاني: أن تهب البنت لوالدها شيئا من مهرها برضاها مع كونها بالغة عاقلة رشيدة غير محجور عليها و هذا كسابقه لا إشكال فيه.

الثالث: أن يجعل الزوج له شيئا بطيب نفسه من غير المهر اجرة لسعيه في زواج بنته له و هذا أيضا لا إشكال فيه.

الرابع: أن يأخذ الأب المهر من الزوج و يتصرف فيه بتمامه أو بعضه لنفسه من دون رضاء البنت و لا إشكال في حرمته لما مر في كتاب الغصب.

الخامس: أن يبادل الأب بعض الأمتعة التي يسوقها الزوج إلى البنت بدون إذنها و هذا أيضا لا يجوز.

و الجامع في الأخيرين أن مال الغير لا يجوز فيه التصرف بدون إذنه و رضاه بالأدلة الأربعة كما تقدم في كتاب الغصب و لا حاجة للإعادة هنا بعد التكرار مرارا.

ص: 156


1- الوسائل باب: 16 من أبواب المهور الحديث: 1.

البين و يرضي أخته و يسعى في رفع بعض الموانع- فلا إشكال في جوازه و حليته (39)، بل في استحقاق القريب العامل له و عدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه (40)، و إن لم يكن بعنوان الجعالة فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه و إن كان لأجل جلب خاطره و تحبيبه و إرضائه حيث ان رضاه في نفسه مقصود، أو من جهة أن رضى البنت منوط برضائه فبملاحظة هذه الجهات يطيب خاطر الزوج ببذل المال فالظاهر جواز أخذ القريب له (41)، لكن يجوز للزوج استرجاعه ما دام موجودا (42) و أما مع عدم الرضا من الزوج و انما أعطاه من جهة استخلاص البنت حيث ان القريب مانع عن تمشية الأمر مع رضائها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم أخذه و أكله (43)،

______________________________

(39) لتحقق التراضي و طيب النفس مع وجود المقتضي و فقد المانع كما هو المفروض، فتشمله الأدلة العامة الدالة على صحة النقل و الانتقال بذلك مثل قوله تعالى لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (1)، و حديث: «لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه» (2)، و قاعدة «حرمة التصرف في مال الغير و عرضه» و غيرها من سائر العمومات كما مر في كتاب الغصب و البيع.

(40) لصيرورته ملكا له فلا يصح انتزاعه منه بدون إذنه.

(41) لفرض أن المالك أعطاه برضاه و طيب نفسه فيكون من سنخ الهدية و الهبة.

(42) لجواز الرجوع في الهبة و الهدية ما دامت العين موجودة.

(43) لكونه كالغصب حيث إنه أخذ من مالكه بغير طيب نفسه و رضاه

ص: 157


1- سورة البقرة: 188.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1.

و يجوز للزوج الرجوع فيه باقيا كان أو تالفا (44).

مسألة 15: إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء

(مسألة 15): إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء سواء كان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أكثر، و يتعين ذلك مهرا و كان كالمذكور في العقد (45).

مسألة 16: يجوز أن يجعل المهر كله حالا

(مسألة 16): يجوز أن يجعل المهر كله حالا أي بلا أجل، و مؤجلا، و أن يجعل بعضه حالا و بعضه مؤجلا (46)، و للزوجة مطالبة الحال في كل حال (47) بشرط مقدرة الزوج و اليسار (48)،

______________________________

و «لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفسه» (1)، و المفروض عدم ذلك، فيضمن العين و مع التلف يضمن العوض كما مر في كتاب الغصب.

(44) لقاعدة السلطنة كما يجب عليه الإرجاع، لقاعدة اليد.

(45) لإطلاق قولهم عليهم السّلام: «ما تراضيا عليه» (2)، الشامل لما إذا ذكر في العقد أو بعده بعد عدم كون ذكر المهر شرطا في العقد، مضافا إلى الإجماع بعد كون الحق لهما حدوثا و بقاء، و مقتضى إطلاق الأدلة أيضا عدم الفرق بين كونه بقدر مهر المثل أو أقل أو أكثر و كذا بالنسبة إلى مهر السنة و إن كان الأولى أن يكون بقدره.

(46) لأن الحق بينهما، فلهما أن يتراضيا بكل ما شاءا و أرادا مضافا إلى الأصل، و الإجماع، و الإطلاق، و ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة غياث بن إبراهيم:

«في الرجل يتزوج بعاجل و آجل، قال: الآجل إلى موت أو فرقة» (3).

(47) لقاعدة السلطنة بعد تحقق الملكية بالعقد مضافا إلى الإجماع.

(48) لقوله تعالى وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ (4)، مضافا إلى

ص: 158


1- الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1.
2- تقدم في صفحة: 146.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب المهور الحديث: 1.
4- سورة البقرة: 280.

بل لها أن تمتنع من التمكين و تسليم نفسها حتى تقبض مهرها الحال (49)، سواء كان الزوج موسرا أو معسرا (50).

نعم، ليس لها الامتناع فيما لو كان المهر مؤجلا كله أو بعضه و قد أخذت بعضه الحال (51).

مسألة 17: يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة

(مسألة 17): يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة و يفوض تقديره و تعيينه إلى أحد الزوجين (52) بأن تقول الزوجة مثلا «زوجتك

______________________________

ما تقدم في كتاب الدين.

(49) إجماعا و نصا ففي معتبرة سماعة قال: «سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثمَّ جعلته من صداقها في حل، أ يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم إذا جعلته في حل فقد قبضته منه، و إن خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الزوج نصف الصداق» (1)، و تقتضيه قاعدة «نفي العسر، و الحرج و الضرر»، و أن النكاح في حكم المعاوضة من هذه الجهة في أن لكل من الطرفين الامتناع عن التسليم حتى يقبض ما انتقل إليه.

(50) لأن الإعسار إنما يسقط حق المطالبة في الحكم التكليفي فقط، و أما تسليم المعوض قبل أخذ العوض فله حكم آخر لا ربط له بالإعسار.

(51) لعدم الموضوع لمطالبتها لشي ء فعلا حتى تكون لها حق الامتناع من التمكين، فالحق الفعلي للزوج من الاستمتاع بها ثابت فعلا له من كل جهة بلا مزاحم في البين.

(52) لإطلاق قوله عليه السّلام في موثق فضيل بن يسار: «الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير» (2)، الشامل للكيفية و الكمية مضافا إلى الإجماع و ما يأتي من النص المفصّل بين حكمها و حكمه.

ص: 159


1- الوسائل باب: 41 من أبواب المهور الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور: 3 و 9.

نفسي على ما تحكم أو أحكم من المهر»، فقال: «قبلت»، فإن كان الحاكم الذي فوّض إليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز أن يحكم بما شاء و لم يتقدر بقدر لا في طرف الكثرة و لا في طرف القلة ما دام متمولا (53)، و إن كان الحكم إليها كان لها الحكم في طرف القلة بما شاءت، و أما في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها في ما زاد على مهر السنة و هو خمسمأة درهم (54).

______________________________

(53) إجماعا و نصا ففي صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة على حكمها؟ قال عليه السّلام: لا يجاوز حكمها مهور آل محمد عليهم السّلام اثنتي عشرة أوقية و نشا و هو وزن خمسمأة درهم من الفضة. قلت: أرأيت إن تزوجها على حكمه و رضيت بذلك؟ فقال: ما حكم من شي ء فهو جائز عليها قليلا كان أو كثيرا. فقلت له: فكيف لم تجز حكمها عليه و أجزت حكمه عليها؟ فقال عليه السّلام:

لأنه حكمها فلم يكن لها أن تجوز ما سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تزوج عليه نساءه فرددتها إلى السنة و لأنها هي حكمته و جعلت الأمر إليه في المهر و رضيت بحكمه في ذلك، فعليها أن تقبل حكمه قليلا كان أو كثيرا» (1).

و أما معتبرة أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يفوّض إليه صداق امرأته، فنقص عن صداق نسائها؟ قال: تلحق بمهر نسائها» (2)، فيمكن حملها على الأفضلية و الاستحباب بان لا يتجاوز الرجل مهر السنة أو على محامل اخرى مع القرينة.

ثمَّ إنه فرق بين مفوّضة البضع و مفوّضة المهر، و الأولى ما لم يذكر لها المهر أصلا حتى في الجملة.

و الثانية: ما ذكر فيه غير معين ثمَّ عين بعد ذلك.

(54) لما مر في صحيح زرارة، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي

ص: 160


1- الوسائل باب: 21 من أبواب المهور الحديث: 1 و 4.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب المهور الحديث: 1 و 4.

مسألة 18: يجوز في المهر النقد و النسيئة و السلف

(مسألة 18): يجوز في المهر النقد و النسيئة و السلف (55) كما يجوز أن يجعل حقا (56).

مسألة 19: تجرى الفضولية في المهر

(مسألة 19): تجرى الفضولية في المهر فلو جعل مال الغير مهرا ثمَّ

______________________________

جعفر عليه السّلام: «لم تجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمأة درهم فضة مهور نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»(1)، و غيرهما من الروايات.

(55) للعمومات و الإطلاقات المتقدمة مثل إطلاق قولهم عليهم السّلام «كل ما تراضيا عليه من قليل أو كثير» (2).

(56) الحق على أقسام: الأول: ما كان قابلا للنقل و الانتقال مثل حق التحجير و قد مر جواز جعله مهرا.

الثاني: ما ليس قابلا لهما و لا قابلا للإسقاط فلا يجوز جعله مهرا بلا إشكال.

الثالث: ما كان قابلا للإسقاط و لم يكن قابلا للنقل و الانتقال ففي جعل هذا القسم من الحق مهرا إشكال من الإطلاقات و العمومات مثل قوله عليه السّلام: «ما تراضيا عليه»(3)، فيجوز جعله مهرا.

و من التسالم نصا و فتوى على ثبوت أحكام خاصة للمهر من التنصيف، و المطالبة، و جواز الهبة مثلا فلا موضوع لمثل هذه الأحكام في مثل هذا الحق، فينتفي موضوع المهرية حينئذ.

و يمكن أن يقال: بترتب هذه الأحكام بتبديل الحق إلى القيمة و المال و لكنه تكلّف.

و أما معتبرة حمادة بنت الحسن أخت أبي عبيدة الحذاء قالت: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة و شرط لها أن لا يتزوج عليها و رضيت أن ذلك

ص: 161


1- الوسائل باب: 21 من أبواب المهور الحديث: 4 و 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب المهور الحديث: 9.

اذن صاحبه يصح ذلك (57)، و كذا لو جعل المهر ما تعلق به الحقوق الشرعية ثمَّ أداها من غيره (58)، كما يصح جعله من المال المشترك مع تحقق الشرائط (59).

مسألة 20: الصداق مضمون على الزوج مطلقا

(مسألة 20): الصداق مضمون على الزوج مطلقا حتى يرده إلى الزوجة (60) فلو أتلفه أو تلف قبل تسليمه إليها يكون ضامنا للمثل أو القيمة (61)

______________________________

مهرها؟ قالت: فقال عليه السّلام هذا شرط فاسد لا يكون النكاح إلا على درهم أو درهمين» (1)، فلا ريب في ان ذكر الدرهم و الدرهمين إنما هو من باب المثال لكل ما يكون فيه نحو من المالية و يتراضيان عليه كما مر.

(57) للعمومات، و ما تقدم من أدلة صحة الفضولي و كونه على طبق القاعدة إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام.

و إن لم يأذن صاحبه فالمرجع المثل أو القيمة و العقد صحيح كما مر.

(58) يظهر مما تقدم وجه الصحة في ذلك، فلو أجاز الولي الشرعي للحقوق صح أيضا لما عرفت.

(59) لإطلاق قولهم عليهم السّلام: «ما تراضيا عليه» (2)، فتصير شريكة كسائر الشركاء.

(60) لقوله تعالى وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (3)، و الإجماع، مع انه إذا التزم بذلك تشمله العمومات و الإطلاقات المتقدمة.

و الضمان في المقام ضمان يد لا أن يكون ضمان معاوضة، لعدم ترتب أحكام ضمان المعاوضة من تبعيض العقد و مثله.

(61) لقاعدة اليد و قد مر في كتاب البيع أن المدار على قيمة وقت الأداء لا

ص: 162


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 1.
2- تقدم في صفحة: 146.
3- سورة النساء: 25.

و لو أتلفته فلا ضمان في البين (62).

مسألة 21: إذا تراضى الكافران في الصداق على ما لا يملكه المسلم

(مسألة 21): إذا تراضى الكافران في الصداق على ما لا يملكه المسلم ثمَّ أسلما بعد ذلك قبل دفعه لها يتبدل إلى القيمة (63).

مسألة 22: لو أصدقها مالا و تمَّ العقد و سلّمه إليها ثمَّ خرج المال عن الانتفاع رأسا

(مسألة 22): لو أصدقها مالا و تمَّ العقد و سلّمه إليها ثمَّ خرج المال عن الانتفاع رأسا إما بزوال الموضوع أو بعروض المانع وقع النقص على المرأة (64) بلا فرق في ذلك بين قبل الدخول أو بعده (65).

______________________________

غيره فراجع (1).

(62) لفرض أن التلف وقع بفعلها و لا يعقل أن يكون الشخص ضامنا لماله، فيكون التلف كالقبض حينئذ.

(63) لتبدل الحال فيتبدل موضوع الحكم لا محالة مضافا إلى معتبرة عبيد ابن زرارة قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دنا خمرا و ثلاثين خنزيرا ثمَّ أسلما بعد ذلك و لم يكن دخل بها، قال: ينظر كم قيمة الخنازير و كم قيمة الخمر و يرسل به إليها ثمَّ يدخل عليها و هما على نكاحهما الأول»(2).

(64) لفرض حصول الضرر عليها في ملكها فلا معنى لتدارك الضرر من غيرها.

نعم، لو علم الرجل بذلك قبل العقد فأمهرها بداعي تخليص المال لكونها ذات شوكة مثلا، أو احتال في ذلك بأن كان يعلم بأن المال يخرج عن الانتفاع فأمهرها و لم يبين لها ذلك يتبدل حينئذ إلى مهر المثل، و إن كان الأحوط التراضي.

(65) لفرض أنها تصير مالكة لتمام المهر بمجرد العقد على ما سيأتي من التفصيل.

ص: 163


1- تقدم في المجلد السادس عشر صفحة: 266.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب المهور الحديث: 2.

مسألة 23: لو أصدقها ثمَّ نسيا ذلك و لم تكن أمارة على التعيين يؤخذ بالأقل

(مسألة 23): لو أصدقها ثمَّ نسيا ذلك و لم تكن أمارة على التعيين يؤخذ بالأقل و يترك الأكثر (66)، و الأحوط التراضي على مهر المثل (67)، و لو كان مترددا بين المتباينين فالمرجع التصالح (68).

مسألة 24: لو وجدت في الصداق عيبا سابقا على العقد فلها الخيار بين الرد و أخذ الأرش

(مسألة 24): لو وجدت في الصداق عيبا سابقا على العقد فلها الخيار بين الرد و أخذ الأرش (69)، و إن عاب بعد العقد في يد الزوج يكون الضمان عليه (70) و لو عاب في يدها فلا شي ء (71).

______________________________

(66) لدوران الأمر بين الأقل و الأكثر فتجري البراءة عن الأخير.

(67) لأنه حسن على كل حال.

(68) لأن الحق لا يعدوهما فلا بد من التراضي بينهما.

و أما التخيير فهو و إن كان في مورد التردد بين المتباينين إلا أن الجزم به لهما أو لأحدهما مشكل و إن كان الأول يرجع إلى ما ذكرنا نتيجة.

(69) لتحقق الالتزام العقدي على الصحيح و مع عدم الوفاء به يكون إلزامها بالأخذ ضررا عليها و ان عدم وجوب اللزوم و الالتزام العقدي عبارة أخر عن ما ذكرنا.

و القول بأن ثبوت الأرش يحتاج إلى دليل خاص و هو مفقود.

غير صحيح بأنه يمكن أن يكون ثبوت الأرش من لوازم الالتزام بالصحيح، فيرجع الالتزام إلى تدارك المالية إما بالعين الصحيح أو بتدارك العيب بالأرش أو برد المثل أو القيمة إن شاء الطرف، فيصح جعل الأرش من اللوازم العرفية للالتزام بالصحيح.

و من ذلك يظهر أن ما أشكل في الجواهر رحمه اللّه يمكن الخدشة فيه.

(70) لقاعدة اليد. و أما ثبوت الخيار لها فمقتضى الأصل عدمه بعد إمكان تدارك المالية.

(71) لأنه عاب في ملكها بعد تملكها.

ص: 164

مسألة 25: إذا كان سبب العيب في الصداق سابقا على العقد

(مسألة 25): إذا كان سبب العيب في الصداق سابقا على العقد و لكن كان حدوثه بعد تسليمه إليها فهل يثبت بذلك الخيار أو لا؟ (72).

مسألة 26: لو اختلفا في العيب أو اختلفا في زمان حدوث العيب

(مسألة 26): لو اختلفا في العيب أو اختلفا في زمان حدوث العيب مع عدم إمكان تبين الحال فالقول قول منكر الخيار مع يمينه (73).

مسألة 27: لو تزوجها بصداق معين سرا و بآخر جهرا فلها الأول دون الثاني

(مسألة 27): لو تزوجها بصداق معين سرا و بآخر جهرا فلها الأول دون الثاني (74)، سواء كان الأول أقل و الثاني أكثر أو بالعكس (75).

مسألة 28: إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه

(مسألة 28): إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه (76)، فإن كان دينا عليه و لم يكن قد دفعه برئت ذمته من نصفه، و إن

______________________________

(72) إن عد نفس السبب عيبا عرفا و لم تعلم به كان لها الخيار حينئذ لما تقدم، و إلا فلا خيار لها فيختلف ذلك باختلاف الموارد و الحالات.

(73) لأصالة اللزوم، و عدم تحقق موجب الخيار بعد فرض عدم أصل موضوعي و لا قرينة معتبرة على الخلاف، و أما اليمين فلما يأتي في كتاب القضاء من أنها لقطع الخصومة و اللجاج.

(74) لأنهما تراضيا على ما بينهما سرا، فيصير الثاني لغوا شرعا و لا يوجب أي لزوم و التزام مضافا إلى الإجماع و صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:

«في رجل أسرّ صداقا و أعلن أكثر منه، فقال عليه السّلام: هو الذي أسرّ و كان عليه النكاح» (1).

(75) لإطلاق ما تقدم، و لما عرفت من أن المدار على الرضا بينهما و تبانيهما على ذلك بلا فرق في الفرض.

(76) لقوله تعالى وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ (2)، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في

ص: 165


1- الوسائل باب: 15 من أبواب المهور الحديث: 1.
2- سورة البقرة: 237.

كان عينا صارت مشتركة بينه و بينها (77)، و لو كان دفعه إليها استعاد نصفه إن كان باقيا (78)، و إن كان تالفا استعاد نصف مثله إن كان مثليا أو نصف قيمته إن كان قيميا (79)، و في حكم التلف نقله إلى الغير بناقل لازم (80) و أما لو كان انتقاله منها إلى الغير بناقل جائز كالبيع بخيار تخيرت في الرجوع و دفع نصف العين و في دفع بدل النصف (81).

مسألة 29: إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق المرأة تمام المهر

(مسألة 29): إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق المرأة تمام المهر (82)،

______________________________

موثق أبي بصير: «إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فقد بانت و تزوج إن شاءت من ساعتها، و إن كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر، و إن لم يكن فرض لها مهرا فليمتعها» (1)، إلى غير ذلك من الروايات مضافا إلى الإجماع.

(77) لأنه لا معنى للسقوط إلا ذلك.

(78) للإجماع، و لأنه ماله، فمقتضى قاعدة اليد رده إليه.

(79) لما مر في أحكام المعاملات من أن التلف سبب للانتقال إلى المثلية إن كان له مثل و إلا فالقيمة أي المالية مضافا إلى الإجماع.

(80) لأنه في حكم التلف نعم، لو عاد بإقالة أو إرث أو شراء أو غيرها قبل الدفع أدى منه، لزوال المانع و بقاء حقه فيه و إن عاد بعد الدفع لم يكن له الرجوع لسقوط حقه منها كما مر في أحكام المعاملات.

(81) لأن لها حل العقد و الإعطاء من العين أو إمضائه كما كان و الإعطاء من البدل هذا إذا لم تكن عناوين ثانوية في البين و إلا فتكون هي المتبعة.

و لو تعلق به حق لازم من غير انتقال كالرهن أو الإجارة فليس له أيضا إلا البدل إلا أن يصبر برضاه حتى يخلص العين من الحق فيأخذ حقه منه.

(82) كما نقله جمع منهم صاحب السرائر و الجواهر رحمهما اللّه و عن

ص: 166


1- الوسائل باب: 51 من أبواب المهور الحديث: 1.

و قيل بأن الموت كالطلاق (83) يكون سببا لتنصيف المهر و هو الأقوى

______________________________

المرتضى رحمه اللّه دعوى الإجماع عليه.

(83) كما نسب إلى الصدوق، و ظاهر الكليني و غيرهما «رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين» و لا بد من بيان المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و اخرى: بحسب الإطلاقات و العمومات الواردة في أصل المهر.

و ثالثة: بحسب العمومات الواردة في الطلاق قبل الدخول و العمومات الواردة في الإرث.

و رابعة: بحسب بالأدلة الخاصة.

و خامسة: في الشهرة و الإجماع المدعى على استحقاق التمام.

أما الأول فالمسألة من صغريات الأقل و الأكثر فإن استحقاقها للنصف معلوم و الشك إنما هو في الزائد عليه، فيرجع إلى أصالة عدم سلطنتها عليه بعد التشكيك في شمول العمومات و الإطلاقات للمقام.

لكنه محكوم باستصحاب بقاء ملكيتها على التمام و الاستصحاب مقدم على البراءة كما ثبت في محله.

فلا مجال للأصل الحكمي مع وجود الأصل الموضوعي.

و يمكن أن يقال: أن المتيقن إنما هو الملكية المستقرة بالنسبة إلى النصف لا التمام، فيتحد مفاد الأصل الموضوعي حينئذ مع الأصل الحكمي فلا مخالفة في البين حتى تتحقق الحاكمية و المحكومية إلا على بعض الاحتمالات الضعيفة في تملكها للمهر، و لا يعتنى بها كما سيأتي في محله.

و أما الثانية: أن التمسك بعمومات وجوب دفع تمام المهر على الزوج- مثل قوله تعالى وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (1)، و في صحيح حماد عن أبي

ص: 167


1- سورة النساء: 25.

.....

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام: «من تزوج امرأة و لا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها فهو زنا» (1)، و غيره من الروايات- تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية فلا وجه لذلك كما قررناه في الأصول (2)، لأن الشك في التخصيص و تردد المقام بين كونه من أفراد المخصص أو من افراد العام.

و يصح التمسك بالعموم مثل قوله تعالى وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً (3)، بمجرد المسمى و الطبيعة.

و أما الثالثة: فمثل قوله تعالى وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ (4)، و في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فقد بانت و تزوج إن شاءت من ساعتها، و إن كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر، و إن لم يكن فرض لها فليمتعها» (5)، و قريب منه غيرها.

فيمكن أن يكون ذكر الطلاق من باب المثال فيشمل الموت أيضا كما تأتي الروايات الدالة على ذلك، و أما العمومات الواردة في الإرث مثل ما ورد في معتبرة سماعة: «سألته عن المتوفى عنها زوجها و لم يدخل بها؟ فقال: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها و عليها العدة و لها الميراث» (6)، و قريب منها غيرها فتحمل على القسم الأول من الروايات الآتية.

و أما الرابعة: و هي العمدة فتكون على قسمين.

القسم الأول روايات كثيرة تبلغ خمس عشر رواية بين صحيحة و موثقة معتبرة تدل على التنصيف، منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

ص: 168


1- الوسائل باب: 11 من أبواب المهور الحديث: 3.
2- راجع تهذيب الأصول ج 1 صفحة: 127 ط- 2 بيروت.
3- سورة النساء: 4.
4- سورة البقرة: 237.
5- الوسائل باب: 51 من أبواب المهور الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 20.

.....

______________________________

«سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثمَّ يموت قبل أن يدخل بها؟ فقال: لها الميراث و عليها العدة أربعة أشهر و عشرا، و إن كان سمى لها مهرا يعني صداقا فلها نصفه، و إن لم يكن سمى لها مهرا فلا مهر لها» (1).

و منها صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «إن لم يكن دخل بها و قد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض لها، و لها الميراث و عليها العدة» (2).

و منها: معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال:

في المتوفى عنها زوجها و لم يدخل بها: إن لها نصف الصداق و لها الميراث و عليها العدة»(3).

و منها: معتبرة عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة هلك زوجها و لم يدخل بها؟ قال: لها الميراث و عليها العدة كاملة، و إن سمى لها مهرا فلها نصفه، و إن لم يكن سمى لها مهرا فلا شي ء لها» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

القسم الثاني الروايات التي تدل على التمام و هي أيضا كثيرة لم تبلغ القسم الأول في الكثيرة إلا انها تبلغ خمس روايات.

منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الكناني: «إذا توفي الرجل عن امرأته و لم يدخل بها فلها المهر كله إن كان سمى لها مهرا و سهمها من الميراث، و إن لم يكن سمى لها مهرا لم يكن لها مهر و كان لها الميراث» (5).

و منها: صحيح منصور بن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها؟ قال لها: صداقها كاملا و ترثه و تعتد أربعة أشهر و عشرا كعدة المتوفى عنها زوجها» (6).

ص: 169


1- الوسائل باب: 12 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 6 و 5 و 4.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 6 و 5 و 4.
4- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 6 و 5 و 4.
5- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 21.
6- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 22.

خصوصا في موت المرأة (84) و إن كان الأحوط التصالح خصوصا في موت الرجل (85).

______________________________

و منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها: إن كان فرض لها مهرا فلها مهرها الذي فرض لها، و لها الميراث و عدتها أربعة أشهر و عشرا كعدة التي دخل بها» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

و عن جمع تقديم القسم الأول لكثرته و لأن رواته أوثق و أورع و من فضلاء الأصحاب، و لقوة الدلالة، و عدم قبولها للحمل على خلاف الظاهر بخلاف القسم الثاني، و لبعد القسم الأول عن التقية و إمكان حمل القسم الثاني عليها، و يستفاد ذلك من معتبرة منصور بن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل تزوج امرأة و سمى لها صداقا ثمَّ مات عنها و لم يدخل بها، قال:

المهر كاملا و لها الميراث، قلت: فإنهم رووا عنك أن لها نصف المهر، قال: لا يحفظون عني إنما ذلك للمطلقة» (2)، إلى غير ذلك من المرجحات هذا. و الظاهر أن التنصيف هو الصحيح، لبنائهم على العمل بتلك المرجحات في موارد شتى كما تقدم مكررا في الفقه.

و أما الخامسة: فهي دعوى الشهرة و الإجماع على التمام فيمكن أن يقال انهما حصلا من ترجيحهم القسم الثاني على القسم الأول معتضدا لذلك بالأصل و الإطلاقات و العمومات، و لكن لا اعتبار بهما للترجيح بعد قوة القسم الأول من الروايات كما مر و اللّه العالم.

(84) للجمود على ما ورد في موت الرجل بأن لها المهر، فإن الروايات الدالة على استحقاق التمام في الموت إنما ورد في موت الزوج فلا تشمل موت المرأة.

(85) لأن ما دل من الأخبار على التنصيف أغلبها في موت الرجل ثمَّ إنه

______________________________

(1)

(2)

ص: 170


1- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 23.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 24.

مسألة 30: الصداق تملكه المرأة بنفس العقد

(مسألة 30): الصداق تملكه المرأة بنفس العقد (86) و تستقر ملكية تمامه بالدخول (87)، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول عاد إليه النصف و بقي

______________________________

يمكن أن يستفاد من قوله عليه السّلام في معتبرة عبيد بن زرارة: «إن هلكت أو هلك أو طلقها فلها النصف و عليها العدة كملا و لها الميراث»(1)، و قوله عليه السّلام في صحيح زرارة «أيهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها و إن لم يكن فرض لها فلا مهر لها» (2)، قاعدة كلية و هي: «تنصيف المهر مطلقا ما لم يدخل و يستقر التمام بالدخول» إلا ما خرج بالدليل مثل الفسخ بالمجوزات الشرعية، فإن كان قبل الدخول فلا مهر على ما مر من التفصيل، و إن كان بعده استقر المهر على تفصيل يأتي.

و هل يشمل هذا الحكم عقد الانقطاع أيضا أو لا؟ قولان. من الإطلاق فيشمل، و من إمكان الانصراف الى الدوام فلا يشمل.

(86) لاقتضاء قاعدة عدم صحة تخلف المسبب عن السبب ذلك كما في جميع العقود المترتبة عليها آثارها من حين حدوث العقد ما لم يكن مانع في البين.

و هذا هو مقتضى الإطلاقات أيضا مثل قوله تعالى وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ (3)، مع ظهور الاتفاق عليه.

و أما صحيح ابن مسلم سأل أبا جعفر الباقر عليه السّلام: «متى يجب المهر؟ قال:

إذا دخل بها» (4)، و قول الصادق عليه السّلام في معتبرة يونس بن يعقوب: «لا يوجب المهر إلا الوقاع» (5)، فهما بمعنى استقرار تمامه لا ثبوت أصله في الجملة.

(87) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي في رجل

ص: 171


1- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 3 و 7.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب المهور الحديث: 3 و 7.
3- سورة النساء: 4.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 7 و 6.
5- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 7 و 6.

للمرأة النصف (88)، فلها التصرف فيه بعد العقد بأنواع التصرفات (89).

و لو حصل له نماء كان لها خاصة (90) و بعد ما طلقها قبل الدخول

______________________________

دخل بامرأة قال: «إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» (1)، و في معتبرة داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا أولجه فقد وجب الغسل و الجلد و الرجم و وجب المهر» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(88) لقوله تعالى وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ (3)، و النصوص المستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فقد بانت و تزوج إن شاءت من ساعتها، و إن كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر، و إن لم يكن فرض لها مهرا فليمتعها» (4)، و في معتبرة عبيدة بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها؟ فقال: إن هلكت أو هلك أو طلقها فلها النصف و عليها العدة كاملة و لها الميراث» (5)، إلى غير ذلك من النصوص مضافا إلى الإجماع.

(89) لقاعدة السلطنة و انه لا معنى للملكية إلا هذا مضافا إلى الإجماع.

(90) لقاعدة تبعية النماء للملك المسلّمة بين المسلمين بل العقلاء.

و أما ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح أبي بصير قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة على بستان له معروف و له غلة كثيرة، ثمَّ مكث سنين لم يدخل بها ثمَّ طلقها؟ قال عليه السّلام: ينظر إلى ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطيها نصفه، و يعطيها نصف البستان إلا أن تعفو فتقبل منه و يصطلحا على شي ء ترضى به منه، فهو أقرب للتقوى» (6)، فلا بد و أن يحمل على ما إذا كان المهر

ص: 172


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3 و 5.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3 و 5.
3- سورة البقرة: 237.
4- الوسائل باب: 51 من أبواب المهور الحديث: 1 و 4.
5- الوسائل باب: 51 من أبواب المهور الحديث: 1 و 4.
6- الوسائل باب: 30 من أبواب المهور الحديث: 1.

كان له نصف ما وقع عليه العقد (91)، و لا يستحق من النماء السابق شيئا (92).

مسألة 31: لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثمَّ طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها

(مسألة 31): لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثمَّ طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها (93)، و كذا لو كان الصداق عينا فوهبته إياها رجع بنصف مثلها إليها أو قيمة نصفها (94).

______________________________

البستان مع الغلة من حين حدوث أصل الزوجية أو يحمل على محامل اخرى لئلا ينافي الإجماع و القاعدة.

(91) بلا نماء أصلا إلا ما يحدث في ملكه، لأن النماء تابع للملك و المفروض أن الزوجة ملكت تمام المهر كما في كل ملكية متزلزلة حيث إن نماء تمام الملك للمنتقل إليه و ليس للمنتقل منه شي ء من النماء.

(92) للأصل و الإجماع بعد استقرار ملكية الزوجة للنماء فقط كما مر.

(93) على المشهور لما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة سماعة «رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثمَا جعلته من صداقها في حل، أ يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم إذا جعلته في حل فقد قبضته منه و إن خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الزوج نصف الصداق» (1).

و في موثق شهاب بن عبد ربه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم فبعث بها إليها فردتها عليه و وهبتها له و قالت: أنا فيك أرغب مني في هذا الألف هي لك فتقبلها منها ثمَّ طلقها قبل أن يدخل بها؟

قال عليه السّلام: لا شي ء لها و ترد عليه خمسمأة درهم» (2)، و هما مطابقان للقاعدة أيضا لأنها قد تصرف فيها بالإسقاط كما إذا وهبت المال لغير الزوج أو تصرفت فيه يجب عليها دفع النصف مع الطلاق قبل الدخول عينا أو مثلا أو قيمة.

(94) ظهر مما تقدم الوجه في ذلك.

ص: 173


1- الوسائل باب: 41 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب المهور.

مسألة 32: لو عفى من بيده عقدة النكاح عن المهر يصح

(مسألة 32): لو عفى من بيده عقدة النكاح عن المهر يصح و يمضي مع الشرائط (95).

مسألة 33: لو وهبت نصف مهرها ثمَّ طلقها الزوج قبل الدخول

(مسألة 33): لو وهبت نصف مهرها ثمَّ طلقها الزوج قبل الدخول

______________________________

(95) أما أصل الصحة فلقوله تعالى وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ (1)، و الروايات المستفيضة كما يأتي و الإجماع.

و أما اعتبار تحقق الشرائط فلأصالة عدم السقوط بعد الثبوت إلا بما اقتضته الأدلة الشرعية و هي ثبوت الولاية الشرعية في أصل النكاح كما مر في (فصل أولياء النكاح) و المصلحة في العفو.

ثمَّ إن المراد بالذي بيده عقدة النكاح هو الولي الشرعي الذي هو الأب و الجد و إن علا، و من وكلته المرأة في العقد و المهر وكالة تفويض إثباتا و إسقاطا مع كونها جامعة للشرائط سواء كان الوكيل أخا أم غيره، و هو الجامع بين تمام الروايات الواصلة إلينا بعد رد بعضها إلى بعض، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «الذي بيده عقدة النكاح فهو ولي أمرها» (2)، و في معتبرة الحلبي:

«هو الأب و الأخ و الرجل يوصى إليه، و الرجل يجوز أمره في مال الإمرة فيبيع لها و يشتري، فإذا عفا فقد جاز» (3)، و نحوها معتبرة سماعة المحمولتان في ما سوى الأب على الوكالة المفوضة الشرعية بقرينة صحيح ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «يعني الأب و الذي توكله المرأة و توليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما» (4)، و كذا ما في معتبرة إسحاق بن عمار «أبوها إذا عفا جاز له، و أخوها

ص: 174


1- سورة البقرة: 237.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 52 من أبواب المهور الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الوكالة الحديث: 1.

يرجع إليها ربع مهرها و هكذا بالنسبة (96).

مسألة 34: التمكين ليس شرطا لاستحقاق المرأة المهر

(مسألة 34): التمكين ليس شرطا لاستحقاق المرأة المهر (97) بل تملكه بمجرد العقد (98)، و هل للزوجة الامتناع من التمكين من جهة التقاص حتى تأخذ مهرها إن امتنع الزوج عن أدائه إن كان حالا أو حل بعد الأجل؟ الظاهر لها ذلك (99).

______________________________

إذا كان يقيم بها و هو القائم عليها فهو بمنزلة الأب يجوز له، و إذا كان الأخ لا يهتم و لا يقيم عليها لم يجز أمره» (1)، إلى غير ذلك من النصوص التي تحمل بعضها على بعضها الآخر لما مر، و المتفق منها جميعا انه غير الزوج كما فصلنا ذلك في التفسير.

و أما قول الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن أبي عمير: «و متى طلقها قبل الدخول فلأبيها أن يعفو عن بعض الصداق و يأخذ بعضا و ليس له أن يدع كله» (2)، و كذا في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام أيضا: «الذي بيده عقدة النكاح، فقال: الولي الذي يأخذ بعضا و يترك بعضا و ليس له أن يدع كله» (3)، فهما محمولان على انتفاء المصلحة إلا في العفو عن البعض.

(96) لفرض انها بعد الهبة مالكة لنصف المهر فإذا طلقت قبل الدخول تستقر ملكها بالنسبة إلى الربع و هكذا يلاحظ النسبة في الصداق المفروض و ما وهبته أو أبرأته.

(97) للإطلاقات و العمومات المتقدمة.

(98) لما مر من الإطلاقات الدالة على أنها تملكه بمجرد العقد.

(99) لعمومات أدلة التقاص الشاملة لصحة التقاص لكل ذي حق استيفاء

ص: 175


1- الوسائل باب: 52 من أبواب المهور الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الوكالة الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب المهور الحديث: 3.

مسألة 35: لو لم تمكّن من نفسها و طلقها الزوج قبل الدخول

(مسألة 35): لو لم تمكّن من نفسها و طلقها الزوج قبل الدخول تستحق نصف المهر (100).

مسألة 36: الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي

(مسألة 36): الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي و لو دبرا (101)، و إذا اختلف الزوجان بعد ما طلقها فادعت وقوع المواقعة

______________________________

حقه، و ان التمكين ليس حكما تكليفيا محضا بل تقدم أن النكاح برزخ بين المعاوضة و غيرها فيجري فيه التقاص من حيث الحقية.

(100) لإطلاقات أدلة التنصيف المتقدمة و لا مدخلية للتمكين فيه.

(101) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» (1)، و قوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا أدخله وجب الغسل و المهر و الرجم» (2)، إلى غير ذلك من النصوص المعتبرة.

و إلحاق الدبر بالقبل، للإجماع عليه، و أصالة المساواة بين الفرجين في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام.

و أما قول الصادق عليه السّلام: «لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج» (3)، فالحصر إضافي بالنسبة إلى سائر الاستمتاعات لا بالنسبة إلى الدبر، كما ان ما دل على أن مجرد الخلوة يوجب المهر مثل خبر أبي عبيدة عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتزوج المرأة البكر أو الثيب فيرخي عليه و عليها الستر أو غلق عليه و عليها الباب، ثمَّ يطلقها فتقول لم يمسني و يقول هو لم أمسها، قال: لا يصدقان لأنها تدفع عن نفسها العدة و يدفع عن نفسه المهر»(4)، و في صحيح زرارة عن أبي

ص: 176


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3 و 9.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3 و 9.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 6.
4- الوسائل باب: 56 من أبواب المهور الحديث: 3.

فأنكرها فالقول قوله بيمينه (102) و له أن يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البينة على العدم إن أمكن (103)، كما إذا ادعت المواقعة قبلا و كانت بكرا

______________________________

جعفر عليه السّلام قال: «إذا تزوج الرجل ثمَّ خلا بها فأغلق عليها بابا أو أرخى سترا ثمَّ طلقها فقد وجب الصداق و خلاؤه بها دخول» (1)، و مثله غيره محمول أو مطروح.

ثمَّ إن الدخول الموجب لاستقرار المهر و العدة هو التقاء الختانين كما مر و هو: تارة يتحقق بالطريق المعروف بأن تنهض الآلة و يدخلها.

و اخرى: أن يدخل مقدارا منها باستعانة اليد مثلا لمرض كالعنن أو ضعف أو عوارض اخرى و يتحقق بذلك أيضا تلك الآثار من العدة و المهر، و الغسل و الرجم، لتحقق الجنابة التي هي من آثار الدخول و التفكيك بين آثار الدخول يحتاج إلى دليل و هو مفقود، و يمكن الاستشهاد بمعتبرة أبي نصر البزنطي قال:

«سألت الرضا عليه السّلام عن خصي تزوج امرأة على ألف درهم ثمَّ طلقها بعد ما دخل بها؟ قال: لها الألف التي أخذت منه و لا عدة عليها» (2).

كما أنه لا يعتبر الانزال لما مر من الإطلاقات و في صحيح عبد اللّه ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه و لم يمسها و لم يصل إليها حتى طلقها هل عليها عدة منه؟ فقال: إنما العدة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة» (3).

(102) لأصالة عدم تحقق الدخول و قاعدة «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر».

(103) لعموم ما دل على حجية البينة الشامل لهذه الصورة أيضا مع صحة

ص: 177


1- الوسائل باب: 55 من أبواب المهور الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب المهور.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1.

و كانت عنده بينة على بقاء بكارتها (104).

مسألة 37: إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج

(مسألة 37): إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج فإن كان قبل الدخول فالقول قوله بيمينه (105)، و إن كان بعد الدخول كلفت بالتعيين (106) بل لا يبعد عدم سماع الدعوى منها ما لم تفسّر (107) و انه لا يسمع منها مجرد قولها «لي عليه المهر» ما لم تبيّن

______________________________

التأييد للعموم بما ورد في نظير المقام من صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها، أو تزوج رتقاء فادعت عليه، فطلقها ساعة أدخلت عليه؟ قال: هاتان ينظر إليهن من يوثق به من النساء، فإن كن كما دخلن عليه فإن لها نصف الصداق الذي فرض لها، و لا عدة عليهن منه، قال: فإن مات الزوج عنهن قبل أن يطلق فإن لها الميراث و نصف الصداق و عليهن العدة أربعة أشهر و عشرا» (1).

(104) و كذا لو شهدت البينة بعدم ملاقاتها بعد تحقق العقد لمانع كالسفر و المرض و غيرهما.

(105) لأصالة عدم الذكر في العقد، و لما مر من عدم اشتراط صحة النكاح بذكره، و لأصالة براءة ذمة الزوج عما تدعيه المرأة.

و اليمين إنما هي لقطع الخصومة و المنازعة.

(106) لأنه لا يترتب الأثر على الدعوى إلا بالتعيين فلا بد من تصدى الحاكم الشرعي من باب الحسبة.

(107) كما عن جمع منهم الشيخ و الشهيد قدّس سرّهما لعدم سماع الدعوى المجهولة.

و أصالة عدم وجوب التكليف بالتفسير مع إمكانه و التنظير بالإقرار و الوصية قياس لا نقول به.

ص: 178


1- الوسائل باب: 57 من أبواب المهور.

المقدار (108)، فإذا فسرت و قالت: «إني أطلب منك مهري و هو المبلغ الفلاني» و لم يكن أزيد من مهر المثل حكم لها عليه بما تدعيه (109) و لا يسمع منه إنكار أصل المهر (110).

نعم، لو قال في جوابها «نعم قد كان عليّ كذا إلا أنه قد سقط عني إما بالأداء أو الإبراء» يسمع منه ذلك (111) إلا أنه يحتاج إلى الإثبات (112)، فإن أقام البينة على ذلك ثبت مدعاه (113)، و إلا فله عليها اليمين (114)، فإن حلفت على نفي الأداء أو الإبراء ثبتت دعواها (115)،

______________________________

(108) لتردده بين ما لا يقبل النزاع فيه مثل شي ء يسير فلا موضوع للخصومة حينئذ و لا فائدة لها، و بين الشي ء الكثير المردد بين المتباينين أو غيرهما.

(109) لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع من ثبوت مهر المثل على أي حال.

(110) للأخبار الدالة على ثبوت استحقاق الزوجة للمهر مع الدخول مثل قول الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن سرحان: «إذا أولجه فقد وجب الغسل و الجلد و الرجم و وجب المهر» (1)، و مثلها غيرها مع أن إنكاره خلاف الظاهر غالبا بعد تحقق الدخول منه.

(111) لكونها حينئذ دعوى فيها غرض صحيح و فائدة فلا بد من سماعها.

(112) لأصالة عدم اعتبار كل دعوى إلا بعد قيام حجة معتبرة على ثبوتها و صدقها كما فصلنا ذلك في كتاب القضاء.

(113) لعموم حجية البينة الشامل للمقام أيضا كما ذكرنا في كتاب القضاء.

(114) لانحصار فصل الخصومة حينئذ بالحلف.

(115) لفرض اعتبار اليمين و انها حجة شرعية، و كونها قاطعة للخصومة

ص: 179


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور.

و إن نكلت سقطت (116)، و لها رد اليمين على الزوج فإن حلف على الإبراء أو الأداء سقطت دعواها (117) و إن نكل عن اليمين ثبتت (118)، هذا لو كان ما تدعيه بمقدار مهر المثل أو أقل و إن كان أكثر كان عليها الإثبات (119) و إلا فلها على الزوج اليمين (120).

مسألة 38: إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج

(مسألة 38): إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلا إذا أثبتت الزوجة بالموازين الشرعية قولها، و كذا إذا ادعت كون عين من الأعيان كدار أو بستان مهرا لها و أنكر الزوج

______________________________

ظاهرا كما تدل عليه النصوص الكثيرة تعرضنا لها في محله القضاء و من شاء فليرجع إليه.

(116) لو قلنا بسقوط الدعوى بالنكول كما ذكرنا ذلك في محله و يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(117) أما رد اليمين فلما يأتي من الأدلة في كتاب القضاء من أن للمدعي ردها إلى الخصم فلا وجه لذكرها هنا.

و أما سقوط الدعوى باليمين المردودة فلفرض انها كاليمين الأصلي في الأثر الذي هو سقوط الدعوى و إلا فلا معنى لرد اليمين كما هو واضح.

(118) لما يأتي في كتاب القضاء من أن النكول عن اليمين المردودة يوجب سقوط الدعوى (1)، و في المقام تسقط دعوى الإبراء أو الأداء و تثبت ما أقر به من المهر كما ادعته المرأة.

(119) لفرض كون المدعى به زائدا عن الحق المقرر لها شرعا فلا بد من إثباته و إلا فيحلف المدعى عليه على نفيه أو يرد اليمين على مدعيه.

(120) لما مر من انحصار فصل الخصومة فيها حينئذ.

ص: 180


1- راجع المجلد السابع و العشرين صفحة: 86.

فإن القول قوله بيمينه (121) و عليها البينة (122).

مسألة 39: إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل فقالت المرأة أنه حال معجل و قال الزوج أنه مؤجل و لم تكن بينة كان القول قولها

(مسألة 39): إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل فقالت المرأة أنه حال معجل و قال الزوج أنه مؤجل و لم تكن بينة كان القول قولها بيمينها (123)، و كذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادعت انه سنة و ادعى انه سنتان (124).

مسألة 40: لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها

(مسألة 40): لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها بيمينها (125).

______________________________

(121) كل ذلك للأصل و الإجماع و النص في الجملة، فعن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي عبيدة «في رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فادعت ان صداقها مائة دينار، و ذكر الزوج أن صداقها خمسون دينارا و ليس لها بينة على ذلك؟ قال: القول قول الزوج مع يمينه» (1).

(122) لقاعدة «أن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر».

(123) لأصالة عدم ذكر الأجل إلا أن يثبت الزوج مدعاه بحجة معتبرة.

(124) لأصالة عدم الزيادة إلا أن يثبتها الزوج بحجة شرعية.

(125) لأصالة عدم التسليم إلا أن يثبت ذلك بوجه معتبر، و أما ما ورد في بعض النصوص من تقديم قوله بعد الدخول مثل قول الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: «إذا أهديت إليه و دخلت بيته و طلبت بعد ذلك فلا شي ء لها إنه كثير لها أن يستحلف باللّه مالها قبله من صداقها قليل و لا كثير» (2)، و قوله عليه السّلام أيضا في معتبرة الحسن بن زياد: «إذا دخل الرجل بامرأته ثمَّ ادعت المهر و قال قد أعطيتك فعليها البينة و عليه اليمين» (3)، محمولة على ما إذا كان المورد محفوفا بقرائن تدل على تسليم الزوج المهر لها فيكون من تقديم الظاهر

ص: 181


1- الوسائل باب: 18 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب المهور الحديث: 8 و 7.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب المهور الحديث: 8 و 7.

مسألة 41: إذا دفع إليها قدر مهرها ثمَّ اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا فالقول قوله

(مسألة 41): إذا دفع إليها قدر مهرها ثمَّ اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا فالقول قوله بيمينه (126).

مسألة 42: لو زوج ولده الصغير فإن كان للولد مال فالمهر على الولد

(مسألة 42): لو زوج ولده الصغير فإن كان للولد مال فالمهر على الولد و إن لم يكن له مال فالمهر على عهدة الوالد (127).

فلو مات الوالد أخرج المهر من أصل تركته (128) سواء بلغ الولد

______________________________

على الأصل.

(126) لأنه أبصر بنية نفسه و الوفاء يعتبر فيه قصد الدافع لا القابض كما هو معلوم.

(127) إجماعا و نصوصا ففي موثق عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير؟ قال: إن كان لابنه مال فعليه المهر، و إن لم يكن للابن مال فالأب ضامن المهر ضمن أو لم يضمن»(1)، و في معتبرة الفضل بن عبد الملك (2)، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير؟ قال: لا بأس، قلت: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا، قلت: على من الصداق؟

قال: على الأب إن كان ضمنه لهم، و إن لم يكن ضمنه فهو على الغلام إلا أن لا يكون للغلام مال فهو ضامن له و إن لم يكن ضمن» و في معتبرة علي بن جعفر عن أخيه عليهما السّلام قال: «سألته عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير فدخل الابن بامرأته على من المهر على الأب أو على الابن؟ قال: المهر على الغلام، و إن لم يكن له شي ء فعلى الأب ضمن ذلك على ابنه أو لم يضمن إذا كان هو انكحه و هو صغير» (3)، و لو عقد النكاح من دون إذن الولي و إجازته و أجاز بعد البلوغ فلا شي ء على الأب للأصل، و ما مر من معتبرة أبي جعفر.

(128) لأنه دين و كل دين يخرج من أصل التركة إجماعا و نصوصا لما مر

ص: 182


1- الوسائل باب: 28 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب المهور الحديث: 4.

و أيسر أم لا (129).

مسألة 43: لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثمَّ بلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر

(مسألة 43): لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثمَّ بلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر و كان له دون والده (130).

مسألة 44: لو أصدقها تعليم صناعة أو حرفة فادعت أنه علمني غيرها فالقول قولها مع اليمين

(مسألة 44): لو أصدقها تعليم صناعة أو حرفة فادعت أنه علمني غيرها فالقول قولها مع اليمين (131).

مسألة 45: لو ادعت المرأة أنه تزوجها في وقتين بعقدين

(مسألة 45): لو ادعت المرأة أنه تزوجها في وقتين بعقدين مستقلين على مهرين كذلك فادعى الزوج تكرار العقد الواحد فالقول قولها (132)،

______________________________

في كتاب الدين.

(129) للأصل بعد الاستقرار في ذمة الوالد و عدم فراغ الذمة ببلوغ الولد و يساره.

(130) لأن الزوجة صارت مالكة للمهر بمجرد عقد النكاح، و الطلاق قبل الدخول يوجب رجوع نصف المهر إلى الزوج دون غيره فيملك الزوج أي الولد النصف دون والده، مع أن الظاهر ان المهر كان هبة إلى الابن فتصير من هبة ذي الرحم الذي لا يرجع فيها.

(131) أما تقديم قولها فللأصل إلا أن يثبت الزوج مدعاه بحجة معتبرة، و أما اليمين فلقطع الخصومة كما مر مكررا.

نعم، لو كان المورد من التداعي فيجري عليهما حكمه فتلجأ إلى الأصل و هو عدم وصول حقها إليها.

(132) لظهور العقدين في الاستقلال إلا أن يدل دليل على الخلاف و هو مفقود، فحينئذ يترتب آثار الصحة على كل من العقدين فيلزم بالمهرين إن كانت صورة النزاع كما فرض، و يمكن فرض صورا اخرى فيه، فيختلف الحكم حينئذ لا محالة.

ص: 183

و لو أنكر الزوج أصل التكرار و ادعى عقدا واحدا و مهرا كذلك فيقدم قوله حينئذ (133).

مسألة 46: لا يعتبر في المهر ملكية الزوج له

(مسألة 46): لا يعتبر في المهر ملكية الزوج له فيصح الامهار و لو كان مال الغير لكن مع إباحة التصرف فيه من المالك في كل جهة حتى الامهار للزوجة (134).

______________________________

(133) للأصل إلا أن تثبت المرأة قولها بحجة شرعية.

(134) للأصل و الإطلاقات و العمومات بعد عدم ما يظهر منه التخصيص، و حينئذ فلو جعل شخص ماله وديعة مثلا عند شخص آخر و أذن له في جميع التصرفات حتى الأمهار، و أمهره لزوجته، ثمَّ طلقها قبل الدخول فهل يرجع النصف إلى الزوج أو يرجع إلى المالك؟ الظاهر هو الثاني لأصالة بقاء ملكية المال على ملك مالكه الأول، و لا ينافي ذلك إباحة جميع التصرفات للزوج.

إلا أن يقال أن ملكية الزوجة للمهر بعقد النكاح تكشف عن انقطاع ملكية المالك الأول.

و لكنه مخدوش لأن الانقطاع ما دامي لا دائمي فيصير نظير بدل الحيلولة.

و ما يقال: من أن الطلاق قبل الدخول مملك لا أنه فاسخ.

مخدوش: يحمل ذلك على ما هو المتعارف من مالكية الزوج للمهر كما هو الغالب أولا.

و ثانيا: أنه مملك لمن كان له الملك و في المقام هو المالك الباذل.

ص: 184

فصل في الشروط المذكورة في عقد النكاح

اشارة

فصل في الشروط المذكورة في عقد النكاح

مسألة 1: يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ

(مسألة 1): يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ (1) و يجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود (2)، لكن تخلفه أو تعذره لا يوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود (3).

نعم، لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين- مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج حرا أو مؤمنا غير مخالف- فتبين خلافه أوجب

______________________________

(1) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(2) لما دل على وجوب الوفاء بكل شرط من الكتاب و السنة و الإجماع كما مر في الشروط من كتاب البيع (1)، و عموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شروطهم» (2)، الشامل لكل عقد شرط الشرط السائغ فيه.

(3) أما عدم إيجاب تخلف الشرط للخيار في المقام فللإجماع و عدم كون النكاح من المعاوضة الحقيقية من كل جهة حتى تجري عليه جميع أحكامها، مضافا إلى أصالة اللزوم عند الشك في تحقق الخيار.

و أما إيجابه للخيار في سائر العقود فقد تعرضنا له في أحكام الشروط في البيع فراجع.

ص: 185


1- راجع المجلد السابع عشر صفحة: 215.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 4.

الخيار كما مرت الإشارة في ضمن بعض المسائل السابقة (4).

مسألة 2: إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع

(مسألة 2): إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يمنعها من الخروج من المنزل متى شاءت و إلى أين شاءت أو لا يعطي حق ضرتها من المضاجعة أو المواقعة أو النفقة و نحو ذلك بطل الشرط (5)، لكن صح العقد و المهر (6) و إن قلنا بأن

______________________________

(4) و تقدم دليله في المسألة الرابعة من التدليس.

(5) لقوله صلّى اللّه عليه و آله في معتبرة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «إن من اشترط شرطا سوى كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه» (1)، و غيرهما من الأخبار مضافا إلى الإجماع.

(6) لأن التقييد بالشرط ليس من التقييد الحقيقي أي بمعنى وحدة المطلوب بل هو من باب تعدد المطلوب في العرف مضافا إلى أصالة اللزوم، و ما يستظهر من نصوص خاصة منها ما عن زرارة: «أن ضريسا كانت تحته بنت حمران فجعل لها أن لا يتزوج عليها و لا يتسرى أبدا في حياتها و لا بعد موتها على أن جعلت له هي أن لا تتزوج بعده أبدا، و جعلا عليهما من الهدي و الحج و البدن و كل مال لهما في المساكين إن لم يف كل واحد منهما لصاحبه، ثمَّ إنه أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام فذكر ذلك له، فقال: إن لابنة حمران لحقا و لن يحملنا ذلك على أن لا نقول لك الحق اذهب فتزوج و تسر فإن ذلك ليس بشي ء و ليس عليك و لا عليها، و ليس ذلك الذي صنعتما بشي ء فجاء فتسرى و ولد له بعد ذلك أولاد» (2).

و منها: ما في معتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة و شرط لها إن هو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي

ص: 186


1- الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 2.

الشرط الفاسد يفسد العقد، فبهذا أيضا امتاز عقد النكاح عن سائر العقود (7).

مسألة 3: لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط

(مسألة 3): لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط (8) و لو أذنت بعد ذلك جاز (9)

______________________________

طالق، فقضى في ذلك ان شرط اللّه قبل شرطكم، فإن شاء و في لها بما اشترط، و إن شاء أمسكها و اتخذ عليها و نكح عليها» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه صحة مثل هذا الشرط كما في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يقول لعبده أعتقك على أن أزوجك ابنتي فإن تزوجت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار فأعتقه على ذلك، و تسري أو تزوج، قال: عليه شرطه» (2)، و قريب منه غيره (3)، محمول أو مطروح لما تقدم.

(7) لدليل خاص كما مر و هناك امتيازات اخرى فيه مثل عدم جريان الأرش أو جعل الخيار فيه و غيرها.

(8) لإطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المؤمنون عند شروطهم» (4)، و نصوص خاصة منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة سماعة: «قلت له: رجل جاء إلى امرأة فسألها أن تزوجه نفسها، فقالت: أزوجك نفسي على أن تلتمس مني ما شئت من نظر و التماس و تنال مني ما ينال الرجل من أهله إلا انك لا تدخل فرجك في فرجي و تتلذّذ بما شئت فإني أخاف الفضيحة، قال: ليس له منها إلا ما اشترط» (5)، و قريب منه غيره و دعوى انها ظاهرة في المنقطع يدفعها إطلاقها.

(9) لأن الحق لها و مع إسقاطها لحقها لا يبقى موضوع بعد ذلك لمراعاة

ص: 187


1- الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 37 من أبواب المهور.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب المهور الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب المهور الحديث: 4.
5- الوسائل باب: 36 من أبواب المهور الحديث: 1.

من غير فرق في ذلك بين النكاح الدائم و المنقطع (10).

مسألة 4: إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو أن يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص يلزم العمل بالشرط

(مسألة 4): إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو أن يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص يلزم العمل بالشرط (11).

مسألة 5: لو شرط ولي المرأة شرطا سائغا يجب على الزوج الوفاء به

(مسألة 5): لو شرط ولي المرأة شرطا سائغا يجب على الزوج الوفاء به (12)، و هل لها إسقاط الشرط إذا بلغت رشيدة؟ (13).

______________________________

الشرط مضافا إلى الإجماع، و ما عن الصادق عليه السّلام معتبرة إسحاق بن عمار (1):

«قلت له: رجل تزوج بجارية عاتق على ان لا يفتضها ثمَّ أذنت له بعد ذلك قال عليه السّلام: إذا أذنت فلا بأس».

(10) للإطلاق و الاتفاق و ما يأتي في (مسألة 12).

(11) لعدم حرمة هذا الشرط شرعا فيجب الوفاء به مضافا إلى نصوص خاصة منها صحيح أبي العباس عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتزوج المرأة و يشترط أن لا يخرجها من بلدها، قال: يفي لها بذلك» (2)، و في صحيح ابن أبي عمير قال: «قلت لجميل بن دراج رجل تزوج امرأة و شرط لها المقام في بلدها أو بلد معلوم، فقال: قد روى أصحابنا عنهم عليهم السّلام ان ذلك لها و انه لا يخرجها إذا شرط لها»(3).

(12) لشمول العمومات و الإطلاقات المتقدمة له مع كونه جامعا للشرائط التي منها ملاحظة المصلحة لها.

(13) من ان أصل الشرط كان لمصلحتها و المفروض انها ترى عدم المصلحة فيه أو المصلحة في إسقاطه فيصح الاسقاط بلا شك و من الجمود على ان الاسقاط لا بد و أن يكون ممن بيده الإثبات فلا يجوز، و لكن هذا أول الدعوى.

ص: 188


1- الوسائل باب: 36 من أبواب المهور الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.

مسألة 6: لو شرط شرطا سائغا فامتنع وجوده سقط وجوب الوفاء به

(مسألة 6): لو شرط شرطا سائغا فامتنع وجوده سقط وجوب الوفاء به (14).

مسألة 7: لو اشترطت الزوجة على الزوج شرطا سائغا يجب الوفاء به

(مسألة 7): لو اشترطت الزوجة على الزوج شرطا سائغا يجب الوفاء به (15) و تخلفه لا يوجب الخيار في عقد النكاح (16) إلا إذا كان من شرط الكمال كما مر (17).

مسألة 8: لو شرطت الزوجة شرطا سائغا على الزوج و وقع العقد مبنيا عليه

(مسألة 8): لو شرطت الزوجة شرطا سائغا على الزوج و وقع العقد مبنيا عليه فهل للزوجة الامتناع من التمكين قبل الوفاء به حتى يفي الزوج بالشرط أو لا؟ (18).

______________________________

(14) لفرض عدم الموضوع لوجوب الوفاء به.

نعم، لو كان الشرط غير مقيد بوقت و كان الامتناع وقتيا ينتظر وجوده حتى يفي بالشرط و ليس للمرأة الامتناع من التمكين كما يأتي في (مسألة 8)، لفرض عدم تمكن الزوج من الوفاء به.

(15) لما تقدم من العمومات و الإطلاقات.

(16) لما مر في (مسألة 2) من غير فرق.

(17) و تقدم في (مسألة 4) من التدليس فراجع فلا وجه للإعادة و التكرار.

(18) من ان الحق ثابت لكل منهما على الآخر- فللزوج حق الانتفاع منها و للزوجة حق مطالبة المهر و الوفاء بالشرط- فلها الامتناع لعموم قوله تعالى:

فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ (1)، و قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ (2).

و من الجمود على ظاهر التقاص من انه في مورد الحقوق المحضة دون ما كان حكما كما نسب إلى بعض في المقام، أو مشوبا به فلا يجوز لها الامتناع حينئذ.

ص: 189


1- سورة النحل: 106.
2- سورة البقرة: 194.

مسألة 9: لو كان الشرط عند الزوج سائغا

(مسألة 9): لو كان الشرط عند الزوج سائغا اجتهادا أو تقليدا و لم يكن سائغا عند الزوجة كذلك و شرطه الرجل يجب عليها الوفاء به مع القبول (19) و كذا العكس (20).

مسألة 10: لو اختلفا في أصل الشرط فالقول قول المنكر

(مسألة 10): لو اختلفا في أصل الشرط فالقول قول المنكر مع اليمين (21)، إلا إذا ثبت خلافه بحجة شرعية (22).

مسألة 11: لو اتفقا على أصل الشرط و اختلفا في موضوعه فإن كان مرددا بين الأقل و الأكثر يقدم قول مدعي الأقل

(مسألة 11): لو اتفقا على أصل الشرط و اختلفا في موضوعه فإن كان مرددا بين الأقل و الأكثر يقدم قول مدعي الأقل (23)، و إن كان مرددا بين المتباينين فالحكم هو التخيير بعد التحالف (24).

مسألة 12: لا فرق في الشرط في عقد النكاح بين الدوام منه أو المنقطع

(مسألة 12): لا فرق في الشرط في عقد النكاح بين الدوام منه أو المنقطع في ما يجوز و ما لا يجوز (25).

______________________________

و لكن الظاهر من مجموع الأدلة الواردة في النكاح أنه الحقية المحضة و لا ينافي ذلك ثبوت الحكمية في النكاح في الجملة.

(19) للعمومات و الإطلاقات المتقدمة الدالة على صحة الشرط و الوفاء به الا إذا ثبت بحجة معتبرة بطلان الشرط بحيث يكون حاكما أو واردا على ما يعتقد به الزوج، و قد مر نظير هذه المسألة في الاجتهاد و التقليد فراجع (1).

(20) لعين ما تقدم في سابقة.

(21) أما التقديم فللأصل و أما اليمين فلقطع الخصومة كما مر مكررا.

(22) لأنها حينئذ مقدمة على الأصل.

(23) للأصل إلا إذا ثبت الأكثر بحجة شرعية.

(24) لعدم ترجيح في البين و الشك في شمول دليل القرعة لمثل المقام و التحالف لقطع الخصومة كما يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

(25) لشمول العمومات و الإطلاقات لكل منهما.

ص: 190


1- المجلد الأول صفحة: 97.

مسألة 13: لو شرط أحدهما على الآخر في العقد مهنة من المهن

(مسألة 13): لو شرط أحدهما على الآخر في العقد مهنة من المهن التي لم ينه عنها الشارع ثمَّ ظهر خلافها يكون له الخيار (26).

مسألة 14: يجوز للزوج شرط خدمة البيت على الزوجة كما يجوز العكس

(مسألة 14): يجوز للزوج شرط خدمة البيت على الزوجة كما يجوز العكس و يجوز اشتراط التنصيف بالزمان أو بغيره و يجب الوفاء به حينئذ (27).

مسألة 15: لو شرط الزوج في العقد تسليم المهر في أجل محدود

(مسألة 15): لو شرط الزوج في العقد تسليم المهر في أجل محدود فإن لم يسلّمه كان العقد صحيحا و الذمة مشغولة بوجوب الأداء (28).

______________________________

و دعوى: أن النكاح المنقطع كالمعاوضات فلا بأس لجريان الخيار في نفسه لو تخلف الشرط كما في سائر العقود المعاوضية.

غير صحيحة لتغليب جانب العبادة فيه فلا يكون من العقود المعاوضية المحضة.

(26) لعمومات أدلة خيار تخلف الشرط كما تقدم في (مسألة 4) من التدليس فراجع.

(27) كل ذلك للعمومات و الإطلاقات الدالة على جواز كل شرط ما لم يخالف الشرع من غير تقييد و تخصيص في البين كما مر في أحكام الشرط.

(28) أما الأول فلما حققناه في محله من أن عدم الوفاء بالشرط لا يوجب بطلان العقد و فساده.

و أما الثاني فلفرض اشتغال الذمة فيجب عليه الأداء و يدل على ما ذكرنا صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل تزوج المرأة إلى أجل مسمى فإن جاء بصداقها إلى أجل مسمى فهي امرأته، و إن لم يأت بصداقها فليس له عليها سبيل و ذلك شرطهم بينهم حين أنكحوه؟ فقضى للرجل أن بيده بضع امرأته و أحبط شرطهم» (1).

ص: 191


1- الوسائل باب: 10 من أبواب المهور الحديث: 2.

فصل في الجهاز

اشارة

فصل في الجهاز

مسألة 1: يصح التجهيز بكل متمول

(مسألة 1): يصح التجهيز بكل متمول ما لم يكن فيه نهي شرعي كالمجسمات و نحوها من المحرمات (1)، فإن كان ذلك جائزا في دينهما و لم يكن كذلك عندنا ثمَّ أسلما يتبدل إلى ما هو الجائز عندنا (2).

مسألة 2: لو جهزت الزوجة نفسها من مالها- سواء كان من صداقها أم من غيره- فهو ملكها

(مسألة 2): لو جهزت الزوجة نفسها من مالها- سواء كان من صداقها أم من غيره- فهو ملكها لا يحق لغيرها التصرف فيه إلا بإذنها (3).

مسألة 3: إذا تصرف الزوج أو غيره في ما تملكه المرأة من الجهاز

(مسألة 3): إذا تصرف الزوج أو غيره في ما تملكه المرأة من الجهاز فإن كان برضائها يصح و لا شي ء عليه (4) ما لم يكن رضائها مقيدا بالعوض (5).

______________________________

(1) لإطلاق الأدلة في المستثنى و المستثنى منه.

(2) لتبدل الحال فيتبدل موضوع الحكم لا محالة كما مر في (مسألة 21) من الصداق.

(3) بالأدلة الأربعة كما مر مكررا فراجع كتاب الغصب (1).

(4) لفرض أن المالك- الذي له السلطنة- قد أذن له.

(5) فلا يجوز التصرف حينئذ بلا عوض لأنه غصب و غير مأذون فيه.

ص: 192


1- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: 287.

و إذا رضيت يجزى رضائها أبدا ما لم يظهر الخلاف (6).

مسألة 4: لو ادعى الزوج الإذن و أنكرت هي فالقول قولها مع اليمين

(مسألة 4): لو ادعى الزوج الإذن و أنكرت هي فالقول قولها مع اليمين (7) إلا إذا أقام الزوج البينة على دعواه (8).

مسألة 5: لو تصرف الزوج أو غيره في الجهاز الذي تملكها الزوجة بغير إذنها و تلف بسببه ضمن

(مسألة 5): لو تصرف الزوج أو غيره في الجهاز الذي تملكها الزوجة بغير إذنها و تلف بسببه ضمن المثل أو القيمة (9).

مسألة 6: لو جهز الزوج من ماله متاع البيت و لم تجهز المرأة شيئا منه فتجري المسائل المتقدمة

(مسألة 6): لو جهز الزوج من ماله متاع البيت و لم تجهز المرأة شيئا منه فتجري المسائل المتقدمة في جواز تصرفها و عدمه (10).

مسألة 7: لو أذن كل منهما التصرف في ما يملكه و تلف عند المأذون بالتصرف

(مسألة 7): لو أذن كل منهما التصرف في ما يملكه و تلف عند المأذون بالتصرف و ادعى المالك الضمان بالشرط و أنكره المأذون يقدم قوله مع اليمين (11) إلا إذا أقام المالك البينة على الضمان (12).

مسألة 8: ما تصحبه المرأة من بيت أبيها من الجهاز

(مسألة 8): ما تصحبه المرأة من بيت أبيها من الجهاز فإن كانت في البين قرائن تدل على أن الأب ملكها أو ملك زوجها تتبع القرائن و إلا فهو باق على ملك أبيها (13).

______________________________

(6) للأصل، و فرض زوال الموضوع مع التصريح بالمنع.

(7) أما تقديم قولها فللأصل و أما اليمين فلفصل الخصومة كما يأتي في كتاب القضاء.

(8) لأنها حجة و مقدمة على الأصل كما يأتي في محله.

(9) لقاعدة اليد كما مر في كتاب الغصب.

(10) لجريان ما تقدم من الأدلة من غير فرق.

(11) أما تقديم قول المأذون في التصرف للأصل، و أما اليمين فلفصل الخصومة كما مر.

(12) فتقدم لأنها حجة شرعية متبعة.

(13) أما الأول فالوجه فيه واضح.

ص: 193

مسألة 9: ما تداول في هذه الأعصار من إرسال بعض الهدايا من قبل الزوج إليها

(مسألة 9): ما تداول في هذه الأعصار من إرسال بعض الهدايا من قبل الزوج إليها.

فتارة تكون من الصداق بشواهد الحال.

و اخرى: تكون خارجة عنه كذلك.

و ثالثة: نشك، فالأول ملك المرأة.

و الثاني: يجري عليه حكم الهبة و الثالث باق على ملك الزوج (14).

مسألة 10: إذا كانت الزوجة محترفة و جهزت من مالها متاع البيت فهي باقية على ملكها

(مسألة 10): إذا كانت الزوجة محترفة و جهزت من مالها متاع البيت فهي باقية على ملكها ما لم تصرح بالخروج عن ملكها إلى الزوج أو إلى أولادها مثلا، و لا يقبل قول الزوج بالهبة له مع إنكارها لها إلا إذا أقام الزوج البينة عليها (15) و لا يحتاج التجهيز كذلك الإذن من الزوج (16).

مسألة 11: لو جهزت المرأة متاع البيت بالتقتير على نفسها من النفقة التي يعطيها الزوج لها تملك المتاع

(مسألة 11): لو جهزت المرأة متاع البيت بالتقتير على نفسها من النفقة التي يعطيها الزوج لها تملك المتاع (17)، و يأتي في كتاب القضاء

______________________________

و أما الثاني فللأصل كما هو أوضح من أن يخفى و تملك المرأة ما يهديه الأب لها من الجهاز بالقبض لأنه من الهبة لذي الرحم.

(14) أما الأول فلصدق المهر عليه و هو ملكها.

و أما الثاني فلتحقق الموضوع- و هو الهبة- بشواهد الحال كما هو المفروض، و أما الثالث فللأصل.

(15) لما تقدم مكررا من تقديم قولها للأصل ما لم تكن بينة شرعية على خلاف قولها.

(16) لقاعدة السلطنة ما لم يكن محذور آخر في البين.

(17) لأنها تملك ما أخذت من النفقة و صارت ملكا لها فتملك المعوض أيضا.

ص: 194

حكم تنازع الزوجان في متاع البيت (18).

مسألة 12: الهدايا التي تهدى إلى العروسين في أيام الزواج ليست من الجهاز

(مسألة 12): الهدايا التي تهدى إلى العروسين في أيام الزواج ليست من الجهاز فحينئذ إن علم أنها أهديت الى الزوجة و لو بالقرائن فهي لها، و كذلك لو علم أنها أهديت للزوج، و إن علم أنها لهما يشتركان فيها، و إن لم يعلم قصد المهدي يجوز لهما التصرف فيها (19).

______________________________

(18) راجع (مسألة 8) من الفصل السابع في أحكام اليد و ما يتعلق بها (1)، و لا وجه للتكرار هنا.

(19) أما حكم الثلاثة الأولى فواضح لا ريب فيه.

و أما الأخير فمقتضى الظاهر جواز تصرف العروسان فيها.

و أما الملكية فمقتضى الأصل بقاؤها على ملك صاحبها إلا بما يوجب زوال الملكية من تلف و نحوه.

ص: 195


1- المجلد السابع و العشرين صفحة: 127.

فصل في القسم و ما يتعلق به

اشارة

فصل في القسم و ما يتعلق به لكل واحد من الزوجين حق على صاحبه يجب عليه القيام به (1)،

______________________________

القسم (بفتح القاف) من القسمة أي إفراز النصيب قال تعالى وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمٰاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ (1)، و يطلق عليه التقدير أيضا كما في قوله تعالى أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنٰا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ (2).

و في المقام: قسمة الليالي بين الزوجات و تقديرها بقدر معلوم.

(1) للكتاب و السنة المتواترة بين المسلمين، و سيرة العقلاء في جميع المليين.

أما الكتاب فقوله تعالى وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3)، و ذكرنا في تفسير الآية المباركة أنها في مقام بيان أصل الحقية، و أما الكيفية و الكمية فأوكلهما اللّه تعالى إلى ما تعارف عليه الناس (4).

و أما السنة فهي كثيرة فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة» (5)، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «عيال الرجل أسراؤه و أحب العباد إلى اللّه تعالى أحسنهم صنعا إلى أسرائه» (6)،

ص: 196


1- سورة القمر: 28.
2- سورة الزخرف: 32.
3- سورة البقرة: 228.
4- راجع المجلد الرابع من تفسير المواهب صفحة: 10.
5- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 9.
6- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 9.

و إن كان حق الزوج أعظم (2) حتى أنه قد ورد عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر و لو صلح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (3).

و من حقه عليها أن تطيعه (4) و لا تعصيه و لا تخرج من بيتها إلا

______________________________

و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «و خيركم خيركم لنسائه و أنا خيركم لنسائي» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار مما يأتي بعضها في المتن أيضا.

و من الإجماع إجماع المسلمين، بل ضرورة دينهم.

و من العقل أن بقاء النوع و حفظ نظام الاجتماع بل و تربيته يتوقف على ذلك كما ذكرنا في التفسير.

ثمَّ إن ما تقدم من الروايات و غيرها و إن كان لسانها الاستحباب و الآداب إلا انه يستفاد من المجموع أصل الحقية لكل منهما على الآخر في الجملة.

(2) بالأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ (2)، و قد ذكرنا في التفسير المراد منها و من السنة ما تقدم في المتن، و أما الإجماع فقد ادعاه غير واحد.

و أما العقل فلأن الرجل هو القائم بالمصالح كالنفقة و العيولة و تربية الأولاد فيكون حقه أعظم.

(3) و هناك روايات أخرى مستفيضة بين المسلمين (3)، دالة على ذلك.

(4) إن لم تكن في معصية اللّه تبارك و تعالى للضرورة الدينية، و قوله عليه السّلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (4)، و مثله غيره كما تقدم في

ص: 197


1- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 11.
2- سورة البقرة: 228.
3- راجع الوسائل أبواب الحديث: 79 و 81 و 87 و 88 من أبواب مقدمات النكاح- و السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 291.
4- الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج الحديث: 7.

بإذنه (5) و لو إلى أهلها و لو لعيادة والدها أو في عزائه (6)، بل ليس لها أمر مع زوجها في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر إلا بإذن زوجها (7)، بل «أيما امرأة قالت لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط أو من

______________________________

الحج و الصوم فلا وجه للإعادة.

(5) لما في معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه و لا تعصيه و لا تصدق من بيته إلا بإذنه، و لا تصوم تطوعا إلا بإذنه، و لا تمنعه نفسها و إن كانت على ظهر قتب، و لا تخرج من بيتها إلا بإذنه- الحديث» (1).

(6) لما في معتبرة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «إن رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته عهدا أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم، قال: و إن أباها قد مرض فبعثت المرأة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تستأذنه أن تعوده، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال فثقل فأرسلت إليه ثانيا بذلك، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فمات أبوها فبعثت إليه إن أبي قد مات فتأمرني أن أصلي عليه؟

فقال: لا، اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فدفن الرجل فبعث إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إن اللّه قد غفر لك و لأبيك بطاعتك لزوجك» (2).

(7) لما في صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة رحمها» (3)، و غيره من الروايات المعتبرة.

ص: 198


1- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 91 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب الوقوف ج: 13.

وجهك خيرا فقد حبط عملها» (8)، و «أيما امرأة باتت و زوجها عليها ساخط في حق لم يتقبل منها صلاة حتى يرضى عنها» (9) و: «إن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها» (10).

و أما حقها عليه فهو أن يشبعها و يكسوها و أن يغفر لها إذا جهلت (11) و أن لا يقبح لها وجها (12).

______________________________

(8) كما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة جميل بن دراج (1).

(9) لما مر في معتبرة محمد بن فضيل عن الصادق عليه السّلام بل و لا يرفع لها عمل كما في معتبرة موسى بن بكر (2).

(10) كما قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام (3).

(11) كما في معتبرة إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسنا؟ قال: يشبعها و يكسوها و إن جهلت غفر لها، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كانت امرأة عند أبي عليه السّلام تؤذيه فيغفر لها» (4).

(12) لما في معتبرة شهاب بن عبد ربه عنه عليه السّلام «ما حق المرأة على زوجها؟ قال: يسد جوعتها و يستر عورتها و لا يقبح لها وجها» (5)، و عن الصادق عليه السّلام: «رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه و بين زوجته فإن اللّه عز و جلّ قد

ص: 199


1- الوسائل باب: 80 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 80 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.

.....

______________________________

ملّكه ناصيتها و جعله القيّم عليها» (1)، و قد تقدم روايات دالة على حسن معاشرتها كما قال اللّه تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2)

تنبيه

تنبيه

ما تقدم من حق الزوج على الزوجة و حقها عليه انما هو بحسب الحكم الأولي الشرعي، و أما بحسب العناوين الثانوية فيدور الحكم مدار تحققها و ثبوتها، فلو أراد الزوج منها ما فيه ضرر ديني أو دنيوي لا يجب عليها اطاعته لقاعدة «نفي الضرر و الضرار»، و ما يحكم به العقل أيضا، و كذا ليس له مزاحمة صلاتها في ضيق الوقت كمية و كيفية بما هو الواجب منهما، و كما ليس له أن يمنعها من معالجة مرضها بالذهاب إلى الطبيب أو إحضاره عندها أو نحو ذلك، و قد تقدم أنه ليس عليها اطاعته لو أراد فعل محرم أو ترك واجب منها.

نعم، لو دار الأمر بين اطاعة الزوج فيما يأمر به من الاستمتاع كيفية أو كمية و بين إتيان بعض المندوبات تقدم المرأة اطاعته على إتيان المندوبات، لتقدم الواجب على المندوب، و لو تركت اطاعته فيما يريده فعلا و اشتغلت بعبادة مندوبة أو الواجبة في سعة الوقت فعن جمع من العلماء الفتوى بالبطلان لما استفادوه من الأخبار المتقدمة الواصلة إلينا، و عن جمع آخر ابتناؤه على مسألة الضد، و سيأتي إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق بالمقام في المسائل الآتية:

ثمَّ إن حق الاستمتاع للزوج.

تارة: يكون بما هو المتعارف شرعا و عرفا فلا ريب في ثبوته له و تجب الإطاعة عليها.

و اخرى: اقتراحي بما لا يستنكره المتعارف و هذا كالقسم الأول أيضا، لشمول العمومات و الإطلاقات له.

ص: 200


1- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 5.
2- سورة النساء: 19.

مسألة 1: كما يجب على الزوج النفقة كذلك يجب على الزوجة التمكين

(مسألة 1): كما يجب على الزوج النفقة كذلك يجب على الزوجة التمكين من الاستمتاع (13) إلا إذا كان مانع عقلي أو شرعي في البين (14)

______________________________

و ثالثة: يكون من الاقتراحيات المستنكرة لدى المتعارف و في أصل ثبوت مثل هذا الحق للزوج إشكال من حيث الشك في شمول الأدلة له، فيرجع إلى أصالة عدم ثبوت هذا الحق.

هذا كله في حق الاستمتاع، و ليس للزوج حق آخر عليها حتى يطالبها و تجب اطاعتها فيه.

و ما تقدم من عدم جواز الخروج من البيت إلا بإذنه و أمثاله كما مر يمكن أن يكون من الحكم لا أنه من الحق.

(13) بالأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ (1)، و قوله تعالى وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2).

و من السنة ما تواتر بين الأمة منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «و تعرض نفسها عليه غدوة و عشية» (3)، و تقدم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «و لا تمنعه نفسها و إن كانت على ظهر قتب» (4)، و قوله صلّى اللّه عليه و آله في بيان حق الزوج عليها «أن تجيبه إلى حاجته و إن كانت على قتب» (5)، إلى غير ذلك من الروايات.

و من الإجماع إجماع المسلمين بل العقلاء.

و من العقل أن ذلك من مقومات الزوجية و بقاء النسل.

(14) لأدلة تلك الموانع من العقل و النقل كالحيض كما يأتي في النشوز.

ص: 201


1- سورة البقرة: 223.
2- سورة البقرة: 228.
3- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.

و التجنب عن ما ينفر منه الزوج (15).

مسألة 2: من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها

(مسألة 2): من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها و المضاجعة معها في كل ليلة بل و لا في كل أربع ليال ليلة على الأقوى (16)، بل القدر اللازم أن لا يهجرها و لا يذرها كالمعلقة لا

______________________________

(15) لما يأتي في النشوز من ان ذلك يوجب عدم تحقق الاستمتاع أو نقص فيه.

(16) للأصل و الإطلاق و نصوص حصر حقوق الزوجة في غيرها كما تقدم بعضها و هي كثيرة ذكرها صاحب الوسائل في مقدمات كتاب النكاح بعد عدم دليل على وجوبها يصلح للاعتماد عليه.

و لكن الأقوال في المسألة ثلاثة:

الأول: عدم الوجوب مطلقا إلا بعد الشروع في القسمة.

الثاني: الوجوب ابتداء في المتعدد.

الثالث: الوجوب ابتداء حتى في الواحدة.

و نسب إلى المشهور وجوب القسمة ابتداء كوجوب النفقة مع التمكين، فتصير القسمة و النفقة واجبتين على الزوج بنفس عقد النكاح، و استدلوا أولا بقوله تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1).

و ثانيا: بالتأسي بنبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله (2)، و كان صلّى اللّه عليه و آله يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك و أنت أعلم بما لا أملك» (3)، و كان يطاف به في مرضه محمولا (4).

و ثالثا: بالنصوص منها ما عن الكاظم عليه السّلام في معتبرة أخيه: «في رجل له

ص: 202


1- سورة النساء: 19.
2- الوافي ج: 12 صفحة 129 باب النوادر (137) الحديث: 4.
3- السنن الكبرى البيهقي ج: 7 صفحة: 298.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 2.

.....

______________________________

امرأتان قالت إحداهما: ليلتي و يومي لك يوما أو شهرا أو ما كان أ يجوز ذلك؟

قال: إذا طابت نفسها و اشترى ذلك منها لا بأس به» (1)، فيدل على أن القسم من حقها الذي يجوز فيه النقل و الانتقال.

و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أنه: «سأله عن رجل تكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى، إله أن يفضّل إحداهما؟ قال: نعم له أن يأتي هذه ثلاث ليال و هذه ليلة، و ذلك أن له أن يتزوج أربع نسوة فلكل امرأة ليلة» (2).

و في صحيح ابن مسلم قال: «سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان و إحداهما أحب إليه من الأخرى قال: له أن يأتيها ثلاث ليال و الأخرى ليلة فإن شاء أن يتزوج أربع نسوة كان لكل امرأة ليلة فلذلك كان له أن يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا» (3).

و في معتبرة الحسين بن زياد عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل تكون له المرأتان و إحداهما أحب إليه من الأخرى إله أن يفضّلها بشي ء؟ قال:

نعم له أن يأتيها ثلاث ليال و الأخرى ليلة لأن له أن يتزوج أربع نسوة فليلتيه يجعلهما حيث شاء» (4)، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن ذلك حق لها.

و رابعا: بما يومي إليه قوله تعالى وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ (5)، إذ يشعر بوجود حق القسم.

و الكل باطل أما الأول فلتوقفه على كون القسم معروفا قبل نزول الآية المباركة حتى تشمله و إلا فيكون الدليل عين المدعى.

و أما الثاني: فهو أعم من إفادة الوجوب فيما إذا كان المورد واجبا على

ص: 203


1- الوسائل باب: 6 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 2 و 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 3.
4- الوافي ج: 12 صفحة: 117 باب القسمة للأزواج الحديث: 4.
5- سورة النساء: 34.

هي ذات بعل و لا مطلقة (117).

نعم، لها عليه حق المواقعة في كل أربعة أشهر مرة كما مر (18).

و لو كانت عنده أكثر من واحدة و بات عند إحداهن يجب عليه أن يبيت عند غيرها أيضا (19)، فإذا كن أربعا و بات عند إحداهن طاف عليهن في أربع ليالي لكل منهن ليلة و لا يفضّل بعضهن على بعض (20)،

______________________________

النبي صلّى اللّه عليه و آله فضلا عما إذا لم يجب كما في المقام.

نعم، إذا كان في البين قول منه صلّى اللّه عليه و آله يدل على متابعته كما في قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«صلوا كما رأيتموني أصلي» أو قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خذوا عني مناسككم» (1)، يمكن القول بذلك فالتأسي لا يستفاد منه الوجوب.

و أما الثالث فهو أعم من المدعى و يمكن حملها على ما بعد الشروع في القسمة.

و أما الأخير فلا يصلح للتأييد فضلا عن الاستدلال كما لا يخفى فيبقى الأصل و إطلاقات أدلة النكاح بحالهما مضافا إلى ظهور قوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا تَعْدِلُوا فَوٰاحِدَةً أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ (2)، في الإرشاد.

(17) للإجماع، و لأنه من المعاشرة بالمعروف الواجبة علينا كما في الآية المباركة عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3).

(18) و تقدم ما يتعلق به (4).

(19) إجماعا و نصوصا منها ما تقدم فان شمولها لما بعد القسمة هو المعلوم من مفادهما.

(20) لجملة من النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «في

ص: 204


1- سنن النسائي المناسك باب الركوب إلى الجمار و استظلال المحرم.
2- سورة النساء: 3.
3- سورة النساء: 19.
4- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 68.

و إذا كانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهن يجب أن يبيت عند الأخريين في ليلتين، و إذا كانت عنده زوجتان و بات عند إحداهما بات في ليلة أخرى عند الأخرى (21)، و بعد ذلك إن شاء ترك المبيت عند الجميع و إن شاء شرع فيه على النحو المتقدم (22).

و المشهور أنه إذا كانت عنده زوجة واحدة كانت لها في كل أربع

______________________________

الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى، إله أن يفضّل إحداهما على الأخرى؟ قال: نعم يفضّل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا» (1)، المحمول على ما بعد الشروع في القسمة.

و في معتبرة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «سألته عن رجل له امرأتان هل يصلح له أن يفضّل إحداهما على الأخرى؟ فقال: له أربع فليجعل لواحدة ليلة و للأخرى ثلاث ليال» (2).

و فيها أيضا: «سألته عن رجل له ثلاث نسوة هل يصلح له أن يفضّل إحداهن؟ فقال: له أربع نسوة؟! فليجعل لواحدة إن أحب ليلتين و للأخريين لكل واحدة ليلة» (3)، و قد يفسر هاتين الروايتين صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى، إله أن يفضّل إحداهما؟

قال: نعم له أن يأتي هذه ثلاث ليال و هذه ليلة، و ذلك أن له أن يتزوج أربع نسوة فلكل امرأة ليلة فلذلك كان له أن يفضّل إحداهن على الأخرى ما لم يكن أربعا»(4).

(21) عملا بالقسمة التي شرع فيها.

(22) لما مر من عدم الدليل على وجوب القسمة ابتداء فمقتضى الأصل و الإطلاق هو التخيير مطلقا بعد تمام كل دور.

ص: 205


1- الوسائل باب: 1 من أبواب القسم الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب القسم الحديث: 1 و 2 و 3.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب القسم الحديث: 1 و 2 و 3.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب القسم الحديث: 1 و 2 و 3.

ليال ليلة و له ثلاث ليال (23) و إذا كانت عنده زوجات متعددة يجب عليه القسم بينهن في كل أربع ليال (24) فإذا كانت عنده أربع كانت لكل منهن ليلة (25)، فإذا تمَّ الدور يجب عليه الابتداء بإحداهن و إتمام الدور و هكذا.

فليس له ليلة بل يكون جميع لياليه لزوجاته، و إذا كانت له زوجتان فلهما ليلتان من كل أربع ليال و ليلتان له، و إذا كانت له ثلاث كانت لهن ثلاث و الفاضل له و العمل بهذا القول أحوط (26)، خصوصا في أكثر من واحدة (27) و لكن الأقوى ما قدمناه خصوصا في الواحدة (28).

مسألة 3: يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة

(مسألة 3): يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة فليس للمتمتع بها هذا الحق سواء كانت واحدة أم متعددة (29).

______________________________

(23) لاختصاصها حينئذ به، لفرض عدم زوجة أخرى له.

(24) لعدم الترجيح بلا مرجح فلا بد من التساوي بينهن.

(25) لاستغراقهن لجميع الليالي حينئذ.

(26) خروجا عن مخالفتهم و قد مرت أدلتهم و الخدشة فيها.

(27) لذهاب بعضهم إلى الوجوب فيه مع عدم قولهم بالوجوب في الواحدة.

(28) لما مر من عدم الدليل على الوجوب في المتعددة التي هي موضوع القسمة عرفا فضلا عن الواحدة.

(29) للأصل و الإجماع و النص، فعن الصادق عليه السّلام في معتبرة هشام بن سالم: «و لا أقسّم لك و لا اطلب ولدك و لا عدة لك علي» (1)، و مر في (مسألة 6) من عقد الانقطاع أيضا كما لا نشوز عليها على ما يأتي في (مسألة 3) من النشوز.

ص: 206


1- الوسائل باب: 45 من أبواب المتعة الحديث: 2.

مسألة 4: في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها أن ترفع اليد عنه

(مسألة 4): في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها أن ترفع اليد عنه و تهبه للزوج (30) ليصرف ليله فيما يشاء و أن تهبه لضرتها فصار الحق لها (31).

مسألة 5: يجوز لها الرجوع عن هبة ليلتها ما دامت لم تنقض

(مسألة 5): يجوز لها الرجوع عن هبة ليلتها ما دامت لم تنقض (32)

______________________________

(30) لأن الحق لها و هو من الحقوق القابلة للنقل نصا كما مر و إجماعا فلها أن تعمل في حقها ما شاءت و أرادت للإجماع و النصوص المعتبرة منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة و القسمة، و لكنه إن تزوج امرأة فخافت منه نشوزا و خافت أن يتزوج عليها أو يطلقها فصالحت من حقها على شي ء من نفقتها أو قسمتها فان ذلك جائز لا بأس به» (1)، و تقدم في صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «في رجل له امرأتان قالت إحداهما: ليلتي و يومي لك يوما أو شهرا أو ما كان أ يجوز ذلك؟ قال عليه السّلام:

إذا طابت نفسها و اشترى ذلك منها فلا بأس» (2)، و يشمل ذلك ما لو وهبت لضرتها كذلك كما في المتن للقول بعدم الفصل بين الأقسام هذا إذا رضي الزوج بذلك.

و أما مع عدم رضائه فظاهر المشهور بل و ظاهر صحيح علي بن جعفر عدم الصحة، لجعلهم حق القسم من الحقوق المشتركة بينهما فلا يصح تفرد أحدهما بدون رضاء الآخر.

(31) لما مر في سابقة فلها أن تهب حقها لكل من أرادت، و يشهد لذلك ما عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إن سودة بنت زمعة لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة فكان النبي صلّى اللّه عليه و آله يقسم لها يوم سودة و يومها» (3).

(32) لفرض كون الحق لها حدوثا و بقاء فيكون الاختيار لها كذلك إلا إذا انتفى الموضوع.

ص: 207


1- الوسائل باب: 6 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1 و 2.
3- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 296.

سواء كانت الموهوبة رحما لها أم لا (33).

مسألة 6: لو وهبت ليلتها لضراتها أجمع وجب قسمتها عليهن

(مسألة 6): لو وهبت ليلتها لضراتها أجمع وجب قسمتها عليهن (34).

مسألة 7: تختص البكر أول عرسها بسبع ليال و الثيب بثلاث

(مسألة 7): تختص البكر أول عرسها بسبع ليال و الثيب بثلاث تتفضلان بذلك على غيرهما (35) و لا يجب عليه ان يقضي تلك الليالي

______________________________

و دعوى: ان ذلك من الهبة إلى الزوج فلا يصح الرجوع فيها بعد تحققها كما تقدم في كتاب الهبة (1)، و كذا إن كانت الضرة من أرحامها.

مخدوشة: لعدم كون هذه الهبة من الهبة الحقيقية المعتبرة فيها أن تكون من العين و اعتبار القبض و الإقباض بل انها من قبيل الإذن و الترخيص- و إطلاق لفظ الهبة في النصوص السابقة من باب التوسع و العناية- و هو ما دامي لا دائمي فيجوز لها الرجوع ما دام ممكنا.

كما ان ما تقدم في صحيح علي بن جعفر من إطلاق الشراء لها انما هو أيضا من باب المسامحة، للاتفاق على ان لا بد في المبيع أن يكون عينا.

(33) لما مر من ان المناط في كليهما واحد.

(34) لدوران القسمة مدار الإذن فيها، و المفروض انه بالنسبة إلى الجميع.

(35) على المشهور لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «للبكر سبع و للثيب ثلاث» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم: «رجل تزوج امرأة و عنده امرأة، فقال: إن كانت بكرا فليبت عندها سبعا، و إن كانت ثيبا فثلاثا» (3)، و في معتبرة هشام بن سالم: «في الرجل يتزوج البكر قال يقيم عندها سبعة أيام» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة الحسن بن زياد عن الصادق عليه السّلام:

ص: 208


1- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: 266.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم الحديث: 5 و 3.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم الحديث: 5 و 3.

لنسائه القديمة (36).

مسألة 8: لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة و لا للناشزة

(مسألة 8): لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة (37) و لا للناشزة (38)، و تسقط القسمة و حق المضاجعة بسفرها (39) و ليس عليه

______________________________

«الرجل تكون عنده المرأة فيتزوج جارية بكرا، قال: فليفضلها حين يدخل بها ثلاث ليال» (1)، و قريب منها صحيح الحلبي و في معتبرة سماعة بن مهران قال:

«سألته عن رجل كانت له امرأة فتزوج عليها، هل يحل له أن يفضّل واحدة على الأخرى؟ فقال: يفضّل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة أيام إن كانت بكرا ثمَّ يسوي بينهما بطيبة نفس إحداهما الأخرى» (2)، و في موثق عبد الرحمن بن عبد اللّه عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يكون عنده المرأة فيتزوج اخرى كم يجعل للتي يدخل بها؟ قال ثلاثة أيام ثمَّ يقسم» (3)، محمول على عدم رضائها بأكثر من ثلاثة أو مطروح.

(36) للأصل و ما تقدم من الإطلاق و الاتفاق.

(37) للأصل بعد عدم دليل عليه و الشك في شمول الأدلة الموجبة للقسمة كما مر لهما مضافا إلى الإجماع.

هذا إن لم تلتفت المجنونة بالاستيناس في الجملة أو كان خوف في البين و إلا فمقتضى الإطلاق شمولها هذا في المطبقة.

و أما ذات الأدوار فلا قسمة في حال جنونها فقط على ما تقدم.

(38) لما مر من الأصل بعد عدم دليل عليه من عقل أو نقل و لما يأتي في النشوز.

(39) لأنه إن كان السفر بغير إذنه فهي ناشزة و تقدم حكمها، و إن كان بإذنه فتراضيا على السقوط فلا موضوع للقسمة بعد الرضا منهما بسقوطها للأصل،

ص: 209


1- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 7 و 6 و 8.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 7 و 6 و 8.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 4.

القضاء (40).

مسألة 9: لو جار في القسمة قضى لمن أخلّ بليلتها إن لم تنقطع عصمة الزوجية منها

(مسألة 9): لو جار في القسمة قضى لمن أخلّ بليلتها إن لم تنقطع عصمة الزوجية منها (41).

مسألة 10: هل تحصل البيتوتة الواجبة بالبيتوتة المحرمة

(مسألة 10): هل تحصل البيتوتة الواجبة بالبيتوتة المحرمة كما إذا باتا في محل غصبي؟ وجهان (42).

مسألة 11: لا تعتبر في وجوب القسمة و البيتوتة المواقعة معها

(مسألة 11): لا تعتبر في وجوب القسمة و البيتوتة المواقعة معها (43) حتى لو واقع في ليلة الضرة ضرتها ثمَّ عاد إلى صاحبة الليلة للبيتوتة كفى و إن لم يواقعها (44).

مسألة 12: لا يجوز أن يزور الزوج الضرة في ليلة ضرتها إلا بإذنها

(مسألة 12): لا يجوز أن يزور الزوج الضرة في ليلة ضرتها إلا بإذنها (45).

______________________________

و كذا لو كان بإذن من الشارع لما عرفت سابقا.

(40) للأصل بعد عدم دليل عليه من عقل أو نقل.

(41) أما القضاء فللإجماع كما ادعاه غير واحد، و أما الثاني فلفرض انقطاع العصمة فلا موضوع للقسمة حينئذ.

(42) مقتضى الجمود على الإطلاقات المتقدمة الإجزاء، و من إمكان دعوى الانصراف فلا يجزي، و يمكن منع الانصراف فتجزي حينئذ و إن اثما و كذا الكلام في ما إذا باتا مع السكر مثلا.

(43) للأصل و الإجماع، و ظواهر أدلة القسم و قوله عليه السّلام في رواية الكرخي:

«و ليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك»(1).

(44) للأصل و لما عرفت من أن المواقعة ليست من شؤون القسمة.

(45) لأن الحق لها فلا يجوز له التصرف في ذلك الحق إلا بإذنها.

ص: 210


1- الوسائل باب: 5 من أبواب القسم الحديث: 1.

نعم، لو كانت مريضة يجوز له عيادتها أو يحضرها لأن توصي إليه (46).

مسألة 13: يجوز للزوج استدعاء المرأة إلى منزله

(مسألة 13): يجوز للزوج استدعاء المرأة إلى منزله كما يجوز له الذهاب إلى منزلها و لو استدعاها إلى منزله و لم تأت سقط حقها (47) هذا إذا لم يكن محذور شرعي في البين و إلا فلا بد من مراعاته.

مسألة 14: إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء باية منهن شاء

(مسألة 14): إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء باية منهن شاء (48)، و إن كان الأولى و الأحوط التعيين بالقرعة (49).

مسألة 15: يختص وجوب القسمة بالليل دون النهار

(مسألة 15): يختص وجوب القسمة بالليل دون النهار إلا إذا كان عمله في الليل كالحراس مثلا فيقسم نهارا (50) و الواجب فيها

______________________________

(46) للأصل، و السيرة، و انصراف ما دل على مراعاة حق الضرة عن مثل العيادة اليسيرة و انها كسائر حوائج الرجل من ذهابه إلى ملاقاة أحبّته و أقاربه.

(47) أما الأول فلظواهر إطلاقات أدلة القسم و البيتوتة و الأصل، مضافا إلى ظهور الإجماع.

و أما الثاني فلفرض تحقق النشوز بالمخالفة.

(48) لكون ولاية القسمة له، فله أن يختار من يشاء منهن، مضافا إلى الأصل و الإطلاق و يجري هذا الحكم بعد انتهاء كل قسمة و الشروع في الأخرى.

(49) تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله من العمل بالقرعة بين نسائه إذا أراد السفر (1)، و لئلا يميل قلبه إلى من يحبها فيشمله قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من كان له زوجتان يميل مع إحديهما على الأخرى جاء يوم القيامة و أحد شفتيه ساقط» (2).

(50) لظواهر النصوص المتقدمة المشتملة على المبيت أو الليلة (3)، و ما

ص: 211


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 302.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب القسم و النشوز.
3- راجع الوسائل باب: 1 و 5 و 9 من أبواب القسم.

المضاجعة (51).

مسألة 16: لو اشتبهت النوبة و القسمة بينهن لا بد من التراضي حينئذ

(مسألة 16): لو اشتبهت النوبة و القسمة بينهن لا بد من التراضي حينئذ (52).

مسألة 17: الكتابية كالأمة في القسمة

(مسألة 17): الكتابية كالأمة في القسمة (53) و للأمة ليلة و للحرة المسلمة ليلتان (54).

مسألة 18: لو ادعى الرجل البيتوتة و أنكرتها الزوجة يقدم قولها

(مسألة 18): لو ادعى الرجل البيتوتة و أنكرتها الزوجة يقدم قولها مع اليمين (55).

______________________________

ورد فيها من التعبير باليوم (1)، انما يكون من باب العناية و التوسعة و للسيرة و الاعتبار و لا يدخل شي ء من النهار فيها، للأصل.

نعم، لو كان عمله في الليل وجب الحضور عندها في النهار، للجمع بين الحقين مضافا إلى الإجماع.

(51) لأنها المتعارف من المبيت عندها بل المنساق من قوله تعالى:

وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2).

(52) لأنه من صغريات العلم بالحكم مع تردد أطراف الموضوع في المحصور، فيجب في الحقوق التراضي.

(53) على المشهور بل المجمع عليه.

(54) إجماعا و نصوصا التي منها قوله عليه السّلام في المعتبر: «للحرة ليلتان و للأمة ليلة» (3)، و قوله عليه السّلام أيضا: «من تزوج الحرة على الأمة فللحرة يومان و للأمة يوم» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

(55) أما التقديم فللأصل و أما اليمين فلقطع الخصومة.

ص: 212


1- الوسائل باب: 2 من أبواب القسم الحديث: 1 و 5.
2- سورة النساء: 19.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب القسم الحديث: 8.
4- الوسائل باب: 46 من أبواب المصاهرة الحديث: 3.

إلا مع قيام البينة على الخلاف (56).

مسألة 19: لو سافر الرجل و كانت زوجاته معه فالقسم ثابت

(مسألة 19): لو سافر الرجل و كانت زوجاته معه فالقسم ثابت (57) و إن سافر بدونهن فإنه ساقط (58) هذا إن كان السفر راجحا شرعا أو فيه غرض صحيح و إلا فلا بد من استرضائهن (59) و يجوز له أن يختار إحداهن للسفر معها (60).

مسألة 20: يجوز الاشتراط في القسمة

(مسألة 20): يجوز الاشتراط في القسمة بأن يشترط أحدهما ما فيه غرض غير منهي عنه شرعا (61) كما يجوز أن يجعل القسمة أزيد من ليلة واحدة مع رضاهن بذلك (62).

مسألة 21: لو كان في أحدهما بعض الأمراض المعدية تسقط القسمة

(مسألة 21): لو كان في أحدهما بعض الأمراض المعدية تسقط القسمة (63) و لا تسقط القسم لو كانت المرأة نفساء أو حائضا و كذا لو

______________________________

(56) فتقدم لأنها حجة شرعية كما مر مكررا.

(57) للأصل و الإطلاق.

(58) لسقوطه بكل عذر شرعي و المقام منه.

(59) للشك في سقوط حق القسم حينئذ مع فرض عدم وجود غرض صحيح في السفر كما هو المفروض.

هذا إذا كان السفر بعد الشروع في القسمة، و أما إذا كان قبله فلا موضوع للاسترضاء.

(60) لأصالة بقاء حقه عليها مضافا إلى العمومات و الإطلاقات.

(61) لعمومات أدلة الشرط، و يجب الوفاء به إن ذكر في ضمن عقد لازم.

و احتمال أن القسمة من مجرد الحكم فلا يقبل الشرط من مجرد الدعوى صغرى و كبرى.

(62) لأن الحق لا يعدوهما فلا بد من مراعاة رضائهما. و يقتضيه الأصل و الإطلاقات.

(63) لفرض حصول التضرر منها حينئذ إلا أن يقال: بوجوب القسمة مع

ص: 213

كانت رتقاء أو قرناء أو غيرها من الأعذار الشرعية أو المتعارفة (64).

مسألة 22: على الولي أن يقوم بالقسمة

(مسألة 22): على الولي أن يقوم بالقسمة بالنسبة إلى المولّى عليه (65).

مسألة 23: ما تقدم من القسم انما هو بالنسبة إلى الزمان

(مسألة 23): ما تقدم من القسم انما هو بالنسبة إلى الزمان و أما المكان فهو باختيار الزوج ما لم يكن محظور شرعي في البين (66).

مسألة 24: تستحب التسوية بين الزوجات

(مسألة 24): تستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق و الالتفات و إطلاق الوجه و المواقعة (67) و أن يكون في صبيحة كل ليلة عند

______________________________

ذلك و مراعاة الابتعاد عن المريض حتى لا تتحقق العدوى و لكن إثبات ذلك على عهدة مدعيه.

(64) لعموم دليل وجوبها الشامل لجميع الحالات و لا يجب فيه المواقعة كما مر.

(65) لشمول عموم ولايته للمقام أيضا.

(66) لفرض أن الإسكان من شؤون النفقة فيكون تحت اختياره.

نعم، لا بد و أن يكون من المتعارف، لقوله تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1)، و أما لو طرأ محظور شرعي لاسكانها في غير المتعارف فلا بد من المراجعة إلى الحاكم الشرعي.

(67) إجماعا و نصوصا منها قول أبي الحسن الثاني عليه السّلام في المعتبر:

«و اجتهد في العدل بينهما» (2).

و في رواية معمر بن خالد قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام هل يفضّل الرجل نساءه بعضهن على بعض؟ قال عليه السّلام: لا» (3)، و المحمول على الندب جمعا

ص: 214


1- سورة النساء: 19.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب القسم.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب القسم.

صاحبتها (68) و أن يأذن لها في حضور موت أبيها و أمها (69) و إن كان له منعها عن ذلك و عن عيادة أبيها فضلا عن غيرهما (70)، و عن الخروج من منزله إلا لحق واجب (71).

______________________________

و إجماعا، و عن علي عليه السّلام: «كان له امرأتان فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الأخرى» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(68) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة إبراهيم الكرخي: «و يظل عندها في صبيحتها» (2).

(69) لأن ذلك من المؤانسة المطلوب تحققها بينهما على كل حال، و من العشرة بالمعروف الواردة في الآية الشريفة.

(70) لأن الحق له فله أن يعمل بحقه كيف ما شاء و أراد، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن سنان: «أن رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج في بعض حوائجه فعهد إلى امرأته أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم، قال: و إن أباها مرض فبعثت المرأة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله تستأذنه أن تعوده فقال صلّى اللّه عليه و آله: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قالت: فثقل فتأمرني أن أعوده، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فمات أبوها فبعثت إليه إن أبي قد مات فتأمرني أن أصلي عليه فقال: اجلسي في بيتك و أطيعي زوجك، قال: فدفن الرجل فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إن اللّه غفر لك و لأبيك بطاعتك لزوجك» (3).

(71) أما المنع عن الخروج عن المنزل، فلأن له حق الاستمتاع بها مطلقا في أي زمان و مكان شاء.

ص: 215


1- الوسائل باب: 5 من أبواب القسم الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب القسم الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 91 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 25: لو زفت إليه زوجتان أو أكثر في ليلة واحدة يقرع بينهن

(مسألة 25): لو زفت إليه زوجتان أو أكثر في ليلة واحدة يقرع بينهن للابتداء بمن شاء منهن (72)، سواء كان تشاح بينهن أو لا (73).

مسألة 26: لو اقام الزوج قبل تعيين الدور

(مسألة 26): لو اقام الزوج قبل تعيين الدور و ترتيبه عند احدى زوجاته شهرا مثلا بلا عذر فخاصمته الأخرى للحاكم أن يأمره بالعدل بينهما و ينهاه عن الجور (74).

مسألة 27: ليس للموطوءة بالملك القسمة

(مسألة 27): ليس للموطوءة بالملك القسمة واحدة كانت أو أكثر (75).

______________________________

و أما الاستثناء فلأنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (1)

(72) لأن القرعة لكل أمر مشكل و المقام من مواردها، و يمكن القول بالتخيير، لأن ولاية القسمة بيده فله التخيير، و انما يحرم العول و الجور و لكن يمكن المناقشة بأن الحق لها بمجرد العقد و هما على حد سواء فيه فالتخيير لا يصلح.

(73) لعدم تحقق شبهة الميل إلى إحديهما و الترجيح بلا مرجح أو العول في القسمة فإن الحق يحصل بمجرد العقد مع عدم مانع في البين.

(74) لأنه من موارد الحسبة و له الولاية عليها و لا بد من الرجوع إليه فيها.

(75) للأصل و الإجماع و الاعتبار.

ص: 216


1- الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج الحديث: 57.

فصل في النشوز

اشارة

فصل في النشوز و هو في الزوجة خروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها (1) لعدم

______________________________

أصل النشوز القيام و الارتفاع و منه قوله تعالى وَ إِذٰا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا (1)، و منه الحديث في خاتم النبوة «بضعة ناشزة» (2)، أي قطعة لحم مرتفعة عن الجسم فكل واحد من الزوجين إذا ارتفع عما امره اللّه تعالى بالنسبة إلى الآخر و لم يعمل به يصدق النشوز بالنسبة إليه سواء كان هو الزوج أم الزوجة، قال تعالى وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ (3)، و قال تعالى وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً (4).

و هو من المعاني العرفية الاجتماعية بين الناس و بهذا المعنى العرفي جعل مورد الحكم الشرعي.

و الأقسام ثلاثة:

الأول: نشوز منها عليه فقط.

الثاني: نشوز منه عليها فقط.

الثالث: نشوز من كل واحد منهما على الآخر و اصطلحوا على الأخير بالشقاق قال تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا (5)، و يأتي حكم الجميع.

(1) لأنه لا يتحقق نشوزها في غير ما يجب عليها بالنسبة إلى

ص: 217


1- سورة المجادلة (58) الآية: 11.
2- النهاية لابن الأثير ج: 5 صفحة: 56.
3- سورة النساء (4) الآية: 34 و 128 و 35.
4- سورة النساء (4) الآية: 34 و 128 و 35.
5- سورة النساء (4) الآية: 34 و 128 و 35.

تمكين نفسها و عدم إزالة المنفرات المضادة للتمتع و الالتذاذ بها، بل و ترك التنظيف و التزيين مع اقتضاء الزوج لهما (2)، و كذا خروجها من بيته من دون

______________________________

زوجها إجماعا.

(2) لتقوم تمكينها بما يطلبه الزوج من جهات الاستمتاع و الالتذاذ و مع تقصيرها في كل ذلك مع العمد و الاختيار يتحقق النشوز و تجري عليه احكامه، و ما يطلبه الزوج منها في الاستمتاع على أقسام:

الأول: ما لم يرد فيه نهي شرعي و لا يكون مخالفا لما هو المتعارف، و لا ريب في تحقق النشوز بتقصيرها فيه.

الثاني: ما ورد فيه النهي الشرعي كالوطي في حال الحيض و الإحرام و الاعتكاف و غيرها فلا ريب في عدم جواز اطاعته فيه فلا موضوع للنشوز في المخالفة.

الثالث: ما لا يكون مخالفا للشرع و لكنه مخالف للعرف، مقتضى إطلاق أدلة وجوب إطاعتها له في استمتاعه منها الوجوب أيضا إلا إذا كان بحيث تنصرف الأدلة عنه، و قد بين الشارع حق استمتاع الزوج من المرأة بان:

«لا تمنعه نفسها و إن كانت على ظهر قتب» (1)، أو بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «و عليها أن تتطيب بأطيب طيبها و تلبس أحسن ثيابها و تزين بأحسن زينتها و تعرض نفسها عليه غدوة و عشية»(2)، و في حديث آخر عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «لا يحل لامرأة أن تنام حتى تعرض نفسها على زوجها تخلع ثيابها و تدخل معه في لحافه فتلزق جلدها جلده فإذا فعلت فقد عرضت» (3)، و غير ذلك مما فصل في النصوص.

ص: 218


1- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح.
3- الوسائل باب: 91 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 5.

اذنه (3) و غير ذلك (4)، و لا يتحقق النشوز بترك طاعته فيما ليست بواجبة عليها (5)، فلو امتنعت من خدمات البيت و حوائجه التي لا تتعلق بالاستمتاع من الكنس أو الخياطة أو غير ذلك حتى سقي الماء و تمهيد الفراش لم يتحقق النشوز (6).

______________________________

(3) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها (1)، ففي معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حق الزوج على المرأة لا تخرج من بيتها إلا بإذنه» (2).

فرع: لو خرجت من المنزل بدون إذن الزوج ثمَّ رجعت إليه فمقتضى الأصل بقاء النشوز إلا أن تحصل منها التوبة أو كان نفس الرجوع إليه بعنوان التوبة فعلا.

(4) من مذام الأخلاق و سيئها- قولا و فعلا بل حركة و سكونا- مما توجب النفرة الطبيعية للزوج عنها و نقص الاستمتاع و كدورته و هي تقدر على إزالتها من نفسها.

(5) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

فرع: هل يجوز للزوج تأديب الزوجة في غير حق الاستمتاع من أمور البيت و الآداب الاجتماعية و غيرها أو لا؟ مقتضى الأصل عدم ولايته على ذلك إلا إذا انطبق عليه عنوان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و تمت شرائطه من إذن الحاكم الشرعي و غيره.

(6) لاستصحاب جميع أحكام الزوجية و إطلاق مثل قوله تعالى:

وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3)، مضافا إلى الإجماع.

ص: 219


1- راجع صفحة: 197.
2- الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمات النكاح.
3- سورة النساء: 19.

مسألة 1: إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان

(مسألة 1): إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل- بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كانت تجابهه بكلام لين أو تظهر عبوسا و تقطبا في وجهه و تثاقلا و دمدمة بعد أن كانت على خلاف ذلك و غير ذلك (7)- جاز له هجرها في المضجع (8) إما بأن يحوّل إليها ظهره في الفراش أو يعتزل من فراشها بعد أن يعظها (9)، فإذا لم

______________________________

(7) مما هو كثير لا يحصى و يختلف باختلاف الأمكنة و الأزمنة و العادات و الطوائف.

(8) كتابا و سنة و إجماعا قال تعالى وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلٰا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا (1)، و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: «يحوّل ظهره إليها» (2)، و لتحقق موضوع النهي من المنكر فيترتب عليه حكمه قهرا متدرجا من الضعيف إلى القوي و منه إلى الأقوى كما هو شأن النهي عن المنكر في جميع الموارد.

(9) لترتب الهجر في المضجع على الوعظ في الكتاب العظيم فقال تعالى فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ.

تنبيه الهجر من الأمور الإضافية التشكيكية فيكون قابلا للشدة و الضعف و له مراتب كثيرة تختلف باختلاف الحالات و الأشخاص و العادات، فكم من هجر عند قوم ليس بهجر عند آخرين، و في الآية الكريمة ليس إلا قوله تعالى:

وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ و هذا يتصور على أقسام:

الأول: أن يكون المضجع واحدا و يولي الرجل ظهره إليها فيه بطبعه بلا

ص: 220


1- سورة النساء: 34.
2- البرهان ج: 1 صفحة: 367.

ذلك فيها حتى وقع منها النشوز جاز له ضربها (10) و يقتصر على ما يؤمل معه رجوعها (11)، فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به (12) و إلا تدرج إلى الأقوى فالأقوى (13) ما لم يكن مدميا و لا شديدا مؤثرا في اسوداد بدنها أو احمراره (14)، و اللازم أن يكون ذلك بقصد الإصلاح لا

______________________________

غرض في البين.

الثاني: مثل ما تقدم و لكن بعنوان المنافرة و المباغضة.

الثالث: تعدد المضجع بعد أن كان واحدا في غرفة واحدة بقصد المنافرة و المباغضة.

الرابع: ما إذا كان مثل القسم الثالث و لكن في غرفتين أو بيتين.

و المتيقن من الآية الكريمة و أقوال الفقهاء رحمهم اللّه صورة تحقق إظهار المنافرة و التباغض في الهجر فيشمل جميع الأقسام إلا الأول، و ما في بعض الأخبار في تفسير الآية المباركة كما مر «يحوّل ظهره إليها» لا بد من تقييده بما إذا كان بعنوان المنافرة و البغضاء و هذا هو المتحصل من مجموع ما فسر في المقام و كلمات الاعلام.

ثمَّ إنه لا بد في الهجر أن يكون بقدر ما يؤمل فيه رجوعها إلى الطاعة.

(10) لترتب الضرب على الهجر في المضاجع و كلمة (واو) الواردة في الآية الشريفة للترتيب إجماعا.

(11) لأنه المتيقن من الدليل و في غيره لا سلطة له عليها فيكون من الإيذاء المحرم.

(12) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(13) لأن كل ذلك من مراتب النهي عن المنكر الذي أذن الشارع للزوج أن يتصدى له.

(14) لأصالة عدم جواز ذلك كله بعد كون الضرب المأذون فيه في الآية الشريفة أعم من ذلك كله.

ص: 221

الانتقام (15) و لو حصل بالضرب جناية وجب الغرم (16).

مسألة 2: لو حصل الشك في تحقق النشوز

(مسألة 2): لو حصل الشك في تحقق النشوز من جهة انها كانت بطبعها سيئة الخلق أو أنها خشنة أو غير ذلك فمع سبق الإطاعة لا نشوز و مع سبق النشوز تكون ناشزة (17)، و مع الجهل بالحالة السابقة يجب عليه جريان الأحكام (18).

مسألة 3: لا يتحقق النشوز في النكاح المنقطع

(مسألة 3): لا يتحقق النشوز في النكاح المنقطع (19) كما لا يتحقق النشوز إن حصل منها زمانا لا ينافي الاستمتاع في الدائم ثمَّ ندمت و رجعت إلى طاعته (20).

مسألة 4: لو اتفق الزوجان في عقد النكاح على شرط

(مسألة 4): لو اتفق الزوجان في عقد النكاح على شرط مثل خروجها عن البيت للممارسة حرفتها مثلا ثمَّ بعد ذلك أظهر الزوج عدم

______________________________

(15) لأنه المتيقن من سياق الآية المباركة، و المأنوس من مذاق الشريعة المقدسة بالنسبة إلى المرأة التي هي كالأسيرة عند الزوج كما في الحديث (1).

(16) لعموم أدلة الجنايات الموجبة للضمان كما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى مضافا إلى الإجماع.

(17) للأصل في الموردين.

(18) من وجوب النفقة و عدم جواز الهجر و الضرب و غيرهما للأصل.

(19) لأن عدم تمكينها لا يوجب شيئا إلا تقسيط الأجرة كما مر في (مسألة 6) من النكاح المنقطع، و أما خروجها من البيت بغير إذنه فيجوز كما مر في (مسألة 26) من النكاح المنقطع.

(20) لأن النشوز انما يتحقق بما يضاد الاستمتاع و ينافيه و المفروض عدم ذلك فيجري الأصل بالنسبة إلى الأحكام على الزوج.

ص: 222


1- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 9.

رضائه بذلك بلا عذر شرعي ليس له ذلك و لا يتحقق به النشوز (21).

مسألة 5: لا فرق في تحقق النشوز بين علمها بالحكم أو جهلها به

(مسألة 5): لا فرق في تحقق النشوز بين علمها بالحكم أو جهلها به (22).

مسألة 6: لا تعتبر المباشرة في الموعظة و الضرب

(مسألة 6): لا تعتبر المباشرة في الموعظة و الضرب فيجوز التوكيل في كل منهما (23).

مسألة 7: لو ادعت عذرا في نشوزها تسمع دعواها

(مسألة 7): لو ادعت عذرا في نشوزها تسمع دعواها (24) فتتخاصم مع الزوج و يحكم الحاكم بمقتضى موازين القضاء، و لو ادعى

______________________________

(21) أما الأول فلعموم وجوب الوفاء بالشرط.

و أما الثاني فلفرض وجود الشرط فلا يتحقق النشوز بإعمال الشرط.

نعم، لو اتفقا على إسقاط الشرط بينهما فلا يجوز لها الخروج بعده لممارسة حرفتها بدون إذنه و لو خرجت كذلك كانت ناشزة.

(22) لإطلاق الأدلة الشامل لكلتا الصورتين.

(23) لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن اشتراط المباشرة.

و دعوى: أن ما يستفاد من الآية الكريمة وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلٰا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا (1)، المباشرة فلا يجوز التوكيل فيها.

غير صحيحة لأن الآية المباركة في مقام تشريع أصل الحكم، و الأصل في الأفعال جواز الوكالة فيها و عدم اعتبار المباشرة إلا ما خرج بالدليل كما قررناه في كتاب الوكالة (2)، فيجوز للزوج أن يوكل أباها في الموعظة و الضرب أو غيره من أرحامها.

(24) لفرض ثبوت الأثر على هذه الدعوى، و سيأتي في كتاب القضاء قبلوا كل دعوى كانت كذلك.

ص: 223


1- سورة النساء: 34.
2- راجع المجلد الواحد و العشرين صفحة: 204.

النشوز و أنكرت هي يقبل قولها مع اليمين (25)، إلا مع قيام البينة على الخلاف (26).

مسألة 8: هل تصح عباداتها في حال النشوز؟ وجهان

(مسألة 8): هل تصح عباداتها في حال النشوز؟ وجهان (27).

مسألة 9: كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا

(مسألة 9): كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا بتعديه عليها و عدم القيام بحقوقها الواجبة، فإذا ظهر منه النشوز بمنع حقوقها من قسم و نفقة و نحوهما فلها المطالبة بها (28)، و وعظها إياه فإن لم يؤثر رفعت أمرها إلى الحاكم فيلزمه بها (29)، و ليس لها هجره و لا ضربه (30)، و إذا اطلع الحاكم على نشوزه و تعديه نهاه عن فعل ما يحرم

______________________________

(25) أما الأول فللأصل و أما الثاني فلقطع الخصومة كما مر مكررا.

(26) لأنها حجة شرعية تقدم على غيرها.

(27) فعن جمع البطلان لما يستفاد من مجموع ما ورد في تمكين الزوجة للزوج من مبغوضية ذات العمل الذي ينافي الاستمتاع كما مر بعضها، و عن آخرين ابتناء المسألة على بحث أن الأمر بالشي ء يقتضي النهي عن ضده أم لا؟

فعلى الأولى تبطل و تأثم.

و على الثاني: لا تبطل و تأثم، و حيث أن الأصح عندنا هو الأخير، فتصح عباداتها و إن أثمت في ترك التمكين.

(28) لقاعدة «أن لكل ذي حق مطالبة حقه ممن يعطله و يضيعه» الموافقة للعقل و النقل، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لصاحب الحق اليد و اللسان» (1)، و غيره مما يأتي في كتاب القضاء.

(29) لأنه منصوب في الشرع لمثل ذلك من الأمور الحسبية و إحقاق الحق و ابطال الباطل.

(30) للأصل، و ظهور الإجماع، و اشتمال الآية المباركة على ضرب الزوج

ص: 224


1- النهاية لابن الأثير ج: 4 صفحة: 248.

عليه و امره بفعل ما يجب (31)، فإن نفع و الا عزّره بما يراه (32) و له أيضا الإنفاق من ماله مع امتناعه من ذلك و لو ببيع عقاره إذا توقف عليه (33).

مسألة 10: إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة

(مسألة 10): إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة أو همّ بطلاقها لكراهته لكبر سنها أو غيره أو هم بالتزويج عليها فبذلت له مالا أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صح و حل له ذلك (34)، و أما لو ترك بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم و غير ذلك

______________________________

للزوجة عند نشوزها دون العكس.

(31) لإطلاق أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الشامل للمقام و غيره.

(32) لأن له ولاية التعزير على من أصرّ على ترك المعروف و فعل المنكر، بل في الكبائر يقتل على تفصيل تقدم و يأتي في كتاب القضاء.

(33) لأنه لا معنى لولايته على إحقاق الحق و ابطال الباطل إلا أمثال ذلك.

(34) للكتاب و السنة المستفيضة، و الإجماع، و الأصل قال تعالى وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ (1).

و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل:

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فقال: هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها: إني أريد أن أطلقك، فتقول له: لا تفعل إني أكره أن تشمت بي، و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت و ما كان سوى ذلك من شي ء فهو لك، و دعني على حالتي فهي قوله تعالى فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً و هذا هو الصلح» (2).

ص: 225


1- سورة النساء: 128.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب القسم و النشوز: الحديث: 1.

فبذلت مالا أو تركت بعض حقوقها ليقوم بما ترك من حقها أو ليمسك عن أذيتها أو ليخلعها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت (35)، و إن لم يكن من قصده إلجاؤها بالبذل على الأقوى (36).

______________________________

و في معتبرة زيد الشحام عن الصادق عليه السّلام: «النشوز يكون من الرجل و المرأة جميعا، فأما الذي من الرجل فهو ما قال اللّه عز و جل في كتاب وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ، و هو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول: أمسكني و لا تطلقني و أدع لك ما على ظهرك و أحل لك يومي و ليلتي فقد طاب له ذلك» (1)، و قريب منها معتبرة أبي بصير بزيادة «و أعطيك من مالي» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(35) لأنها حينئذ كالمظلوم الذي يبذل ماله للتخلص عن ظلم الظالم فالأخذ حرام عقلا و إجماعا، و إن كان البذل منها يجوز حفظا للنفس حينئذ.

(36) لأنه ليس المناط على قصده و انما المناط كله ترتب عنوان التخلص عن الظلم على بذلها و لا ريب في تحقق هذا العنوان و ترتبه.

ص: 226


1- الوسائل باب: 11 من أبواب القسم و النشوز: الحديث: 4 و 3.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب القسم و النشوز: الحديث: 4 و 3.

فصل في الشقاق

اشارة

فصل في الشقاق إذا وقع نشوز من الزوجين و منافرة و شقاق بين الطرفين (1) و انجرّ

______________________________

و هو من الشق بمعنى التفرقة و الخلاف فيصير الزوج في شق و الزوجة في شق (بالكسر) أي في خلاف الآخر، و منه قوله تعالى وَ مَنْ يُشٰاقِقِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ (1)، أي صار في شق غير شق أولياء اللّه و من ذلك يكون ما ذكره اللغويون من الخرم.

(1) و هذا هو المعبر عنه بالشقاق في الكتاب و السنة و اصطلاح الفقهاء قال تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً خَبِيراً (2)، و أما من السنة فكما يأتي.

ثمَّ إن حالة الزوجين فيما بينهما لا تخلو عن أحد أقسام أربعة:

الأول: أن يتحدا دينا و عقلا و أدبا و أخلاقا و من جميع الجهات الدخيلة في الإرادة و الفعل و الرضا و السخط و الشهوة و نحوها مما له دخل كثير في الألفة و البقاء بل النسل أيضا، و هذه هي التي ورد فيها المدح عن العقلاء و الأنبياء و ائمة الهداة عليهم السّلام، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله أنها من سعادة المرء (3)، و عنهم عليهم السّلام:

«هي خير من الذهب و الفضة» (4).

ص: 227


1- سورة الأنفال: 13.
2- سورة النساء: 35.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 12.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

أمرهما إلى الحاكم (2)،

______________________________

الثاني: عكس ذلك من كل جهة و ذمها معلوم لكل أحد و هي المتيقنة من قولهم عليهم السّلام «التراب خير منها» (1)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في دعائه:

«اللهم إني أعوذ بك من ولد يكون عليّ ربا، و من مال يكون عليّ ضياعا و من زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي» (2).

الثالث: التباين أخلاقا و التوافق من سائر الجهات.

الرابع: عكس القسم الثالث.

و ربما يجمع تلك الأقسام ما ورد عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «النساء أربع:

جامع مجمع، و ربيع مربع، و خرقاء مقمع، و غل قمل» (3)، و شرح المقام يحتاج إلى تفصيل الكلام مع عدم ربطه بالفقه إلا بقدر ما يأتي التعرض له.

(2) بأن لا تنفع النصيحة و لو من الأقرباء أو المؤمنين أو لم يكن ناصح في البيان أصلا.

ثمَّ إن البحث في المقام من جهات:

الاولى: ان المراد من الخوف الوارد في قوله تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا ليس المراد به خوف حدوث الشقاق بينهما بعد ذلك بل المراد خوف بقاء ما حدث قبل ذلك و خوف استدامته.

الثانية: ظاهر الأمر في الآية الكريمة فَابْعَثُوا الوجوب المولوي كما في سائر الموارد من الكتاب و السنة المشتملة على الأمر، و لكن يمكن أن يقال انه إرشاد إلى طريق من طرق الإصلاح فلا يستفاد منه الوجوب المولوي حينئذ.

الثالثة: حيث ان الموضوع من الإصلاح و المعروف و هو محبوب عند

ص: 228


1- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 6.

بعث حكمين (3)، حكما من جانب الزوجة للإصلاح و رفع الشقاق بما

______________________________

الشرع بل عند جميع الناس فالخطاب متوجه إلى كل من يطلع على الموضوع و يتمكن على رفع الشقاق بينهما بقول حسن و تدبير لطيف و نحوهما، مثل قوله تعالى فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ (1)، و لا يختص بخصوص الحاكم الشرعي إلا إذا كان تنازع و تخاصم بينهما يحتاج إلى فصله بحسب موازين القضاوة و إن كان الأحوط تعيينه مطلقا.

الرابعة: طريق الإصلاح بينهما إما بإرجاعهما معا إلى عاقل مدبر للإصلاح بينهما بوجه صحيح، و إن كان بينهما نزاع و تخاصم مالي، فإلى حاكم شرعي أو بمجي ء مصلح مطلع على وجه الإصلاح بين الناس إليهما، أو بأن يبعث أهل كل منهم حكما فيتكلما معا في شؤونهما و يصلحا بينهما بما اقتضته المصلحة.

و الكل صحيح إذ المناط كله عودهما إلى الوفاق بعد المنافرة و الشقاق.

و انما ذكر اللّه تعالى خصوص الأخير في الآية المباركة المتقدمة ترغيبا للسعي في إيجاد الموافقة في ما تحققت فيه المنافرة و المباغضة.

الخامسة: ظاهر الكتاب و السنة و الفتوى أن المبعوثين ليسا من الوكيل المطلق بل حكم، و الفرق بينهما ان عمل الوكيل و نظره و رأيه يدور مدار إذن الموكل فقط، و الحكم يعمل برأيه و نظره و التدبير بما يراه مصلحة و إن لم يؤذن فيه إلا في ما ورد الدليل فيه بالخصوص على الاستئذان.

السادسة: مقتضى إطلاق الأدلة من الكتاب و السنة عدم اعتبار رضاء الزوجين ببعث الحكمين، بل عدم اعتبار التفاتهما إلى ذلك بعد تحقق علم الحكمين، بخصوصيات الشقاق بينهما من الخارج بمصاحبة و معاشرة أو نحوهما.

(3) تقدم أن هذا من أحد طرق الإصلاح، كما أن المراد بالحاكم الشرعي

ص: 229


1- سورة الحجرات: 10.

رأياه من الصلاح (4) من الجمع أو الفراق.

مسألة 1: يجب على الحكمين البحث و الاجتهاد في حال الزوجين

(مسألة 1): يجب على الحكمين البحث و الاجتهاد في حال الزوجين و فيم هو السبب و العلة لحصول الشقاق بينهما (5)، ثمَّ يسعيان في أمرهما (6) فكلما استقر عليه رأيهما حكما به و نفذ على الزوجين و يلزم

______________________________

ان توقف رفع الشقاق على القضاوة الشرعية و إلا فيكفي مطلق من له عقل و تدبير و يتمكن على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(4) للكتاب و السنة و الإجماع قال تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً خَبِيراً (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا قال: ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمر الرجل و المرأة و يشترطا عليهما إن شاءا جمعا و إن شاءا فرّقا فإن جمعا فجائز و إن فرّقا فجائز» (2)، و في معتبرة علي بن أبي حمزة قال: «سألت العبد الصالح عليه السّلام عن قول اللّه تبارك و تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا- الآية فقال: يشترط الحكمان إن شاءا فرّقا و إن شاءا جمعا ففرّقا أو جمعا جاز» (3)، إلى غير ذلك من الروايات و المراد بقوله عليه السّلام جائز أي: نافذ.

(5) لأنه لا محاكمة بين المتنافرين إلا بالاطلاع على جميع ما وقع من مناشئ النفرة في البين مضافا إلى ظهور الإجماع من المسلمين، إذ رب نفرة و شق لا أصل لها بل حصلت من الوهم و الخيال كما هو الغالب في النساء بل الرجال.

(6) كما هو شأن كل حكم و محاكم عرفا و شرعا.

ص: 230


1- سورة النساء: 35.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1 و 2.

عليهما الرضا به (7) بشرط كونه سائغا (8)، كما لو شرطا على الزوج أن يسكن الزوجة في البلد الفلاني أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار امه أو أخته و لو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضرتها في دار واحدة و نحو ذلك أو شرطا عليها أن تؤجله بالمهر الحال إلى أجل أو ترد عليه ما قبضته قرضا و نحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرة من قسم أو نفقة أو رخصة المرأة في خروجها من بيته حيث شاءت و أين شاءت و نحو ذلك (9).

مسألة 2: لا بد في الحكمين من الخبروية

(مسألة 2): لا بد في الحكمين من الخبروية بجهة الإصلاح بينهما فلا تعتبر فيهما العدالة و الاجتهاد (10)، و هل يعتبر الإسلام في الحكمين؟

وجهان (11).

______________________________

(7) إجماعا و نصا كما في صحيح الحلبي و غيره مما مر.

(8) إجماعا بل ضرورة من الفقه.

(9) لأنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (1)، مضافا إلى الإجماع، و النص على بطلان الشروط المخالفة للشرع حكما كان الشارط أو غيره كما مر (2).

(10) للأصل، و الإطلاق، و عدم دليل على الخلاف، بل الظاهر عدم اعتبار الرجولية فيهما بعد كون المرأة قابلة لذلك، و ليس المراد من الحكم في المقام الحاكم الشرعي كما هو واضح، بل هو من الأحكام أي المنع من تحقق المنافرة و المخاصمة بينهما كما يقال حكمت الدابة أي منعتها و منه قول الشاعر: ابني حنيفة أحكموا سفهائكم.

(11) مقتضى الأصل و إطلاق الأدلة عدم الاعتبار. و مقتضى الانصراف

ص: 231


1- الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج الحديث: 7.
2- راجع المجلد السابع عشر صفحة: 222.

مسألة 3: يعتبر فيهما البلوغ و العقل

(مسألة 3): يعتبر فيهما البلوغ (12) و العقل (13).

مسألة 4: هل يجوز أن يكون شخص واحد حكما عن كل منهما

(مسألة 4): هل يجوز أن يكون شخص واحد حكما عن كل منهما بأن يبلغ كلام كل منهما إلى الآخر ثمَّ يصلح بينهما بما يراه؟ (14).

و يجوز أن يبعث أحدهما حكما دون الآخر بل يتصدى ذلك بنفسه (15).

مسألة 5: لا يشترط في الحكمين المجانية

(مسألة 5): لا يشترط في الحكمين المجانية بل يجوز أخذ الأجرة

______________________________

الاعتبار.

و لكن الحق في المقام أن يقال: ان الزوجين إن كانا مسلمين فالمنساق من الأدلة حينئذ اعتباره في الحكمين، و إن لم يكونا مسلمين فالإطلاق محكم من غير وجه للتخصيص بعد كونهما صالحين للحكمية.

و لو كان لكل واحد منهما أهل مسلم و غير مسلم و هما كانا مسلمين.

فالمنساق من الأدلة أيضا الاعتبار.

(12) لظهور الإجماع و لكنه محل تأمل كما مر مكررا.

نعم، لا بد و أن يكون مميزا و جامعا لصفات التحكيم.

(13) لأن غير العاقل بمعزل عن الحكمية.

(14) مقتضى الأصل الجواز بعد ترتب الأثر عليه.

و مقتضى الجمود على ظاهر الآية الشريفة المتقدمة التعدد إلا أن يقال: ان ذلك من باب الغالب لا التقييد الحقيقي.

و لكن لا بد من تقييد ذلك بما إذا كان له تدبير حسن في إيجاد الألفة و الوفاق بينهما، فكم من وساطة شخص واحد تؤثر في إيجاد الألفة بين المتباغضين ما لا تؤثر فيه جماعات.

(15) لفرض ترتب الأثر على ذلك، و أصالة عدم اعتبار جعل حكم مستقل و ذكر التعدد في الآية المباركة إنما هو من باب الغالب و التسهيل كما عرفت.

ص: 232

على عملهم أيضا (16) و تكون الأجرة على كل منهما (17).

مسألة 6: لو تساهل الحكمان فتسامحا في إعمال وظيفتهما تسقط حكومتهما

(مسألة 6): لو تساهل الحكمان فتسامحا في إعمال وظيفتهما تسقط حكومتهما فلا بد من ترغيبهما إلى ذلك أو تبديلهما بآخرين (18).

مسألة 7: لو حكم الحكمان على أحدهما بشي ء يجب عليه العمل به

(مسألة 7): لو حكم الحكمان على أحدهما بشي ء يجب عليه العمل به إن شرط ذلك حين بعثهما (19).

مسألة 8: إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما

(مسألة 8): إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا و إن شاءا فرّقا (20) و حيث

______________________________

(16) للأصل و الإطلاق و احترام العمل.

(17) لأنهما لمصلحتهما فتكون الأجرة على كل واحد منهما.

(18) لأنهما إنما نصبا للإصلاح و دفع المنافرة و المفروض أنها باقية بعد فتسقط حكومتهما إن لم يقوما بوظيفتهما.

(19) لعموم وجوب الوفاء بالشرط، و إن هذا نتيجة بعث الحكمين و إلا يكون لغوا.

(20) إجماعا و نصوصا منها ما عن علي عليه السّلام حين بعث حكمين قال: «هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما و إن رأيتما أن تفرّقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بما في كتاب اللّه عليّ ولي فقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي عليه السّلام: كذبت و اللّه حتى تقرّ بمثل الذي أقرت به» (1).

و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن قول اللّه عز و جل فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها، قال: ليس للحكمين بأن يفرّقا حتى يستأمر الرجل و المرأة و يشترطا عليهما إن شئنا جمعنا و إن شئنا فرّقنا، فإن فرّقا فجائز» (2).

ص: 233


1- الوسائل باب: 13 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1.

أن التفريق لا يكون إلا بالطلاق فلا بد من وقوعه عند اجتماع شرائطه بأن يقع في طهر لم يواقعها فيه و عند حضور العدلين (21)، و لو اختلفا في الطلاق فاختار حكم الزوج ذلك بخلاف حكم الزوجة لا يصح الطلاق (22).

مسألة 9: لا يعتبر حضور الزوجين في اعتبار رأي الحكمين

(مسألة 9): لا يعتبر حضور الزوجين في اعتبار رأي الحكمين فلو غابا يصح حكمهما (23).

______________________________

و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام «ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

(21) لتقوم الطلاق بهذه الشرائط كما يأتي في موثق سماعة أيضا فلا بد من تحققها و إلا فلا يقع الطلاق، و يصح ان يطلق حكم الزوج لو كان وكيلا عنه في ذلك مع تحقق سائر الشرائط.

(22) لموثق سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل:

فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا أرأيت إن استأذن الحكمان فقالا للرجل و المرأة: أ ليس قد جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح و التفريق؟ فقال الرجل و المرأة: نعم، فأشهدا بذلك شهودا عليهما، أ يجوز تفريقهما عليهما؟

قال: نعم، و لكن لا يكون ذلك إلا على طهر من المرأة من غير جماع من الزوج، قيل له: أرأيت إن قال أحد الحكمين: قد فرّقت بينهما و قال الآخر لم أفرق بينهما؟ فقال عليه السّلام: «لا يكون التفريق حتى يجتمعا جميعا على التفريق فإذا اجتمعا على التفريق جاز تفريقهما» (2).

(23) للأصل و ظهور الإطلاق بلا فرق في ذلك بين غيابها أو غياب أحدهما، و بين السفر و غيره.

ص: 234


1- الوسائل باب: 12 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب القسم و النشوز الحديث: 1.

مسألة 10: موضوع الشقاق في الزواج الدائم

(مسألة 10): موضوع الشقاق في الزواج الدائم فلا يجري في الزواج المنقطع (24).

مسألة 11: لو اطلع الحكمان على الشقاق بين الزوجين

(مسألة 11): لو اطلع الحكمان على الشقاق بين الزوجين فقاما بالإصلاح بينهما بما رأيا من دون علمهما ثمَّ راجعاهما فأمضيا و أجازا ما فعلاه فالظاهر الصحة (25).

مسألة 12: الأولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين

(مسألة 12): الأولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين (26) بأن يكون حكم من أهله و حكم من أهلها فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن في أهلهما أهلا لهذا الأمر تعين من غيرهم (27)، و لا يعتبر

______________________________

(24) للأصل و إطلاقات الأدلة مثل قوله عليه السّلام: «انهن مستأجرات» (1)، و تقدم في (مسألة 6) من النكاح المنقطع ان عدم تمكينها يوجب تقسيط المهر، فيستفاد عدم موضوع الشقاق فيه و كذا بالنسبة إلى النشوز.

(25) لكون الإجازة اللاحقة بمنزلة الإذن السابق إن لم يكن طلاق.

إن قيل: ان ظاهر الآية المباركة تحقق البعث منهما فلا تشمل هذه الصورة.

قلنا: الإجازة اللاحقة تجعل الموضوع كالإذن السابق كما في سائر الموارد فيحصل البعث حينئذ.

(26) جمودا على ظاهر الآية الكريمة (2)، و إن كان هو جمودا ظاهر البطلان، لأن المناط كما هو المعلوم بالوجدان تحقق الألفة و الوفاق بعد حصول التنافر و الشقاق، و قد يكون توسط الأجنبي أحسن و أشد تأثيرا في ذلك، مع انه يمكن أن يراد بالآية الشريفة أهل المعرفة بأحوالهما فتشمل الأجنبي بالمطابقة.

(27) لأن المناط كله انما هو تحقق الصلاح و الإصلاح و إزالة التنافر

ص: 235


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2.
2- سورة النساء: 35.

أن يكون من جانب كل منهما حكم واحد بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعين (27).

مسألة 13: لا بد لحكم الزوج أن يخلو به ليطلع على الخصوصيات و الاسرار

(مسألة 13): لا بد لحكم الزوج أن يخلو به ليطلع على الخصوصيات و الاسرار و كذا حكم الزوجة خلوة غير محرمة (29) و لا بد لهما من بيان الواقع و عدم خوف أحدهما من الآخر و عدم حشمة في البين (30).

مسألة 14: ينبغي للحكمين إخلاص النية

(مسألة 14): ينبغي للحكمين إخلاص النية و قصد الإصلاح فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح اللّه تعالى مسعاه كما يرشد إلى ذلك قوله جل شأنه في هذا المقام إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا (31).

______________________________

و الشقاق فيحصل بذلك.

(28) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و معلومية الغرض و المناط بل تقدم في (مسألة 4) كفاية الواحد أيضا.

(29) لقيام معنى الحكمين بالاطلاع على خفايا الطرفين.

(30) كل ذلك لأن يظهر الحق و يرفع التباغض و الباطل و يقع الإصلاح إن اللّٰه شاء تعالى.

(31) لتأثير النيات في الأقوال و الأفعال كما تدل عليه روايات مستفيضة بين المسلمين في أبواب مختلفة (1)، و تشهد به الشواهد العقلية بل براهينها و ذكرنا بعضها في التفسير نسأل اللّٰه تعالى التسهيل و التيسير.

ص: 236


1- راجع الوسائل باب: 5 و 6 و 7 من أبواب مقدمة العبادات.

فصل في أحكام الأولاد

اشارة

فصل في أحكام الأولاد

مسألة 1: إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط ثلاثة

(مسألة 1): إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط ثلاثة: (1) الدخول (2) و مضى ستة أشهر- أو أكثر من حين الوطي إلى زمن

______________________________

(1) إجماعا في الجملة و نصوصا كثيرة يأتي التعرض لبعضها.

(2) إجماعا و نصا قال أبو جعفر عليه السّلام: «إذا أتاها فقد طلب ولدها» (1)، و إطلاق ما ورد عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «الولد للفراش» (2)، المراد به الافتراش الفعلي، و عنه صلّى اللّه عليه و آله بعد أن جاءه رجل و قال: كنت أعزل جارية لي فجائت بولد فقال صلّى اللّه عليه و آله: «الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد» (3).

و لا بد من بيان أمرين:

الأول: كيفية عاقدية نطفة الرجل لانعقاد نطفة المرأة مما لا يعلمها إلا اللّه تعالى، و كذا كيفية انعقاد نطفة المرأة فيمكن أن تكون من تلاقي مائهما في الرحم كما هو الغالب، و يمكن أن تكون من تلاقي آلتي التناسل و لو لم ينزل كما يتفق في الأمزجة الشبقة المستعدة.

و نسب إلى ابن سينا أنه قال: يمكن أن يتحقق الانعقاد من كثرة معاشرة العاشق مع معشوقه و إن لم يتحقق دخول أصلا، كما في بعض الأمراض المعدية مثلا، و عن العلامة أن النطفة و الرحم جذابتان، و للجذب مراتب كثيرة.

ص: 237


1- الوسائل باب: 103 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.

الولادة (3)- و أن لا يتجاوز عن أقصى مدة الحمل و هو تسعة أشهر على الأقوى (4) فلو لم يدخل بها و لم يصل إلى رحمها من مائه لم يلحق به

______________________________

نعم، اعتبر الشرع الدخول حفظا لنظام التناسل و التوالد و لئلا يفتح باب الفساد للنساء، فاللّه العزيز الحكيم كما أنه يخلق في الأرحام ما يشاء و جعل الرياح لواقح له تعالى أن يفعل في كيفية الانعقاد كل ما شاء و أراد و بأي سبب تعلقت ارادته المقدسة و ما هو الغالب المتعارف لا يكون مقوما للذات و الحقيقة سيما بالنسبة إلى قدرته تعالى.

الثاني: الدخول تارة: يكون مع الإنزال.

و اخرى: مع عدمه و على كل منهما تارة في القبل، و اخرى في الدبر و مع الإنزال.

تارة: على ظاهر المحل.

و اخرى: في الرحم.

و ثالثة: بإدخال المني بالآلات الحديثة في رحم المرأة، و في الكل يلحق به الولد لما تقدم في الأمر الأول من إمكان انتسابه إليه و خلقه و لو من تسببه لانعقاد مائها و اختلاط الماءين و تكوّن الجنين في البين، مع «أن الدبر أحد المأتيين» كما في الحديث (1).

(3) كتابا (2)، و إجماعا و نصوصا متواترة منها قول علي عليه السّلام: «لا تلد المرأة لأقل من ستة أشهر» (3)، و قول الصادق عليه السّلام: «أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر» (4)، و غيرها مما دل على أن أقل مدة الحمل ذلك.

(4) نسب ذلك الى المشهور، و ادعي عليه الإجماع، و عن أبي

ص: 238


1- سورة الأحقاف: 15.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 5.

الولد قطعا (5)

______________________________

جعفر عليه السّلام: «أقصى مدة الحمل تسعة أشهر و لا يزيد لحظة و لو زاد لحظة لقتل امه قبل أن يخرج»(1)، و عن أبي الحسن عليه السّلام أنه قال: «إنما الحمل تسعة أشهر» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و عن جمع منهم الشيخ و الفاضل و المحقق رحمهم اللّه انه عشرة أشهر و لا دليل لهم إلا الوجدان في كثير من الموارد.

و نسب إلى جمع آخرين أنه سنة، لإطلاق دليل الفراش، و الاستصحاب و دعوى الإجماع.

و لكن الخدشة فيه ظاهرة، أما دعوى الإجماع فموهونة لما نسب تسعة أشهر إلى المشهور فلا يبقى مجال لدعوى الإجماع على الأكثر، و أما إطلاق دليل الفراش فلا وجه للأخذ به مع التحديد بالتسعة و منه يظهر عدم جريان الاستصحاب، هذه أقوالهم قدّس سرّهم.

و الكل مخدوش: لأن التحديد بالآخر أي الانتهاء لا وجه له إلا مع العلم بأول الحد و مبدء الانعقاد و هو مما يتعذر غالبا، و الطريق إليه انما هو انقطاع دم الحيض غالبا و هو أعم من ذلك، إذ يمكن أن يكون الانقطاع لعوارض اخرى، مع أن المشهور الذي يقولون بالتسعة هل يكون مرادهم التسعة الحقيقية بلا زيادة و نقيصة، أو المقصود منها ما هو المتعارف بين النساء زيادة عليها أياما أو ناقصا كذلك؟ الظاهر هو الثاني، فربما تزيد على تسعة أشهر عشرة أيام بل عشرون يوما، و ما دل على أنها لا تزيد لحظة (3)، مع قصور سنده انما هو في مقابل نفي سنتين (4).

(5) لقاعدة «انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع» مضافا إلى الأصل و الإجماع

ص: 239


1- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 5.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 5.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 15.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 15.

بل يجب نفيه عنه (6)، و كذا لو دخل بها و جاءت بولد حي كامل لأقل من ستة أشهر من حين الدخول (7) أو جاءت به و قد مضى من حين وطيه إياها أزيد من تسعة أشهر كما إذا اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر أو أكثر و ولدت بعدها (8).

مسألة 2: إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به

(مسألة 2): إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به (9) و لا يجوز له نفيه (10)، و إن وطئها واط فجورا فضلا عما لو اتهمها بالفجور (11)، و لا ينتفي عنه لو نفاه إن كان العقد دائما إلا باللعان (12) بخلاف ما إذا كان العقد منقطعا و جاءت بولد أمكن إلحاقه به فإنه و إن لم يجز له نفيه (13) لكن لو نفاه ينتفي منه ظاهرا من غير لعان (14)، لكن عليه اليمين مع

______________________________

و ظواهر الأدلة المتقدمة.

(6) لئلا يختلط الأنساب فإن نسبته إليه غير ثابتة شرعا.

و سيأتي في كتاب اللعان إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق بالمقام.

(7) لما مر من ان ذلك ادنى ما تحمل المرأة.

(8) لظواهر الأدلة و قاعدة «انتفاء المشروط بانتفاء الشرط» و ظهور الإجماع، و تقدم آنفا ما يتعلق بأقصى مدة الحمل.

(9) إجماعا بل ضرورة من المذهب و نصوصا تقدم بعضها فلا وجه لتكرارها مرة أخرى.

(10) لأنه ولده التكويني و الشرعي فيلحق به و لا ينتفي عنه إلا باللعان.

(11) لعدم موجب شرعي لإلحاق الولد بالفاجر.

(12) لأصالة عدم الانتفاء إلا به مضافا إلى الإجماع، و يأتي التفصيل في محله إن شاء اللّه تعالى.

(13) لما تقدم في (مسألة 19)، من النكاح المنقطع و سيأتي في (مسألتي 4 و 8) من اللعان.

(14) لما يأتي في كتاب اللعان من اشتراط الدوام في تحقق اللعان

ص: 240

دعواها أو دعوى الولد النسب (15).

مسألة 3: لا يجوز نفي الولد لمكان العزل

(مسألة 3): لا يجوز نفي الولد لمكان العزل (16) فلو نفاه لم ينتف إلا باللعان (17).

مسألة 4: الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن أنها زوجته يلحق ولدها بالواطئ

(مسألة 4): الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن أنها زوجته- يلحق ولدها بالواطئ (18) بشرط أن تكون ولادته لستة أشهر من حين الوطي أو أكثر و أن لا يتجاوز عن أقصى الحمل (19).

مسألة 5: يلحق الولد بالرجل لو تحقق الاستفراش

(مسألة 5): يلحق الولد بالرجل لو تحقق الاستفراش و إن شك في الدخول و عدمه (20).

______________________________

و يأتي التفصيل.

(15) لأنها قاطعة للخصومة و لا تقطع إلا بها.

(16) إجماعا و لأن العزل أعم من انعقاد النطفة بالدخول، مضافا إلى نصوص خاصة منها ما عن علي عليه السّلام: «جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: كنت اعزل عن جارية لي فجاءت بولد، فقال صلّى اللّه عليه و آله: إن الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد» (1).

(17) إجماعا و نصا كما يأتي في كتاب اللعان.

(18) لوجود المقتضى و فقد المانع.

(19) لأنه كالوطي الشرعي فيلحقه جميع أحكامه، و ظواهر النصوص الدالة بإلحاق الولد بالأب في الوطي بالشبهة (2)، و قوله عليه السّلام في المدلّسة: «ترد الوليدة على مواليها و الولد للرجل» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على ذلك.

(20) لإطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الولد للفراش» (4)، و المراد الاستفراش الفعلي لا

ص: 241


1- الوسائل باب: 15 من أبواب أحكام الأولاد.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب و التدليس.
4- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.

مسألة 6: إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه

(مسألة 6): إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه فادعته المرأة ليلحق الولد به و أنكره، أو اختلفا في ولادته فنفاها الزوج و ادعى أنها أتت به من خارج فالقول قوله بيمينه (21)، و أما لو اتفقا في الدخول و الولادة و اختلفا في المدة فادعى ولادتها لدون ستة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل و ادعت هي خلافه، فالقول قولها بيمينها و يلحق الولد به و لا ينتفي عنه إلا باللعان (22).

مسألة 7: لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثمَّ أتت بولد

(مسألة 7): لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثمَّ أتت بولد فإن لم يمكن لحوقه بالثاني و أمكن لحوقه بالأول- كما إذا ولدته لدون ستة أشهر من وطي الثاني و لتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من وطي الأول- فهو للأول (23).

______________________________

الدخول، و عن صاحب الجواهر التمسك بأصالة اللحوق مطلقا إلا ما خرج بالدليل.

إن قيل: أن مقتضى الأصل عدم تحقق الدخول فلا يبقى موضوع لما ذكرناه و ما ذكره صاحب الجواهر قدّس سرّه من الأصل.

يقال: أن المفروض تحقق الاستفراش الفعلي فيشمله الإطلاق و هو مقدم على الأصل.

(21) لأصالة عدم الدخول في الأول، مع أن الفعل فعله فيقبل قوله فيه، و لا مكان للبينة في الثاني فلا يقبل قول المرأة إلا بها.

(22) لظاهر الحال و أصالة اللحوق بعد تحقق الدخول و اليمين انما تكون لقطع النزاع، و يأتي حكم اللعان في محله.

(23) للفراش، و أصالة الإلحاق بعد تحقق الدخول الصحيح و عدم إمكان اللحاق بالثاني، مضافا إلى نصوص خاصة منها ما في معتبرة زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل إذا طلق امرأته ثمَّ نكحت و قد أعتدت و وضعت

ص: 242

و تبين بطلان نكاح الثاني لتبين وقوعه في العدة و حرمت عليه مؤبدا لوطيه إياها في العدة (24) و إن انعكس الأمر- بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأول- لحق بالثاني (25) بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطئ الأول و لأقل الحمل إلى الأقصى من وطئ الثاني.

و إن لم يمكن لحوقه بأحدهما- بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطئ الأول و لدون ستة أشهر من وطئ الثاني- انتفى عنهما (26).

و إن أمكن إلحاقه بهما- بأن كانت ولادته لستة أشهر من وطئ الثاني و لدون أقصى الحمل من وطئ الأول فهو للثاني (27).

مسألة 8: الولد ملحق بالفراش الشرعي

(مسألة 8): الولد ملحق بالفراش الشرعي بعد تحقق ما تقدم من

______________________________

لخمسة أشهر فهو للأول و إن كان ولد انقص من ستة أشهر فلأمه و لأبيه الأول، و إن ولدت لستة أشهر فهو للأخير» (1)، و قريب منها غيرها.

(24) تقدم ذلك في المحرمات الأبدية (2).

(25) لانحصار اللحوق به بعد عدم إمكان اللحوق بالأول و كون الدخول بالثاني صحيحا شرعا مضافا إلى ما مر من النص.

(26) لفرض عدم إمكان الإلحاق لكل منهما شرعا فلا موضوع للإلحاق بأحدهما حينئذ.

(27) لجملة من النصوص منها قول أبي جعفر عليه السّلام: «و إن ولدت لستة أشهر فهو للأخير»، و قريب منه غيره.

و لفعلية الفراش بالنسبة إلى الثاني و هي مقدمة على الفراش الشأني و النصوص تشعر بذلك أيضا.

ص: 243


1- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 11.
2- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 91.

الشرائط و لو خالف الولد الأبوين في الصفات الظاهرة و الباطنية (28).

مسألة 9: لو طلقها ثمَّ بعد تمام العدة وطئت شبهة ثمَّ أتت بولد فهو كالتزويج

(مسألة 9): لو طلقها ثمَّ بعد تمام العدة وطئت شبهة ثمَّ أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدة فتجي ء فيه الصور الأربع المتقدمة (29) و هي؟ ما إذا أمكن اللحوق بكل منهما أو بالأخير فإنه يلحق بالأخير هنا أيضا (30).

______________________________

(28) لإطلاق الأدلة، و عدم ما يصلح للتخصيص، و عدم إحاطة العقول بأسرار القضاء و القدر مضافا إلى نصوص خاصة، فمنها ما عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «أتى رجل من الأنصار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: «هذه ابنة عمي و امرأتي لا أعلم إلا خيرا، و قد أتتني بولد شديد السواد منتشر المنخرين جعد قطط أفطس الأنف لا اعرف شبهه في أخوالي و لا في أجدادي، فقال صلّى اللّه عليه و آله لامرأته: ما تقولين؟ قالت: لا و الذي بعثك بالحق نبيا ما أقعدت مقعده مني منذ ملكني أحدا غيره فنكس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مليا ثمَّ رفع بصره إلى السماء ثمَّ أقبل على الرجل و قال: يا هذا انه ليس من أحد إلا بينه و بين آدم تسعة و تسعون عرقا كلها تضرب في النسب فإذا وقعت النطفة في الرحم اضطربت تلك العروق تسأل اللّه الشبه لها فهذا من تلك العروق التي لم تدركها أجدادك و لا أجداد أجدادك خذي إليك ابنك، فقالت المرأة: فرّجت عني يا رسول اللّه (1)»، إلى غير ذلك من الروايات.

(29) لاتحاد الموضوع شرعا فيتحد الحكم قهرا لأن الوطي بالشبهة و طي صحيح شرعي و اشتمال بعض النصوص على النكاح (2)، الشامل للوطي بالشبهة أيضا.

(30) لما مر من تحقق الفراش الفعلي و ما ورد من النصوص (3)، إرشاد إلى ذلك.

ص: 244


1- الوسائل باب: 105 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 11.

و ما أمكن لحوقه بالأول فقط فهو للأول فقط، و ما لا يمكن اللحوق بأحدهما فينتفي عنهما معا.

مسألة 10: إذا كانت تحت زوج و وطأها شخص آخر بشبهة ثمَّ أتت بولد فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الآخر يلحق به

(مسألة 10): إذا كانت تحت زوج و وطأها شخص آخر بشبهة ثمَّ أتت بولد فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الآخر يلحق به (31).

و إن لم يمكن اللحوق بهما انتفى عنهما (32) و إن أمكن لحوقه بكل منهما أقرع بينهما (33).

مسألة 11: لو زنى بامرأة فأحبلها ثمَّ تزوج بها لم يلحق الولد به شرعا

(مسألة 11): لو زنى بامرأة فأحبلها ثمَّ تزوج بها لم يلحق الولد به شرعا (34).

مسألة 12: يثبت النسب بأمور

(مسألة 12): يثبت النسب بأمور:

الأول: الفراش بما تقدم من شروطه الثلاثة (35).

______________________________

(31) لتحقق شرط اللحوق بمن يمكن اللحوق به فيكون له لا محالة.

(32) لفرض انتفاء شرط اللحوق عن كل منهما فلا موضوع للإلحاق.

(33) لإمكان اللحوق بكل منهما و لا ترجيح و لا نص في البين فيقرع لا محالة لأنها لكل أمر مشكل، و ليس لأحدهما حق سلب نسبته عن الولد مطلقا.

(34) نصا و إجماعا، ففي معتبرة ابن مهزيار عن محمد بن الحسن القمي قال: «كتب بعض أصحابنا على يدي إلى أبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك ما تقول في رجل فجر بامرأة فحملت ثمَّ إنه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد و هو أشبه خلق اللّه به؟ فكتب بخطه و خاتمه الولد لغيّة و لا يورث» (1)، و لحوق الفراش بعد ذلك لا يوجب إلحاق الولد بالرجل شرعا كما هو معلوم.

(35) من الدخول، و مضى ستة أشهر أو أكثر من حين المقاربة و عدم التجاوز عن أقصى الحمل، فلو فقدت أحد هذه الشروط لم يثبت النسب لما مر،

ص: 245


1- الوسائل باب: 101 من أبواب أحكام الأولاد.

الثاني: الإقرار فلو أقر الزوج عند الحاكم أو عند غيره بأنه أب الطفل الحق به و ليس له أن ينفيه بعد ذلك (36) إلا باللعان.

الثالث: البينة و لا تقبل شهادة النساء مطلقا في النسب سواء شهدت بالنسب أو بالفراش أو بالشياع (37).

الرابع: الشياع (38).

______________________________

كما لا يثبت إن كانت الزوجة غير قابلة للحمل كالصغيرة مثلا.

(36) لقول علي عليه السّلام في المعتبر: «إذا أقر الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبدا» (1)، و إطلاقه يشمل جميع ما ذكر في المتن، و لما تقدم في كتاب الإقرار من عموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (2)، و سيأتي في كتاب اللعان ما ينفع المقام.

(37) أما اعتبار البينة فلعموم ما دل على حجيتها مثل قوله عليه السّلام في معتبرة مسعدة بن صدقة: «و الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة» (3)، و غيره كما يأتي في كتاب القضاء مضافا إلى الإجماع.

و أما عدم اعتبار شهادتهن فللأصل و لما يأتي في كتاب الشهادات (4).

(38) للسيرة العملية و الإجماع و المقام من السبعة التي أرسلها الفقهاء إرسال المسلمات من انها تثبت بالاستفاضة و هي: النسب، و الملك المطلق و النكاح و الموت، و الوقف، و العتق، و الرق و يشهد لذلك مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أ يحل للقاضي أن يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم؟ قال: فقال: خمسة أشياء يجب على

ص: 246


1- الوسائل باب: 102 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الإقرار ج: 16.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2.
4- راجع ج: 27 صفحة: 193.

مسألة 13: إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر استحقت الزوجة و البكر الجلد

(مسألة 13): إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر استحقت الزوجة و البكر الجلد (39)، و كان على الزوجة مهر البكر (40) و يلحق الولد بصاحب النطفة (41) كما يلحق بالبكر (42).

مسألة 14: يجوز تلقيح ماء الرجل بزوجته

(مسألة 14): يجوز تلقيح ماء الرجل بزوجته ما لم يشتمل على محرم في البين (43).

______________________________

الناس الأخذ فيها بظاهر الحال: الولايات و المناكح و الذبائح و المواريث و الشهادات فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسأل عن باطنه» (1)، و قد ضبطه الصدوق في الفقيه «و الأنساب» بدل المواريث.

ثمَّ إنه يلحق بذلك ما تعارف في هذه الأعصار من دفاتر النفوس أو سجلات العقارات و المحاكم إن حصل من ذلك الاطمئنان بالصحة.

(39) لما يأتي في (مسألة 1) من (الفصل الثاني في المساحقة) فراجع فلا حاجة إلى التكرار (2).

(40) لأنها هي السبب في إزالة البكارة مضافا إلى النص كما يأتي في محله (3).

(41) لفرض أن الماء من الرجل و لم يسقط الشرع احترامه لعدم كونه من الزنا مضافا إلى صحيح ابن مسلم كما ذكر في محله (4)، المحمول على مائة جلدة.

(42) لأنها امه و إن كان الفعل حراما كما يأتي في الحدود.

(43) للأصل بعد عدم دليل على المنع. و لو استلزم ذلك محرما كان الفعل حراما لا يجري على الولد حكم ولد الزنا و انما هو ولده النسبي الشرعي.

ص: 247


1- الوافي ج: 9 صفحة: 150 باب عدالة الشاهد و في الوسائل باب: 22 من أبواب كيفية الحكم و في الفقيه ج: 3 رقم 29.
2- راجع ج: 27 صفحة: 315 و 316.
3- راجع ج: 27 صفحة: 315 و 316.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب حد السحق الحديث: 1.

مسألة 15: تلقيح المرأة بالنطفة يتصور على أقسام

(مسألة 15): تلقيح المرأة بالنطفة يتصور على أقسام:

الأول: تلقيح ماء رجل أجنبي معلوم بامرأة أجنبية خلية (44).

الثاني: تلقيح ماء أجنبي غير معلوم بامرأة خلية (45).

الثالث: تلقيح ماء رجل غير معلوم بامرأة ذات بعل (46).

الرابع: تلقيح ماء أجنبي معلوم بامرأة ذات بعل و لم يعلم أن الولد من الفراش أو من التلقيح (47).

______________________________

(44) يلحق الولد بصاحب الماء و كذلك بالأم و إن كان نفس الفعل منكرا في الشريعة الإسلامية.

(45) يلحق الولد بامه لفرض أنها ولدته، و أما الأب فلا ثمرة للإلحاق به بعد فرض كونه غير معلوم.

(46) الولد لا يلحق بصاحب الماء لفرض أنه غير معلوم و لا يجري عليه حكم الزنا.

نعم، يلحق بالأم و لا يجوز لها ترتب آثار الأجنبي عليه.

و كيف كان فهذه العملية موضوعا و حكما مشكلتان جدا.

(47) يلحق بصاحب الفراش لتغليبه عليه.

و هناك صور اخرى يظهر حكم بعضها مما ذكرنا.

ص: 248

دفع الحمل و رفعه

اشارة

دفع الحمل و رفعه قد اعتنى اللّه تعالى بذرية آدم و نسله إلى يوم القيامة اعتناء لم يعتن مثله بشي ء من الموجودات فقال تعالى وَ لَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْنٰاهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنٰاهُمْ مِنَ الطَّيِّبٰاتِ وَ فَضَّلْنٰاهُمْ عَلىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنٰا تَفْضِيلًا (1)، و ذكر أطوار خلقه في الرحم فقال تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلٰالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ» (2).

و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: فيما رواه المسلمون: «تزوجوا بكرا ولودا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة» (3)، فلا بد و أن لا يضيع و لا يهمل هذا خصوصا للمرأة التي هي الوعاء لهذه الموهبة العظمى الإلهية و لها أجر الشهيد في حمل هذه الوديعة (4)، و لأجل ذلك قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء علم اللّه ضعفهن فرحمهن» (5)، فهي حاملة النسل الذي يدور عليه النظام و تقوم بها حياة الأنام مربية من كرّمه اللّه تعالى على الجميع و جعل له المحل الأعلى و المكان الرفيع، فلا بد من أن تعرف قدرها و لا تضيع ما أعطاها اللّه عز و جل من المقام المنيع من حمل النسل و الجيل من عصر سابق إلى عصر لا حق.

ص: 249


1- سورة الإسراء: 70.
2- سورة المؤمنون: 14.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات النكاح.
4- راجع الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 16.
5- راجع الوسائل باب: 86 من أبواب مقدمات النكاح.

و يعبر عن الثاني بالإجهاض.

مسألة 1: يكره إفراغ المني في خارج الرحم

(مسألة 1): يكره إفراغ المني في خارج الرحم إذا كان ذلك بإذن الزوجة الدائمة و عن بعض العلماء الحرمة (1).

مسألة 2: يلحق الولد بالرجل حكما بل موضوعا

(مسألة 2): يلحق الولد بالرجل حكما بل موضوعا إن وضعت المرأة شيئا في فم الرحم يجذب المني أو استعمل الرجل شيئا يمنع عن إيصال المني إلى مقره الذي جعله اللّه تعالى للانعقاد (2).

مسألة 3: تحرم على المرأة منع الزوج عن إنزال مائه في رحمها

(مسألة 3): تحرم على المرأة منع الزوج عن إنزال مائه في رحمها إن أراد ذلك (3) و إن أذن في عزلها عنه فهل يكره لها كالعكس؟ قولان (4).

مسألة 4: يحرم عليهما استعمال ما يوجب تعطيل النطفة عن الانعقاد الدائمي

(مسألة 4): يحرم عليهما استعمال ما يوجب تعطيل النطفة عن الانعقاد الدائمي (5) و لا بأس به في مدة يسيرة لغرض صحيح غير منهي

______________________________

(1) تقدم تفصيل ذلك في أول النكاح فراجع (1)، و مر أنه الوأد الخفي (2).

(2) للإطلاقات و العمومات بعد تحقق الدخول و الفراش.

(3) لوجوب التمكين عليها في كل ما اراده منها من الاستمتاعات و الالتذاذات ما لم يكن دليل على الخلاف.

(4) من وجود الحكمة فيكره، و اختصاص ظواهر الأدلة بالرجل يمكن أن يقال أن ذلك من باب الغالب و أنه المسلط عليها في ذلك و من الجمود على ظواهر الأدلة فلا كراهة بالنسبة إليها.

(5) لأنه تعطيل لما خلقه اللّه تعالى لفوائد كثيرة و مصالح شتى، و هو مقطوع بخلافه بعد ملاحظة ما وصل إلينا من مجموع الأدلة الشرعية في النكاح و غيره.

ص: 250


1- تقدم في المجلد الرابع و العشرين صفحة: 64.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 331.

عنه شرعا مترتب عليه (6).

مسألة 5: يحرم عليها استعمال ما يوجب سقوط النطفة

(مسألة 5): يحرم عليها استعمال ما يوجب سقوط النطفة بعد الانعقاد بجميع مراتبها (7).

مسألة 6: لا يجوز إجبار زوجته على الإسقاط

(مسألة 6): لا يجوز إجبار زوجته على الإسقاط بأي مرتبة منه من النطفة إلى الجنين (8) و إن كان الحمل منافيا لاستمتاعه منها (9).

و لا يجوز للزوجة إطاعة زوجها في ذلك (10) كما لا يجوز تراضيهما على ذلك (11).

مسألة 7: لا بأس بتلقيح شي ء في صلب الرجل لغرض صحيح

(مسألة 7): لا بأس بتلقيح شي ء في صلب الرجل لغرض صحيح في تهيئة النطفة (12) و كذا في رحم المرأة لغرض صحيح شرعي كذلك (13).

______________________________

(6) لأصالة البراءة بعد الشك في شمول الأدلة لذلك.

(7) إجماعا و يأتي التفصيل في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى و ما تتعلق بكل مرتبتها من الدية.

(8) لأصالة عدم حق له على ذلك.

(9) لأهمية مراعاة بقاء النوع من الاستمتاع الجسماني الشخصي عرفا و شرعا و عقلا.

(10) إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (1).

(11) لأنه لا وجه لتراضيهما على المعصية.

(12) لقول الصادق عليه السّلام في المعتبر «كل شي ء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه» (2)، و أصالة الإباحة بعد عدم الدليل على الخلاف.

(13) لأصالة الإباحة بعد عدم وجود مانع في البين كما مر.

ص: 251


1- الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4.

مسألة 8: لو آجرت المرأة التي لا زوج لها رحمها

(مسألة 8): لو آجرت المرأة التي لا زوج لها رحمها لأن يزرع فيها النطفة بالطرق الحديثة و لم يكن محذور شرعي في البين و تمت شرائط الإجارة يمكن القول بصحتها حينئذ (14).

مسألة 9: لو نقل الحمل من رحم امرأة إلى امرأة أخرى

(مسألة 9): لو نقل الحمل من رحم امرأة إلى امرأة أخرى بعد و لوج الروح فيه كان للأولى (15).

______________________________

(14) للأصل و العموم و الإطلاق بعد عدم دليل على الخلاف من ضرر أو المنافاة لحق أو لمس أجنبي أو غير ذلك فحينئذ لا يجوز ذلك كما هو واضح.

و هل يجوز للمرأة المزوجة أن تفعل ذلك بإذن زوجها مع التحفظ على مراعاة شروط إلحاق الولد؟ وجهان، و لكن الحكم في كل واحد منهما خلاف الاحتياط.

(15) للأصل و تكونه في الرحم الأول.

و دعوى: أنه للثانية أي التي تلده لقوله تعالى إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ (1)، غير صحيحة لأن الآية الشريفة ليست في مقام بيان ذلك بل هي ظاهرة في أن الزوجة بمجرد قول الزوج لها: «أنت عليّ كظهر أمي» لا تصير اما له، و انما أمهاتهم اللائي ولدنهم، فلا تكون في مقام بيان الامومية التكوينية.

نعم الام التي ولدت منها بالسير الطبيعي هي الأم التكويني و حينئذ يقع البحث في المقام أن الأم التي تكونت النطفة في رحمها هي الأولى أو الثانية مقتضى الأصل هو الأول كما مر.

و مع ذلك فالاحتياط أن لا تترتب أحكام الأجنبية على الثانية كما تترتب أحكام الأمومية عليها أيضا.

و كذا لو كان في حال المضغة و العلقة بعد استحكام النطفة و تمكنها من نفسها، و لو فرض الانتقال قبل ذلك كله فالظاهر أنه يلحق بهما لفرض أن ماء

ص: 252


1- سورة المجادلة: 2.

مسألة 10: إذا كانت الولادة قبل مدة أقل الحمل

(مسألة 10): إذا كانت الولادة قبل مدة أقل الحمل بواسطة الاجهزة الحديثة التي توجب كمال الطفل أو كانت الولادة بعد مدة أكثر من أقصى الحمل لابطاء سيره الطبيعي أو لأجل أمزجة خاصة أو العقاقير أو المناخ الخاص فإنه في كل ذلك يلحق بأبيه (16).

مسألة 11: لا يجوز الإجهاض مطلقا

(مسألة 11): لا يجوز الإجهاض مطلقا و إن كان الحمل غير مشروع (17) و يتصور في المقام أقسام.

الأول: ما إذا لم تلج الحمل الروح بعد و دار الأمر بين حياة الأم بالاجهاض أو تركه فتموت الام يمكن القول بتقدم حياة الأم (18).

______________________________

الزوجين منشأ للطفل في الفرض، و لو شك في ذلك فيلحق بالأولى كما مر.

(16) لوجود المقتضي و فقد المانع و ما تقدم من التحديد بأقل من ستة أشهر و أكثر من تسعة أشهر انما هو في السير الطبيعي في الأعم الأغلب، فلو فرض في مكان خاص أو طائفة خاصة من النساء أو عقار خاص توجب سرعة نمو الطفل أو بطئه بحيث يولد بعد عشرة أشهر مثلا أو أقل من ستة أشهر ملحق بأبيه و لا تجري القاعدة المتقدمة فيها، و اللّه العالم.

(17) لما يأتي في كتاب الديات من عدم جواز الإجهاض مطلقا مثل موثق إسحاق بن عمار: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها؟ قال: لا، فقلت: انما هو نطفة؟ فقال: إن أول ما يخلق نطفة» (1).

(18) لدوران الأمر بين إبقاء حياة الأم باجهاض من لا حياة له فعلا و بين موت الأم بإبقاء الحمل حتى يتعلق به الروح بعد ذلك، فيقدم الأول مع شهادة ثقات الخبراء و إحراز خصوصيات الموضوع.

ص: 253


1- الوسائل باب: 7 من أبواب القصاص في النفس.

الثاني: ما إذا ولجته الروح و دار الأمر بين موت أحدهما فلا يجوز الإجهاض و ينتظر حتى يقضي اللّه عز و جل (19).

الثالث: ما إذا أحرز حياة الجنين و كذا أحرز شرعا بأنه يموت حين الخروج و الظاهر عدم جواز الإجهاض أيضا (20).

الرابع: ما إذا كان جنينا و ولجت فيه الروح و لكن علم بعدم بقاء حياة الأم لأجل حادثة فإذا ماتت الام يموت معها الجنين و لو اجهض يمكن إنقاذ حياة الجنين فيجوز حينئذ الإجهاض (21).

______________________________

(19) لعدم ثبوت ترجيح شرعي لإبقاء حياة كل منهما على الآخر فلا بد حينئذ من انتظار قدره و قضائه جلت عظمته.

(20) لفرض تعلق الروح به فلا يجوز الإجهاض.

نعم، لها أن تصبر حتى يموت في الرحم فحينئذ لا إشكال في جواز الإجهاض.

(21) حفظا لحياة الطفل كما هو المفروض بأن يحفظ في رحم صناعي مثلا حتى يتم كماله و يخرج منه.

هذا كله مع إحراز عدم حياة الأم و بقاء الطفل حيا، و في غير ذلك لا يجوز الإجهاض كما مر.

و هنا فروع كثيرة أخرى لا يسعها المجال و لا توافق الحال للتعرض لها، و من اللّه الاعتصام و عليه التوكل في الشدة و الرخاء.

ص: 254

فصل في أحكام الولادة و ما يلحق بها

اشارة

فصل في أحكام الولادة و ما يلحق بها للولادة و المولود سنن و آداب بعضها واجبة و بعضها مندوبة، و فيها أمور مكروهة و محرمة (1) نذكر مهماتها في ضمن مسائل:

مسألة 1: يجب استبداد النساء في شؤون المرأة حين ولادتها دون الرجال

(مسألة 1): يجب استبداد النساء في شؤون المرأة حين ولادتها دون الرجال (2) إلا مع عدم النساء (3).

نعم، لا بأس بالزوج و إن وجدت النساء (4).

______________________________

(1) فيصح تقسيم ما يتعلق بالولادة بانقسام الأحكام الخمسة التكليفية.

(2) للإجماع في جميع ذلك، و لملازمة ذلك للنظر و اللمس بل ربما يؤدي ذلك إلى تلف المرأة استحياء من نظر الأجنبي و لمسه إلى ما لا ينبغي نظره و لمسه.

و هذا الوجوب كفائي لا تختص بامرأة دون اخرى.

و أما ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «كان علي بن الحسين عليهما السّلام إذا حضر ولادة المرأة قال: أخرجوا من في البيت من النساء لا يكون أول ناظر إلى عورة» (1)، فمحمول على إخراج النساء ما عدا القابلة أو مطروح لا بد من رد علمه إلى أهله.

(3) لأن الأمر يدور بين الخطر على النفس المحترمة و بين سقوط شرط المحرم، و العقل و النقل يحكم بأهمية مراعاة الأول مضافا إلى الإجماع و لا بد من تقديم المحارم مهما أمكن على الأجانب.

(4) إجماعا و نصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في موثق إسحاق بن عمار: «الزوج

ص: 255


1- الوسائل باب: 18 من أبواب أحكام الأولاد.

مسألة 2: يستحب غسل المولود عند ولادته مع الأمن من الضرر

(مسألة 2): يستحب غسل المولود عند ولادته مع الأمن من الضرر (5)، و الأذان في اذنه اليمنى و الإقامة في اليسرى فإنه عصمة من الشيطان الرجيم (6) و تحنيكه بالتمر أو العسل (7) أو بماء الفرات و بتربة

______________________________

أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها» (1).

ثمَّ ان عدم وجود النساء تارة: لعدم حضور هن حين الولادة.

و اخرى: لعدم إمكان تصديهن لذلك مع حضورهن بان عيّن من قبل الصحة رجل متخصص لعملية الولادة بحيث يمنع عن تدخل الغير عليها و الظاهر شمول كلماتهم لهذه الصورة لأن مجرد وجودهن مع عدم قدرتهن على العمل لا أثر له.

و من ذلك يظهر حكم تصدي المتخصص من الرجال لها في المستشفيات المعدة للولادة.

(5) أما أصل استحباب الغسل فلما تقدم في الأغسال من كتاب الطهارة (2)، و أما الأمن من الضرر فلأن احتمال الضرر يسقط الوجوب فضلا عن المندوب لا سيما في أول ولادة المولود.

(6) إجماعا و نصوصا منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المعتبر: «من ولد له مولود فليؤذن في اذنه اليمنى بأذان الصلاة و ليقم في اذنه اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم» (3)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة الكناسي: «مروا القابلة أو بعض من يليه أن يقيم الصلاة في اذنه اليمنى فلا يصيبه لمم و لا تابعة أبدا» (4)، و يحمل هذه الرواية على ما تقدم في الأخبار السابقة من الأذان في اليمنى.

(7) كما في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير

ص: 256


1- الوسائل باب: 24 من أبواب غسل الميت.
2- تقدم في المجلد الرابع صفحة: 310 طبعة النجف.
3- الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 35 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1 و 2.

قبر الحسين عليه السّلام (8)، و تسميته بالأسماء المستحسنة (9) فإن ذلك من

______________________________

المؤمنين عليه السّلام حنّكوا أولادكم بالتمر فكذا فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالحسن و الحسين عليهما السّلام» (1)، و قد ورد التحنيك بالعسل في فقه الرضا (2).

(8) لخبر الكليني: «حنّكوا أولادكم بماء الفرات و بتربة قبر الحسين عليه السّلام فإن لم يكن فبماء السماء» (3)، و في خبر علي بن ميثم عن أبيه قال:

«سمعت أمي تقول: سمعت نجمة أم الرضا عليه السّلام تقول في حديث لما وضعت ابني عليا دخل إليّ أبوه موسى بن جعفر عليهما السّلام فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذّن في اذنه اليمنى و أقام في اليسرى و دعا بماء الفرات فحنّكه ثمَّ رده إليّ فقال:

خذيه فإنه بقية اللّه في أرضه» (4).

و يظهر عن جمع منهم المحقق كفاية مطلق الماء العذب في الاستحباب و لا يبعد أن يكون المراد بماء الفرات في الروايات مطلق ماء العذب كما في قوله تعالى هٰذٰا عَذْبٌ فُرٰاتٌ وَ هٰذٰا مِلْحٌ أُجٰاجٌ وَ جَعَلَ بَيْنَهُمٰا بَرْزَخاً وَ حِجْراً مَحْجُوراً (5)، و يشهد له الاعتبار أيضا كما مر في خبر ابن ميثم.

و عن بعض المحدثين يستحب أن يكون التحنيك بيد الصلحاء و لا بأس به بعد موافقة الاعتبار لذلك.

(9) إجماعا و نصوصا ففي معتبرة موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السّلام:

«أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن فليحسن أحدكم اسم ولده» (6)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله «استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة قم يا

ص: 257


1- الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 27 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 4.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 4.
5- سورة الفرقان: 53.
6- الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.

حق الولد على الوالد (10) بل يستحب تسميته قبل الولادة (11) و أفضل الأسماء ما يتضمن العبودية للّه جل شأنه كعبد اللّه و عبد الرحيم و عبد الرحمن و نحو ذلك (12) و يليها أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السّلام و أفضلها اسم محمد صلّى اللّه عليه و آله (13) بل يكره ترك التسمية به إذا ولد له أربعة

______________________________

فلان بن فلان إلى نورك، و قم يا فلان بن فلان لا نور لك» (1).

(10) فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في وصية لعلي عليه السّلام: «و حق الولد على والده أن يحسن اسمه و أدبه و يضعه موضعا صالحا- إلى أن قال صلّى اللّه عليه و آله- يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما» (2).

(11) لما عن علي عليه السّلام: «سمّوا أولادكم قبل أن يولدوا فإن لم تدروا أذكر أم أنثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر و الأنثى فإن أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة و لم تسموهم يقول السقط لأبيه ألا سميتني؟ و قد سمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله محسنا قبل أن يولد» (3)، و غيره من الأخبار.

(12) لقول أبي جعفر عليه السّلام: «أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية و خيرها أسماء الأنبياء» (4)، و عن الصادق عليه السّلام في مشاورة التسمية فقال: «سمه اسما من العبودية، فقال: أي الأسماء هو؟ قال: عبد الرحمن» (5)، و لعل ذلك لأجل الاعتراف و الخضوع بالعبودية حتى في الاسم.

(13) للأخبار الكثيرة منها قول الصادق عليه السّلام: «لا يولد لنا ولد إلا سميناه محمدا فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيّرنا و إلا تركنا» (6)، و عن أبي الحسن

ص: 258


1- الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 2.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 2.
6- الوسائل باب: 24 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.

أولاد (14) و يكره أن يكنيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمد (15)، و يستحب أن يحلق رأس الولد يوم السابع و أن يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة (16)

______________________________

الرضا عليه السّلام: «البيت الذي فيه محمد يصبح أهله بخير و يمسون بخير» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على الأفضلية من جهة التيمن و التبرك فلا منافاة بين ذلك و بين ما تقدم.

(14) لما عن الصادق عليه السّلام: «أن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: من ولد له أربعة أولاد و لم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني» (2).

و في رواية أخرى: «من ولد له ثلاث بنين و لم يسم أحدهم محمدا فقد جفاني» «(3)، و هناك أسماء اخرى مستحبة كأسماء الأئمة عليهم السّلام كما نطقت بها الأخبار (4).

(15) لقول الصادق عليه السّلام: «إن النبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن أربع كنى: عن أبي عيسى و عن أبي الحكم و عن أبي مالك و عن أبي القاسم إذا كان الاسم محمدا» (5).

و هناك أسماء مكروهة كالحارث و مالك و خالد فعن أبي جعفر عليه السّلام: «إن أبغض الأسماء إلى اللّه: حارث و مالك و خالد» (6)، و كذا الحكم و الحكيم على ما في المعتبر (7).

(16) لقول الصادق عليه السّلام: «و يسمى الولد يوم السابع و يحلق رأسه و يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة» (8)، و عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين عليهم السّلام عن أسماء بنت عميس عن فاطمة عليها السّلام قالت: «لما حملت بالحسن عليه السّلام و ولدته جاء النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا أسماء هلمّي ابني فدفعته

ص: 259


1- الوسائل باب: 24 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 5.
3- الوسائل باب: 24 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 5.
4- راجع الوسائل باب: 26 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.
6- الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 1.
7- الوسائل باب: 28 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 1.
8- الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 14.

و يكره أن يحلق من رأسه موضعا و يترك موضعا (17).

مسألة 3: تستحب الوليمة عند الولادة

(مسألة 3): تستحب الوليمة عند الولادة (18) و هي إحدى الخمس

______________________________

إليه في خرقة صفراء فرمى بها النبي صلّى اللّه عليه و آله و أذّن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى- إلى أن قال- فسماه الحسن، فلما كان يوم سابعه عقّ عنه النبي صلّى اللّه عليه و آله كبشين أملحين و اعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و تصدق بوزن الشعر ورقا و طلى رأسه بالخلوق و قال: يا أسماء الدم فعل الجاهلية- الرواية-» (1).

و عن الصادق عليه السّلام قال: «سئل ما العلة في حلق شعر رأس المولود؟ قال:

تطهيره من شعر الرحم» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في المقام.

(17) لقول الصادق عليه السّلام: «لا تحلقوا الصبيان القنزع أن تحلق موضعا و تترك موضعا» (3)، و هو محمول على الكراهة و الظاهر أنه غير الذؤابتين في القرن فلا منافاة بينه و بين ما ورد من أن للحسنين عليهما السّلام «ذؤابتان في القرن الأيسر» (4).

(18) إجماعا و نصوصا منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و هو من جوامع كلماته المباركة: «لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس، أو وكار، أو ركاز، أو عذار» (5).

و الأول: معلوم.

و الثاني: (بالضم) النفاس بالولد.

و الثالث: شراء الدار.

ص: 260


1- الوسائل باب: 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 21.
3- الوسائل باب: 66 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 51 من أبواب أحكام الأولاد.
5- الوسائل باب: 33 من أبواب آداب المائدة الحديث: 5.

التي سن فيها الوليمة، كما أن إحداها الختان (19) و لا يعتبر في السنة الأولى إيقاعها في يوم الولادة فلا بأس بتأخيرها عنه بأيام قلائل (20)، و الظاهر أنه إن ختن في اليوم السابع أو قبله فأولم في يوم الختان بقصدهما تتأدى السنتان (21).

مسألة 4: يحرم نظر الأجنبية إلى عورة المرأة حين الولادة

(مسألة 4): يحرم نظر الأجنبية إلى عورة المرأة حين الولادة فضلا عن الأجنبي (22)،

______________________________

و الرابع: القدوم من سفر الحج.

و الخامس: الختان و غير ذلك من الأخبار.

(19) لما تقدم و عن الصادق عليه السّلام في المعتبر قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الوليمة في أربع: العرس و الخرس و هو المولود يعق عنه و يطعم، و الإعذار و هو ختان الغلام و الإياب و هو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته» (1).

(20) لصدق وليمة الولادة عرفا فيشملها إطلاق الدليل قطعا.

(21) لإطلاق الدليلين من غير مقيد بوجه من الوجوه في البين.

و لو اتفق في الأضحى و قصد الأضحية أيضا يجزي عن الثلاثة لظهور الإطلاق الذاتي و الأحوالي في ذلك أيضا فيجزي عن السنن الثلاث بل الأربع إن قصد أيضا إطعام الطعام و اراقة الدماء المحبوبين عند اللّه تعالى كما في الحديث «إن اللّه تعالى يحب إطعام الطعام و إراقة الدماء بمنى» (2)، مع أن من عادته جل شأنه انه يقبل اليسير و يعفو عن الكثير.

(22) تقدم تفصيل ذلك كله في كتاب الطهارة و في لباس المصلي فلا وجه للإعادة بالتكرار، و لا فرق في ذلك بين النظر المباشري أو بواسطة ما تعارف في هذه الأعصار.

ص: 261


1- الوسائل باب: 33 من أبواب آداب المائدة الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب آداب المائدة الحديث: 10.

و كذا يحرم مسها إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك (23).

مسألة 5: يحرم إشراب الأم أو تلقيحها ما يوجب الضرر عليها

(مسألة 5): يحرم إشراب الأم أو تلقيحها ما يوجب الضرر عليها أو على ولدها و إن أوجب تسريع الولادة (24) و لو أخبر الثقات بأن الضرر يتبدل بالأحسن جاز حينئذ (25).

مسألة 6: ما تعارف في هذه الأعصار من الشق و إخراج الولد ثمَّ تخييط المحل لا بأس به

(مسألة 6): ما تعارف في هذه الأعصار من الشق و إخراج الولد ثمَّ تخييط المحل لا بأس به مع رضاء الام و الولي و عدم محظور شرعي في البين (26).

مسألة 7: يجب ختان الذكور

(مسألة 7): يجب ختان الذكور، بل ربما يعد من الضروريات (27)،

______________________________

(23) لأن الضرورات تبيح المحضورات.

(24) لعموم ما دل على حرمة الإضرار بالنسبة إلى نفسها و كذا بالنسبة إلى الغير كما مر (1).

(25) للأصل بعد عدم دليل على المنع حينئذ.

(26) للأصل و السيرة بعد الأمن من الضرر و إحراز سائر المقررات الشرعية.

(27) بإجماع المسلمين و ضرورة من فقههم إن لم تكن من دينهم في أصل الوجوب مضافا إلى ظواهر الأمر به و قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في المعتبر: «الختان سنّة واجبة للرجال و مكرمة للنساء» (2)، و مراده عليه السّلام بالسنة ثبوت وجوبه بالسنّة دون الكتاب، و أما المستفيضة الدالة على أن الختان سنّة (3)، يراد بها انه سنّة في الجملة أو ان تشريعها من السنة لا أنه سنّة مطلقا هذا كله في

ص: 262


1- راجع ج: 23 صفحة: 235.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 9.
3- راجع الوسائل باب: 54 و 56 و 57 من أبواب أحكام الأولاد.

كما يجب قطع سرة الولد حين الولادة (28) و يستحب إيقاع الختان في اليوم السابع و يجوز التأخير عنه (29)، و إن أخر إلى ما بعد البلوغ يجب عليه أن يختن نفسه (30) حتى إن الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان و إن طعن في السن (31)، و هل يجب على الولي أن يختن الصبي- فلا يجوز له تأخيره إلى ما بعد بلوغه إلا لعذر فإن أخّره إليه بدون عذر عصى الولي و إن وجب حينئذ على الصبي- أم لا؟ قولان المشهور على

______________________________

أصل الوجوب بالنسبة إلى الشخص إذا بلغ، و أما الوجوب على الولي فسيأتي عن قريب.

(28) لقول الصادق عليه السّلام: «إن المولود إذا خرج من بطن امه وجدتم سرته متصلة بسرة امه كذلك أمر اللّه الحكيم فأمر العباد بقطعها» (1)، و لكنها قد تنقطع هي بنفسها بعد مضي أيام و قد يحتاج إلى فعل خارجي كالشد مثلا.

(29) أما الاستحباب في اليوم السابع فللإجماع و النصوص منها قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «اختنوا أولادكم يوم السابع فإنه أطهر و أسرع لنبات اللحم» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما جواز التأخير فلما عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: «في ختان الصبي لسبعة أيام من السنّة هو أو يؤخر فأيهما أفضل؟ قال: لسبعة أيام من السنة و إن أخّر فلا بأس» (3).

(30) إجماعا لوجود المقتضي للوجوب على نفسه و فقد المانع عنه، و الظاهر كونه فوريا أيضا.

(31) إجماعا و نصا قال علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «إذا أسلم الرجل اختتن و لو بلغ ثمانين سنة» (4).

ص: 263


1- الوسائل باب: 52 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 1.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 1.
4- الوسائل باب: 55 من أبواب أحكام الأولاد.

الثاني و قيل بالأول و هو الأحوط (32).

مسألة 8: الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه

(مسألة 8): الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه في حج أو عمرة واجبين أو مندوبين، و ليس شرطا في صحة الصلاة على الأقوى فضلا عن سائر العبادات (33).

مسألة 9: الحد الواجب من الختان ما هو المتعارف بين المسلمين

(مسألة 9): الحد الواجب من الختان ما هو المتعارف بين المسلمين بحيث لم يصدق عليه الأغلف (34).

______________________________

(32) أما عدم الوجوب على الولي فللأصل بعد عدم دليل يدل عليه إلا ما وصل إلينا من الأدلة الظاهرة في الاستحباب عليه بقرائن خارجية أو داخلية.

و نسب إلى الفاضل في التحرير الوجوب على الولي لتوجيه الخطاب في ظاهر الأدلة إليه.

و فيه: أن توجبه الخطاب إليه مسلم انما البحث في أنه خطاب إلزامي أو ندبي و الشك في ظهوره في الأول يكفي في عدم ثبوته، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(33) أما أصل وجوبه فلما مر من الضرورة الفقهية إن لم تكن دينية، و أما شرطيته للطواف مطلقا فقد تقدم دليله في شرائط الطواف في كتاب الحج فراجع.

و أما عدم شرطيته للصلاة و سائر العبادات فللأصل و ظهور الإجماع.

(34) لتعلق الحكم عليه فبالخروج عن هذا العنوان أي الغلفة يزول موضوع الحكم قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحا»(1)، و عن الصادق عليه السّلام: «إن الأرض لتكره بول الأغلف» (2)، و العلم بحقيقة هذه الأخبار مختص بأهله كما أن العلم بقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 264


1- الوسائل باب: 52 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 5.

مسألة 10: لا بأس بكون الختّان كافرا حربيا أو ذميا

(مسألة 10): لا بأس بكون الختّان كافرا حربيا أو ذميا، فلا يعتبر فيه الإسلام (35).

مسألة 11: لو ولد الصبي مختونا سقط الختان

(مسألة 11): لو ولد الصبي مختونا سقط الختان (36) و إن استحب إمرار الموسى على المحل لإصابة السنة (37).

______________________________

«يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا» (1)، أي غلفا مختص به صلّى اللّه عليه و آله و لعله- و اللّه العالم- أن عود الجسم في المعاد شامل حتى لهذا الجزء من البدن أيضا.

(35) للأصل، و الاتفاق، و ظاهر حديث ابن جعفر: «أنه كتب إلى أبي محمد عليه السّلام أنه روى عن الصادقين عليهما السّلام أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا فإن الأرض تضج إلى اللّه عز و جل من بول الأغلف و ليس جعلني اللّه فداك لحجامي بلدنا حذق بذلك و لا يختتونه يوم السابع، و عندنا حجاموا اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا إن شاء اللّه؟ فوقع عليه السّلام: السنّة يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء اللّه» (2).

(36) لانتفاء الموضوع و هو الغلفة.

(37) لقول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «إن ابني هذا ولد مختونا طاهرا مطهرا، و ليس من الأئمة عليهم السّلام أحد يولد إلا مختونا طاهرا مطهرا و لكنا سنمر عليه الموسي لإصابة السنة و اتباع الحنفية» (3)، و عن أبي محمد العسكري عليه السّلام إن صاحب الزمان ولد مختونا و هكذا ولدنا: «و لكنا سنمر عليه الموسى لإصابة السنّة» (4).

ص: 265


1- النهاية لابن الأثير ج: 3 صفحة: 362 ط-: المكتبة الإسلامية.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 53 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب: 53 من أبواب أحكام الأولاد.

مسألة 12: لو نبتت الغفلة بعد الختان اعاده مرة أخرى

(مسألة 12): لو نبتت الغفلة بعد الختان اعاده مرة أخرى (38).

مسألة 13: من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى

(مسألة 13): من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى (39)، و يستحب أن يعق عن الذكر ذكرا و عن الأنثى أنثى (40).

______________________________

(38) لتحقق العنوان مضافا إلى ما ورد في جواب مسائل صاحب الزمان:

«و اما ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غلفته بعد ما يختن مرة أخرى؟

فإنه يجب أن يقطع غلفته» (1).

(39) إجماعا و نصوصا متواترة منها قول الصادق عليه السّلام في المعتبر: «كل امرء مرتهن يوم القيامة بعقيقته و العقيقة أوجب من الأضحية» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «كل إنسان مرتهن بالفطرة و كل مولود مرتهن بالعقيقة» (3)، و قوله عليه السّلام «العقيقة واجبة» (4)، و المراد به تأكد الاستحباب و عنه عليه السّلام أيضا:

«و العقيقة لازمة إن كان غنيا أو فقيرا إذا أيسر» (5)، و عنه عليه السّلام: في صحيح منصور بن حازم «العقيقة في الغلام و الجارية سواء» (6)، و إطلاقها يشمل الصغير و الكبير و الحي و الميت.

و ما في بعض الأخبار من ان «كل مولود مرتهن بعقيقته»(7)، انما هو من باب بيان بعض الحكم لا العلة التامة المنحصرة، مع انه كما تكون في هذا الدنيا حوادث ترد على الإنسان فيما بعد الموت أيضا كذلك يمكن أن تكون العقيقة تدفعها.

(40) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة محمد بن مارد: «إن كان ذكرا عق عنه ذكرا، و إن كان أنثى عق عنه أنثى» (8)، المحمول على الندب بقرينة قوله عليه السّلام:

ص: 266


1- الوسائل باب: 57 من أبواب أحكام الأولاد.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب أحكام الأولاد.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب: 38 من أبواب أحكام الأولاد.
5- الوسائل باب: 43 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3.
6- الوسائل باب: 42 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
7- الوسائل باب: 42 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 7 و 1.
8- الوسائل باب: 42 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 7 و 1.

و أن يكون يوم السابع (41)، و إن تأخر عنه لعذر أو لغير عذر لم يسقط (42) بل لو لم يعق عن الصبي حتى بلغ و كبر عق عن نفسه (43)، بل لو لم يعق عن نفسه في حياته يستحب أن يعق عنه بعد موته (44) و لا بد أن تكون من أحد الأنعام الثلاثة (45) الغنم- ضأنا كان أو معزا- و البقر، و الإبل. و لا يجزى عنها التصدق بثمنها (46).

______________________________

«العقيقة في الغلام و الجارية سواء» (1).

(41) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة الكاهلي: «العقيقة يوم السابع»(2)، و غيره من النصوص الكثيرة.

(42) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(43) لما تقدم في سابقة مضافا إلى صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام:

«إني و اللّه ما ادري كان أبي عق عني أم لا؟ فأمرني أبو عبد اللّه عليه السّلام فعققت عن نفسي و انا شيخ كبير» (3)، مع انها خير محض و لا وقت للخير و إن كان خير الخير ما كان عاجلة.

(44) لإطلاق قول الصادق عليه السّلام في معتبرة عمر بن يزيد «كل امرء مرتهن يوم القيامة بعقيقته» (4)، و أن حوادث ما بعد الموت كثيرة و أنه يصل إلى الميت كل خير قليلا أو كثيرا و قد جرت السيرة بين الأعراب انهم يوصون بالعقيقة.

(45) لإجماع الأمة، و ظواهر الأدلة، و السيرة المستمرة.

(46) للأصل، و الإجماع و النص ففي صحيح محمد بن مسلم قال: «ولد لأبي جعفر عليه السّلام غلامان جميعا فأمر زيد بن علي أن يشتري له جزورين

ص: 267


1- الوسائل باب: 42 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 38 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.

و يستحب أن تجتمع فيها شروط الأضحية (47) من كونها سليمة من العيوب لا يكون سنها أقل من خمس سنين كاملة في الإبل و لا أقل من سنتين في البقر و أقل من سنة كاملة في المعز و أقل من شهور في الضأن، و يستحب أن تخص القابلة منها بالرجل و الورك (48) و لو لم تكن قابلة

______________________________

للعقيقة، و كان زمن غلاء فاشترى له واحدة و عسرت عليه الأخرى، فقال لأبي جعفر عليه السّلام: قد عسرت على الأخرى فأتصدق بثمنها؟ قال: لا، اطلبها فإن اللّه عز و جل يجب اهراق الدماء و إطعام الطعام» (1)، و يستفاد منه أيضا استحباب عقيقتين للتوأمين لأمره عليه السّلام بشراء جزورين.

و في معتبرة عبد اللّه بن بكير قال: «كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فجاءه رسول اللّه عمه عبد اللّه بن على فقال له: يقول لك عمك إنا طلبنا العقيقة فلم نجدها فما ترى نتصدق بثمنها؟ قال: لا إن اللّه يحب إطعام الطعام و إراقة الدماء» (2).

(47) إجماعا و نصا فعن الصادق عليه السّلام في موثق عمار الساباطي: «أجزأه ما يجزى في الأضحية» (3)، و هو محمول على الندب لقوله عليه السّلام: «إنما شاة لحم ليست بمنزلة الأضحية يجزي منها كل شي ء» (4)، و في معتبرة مرازم عنه عليه السّلام أيضا: «العقيقة ليست بمنزلة الهدي خيرها أسمنها» (5).

(48) لنصوص مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة حفص الكناسي: «و أهدي إلى القابلة الرجل مع الورك و يدعى نفر من المسلمين فيأكلون و يدعون للغلام و يسمى يوم السابع» (6)، إلى غير ذلك من الأخبار و لكن

ص: 268


1- الوسائل باب: 40 من أبواب أحكام الأولاد.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب أحكام الأولاد.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب أحكام الأولاد.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 45 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.
6- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 12.

أعطى الأم تتصدق به (49).

مسألة 14: يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخة أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين

(مسألة 14): يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخة أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين، و لا أقل من عشرة و إن زاد فهو أفضل يأكلون منها و يدعون للولد، و أفضل أحوال طبخها أن يكون بماء و ملح و لا بأس بإضافة شي ء إليها من الحبوب كالحمص و غيره (50).

______________________________

في بعضها: «يعطي القابلة ربعها» (1)، و في أخرى: «و للقابلة ثلث العقيقة» (2)، فتحمل على الأولى كما أن الربع يحمل على أقل الفضل إن لم يكن مشتمل على الرجل و الورك و أما قوله عليه السّلام: «و أعط القابلة طائفا من ذلك» (3)، تنطبق مع جميع ما تقدم من الروايات كما هو واضح.

(49) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة عمار: «و إن لم تكن قابلة، فلأمه تعطيها من شاءت» (4).

و لو كانت القابلة يهودية أعطيت قيمة الربع لأنها لا تأكل ذبائح المسلمين (5).

(50) كل ذلك للإطلاق، و ظهور الاتفاق، و قول الصادق عليه السّلام: «و يصنع بها بعد الذبح ما شئت» (6)، و قوله عليه السّلام في معتبرة ابن سنان: «و اقطع العقيقة جذاوي و اطبخها و ادع عليها رهطا من المسلمين» (7)، و في موثق أبي خديجة عنه عليه السّلام أيضا: «و تجعل أعضاء ثمَّ يطبخها و يقسمها» (8).

و في معتبرة عمار عن الصادق عليه السّلام أيضا: «و تطعم منه عشرة من

ص: 269


1- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 15.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 7.
4- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 7.
5- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 7.
6- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 17 و 8.
7- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 17 و 8.
8- الوسائل باب: 47 من أبواب أحكام الأولاد.

مسألة 15: يستحب ذكر اسم المولود و اسم أبيه عند ذبح العقيقة

(مسألة 15): يستحب ذكر اسم المولود و اسم أبيه عند ذبح العقيقة و الدعاء بالمأثور (51).

مسألة 16: يكره للوالدين أن يأكلا منها خصوصا الام

(مسألة 16): يكره للوالدين أن يأكلا منها خصوصا الام (52) كما يكره كسر عظمها (53).

______________________________

المسلمين فإن زادوا فهو أفضل» (1)، و في معتبرة حفص الكناسي عنه عليه السّلام:

«و يدعون للغلام» (2)، كما ورد في الفقيه: «و روي أن أفضل ما يطبخ به ماء و ملح» (3).

(51) لنصوص كثيرة في معتبرة الكاهلي عن الصادق عليه السّلام: «قال في العقيقة إذا ذبحت تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ، اللهم منك و لك اللهم هذا عن فلان ابن فلان» (4)، و هناك أدعية أخرى فقد أوردها صاحب الوسائل في الباب المعد لها في العقيقة.

(52) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي خديجة: «لا يأكل هو و لا أحد من عياله من العقيقة» (5)، و قوله عليه السّلام في معتبرة الكاهلي: «لا تطعم الام منها شيئا» (6)، المحمول على الكراهة بقرينة قوله عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «و كل منهما و اطعم» (7).

و في حديث عقيقة الرسول صلّى اللّه عليه و آله للحسن و الحسين عليهما السّلام: «فأكلوا منه و أهدوا إلى الجيران»(8).

(53) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة الكاهلي: «العقيقة يوم السابع

ص: 270


1- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 14 و 12 و 16.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 14 و 12 و 16.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 14 و 12 و 16.
4- الوسائل باب: 46 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6.
5- الوسائل باب: 46 من أبواب أحكام الأولاد.
6- الوسائل باب: 46 من أبواب أحكام الأولاد.
7- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 7.
8- الوسائل باب: 50 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4.

مسألة 17: يجزى أن يعق عن المولود غير الأب بل يستحب ذلك

(مسألة 17): يجزى أن يعق عن المولود غير الأب بل يستحب ذلك (54).

مسألة 18: لا يجب على الأم الحرة إرضاع ولدها

(مسألة 18): لا يجب على الأم الحرة إرضاع ولدها لا مجانا و لا بالأجرة مع عدم الانحصار بها (55)، كما أنه لا يجب عليها إرضاعه مجانا

______________________________

و تعطى القابلة الرجل مع الورك و لا يكسر العظم» (1)، المحمولة على الكراهة لقوله عليه السّلام أيضا: «نعم يكسر عظمها و يقطع لحمها» (2).

(54) لما مر من أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عق عن الحسن و الحسين عليهما السّلام (3)، و عق أبو طالب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم السابع فدعا آل أبي طالب فقالوا: ما هذه؟

فقال: هذه عقيقة أحمد، قالوا لأي شي ء سميته أحمد؟ قال: سميته أحمد لمحمدة أهل السماء و الأرض (4)، و كذلك عقت فاطمة عليها السّلام عن ابنيها (5).

و هناك مندوبات و مكروهات اخرى أوردها صاحب الوسائل في كتابه و من شاء فليراجع إليه.

(55) كتابا و سنة و إجماعا مضافا إلى الأصل قال تعالى لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا (6)، الشامل بإطلاقه لجميع موجبات الإضرار و لو حصل ذلك من ناحية الإرضاع، و قال تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (7)، و قال تعالى وَ إِنْ تَعٰاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرىٰ (8)، و في معتبرة سليمان بن داود المنقري قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرضاع فقال: لا تجبر الحرة على رضاع الولد و تجبر أم الولد» (9).

ص: 271


1- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5 و 17.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5 و 17.
3- الوسائل باب: 50 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 5 و 1.
4- الوسائل باب: 50 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 5 و 1.
5- الوسائل باب: 50 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4 و 5 و 1.
6- سورة البقرة: 233.
7- سورة الطلاق: 6.
8- سورة الطلاق: 6.
9- الوسائل باب: 68 من أبواب أحكام الولادة الحديث: 1.

و إن انحصر بها (56) بل لها المطالبة بأجرة رضاعها (57) من مال الولد إذا كان له مال و من أبيه إذا لم يكن له مال و كان الأب موسرا (58).

نعم، لو لم يكن للولد مال و لم يكن الأب موسرا تعين على الأم إرضاعه مجانا (59) إما بنفسها أو باستئجار مرضعة أخرى (60) و تكون أجرتها عليها من حيث وجوب إنفاقه عليها (61).

مسألة 19: الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها

(مسألة 19): الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها (62) إذا كانت

______________________________

(56) للأصل و إطلاق ما مر من الأدلة.

(57) لأن اللبن منفعة لها و عملها محترم فأصالة الاحترام في كل منهما جارية.

(58) لأن المقام من صغريات الإنفاق، و يأتي في النفقات أنه على الولد إن كان له مال و إن لم يكن له مال فعلى الأب.

(59) لفرض تعين الإنفاق على الأم حينئذ من باب وجوب حفظ النفس، و لو فرض وجود متبرع أو محل معين معد لذلك من قبل الدولة مثلا لا يجب عليها أيضا.

فيصح أن يقال: أنه لا يجب الإرضاع على الام بعنوانه الأولي إلا إذا انطبق عليه عنوان ثانوي آخر.

(60) أو بالإرضاع من الألبان المجهّزة الخارجية و إن كان إرضاع الام بنفسها أولى من كل جهة.

(61) على ما يأتي تفصيله في نفقات الأقارب.

(62) لإطلاق قوله تعالى لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا (1)، و كذا قوله تعالى وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ (2)، و جملة من النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة البقباق: «فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها: أنا أرضع

ص: 272


1- سورة البقرة: 233.
2- سورة البقرة: 233.

متبرعة أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص (63)، و أما لو طلبت الزيادة أو تطلب الأجرة و وجدت متبرعة كان للأب نزعه منها و تسليمه إلى غيره (64)، و هل يسقط حينئذ حق الحضانة الثابت للام أيضا أم لا؟ أقواهما العدم (65) لعدم التنافي بين سقوط حق الإرضاع و ثبوت الحق الآخر لإمكان كون الولد في حضانة الأم مع كون رضاعه من امرأة اخرى أما بحمل الام الولد إلى المرضعة عند الاحتياج إلى اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلا (66).

مسألة 20: لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم

(مسألة 20): لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم و لم يكن له

______________________________

ابني بمثل ما تجد من ترضعه فهي أحق به» (1).

و في معتبرة الكناني عن الصادق عليه السّلام أيضا: «إذا طلق الرجل امرأته و هي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها، فإذا رضعته أعطاها أجرها و لا يضارها إلا أن يجد من هو أرخص أجرا منها، فإن هي رضيت بذلك الأجر فهي أحق به حتى تفطمه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(63) إجماعا في كل ذلك و نصوصا تقدم بعضها، مضافا إلى مناسبته للأذهان العرفية.

(64) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن الحصين: «و إن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم و قالت الام: لا أرضعه إلا بخمسة دراهم فإن له أن ينزعه منها إلا أن ذلك خير له و أرفق به أن يترك مع امه» (3)، مضافا إلى الإجماع و كون الحكم موافقا لقاعدة السلطنة.

(65) لاستصحاب بقائه ما لم يدل دليل على العدم و هو مفقود.

(66) فيمكن الجمع بين الأمرين إذا لا تنافي بينهما ذاتا و اعتبارا.

ص: 273


1- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 3 و 2.
2- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2 و 1.

بينة على وجودها فالقول قولها بيمينها (67) و لو انعكس الأمر يقدم قوله (68).

مسألة 21: يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه

(مسألة 21): يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه فإنه أبرك من غيره (69) الا إذا اقتضت بعض الجهات أولوية غيرها من حيث شرافتها و طيب لبنها و خباثة الأم (70).

مسألة 22: كمال الرضاع حولان كاملان أربعة و عشرون شهرا

(مسألة 22): كمال الرضاع حولان كاملان (71) أربعة و عشرون شهرا، و يجوز أن ينقص عن ذلك الى ثلاثة شهور بأن يفطم على أحد و عشرين شهرا (72) و لا يجوز أن ينقص عن ذلك و لو نقص عن ذلك مع

______________________________

(67) لأصالة احقيتها كما تدل عليها النصوص التي مر بعضها، مع أصالة عدم وجود المتبرعة.

(68) للأصل الا أن تثبت المرأة خلاف ذلك بالحجة المعتبرة.

(69) لقول علي عليه السّلام: «ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن امه» (1).

(70) فتقدم العفيفة على الخبيثة عقلا و نقلا فإن اللبن يعدو كما مر في الرضاع (2).

(71) كتابا و سنة و إجماعا قال تعالى وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ (3)، و في صحيح حماد قال:

«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا رضاع بعد فطام قلت: ما الفطام؟ قال: الحولين الذين قال اللّه عز و جل» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار كما مر.

(72) يمكن أن يستفاد ذلك من ذيل قوله تعالى لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ

ص: 274


1- الوسائل باب: 68 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.
2- راجع صفحة: 52 مسألة 11 من الرضاع.
3- سورة البقرة: 6.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2.

الإمكان و من غير ضرورة كان جورا على الصبي كما في الخبر.

مسألة 23: وجوب الإرضاع انما هو طريق لاغتذاء الصبي

(مسألة 23): وجوب الإرضاع انما هو طريق لاغتذاء الصبي فلو فرض أن هناك طريقا آخر لاغتذائه من الألبان الصناعية و نحوها يسقط الوجوب (73)، و لكن الأولى الاقتصار على لبن الام مهما أمكن (74).

مسألة 24: المشهور أنه يجوز الزيادة على الحولين الكاملين

(مسألة 24): المشهور أنه يجوز الزيادة على الحولين الكاملين بشهر أو شهرين (75) و تحرم بعد ذلك (76).

مسألة 25: لا فرق في الإرضاع الواجب بين أن يمص الصبي من ثدي امه أو تحلب اللبن في ظرف مثلا و تطعمه به

(مسألة 25): لا فرق في الإرضاع الواجب بين أن يمص الصبي من ثدي امه أو تحلب اللبن في ظرف مثلا و تطعمه به (77).

______________________________

حيث علق سبحانه و تعالى الإكمال على الإرادة، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة سماعة: «الرضاع واحد و عشرون شهرا فما نقص فهو جور على الصبي» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «الفرض في الرضاع أحد و عشرون شهرا فما نقص عن أحد و عشرين شهرا فقد نقص المرضع، و إن أراد أن يتم الرضاعة فحولين كاملين» (2).

(73) لانتفاء الموضوع حينئذ مع فرض وجود غذاء صالح له.

(74) لما تقدم من أهمية ذلك من النصوص الشرعية و التجارب العصرية.

(75) للسيرة، و صعوبة الفطام عادة عند انتهاء الحولين.

(76) لأن لبن المرأة من الخبائث كما عن جمع، و من فضلات ما لا يؤكل لحمه فيحرم على المكلف شربه و كل ما حرم على المكلف شربه يحرم اشرابه لغير المكلف و إن أمكن الإشكال في ذلك.

(77) للإطلاق الشامل لكل منهما. و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

ص: 275


1- الوسائل باب: 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 52.

.....

______________________________

الحضانة الحضانة هي حماية الطفل و رعايته و أنها في الجملة من الأمور الطبيعية التي جعلها اللّه تعالى- بين الام و أولادها لحنانها- في الحيوان فضلا عن الإنسان كل بحسبه، ففي الأنعام مثلا بنحو و في الطير بنحو آخر و في الإنسان بنحو آخر، كما تكون في الحيتان و الحشرات أيضا و ذلك تقدير الحكيم الخبير، فهي حق طبيعي خاص للأم في مدة خاصة في جهات مخصوصة متعلقة بالطفل قرر الشارع هذا الحق الطبيعي تأكيدا و إتماما للحجة على الإنسان.

و يمكن أن يستدل على أصل وجوب الحضانة في الجملة بالأدلة الأربعة.

أما الكتاب فإطلاق قوله تعالى لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا (1)، بدعوى:

أن قطع هذا الطفل- الذي ربي مدة في رحم امه و أنس كل منهما بالآخر أنسا تكوينيا- عن امه في هذا الوقت ضرر فيشمله ما تقدم من الآية الشريفة.

و أما السنة فهي أخبار كثيرة منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح الكناني: «فهي أحق بابنها حتى تفطمه» (2)، و قريب منها غيرها.

و أما الإجماع فظاهرهم التسالم على أصل الحكم في الجملة و إن تشتت كلماتهم رحمهم اللّه.

و أما العقل فحكمه بأن هذا الوقت أشد أوقات احتياج الطفل إلى الحضانة و أرأف الناس به الأبوان خصوصا الأم في هذه الجهة.

ص: 276


1- سورة البقرة: 233.
2- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 2.

الحضانة

اشارة

الحضانة

مسألة 1: الأم أحق بحضانة الولد و تربيته

(مسألة 1): الأم أحق بحضانة الولد (1) و تربيته و ما يتعلق بها من مصلحة حفظه مدة الرضاع اعني حولين كاملين (2) ذكرا كان أو أنثى (3) سواء أرضعته هي بنفسها أو بغيرها (4) فلا يجوز للأب أن يأخذه في هذه المدة منها (5) فإذا و انقضت مدة الرضاع فالأب أحق بالذكر و الام أحق

______________________________

(1) بالنسبة إلى أصل حق الحضانة فهو بينهما- الأب و الام- في الجملة مسلم كما مر، و أما الأحقية للأم فللعرف و السيرة.

و ظهور الإجماع و ما تقدم من الروايات و يأتي بعضها الآخر، و قد ذكرنا بعض الكلام في التفسير في ذيل الآية المتقدمة فراجع.

(2) لأن المتيقن من الحضانة انما هي في مدة الرضاع، و يأتي التعرض للروايات الدالة على ذلك.

(3) لإطلاق الأدلة و تصريح أعلام الأمّة.

(4) لأن الرضاع شي ء و الحضانة شي ء آخر لا ربط لأحدهما بالآخر، و كما أن الطفل يحتاج إلى التغذية كذلك يحتاج إلى الحفظ و الصيانة أيضا.

(5) لظواهر ما مر من الأدلة من الكتاب و السنة قال الصادق عليه السّلام فيما مر من معتبرة أبي الصباح الكناني: «فهي أحق بابنها حتى تفطمه» و قوله عليه السّلام:

«المرأة أحق بالولد»(1).

ص: 277


1- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6.

بالأنثى حتى تبلغ سبع سنين من عمرها (6) ثمَّ يكون الأب أحق بها (7)، و إن فارق الام بفسخ أو طلاق قبل أن تبلغ سبع سنين لم يسقط حق حضانتها (8)، ما لم تتزوج بالغير فلو تزوجت سقط حقها (9) و كانت الحضانة للأب (10)،

______________________________

(6) إجماعا و نصوصا المحمولة على هذا التفصيل بقرينة الإجماع منها قول الصادق عليه السّلام: «المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء المرأة» (1)، و في مكاتبة أبي الحسن علي بن محمد عليهما السّلام: «كتبت إليه مع بشر بن بشار: جعلت فداك رجل تزوج امرأة فولدت منه ثمَّ فارقها متى يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب: إذا صار له سبع سنين فإن أخذه فله و إن تركه فله» (2)، و يشهد لذلك الاعتبار أيضا هذا إذا لم تكن عناوين أخرى في البين، و إلا فالحكم يدور مدارها مثل الحرج و الضرر على الطفل أو غيره.

(7) لأن الأب أحق عرفا بتربيتهم و تعلمهم الآداب الشرعية و الأخلاق الإنسانية كما يكون كذلك في الذكر.

(8) لإطلاق الأدلة، و أصالة بقاء حق الحضانة.

(9) إجماعا و نصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة المنقري: «المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج» (3)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «الأم أحق بحضانة ابنها ما لم تتزوج» (4)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «ان امرأة قالت: يا رسول اللّه إن ابني هذا كان بطني له وعاء و ثديي له سقاء و حجري له حواء و إن أباه طلقني و أراد أن ينتزعه مني، فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و آله: أنت أحق به ما لم تنكحي» (5).

(10) لانحصارها فيه حينئذ مضافا إلى ما تقدم من الإجماع و النص.

ص: 278


1- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6 و 7.
2- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 6 و 7.
3- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 4.
4- مستدرك الوسائل باب: 58 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 5.
5- السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 4.

و لو فارقها الثاني فهل تعود حضانتها أم لا؟ وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (11) و الأحوط لهما التصالح و التسالم (12).

مسألة 2: يشترط في ثبوت حق الحضانة للأم أن تكون مسلمة

(مسألة 2): يشترط في ثبوت حق الحضانة للأم أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلما، و أن تكون حرة إن كان الولد حرا، و أن تكون عاقلة، و أن لا تكون فيها مرض معد، و غير مزوجة (13)، و كذا يعتبر في الأب الذي له حق الحضانة جميع ذلك ما عدى الأخير (14).

______________________________

(11) لاستصحاب بقاء حق الحضانة بعد الشك في شمول قولهم عليهم السّلام:

«ما لم تتزوج» لذلك، و من قال بالسقوط المطلق تمسك بإطلاق الحديث و ان صرف وجود الزواج منشأ لسقوط حق الحضانة أبدا أو دائما و لا يعود الحق بعد ذلك مطلقا و هو احتمال، و لكن كون الحديث ظاهرا فيه مشكل بل ممنوع.

(12) وجه الاحتياط معلوم، و يصح إسقاط أحدهما حقه بناء على كونه قابلا للإسقاط.

فرع: رفع الحضانة عن الام بتزويجها بالغير لا ينافي بقاء المواصلة بينها و بين الولد للأصل و لأن في منعها قد يكون ضرر على كل منهما و لأنه قطع للرحم إلا إذا ترتب عليها عناوين اخرى فحينئذ لا مجال إلا من متابعتها.

(13) لظهور الإجماع في كل ذلك و انصراف الأدلة منها مضافا إلى أن الحضانة نحو حق و لا حق للكافر على المسلم.

نعم، لا بد من عدم المرض المعدي مما يترتب خوف الضرر على الولد بحضانتها و كذا في المجنونة إلا إذا كانت جنونها يزول سريعا بحيث لا يضر بحضانتها عرفا.

(14) لما مر في سابقة من غير فرق، و في معتبرة ابن يسار قال: «أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منه أولادا فهي أحق بولدها منه و هم أحرار فإذا أعتق

ص: 279

مسألة 3: لو توقفت الحضانة على بذل المال لا يجب على الام بذله

(مسألة 3): لو توقفت الحضانة على بذل المال لا يجب على الام بذله (15).

و إنما عليها بذل العمل فقط (16) و حينئذ فإن كان للولد مال يصرف من ماله (17) و إلا فهو على الوالد (18).

مسألة 4: لا تعتبر المباشرة في الحضانة بل يجوز الاستنابة فيها

(مسألة 4): لا تعتبر المباشرة في الحضانة بل يجوز الاستنابة فيها (19)، و لو وجدت محال لحضانة الأطفال و كانت مأمونة من جميع الجهات يسقط وجوب مباشرة الحضانة إن ادخل الطفل فيها (20).

مسألة 5: لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه

(مسألة 5): لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو قبله كانت الام

______________________________

الرجل فهو أحق بولده منها لموضع الأب» (1)، و مثله غيره.

(15) للأصل بعد عدم الدليل على الخلاف، بل لها أن تطالب اجرة رضاع الطفل كما مر و إن كانت لم تستحق الأجرة على الحضانة.

(16) للإجماع و لما مر من إطلاق الأدلة و عموماتها الظاهرة في ذلك.

(17) لعدم وجوب بذل العمل مجانا و انما هو في المقام من الواجبات النظامية التي لا تنافي أخذ العوض و حينئذ يجري عليه حكم النفقة، فيصرف من مال الولد إن كان له مال و إلا فسيأتي.

(18) لوجوب نفقات الأولاد على الإباء إن لم يكن لهم مال كما يأتي في النفقات إن شاء اللّه تعالى.

(19) للإطلاق و ظهور الاتفاق.

(20) لأنه لا وجه لوجوبها على الأم أو الأب بعد حصول المقصود بدخوله فيها بلا فرق في ذلك بين أن يكون دار الحضانة مؤسسة من قبل الدولة بعد اجتماعها للشرائط، أو من قبل جمع من المؤمنين تبرعوا بذلك.

ص: 280


1- الوسائل باب: 73 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.

أحق بحضانة الولد (21)- و إن كانت مزوجة. ذكرا كان الولد أو أنثى- من وصي أبيه و كذا من باقي أقاربه حتى أبي أبيه و امه فضلا عن غيرهما (22)، كما انه لو ماتت الأم في زمان حضانتها كان الأب أحق بها من وصيها و من أبيها و أمها فضلا عن باقي أقاربها (23)، و إذا فقد الأبوان فالحضانة لأبي الأب (24) و إذا عدم و لم يكن وصي له و لا للأب كانت الحضانة لأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث الأقرب منهم يمنع الأبعد (25)، و مع التعدد و التساوي في المرتبة و التشاح أقرع بينهم (26)، و إذا وجد وصي أحدهما ففي كون الأمر كذلك أو كون الحضانة للوصي ثمَّ إلى الأقارب

______________________________

(21) إجماعا و نصا قال الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن الحصين: «فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة» (1)، فإذا كانت أحق من العصبة فتكون أحق من الوصي بالأولى هذا مضافا إلى الأصل.

(22) لشمول إطلاق الدليل لذلك كله.

(23) إجماعا و لانحصار الحق فيه حينئذ.

(24) لأنه أب حينئذ و أن الولد يرجع إليه.

(25) لإطلاق الآية الشريفة وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ (2)، الشامل للحضانة أيضا، و للفقهاء أقوال كثيرة غير مستندة إلى ركن وثيق و لا معنى للتعرض لها و تزييفها، و من شاء العثور عليها فليراجع المطولات. و طريق الاحتياط استرضاء جميع الورثة.

(26) لتحقق موضوع القرعة لرفع التشاح و الخصومة، فيشمله دليلها لا محالة بعد عدم إمكان التسالم و التراضي بوجه آخر.

ص: 281


1- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد.
2- سورة الأنفال: 75.

وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (27) و الأحوط التصالح و التسالم (28).

مسألة 6: لو امتنعت الام من الحضانة صار الأب أولى

(مسألة 6): لو امتنعت الام من الحضانة صار الأب أولى (29)، و لو امتنعا معا يجبر الحاكم الشرعي الأب بها إن وجد المصلحة في ذلك (30).

مسألة 7: هل يكون حق الحضانة قابلا للإسقاط و النقل و الانتقال بعوض أو بغيره أو لا يكون كذلك؟

(مسألة 7): هل يكون حق الحضانة قابلا للإسقاط و النقل و الانتقال بعوض أو بغيره أو لا يكون كذلك؟ وجهان أوجههما الأول (31).

مسألة 8: لو فطم الطفل قبل الحولين فالحضانة باقية حتى ينقضي الحولان

(مسألة 8): لو فطم الطفل قبل الحولين فالحضانة باقية حتى ينقضي الحولان (32).

______________________________

(27) اختاره في الجواهر بدعوى أن الوصي بمنزلة نفس الموصي فكما ثبت للموصي هذا الحق يثبت له أيضا.

(28) لأن الحق لا يعدوهما فلا بد من التصالح و التراضي بينهما و الرجوع إلى الحاكم الشرعي و الاستيذان منه، لما تقدم.

(29) لما تقدم من انحصار الحضانة فيه حينئذ.

(30) لأنه حينئذ من الأمور الحسبية و لا ريب في ثبوت ولايته فيها.

(31) من أن لكل ذي حق إسقاط حقه إلا ما خرج بالدليل و لا دليل كذلك فيجوز الاسقاط مع المصلحة فيه.

و من احتمال كون المورد من الحكم لا من الحق المحض فلا يجوز هذا.

و لكن الظاهر هو الأول لما ورد في بعض الروايات المتقدمة: «الأم أحق بولدها»، و لكن صحة نقل الحق بالعوض يحتاج إلى دليل إلا أن يقال انه يكفي في العوضية مطلق ما فيه غرض عقلائي و إن لم يكن مالا و لكن إثبات كليته مشكل.

(32) لأصالة بقاء الحضانة من غير دليل على الخلاف و لكن يظهر من بعض الفقهاء دوران بقاء الحضانة مدار الرضاع و الإرضاع، فإن تمَّ إجماع فهو و إلا فمقتضى الأصل بقاؤها.

ص: 282

مسألة 9: ليس للام الحاضنة أن تسافر بالولد إلى بلد بغير رضاء أبيه

(مسألة 9): ليس للام الحاضنة أن تسافر بالولد إلى بلد بغير رضاء أبيه (33) و كذا ليس للأب أن يسافر به ما دام في حضانة امه (34).

مسألة 10: يجوز للأبوين أن يتفقا على إسقاط حق أحدهما و اختصاص الحضانة بالآخر

(مسألة 10): يجوز للأبوين أن يتفقا على إسقاط حق أحدهما و اختصاص الحضانة بالآخر (35) كما يجوز أن يتفقا في تقسيم مدة الحضانة بأن تحضن الام الطفل سنة و يحضن الأب الطفل سنة أخرى مثلا (36).

مسألة 11: لو اختلف الأب الأم في حضانة الولد

(مسألة 11): لو اختلف الأب الأم في حضانة الولد فادعى الأب عدم جامعية الام لشرائطها مثلا، و أنكرت هي قدم قولها مع اليمين إن لم تكن قرينة معتبرة على صحة دعوى الأب (37).

______________________________

نعم، في معتبرة داود بن الحصين عن الصادق عليه السّلام «فإذا فطم فالأب أحق به من الام» (1)، و لكن يمكن الإشكال فيها انه محمولة على الغالب الذي يتم الرضاع في الحولين.

(33) لأن الأب وليه الشرعي فلا يجوز السفر بالولد بدون رضاه.

(34) إن استلزم الضرر على الطفل أو على الأم فحينئذ لا يجوز بلا إشكال، لحديث نفي الضرر (2)، و إن لم يكن ضرر بالنسبة إلى كل واحد منهما، فمقتضى الأصل الجواز.

(35) لأن الحق يدور بينهما فلهما أن يفعلا في ذلك ما شاءا.

(36) لأصالة الجواز بعد عدم دليل على الخلاف و كون الحق لهما مع فرض رضاء كل منهما و عدم ضرر في البين و ذلك لا ينافي ما ورد من أحقية الأم كما مر بعد كون ذلك برضائهما.

(37) لأصالة الصحة الجارية في فعلها و قولها و أما اليمين فإنما هي لقطع

ص: 283


1- الوسائل باب: 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات.

مسألة 12: لو أسقطت الام حق حضانتها فهل يجوز الرجوع إليها مرة أخرى أم لا؟

(مسألة 12): لو أسقطت الام حق حضانتها فهل يجوز الرجوع إليها مرة أخرى أم لا؟ و كذا لو أسقط الأب كذلك وجهان (38).

مسألة 13: لو حصل للطفل ضرر من حضانة الأب له و لم يكن له أم يرجع إلى الحاكم الشرعي

(مسألة 13): لو حصل للطفل ضرر من حضانة الأب له و لم يكن له أم يرجع إلى الحاكم الشرعي (39).

مسألة 14: لا يسقط حق الحضانة عن الأبوين

(مسألة 14): لا يسقط حق الحضانة عن الأبوين و إن وجد متبرع لها (40).

مسألة 15: لا يسقط حق الحضانة عن الام بنشوزها و طلاقها أو الفسخ

(مسألة 15): لا يسقط حق الحضانة عن الام بنشوزها و طلاقها أو الفسخ (41) إلا إذا ارتد أحدهما فيسقط حق المرتد (42).

مسألة 16: الظاهر ثبوت حق الحضانة للأبوين

(مسألة 16): الظاهر ثبوت حق الحضانة للأبوين و إن كان الولد من

______________________________

الخصومة.

نعم، لو قامت قرينة معتبرة على الخلاف تتبع تلك القرينة.

(38) مقتضى الظاهر أن هذا النحو من السقوط ليس دائميا بل ما داميا فيجوز حينئذ الرجوع و أخذ الأب أيضا كذلك ما دامي، بل و كذا لو كان السقوط دائميا، لأن هذا الموارد متقومة بالرضاء و هو انبساطي بالنسبة إلى الزمان فتسقط ما دام لم يقدم على الحضانة و تثبت حين الإقدام عليها، و بناء عليه فلا مجرى للأصل حينئذ.

و من أنه من سنخ إعادة المعدوم فلا يجوز و لكن المنساق إلى الأذهان هو الأول.

(39) لأن الموضوع من الأمور الحسبية فله الولاية عليها.

(40) للأصل و الإطلاقات الدالة على ثبوت الحق لهما.

(41) كل ذلك للأصل و الإطلاق إلا إذا تزوجت المرأة فيسقط حق حضانتها حينئذ كما مر.

(42) لما تقدم في الشروط التي منها الإسلام.

ص: 284

الزنا سواء كان الزنا من الطرفين أو من طرف واحد (43).

مسألة 17: يتعين حق الحضانة في الام إن مات الأب قبل ولادة الطفل و بالعكس

(مسألة 17): يتعين حق الحضانة في الام إن مات الأب قبل ولادة الطفل و بالعكس إن ماتت الام بعد الولادة (44).

مسألة 18: تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا

(مسألة 18): تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ رشيدا ليس لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين فضلا عن غيرهما (45)، بل هو مالك لنفسه و كان إليه الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما ذكرا كان أم أنثى (46).

مسألة 19: المرجع في الحضانة ما يتعلق بالطفل من حيث الغذاء و اللباس

(مسألة 19): المرجع في الحضانة ما يتعلق بالطفل من حيث الغذاء و اللباس المناسب للحفظ عن الحر و البرد و تحفظ صحته (47).

______________________________

(43) إذ المنساق من ظواهر الأدلة الولادة التكوينية لا الشرعية و ما في بعض الروايات من التعبير بالتزويج (1)، انما يكون من باب الغالب.

(44) لما تقدم سابقا من أن الحق المشترك إذا ذهب أحد طرفيه يصير الطرف الآخر معينا.

(45) لأصالة عدم ثبوت هذا الحق لأحد عليه بعد انقطاع الأصل الموضوعي بإطلاق أدلة البلوغ و الرشد مضافا إلى الإجماع.

(46) لثبوت الاختيار في الفاعل المختار و عدم كون مورد اختياره مخالفا للشريعة كما هو المفروض مضافا إلى السيرة و الاتفاق.

(47) لأنها من الموضوعات اللغوية العرفية كما مر في تعريفها و لم يرد تحديد من الشرع في ذلك، و لا بد من مراجعة العرف في ذلك، و هو يختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة بل الأطفال أيضا.

ص: 285


1- الوسائل باب: 73 من أبواب أحكام الأولاد.

مسألة 20: لو اختلفا في كمية مصرف الحضانة

(مسألة 20): لو اختلفا في كمية مصرف الحضانة فقالت المرأة هي مائة دينار مثلا و قال الرجل إنه أقل يقدم قول الرجل (48)، و لو اختلفا في انقضاء مدة الحضانة فالقول مع من يدعي البقاء (49) إلا أن يثبت خلافه بحجة معتبرة.

______________________________

(48) لأصالة البراءة عما تدعيه المرأة إلا أن تأتي بحجة معتبرة على دعواها.

(49) للأصل إلا إذا كانت قرينة معتبرة على الخلاف و المفروض عدمها و اللّه العالم.

ص: 286

فصل في النفقات

اشارة

فصل في النفقات انما تجب النفقة بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية، و القرابة، و الملك (1).

مسائل في النفقات

مسألة 1: أما نفقة الزوجة فتجب على الزوج

(مسألة 1): أما نفقة الزوجة فتجب على الزوج بشرط أن تكون دائمة (2)،

______________________________

(1) الحصر في الثلاثة لأصالة البراءة عن وجوب إنفاق غيرها مضافا إلى إجماع المسلمين هذا في النفقة الواجبة.

و أما وجوب حفظ النفس المحترمة عن التلف، فهو واجب كفائي و يصير عينيا مع الانحصار و لا ربط له بالنفقة الواجبة بالذات المنحصر في الموارد الثلاثة.

(2) أما أصل وجوب نفقة الزوجة على الزوج فيدل عليه الكتاب و السنة و إجماع المسلمين إن لم يكن من ضرورة الدين قال تعالى الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ بِمٰا فَضَّلَ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ وَ بِمٰا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوٰالِهِمْ (1)، و قال تعالى وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2)، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة، و من السنة روايات كثيرة هي فوق حد التواتر، فمنها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة فضيل بن يسار في قوله تعالى وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اللّٰهُ، قال: إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة و إلا فرّق بينهما (3)، و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «من كانت عنده امرأة

ص: 287


1- سورة النساء: 34.
2- سورة البقرة: 233.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 1.

فلا نفقة للمنقطعة (3)، و أن تكون مطيعة للزوج فيما يجب اطاعتها له فلا نفقة للناشزة (4)،

______________________________

فلم يكسها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرّق بينهما» (1)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله لهند زوجة أبو سفيان حيث شكت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن أبا سفيان شحيح لا يعطيني ما يكفيني و ولدي إلا ما آخذ منه سرا و هو لا يعلم فهل عليّ من ذلك شي ء؟ فقال: «خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «في حق المرأة على زوجها قال: يشبع بطنها و يكسو جثتها و إذا جهلت غفر لها» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و الظاهر: أن الإنفاق على الزوجة الدائمة من الواجبات العقلائية النظامية التي لا اختصاص لها بملة دون اخرى بل هي جارية في جميع الملل و الأديان و الأمكنة و الأزمان من حين حدوث الزواج بين آدم عليه السّلام و حواء إلى انقراض الدنيا، بل في الآخرة أيضا فإن مصرف كل زوجة يصل إليها بواسطة زوجها و تعرضنا لتفصيله في التفسير.

و أما اشتراط أن تكون الزوجة دائمة فللإجماع- بل بضرورة من المذهب- و النص(4)، الدال على عدم وجوب النفقة في النكاح المنقطع و تقدم التفصيل في عقد الانقطاع فراجع.

(3) إلا إذا شرطا النفقة في العقد فالظاهر الثبوت كما مر في (مسألة 24) من النكاح المنقطع.

(4) للإجماع الكاشف عن أن النكاح بحكم المعاوضة من هذه الجهة و إن لم يكن مثلها من سائر الجهات، و يمكن استفادة ذلك من مجموع الآيات

ص: 288


1- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 2.
2- كنز العمال ج: 8 الرقم: 5171.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات حديث: 3.
4- تقدم في صفحة: 105.

.....

______________________________

المباركة و الروايات بعد رد بعضها إلى بعض و تقتضيه المرتكزات أيضا إلا ان البحث من جهات:

الاولى: الاستمتاع من الزوجة إما متعارف و صحيح شرعا، و إما لا يجوز شرعا، و إما غير متعارف من دون نهي شرعي في البين، و لا ريب في تحقق النشوز بالنسبة إلى ترك الأول، كما لا ريب في عدم تحققه بالنسبة إلى الثاني، و أما الأخير فمقتضى الإطلاقات المرغّبة في إطاعة الزوجة لزوجها تحقق النشوز بالنسبة إلى المخالفة فيه أيضا.

الثانية: النشوز الذي هو عبارة عن عدم التمكين.

تارة: بالنسبة إلى أصل الوطي.

و اخرى: بالنسبة إلى مقدماته.

و ثالثة: بالنسبة إلى المرغّبات فيه مثل لبس الملابس الحسنة على ما يشتهيها الرجل و استعمال الارايح الطيبة و الألوان المفرحة.

و رابعة: بالنسبة إلى المنفرّات و في مخالفة كل ذلك يتحقق النشوز.

الثالثة: ملخص الأقوال في المقام ثلاثة:

الأول: كون التمكين واجبا على الزوجة مطلقا بلا ملاحظة العوضية فيه أبدا.

الثاني: كونه واجبا عليها بعوض الإنفاق و أن الإنفاق مشروط به.

الثالث: كون النشوز مانعا عن وجوب الإنفاق لا أن يكون التمكين شرطا لوجوبه، و جعلوا الثمرة بين الأخيرين أنه مع الشك في تحقق النشوز و عدمه يرجع إلى أصالة عدم تحقق المانع في الثالث بخلاف الثاني، فإنه حينئذ أمر وجودي لا بد من إحرازه، فلا يجري فيه الأصل، و المغروس في الأذهان العرفية و منهم المتشرعة هو الشرطية و ما ذكروه من الثمرة لا وجه لها، لأنه لا بد عند المنازعة و الخصومة من الرجوع إلى الحاكم الشرعي، و هو يفصل بينهما بعد التفحص عن الموضوع بما يقتضيه حكم اللّه تعالى.

ص: 289

و قد مر بيان ما يتحقق به النشوز سابقا (5)، و لا فرق بين أن تكون مسلمة أو ذمية أو أن تكون حرة أو أمة (6).

مسألة 2: لو نشزت ثمَّ عادت إلى الطاعة لم تستحق النفقة

(مسألة 2): لو نشزت ثمَّ عادت إلى الطاعة لم تستحق النفقة حتى تظهرها و يعلم بها و ينقضي زمان يمكن الوصول إليها (7).

مسألة 3: لو ارتدت سقطت النفقة و إن تابت عادت

(مسألة 3): لو ارتدت سقطت النفقة (8) و إن تابت عادت (9).

مسألة 4: الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة

(مسألة 4): الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها خصوصا إذا كان صغيرا غير قابل للتمتع و التلذذ (10)،

______________________________

الرابعة: مقتضى أصالة احترام المال و العمل التي هي من أهم الأصول النظامية العقلائية أن يكون بذل المال بعوض مطلقا إلا ما خرج بالدليل المعتبر، و الكل يشهد بأن الإنفاق من الزوج لا بد و أن يكون بإزاء استفادة منها و بعد إلغاء الشارع عوضية سائر الاستفادات غير التمكين يتعين ذلك.

(5) تقدم ما يتعلق بذلك مفصلا (1).

(6) كل ذلك للإطلاق و الاتفاق و السيرة المستمرة بين المتشرعة و غيرهم، و لا بد من تقييد الأمة بما إذا تحقق التمكين منهما كسابقها.

(7) كل ذلك لاستصحاب النشوز موضوعا و حكما ما لم يظهر الخلاف و مجرد دعواها في نفسها للطاعة ما لم يكن مظهر خارجي معتبر في البين لا أثر لها، لأن مورد وجوب الإنفاق انما هو الطاعة و التمكين و نحوهما من العناوين التي لا تحقق لها إلا بالإظهار الخارجي دون مجرد الإرادة القلبية.

(8) لزوال الزوجية و حصول البينونة بارتدادها كما مر.

(9) لعود الزوجية بعودها إلى الإسلام ما دامت في العدة كما سيأتي في كتاب الطلاق، و لو خرجت عن العدة فبانت منه فلا شي ء عليه.

(10) لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و أصالة البراءة، و ظهور الإجماع.

ص: 290


1- تقدم في صفحة: 217- 220.

و كذا للزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لأن يستمتع منها (11).

نعم، لو كانت الزوجة مراهقة و كان الزوجة مراهقا أو كبيرا أو كان الزوج مراهقا و كانت الزوجة كبيرة لم يبعد استحقاق الزوجة للنفقة مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذذ و الاستمتاع منها (12).

______________________________

(11) لما مر في سابقة من غير فرق.

(12) للإطلاقات و العمومات، بل تحقق الموضوع عرفا.

و الحاصل أن أحوال الزوجين بحسب الاستمتاع و التلذذ على أقسام:

الأول: ما إذا كانا صغيرين زوّجهما الولي لمصلحة.

الثاني: ما إذا كانا كبيرين كالخرقة البالية لا أثر للقبلة و اللمس بالنسبة إليهما مطلقا زوّجا أنفسهما لمصلحة بعد وجود العقد و الإدراك فيهما في الجملة.

الثالث: كونهما جامعين للشرائط فعرض لهما الكبر فصار كالخرقة البالية، مقتضى أصالة البراءة في الأولين عدم النفقة بعد قصور الأدلة الأولية عن الشمول لهما، و قاعدة «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه» و مقتضى الاستصحاب الوجوب في الأخير لو لم نقل بتبدل الموضوع و تقتضيه السيرة أيضا.

الرابع: حالة المراهقة فيهما.

الخامس: حالة المراهقة في الزوج و إمكان التلذذ من الزوجة، و مقتضى الإطلاقات و العمومات وجوب النفقة فيهما.

و للاستمتاع و التلذذ مراتب كثيرة و المدار على الصدق العرفي و لو في الجملة فمع الصدق كذلك تجب و مع صدق العدم لا تجب، و كذا مع الشك فيه للأصل.

و لو ادعى الزوج اني أتمتع و التذ فالظاهر قبول قوله لأنه لا يعرف إلا من قبله و إقرار على نفسه بالإنفاق.

ص: 291

مسألة 5: لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسه لعذر شرعي أو عقلي

(مسألة 5): لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسه لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض أو غير ذلك (13)، و كذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج سواء كان في واجب أو مندوب أو مباح (14)، و كذا لو سافرت في واجب مضيّق كالحج الواجب بغير إذنه، بل و لو مع منعه و نهيه (15) بخلاف ما لو سافرت بغير إذنه في مندوب أو مباح فإنه تسقط نفقتها (16) بل الأمر كذلك لو خرجت من بيته بغير إذنه و لو لغير سفر فضلا عما كان له، لتحقق النشوز المسقط للنفقة (17).

مسألة 6: ما تعرّف في بعض البلاد من تخلل مدة بين وقوع عقد النكاح و زمان الزفاف إن تحقق منها التمكين في تلك المدة يجب نفقتها عليه

(مسألة 6): ما تعرّف في بعض البلاد من تخلل مدة بين وقوع عقد النكاح و زمان الزفاف إن تحقق منها التمكين في تلك المدة يجب نفقتها عليه و إلا فلا (18).

______________________________

(13) لأن التمكين مشروط بالتمكن عرفا و المفروض عدم تمكنها منه مضافا إلى الإجماع.

(14) لظهور الإجماع و إن الإذن منه إسقاط لحقه منها.

(15) تقدم التفصيل في كتاب الحج (1)، و أنه لا حق له عليها حينئذ بل في كل واجب مضيق.

(16) إجماعا و نصا قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المعتبر: «أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع» (2)، و تقدم ما يدل على ذلك.

(17) و يدل عليه أيضا إطلاق معقد الإجماع، و إطلاق ما مر من قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

(18) أما وجوب النفقة مع التمكين فلا إشكال فيه للعمومات و الإطلاقات المتقدمة.

ص: 292


1- راجع المجلد الثاني عشر صفحة: 143.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب النفقات.
مسألة 7: لو تركت التمكين لبعض ما رأت من زوجها من مساوي الأخلاق فعلت حراما و سقطت نفقتها

(مسألة 7): لو تركت التمكين لبعض ما رأت من زوجها من مساوي الأخلاق فعلت حراما و سقطت نفقتها (19)، و هل لها ترك التمكين لتأخذ حقا لها عليه من صداق أو نحوه أو ليس لها ذلك؟ وجهان (20).

مسألة 8: تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية

(مسألة 8): تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة (21)

______________________________

و أما عدم الوجوب مع عدم التمكين فلانتفاء المشروط بانتفاء شرطه و لكن الأقسام في المقام ثلاثة.

الأول: عدم التمكين منها و حكمه معلوم كما مر.

الثاني: عدم إقدام الزوج على الاستمتاع مع وجود المقتضي و فقد المانع فتجب عليه النفقة، لشمول العمومات و الإطلاقات المتقدمة.

الثالث: عدم إقدامهما على ذلك لمانع خارجي من عرف أو عادة و مقتضى الأصل عدم الوجوب حينئذ.

(19) أما الحرمة فلما مر من إطلاق نصوص وجوب التمكين عليها مطلقا إلا ما خرج بالدليل و لم يكن المقام منه (1)، مضافا إلى الأصل و الاتفاق.

و أما سقوط النفقة فلما تقدم من أنها تدور مدار التمكين إلا ما خرج بالدليل.

(20) تقدم وجه الجواز في (مسألة 34) من الصداق و وجه عدم الجواز أصالة عدم ثبوت هذا الحق لها بعد عدم دليل على الثبوت، و لكن استظهرنا سابقا الجواز فراجع.

(21) إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة زرارة: «انما هي (النفقة) للتي لزوجها عليها رجعة» (2)، و عن أبي الحسن موسى عليه السّلام في المطلّقة

ص: 293


1- تقدم في صفحة: 218.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 2.

كما تثبت للزوجة من غير فرق بين كونها حائلا أو حاملا (22)، و لو كانت ناشزة و طلقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة كالزوجة الناشزة (23) و أما ذات العدة البائنة فتسقط نفقتها و سكناها (24) سواء كانت عن طلاق أو فسخ (25) إلا إذا كانت عن طلاق أو فسخ و كانت حاملا فإنها تستحق النفقة و السكنى حتى تضع حملها (26).

______________________________

الرجعة: «و لها النفقة و السكنى حتى تنقضي عدتها» (1)، و سيأتي في كتاب الطلاق ما ينفع المقام.

(22) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(23) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و لو رجعت إلى التمكين ثبتت النفقة حينئذ كما في الزوجة، و قد أرسل إرسال المسلمات «أن المطلقة الرجعية زوجة».

(24) إجماعا و نصوصا منها قول أبي الحسن موسى عليه السّلام في صحيح سعد:

«إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها و ملكت نفسها و لا سبيل له عليها و تعتد حيث شاءت و لا نفقة لها» (2)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة زرارة: «أن المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

(25) أما الطلاق فلما مر من النصوص، و أما الفسخ فهم بين جازم بإلحاقه بالطلاق و بين جازم بالعدم، و بين مبتن للإلحاق و عدمه على النفقة للحامل فلا يلحق أو للحمل فيلحق، و العرف و الاعتبار يساعد الأول و اشتمال النصوص على الطلاق لا يوجب التخصيص به بل المراد مطلق التفرقة مضافا إلى الإجماع.

(26) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح

ص: 294


1- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 2 و 1.

و لا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدتها (27) و كذا الحامل المتوفى عنها زوجها فإنه لا نفقة لها مدة حملها لا من تركة زوجها و لا من نصيب ولدها على الأقوى (28).

______________________________

الكناني: «إذا طلق الرجل المرأة و هي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها» (1)، و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام «في الرجل يطلق امرأته و هي حبلى قال:

أجلها أن تضع حملها و عليه نفقتها حتى تضع حملها» (2)، و في صحيح الحلبي (3)، عنه عليه السّلام أيضا: «الحلبي المطلقة ينفق عليه حتى تضع حملها» إلى غير ذلك من الأخبار.

(27) للأصل بعد اختصاص الدليل بخصوص الدائمة مضافا إلى الإجماع.

(28) على المشهور، لإطلاق جملة من الأخبار منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «في الحبلى المتوفى عنها زوجها أنه لا نفقة لها» (4)، و في معتبرة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام: «في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال: لا» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما دل على أنه ينفق عليها من مال الحمل مثل معتبرة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام: «المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها» (6)، محمول على ما إذا رأى الولي أو الوصي مصلحة فيه بحيث يتوقف حياة الحمل عليه و رضي الورثة بذلك أيضا.

و كذا خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: «نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من جميع المال حتى تضع» (7)، فإنه أيضا محمول على ما

ص: 295


1- الوسائل باب: 7 من أبواب النفقات.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب النفقات.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب النفقات.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب النفقات الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب النفقات الحديث: 1 و 2.
6- الوسائل باب: 10 من أبواب النفقات الحديث: 1.
7- الوسائل باب: 10 من أبواب النفقات الحديث: 2.
مسألة 9: لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة إلى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النساء صدقت

(مسألة 9): لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة إلى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النساء صدقت (29)، و أنفق عليها يوما فيوما إلى أن يتبين الحال، فإن تبين الحمل و إلا استعيد منها ما

______________________________

إذا رضي جميع الورثة بذلك و أقدموا عليه و توقف حياة الولد على ذلك، و مما ذكرنا يظهر الحال في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام «المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله» (1).

ثمَّ انهم اختلفوا في ان نفقة الحامل للحمل أو للحامل، نسب إلى الأكثر الأول و ذكروا لذلك ثمرات منها القضاء و الضمان بناء على كونه للحامل دون الحمل.

و العرف يساعد على كونها للحمل و الانتساب إلى الحامل بالعناية لأنها الوعاء و الحافظ له و قد انقطعت علاقة الزوجية بالموت مع أن العلاقة ثابتة بين الميت و الحمل أي علاقة القرابة فالنفقة عرفا لأجل القرابة أولا و بالذات و للحامل ثانيا و بالعرض و يمكن أن يجمع بذلك بين كلماتهم.

إن قلت: فعلى هذا تثبت النفقة في المنقطعة الحامل إذا مات زوجها أيضا.

يقال: هذا ليس من العلة الحقيقة بل هو نحو تقريب في مورد ثبت أصله شرعا في الجملة لا في مورد عدم الثبوت.

(29) لأنه لا يعلم إلا من قبلها فتصدق مضافا إلى قول الصادق عليه السّلام: «قد فوض اللّه إلى النساء ثلاثة أشياء: «الحيض و الطهر، و الحمل» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في المعتبر: «إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها» (3)، و لو كشفت الحمل بالتحليلات العصرية و الأجهزة الدقيقة التي يوجب الاطمئنان به تتبع لا محالة.

ص: 296


1- الوسائل باب: 9 من أبواب النفقات الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب العدد.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب أقسم الطلاق.

صرف إليها (30)، و في جواز مطالبتها بكفيل قبل تبين الحال وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (31).

مسألة 10: لو بذلت نفسها في زمان دون آخر أو في مكان كذلك

(مسألة 10): لو بذلت نفسها في زمان دون آخر أو في مكان كذلك فإن جرت العادة على ذلك تستحق النفقة و إلا فلا (32).

مسألة 11: لو حصل عقد نكاح بين الزوجين و اعتقدا بصحته مدة

(مسألة 11): لو حصل عقد نكاح بين الزوجين و اعتقدا بصحته مدة و حصل التمكين منها و الإنفاق منه مدة من الزمن ثمَّ تبين بطلان العقد و أن الوطي كان بالشبهة هل يجوز للزوج مطالبة ما أنفقه عليها أو لا؟

وجهان (33).

______________________________

(30) أما الإنفاق يوما فيوما فلأنه إنفاق الزوجة كما يأتي بعد ذلك، و أما الاستعادة بعد تبين الخلاف فلقاعدتي اليد و الإتلاف بعد أن كان الإنفاق لجهة خاصة فبان عدمها.

(31) من احتمال كون دعواها في معرض الفساد بظهور كذبها فيتعين صحة أخذ الكفيل، و من إطلاق ما مر من الرواية من أنها مصدقة فلا وجه لأخذ الكفيل بعد التصديق و لكن الأقوى الأول لأنه من الجمع بين الحقين و نحو احتياط في البين.

(32) أما الأول فلحصول التمكين منها بحسب المتعارف، و أما الثاني:

فلعدم التمكين فلا تجب النفقة و حينئذ.

و يمكن أن يقال إن وجوب الإنفاق انبساطي فتجب إن بذلت و تسقط إن امتنعت.

(33) من أصالة بقاء حقه على ما أنفق فيجوز، و من وقوع التهاتر في الواقع بين الإنفاق و التمكين فلا موضوع للمطالبة و الأحوط التصالح و التراضي.

نعم، لو علم الزوج بفساد العقد لا نفقة عليها حينئذ كما مر.

ص: 297

تقدير النفقة

اشارة

تقدير النفقة

مسألة 1: الضابط في النفقة القيام بما تحتاج إليه المرأة

(مسألة 1): الضابط في النفقة القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام و إدام و كسوة و فراش و غطاء و إسكان و إخدام و آلات تحتاج إليها لشربها و طبخها و تنظيفها و غير ذلك (1)، فأما الطعام فكميّته بمقدار ما يكفيها لشبعها، و في جنسه يرجع إلى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و الموالم لمزاجها و ما تعوّدت به بحيث تتضرر بتركه (2).

______________________________

لا تقدير للنفقة شرعا و انما هي منوطة بنظر العرف و رفع المنفق حوائج المنفق عليه كما يأتي.

(1) لقوله تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1)، الشامل لجميع الجهات و الخصوصيات و الأزمنة و الأمكنة و الحالات و سائر الأمور، و هو من الجوامع كسائر الآيات الشريفة، و للإجماع، و سيرة المتشرعة بل العقلاء، و ظواهر النصوص مثل قول الصادق عليه السّلام في موثق إسحاق بن عمار: «يشبعها و يكسوها» (2)، و في معتبرة شهاب بن عبد ربه عنه عليه السّلام أيضا: «يسد جوعتها و يستر عورتها» (3).

(2) لإطلاق الآية المباركة و ما تقدم من الأدلة مع أن ذلك كله من حقها كما يأتي.

ص: 298


1- سورة النساء: 19.
2- الوسائل باب: 88 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.

و أما الإدام فقدرا و جنسا كالطعام (3) يراعى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و ما يوالم مزاجها و ما هو معتاد لها، حتى إنه لو كانت عادة أمثالها أو الموالم لمزاجها دوام اللحم مثلا لوجب، و كذا لو اعتادت بشي ء خاص من الإدام بحيث تتضرر بتركه، بل الظاهر مراعاة ما تعارف اعتياده لأمثالها من غير الطعام و الإدام كالشاي و التنباك و القهوة و نحوها، و اولى بذلك المقدار اللازم من الفواكه الصيفية التي تناول كاللازم منها في المناخ الحارة (4).

______________________________

(3) لما تقدم من إطلاق الآية الشريفة و ما مر في سابقة من غير فرق.

(4) كل ذلك من العشرة بالمعروف التي أمر اللّه تعالى بها في الآية المباركة و رغّب إليه نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في السنن المأثورة عنه المضبوطة، كل ذلك في كتب أحاديث المسلمين و من العرف و العادة الشايعتين في كل عصر و زمان و ما ورد في بعض الأخبار من بعض القيود كما في معتبرة شهاب (1)، و التحديدات محمول على ما كان متعارفا في تلك الأزمنة القديمة فلا يستفاد منها الكلية في كل عصر و زمان، و أي عادة اعتاد بها شعوب الإنسان في كل عصر و مكان هي المتعارف ففي معتبرة شهاب بن عبد ربه قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما حق المرأة على زوجها؟ قال عليه السّلام: يسد جوعتها و يستر عورتها و لا يقبح لها وجها فإذا فعل ذلك فقد و اللّه أدى إليها حقها، قلت: فالدهن قال: غبا يوم و يوم لا، قلت: فاللحم؟ قال: في كل ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك، و الصبغ في كل ستة أشهر، و يكسوها في كل سنة أربعة أثواب: ثوبين للشتاء و ثوبين للصيف، و لا ينبغي أن يقفر بيته من ثلاثة أشياء: دهن الرأس، و الخل، و الزيت و يقوتهن بالمد فإني أقوت به نفسي، و ليقدر لكل إنسان منهم قوته فان شاء أكله و إن شاء و هبة و إن شاء تصدق به، و لا تكون فاكهة عامة إلا

ص: 299


1- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.

و كذلك الحال في الكسوة (5) فيلاحظ في قدرها و جنسها عادة أمثالها و بلد سكناها و الفصول التي تحتاج إليها شتاء أو صيفا ضرورة شدة الاختلاف في الكم و الكيف و الجنس بالنسبة إلى ذلك بل لو كانت من ذوات التجمل وجب لها زيادة على ثياب البدن ثياب له على حسب أمثالها، و هكذا الفراش و الغطاء فإن لها ما تفرشها على الأرض و ما تحتاج إليها للنوم من لحاف و مخدة و ما تنام عليها و يرجع في قدرها و جنسها و وصفها إلى ما ذكر في غيرها (6).

و تستحق في الإسكان أن يسكنها دارا يليق بها بحسب عادة أمثالها (7)

______________________________

أطعم عياله منها و لا يدع أن يكون للعبد عندهم فضل في الطعام أن يسني لهم في ذلك شي ء ما لم يسني لهم في سائر الأيام» (1)، و قريب منه غيره، و قد شاهدنا تبدل العرف و العادة في يسير من السنين فضلا عن مئاتها بالنسبة إلى الخصوصيات و إن كان أصل الكليات باقية بحالها في الجملة لا تتغير و لا تبدل.

(5) المنزّلة على العرف و العادة لإطلاق قوله تعالى وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2).

(6) لأن المناط في الجميع المتعارف المتوسط بين حد الإفراط و التفريط، فيشمله الضابط الذي مر في قوله تعالى وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (3).

(7) لإطلاق قوله تعالى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (4)، المنزّل على المتعارف المعتاد بحسب شأن أمثالها.

ص: 300


1- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.
2- سورة البقرة: 233.
3- سورة النساء: 19.
4- سورة الطلاق: 6.

و كانت لها من المرافق ما تحتاج إليها، و لها أن تطالبه بالتفرد بالمسكن (8) عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها من دار أو حجرة منفردة المرافق إما بعارية أو إجارة أو ملك (9)، و لو كانت من أهل البادية كفاها كوخ أو بيت شعر منفرد يناسب حالها (10).

و أما الإخدام فإنما يجب أن كانت ذات حشمة و شأن و من ذوات الخدم (11) و الا خدمت نفسها (12)، و إذا وجبت الخدمة فالزوج بالخيار

______________________________

(8) لأن ذلك من المعاشرة بالمعروف التي أمر بها اللّه تعالى و يشمله قوله تعالى وَ لٰا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ (1)، فإن الحق لها في جميع ما ذكر في المتن فلها أن تطالب بحقها ما لم يكن ضرر في البين.

نعم، لو طالبت بشي ء اقتراحا و بغير استحقاق كالدار الوسيعة و المجللة و استبدت بها من دون أن يكون ذلك معروفا بين أمثالها ففي وجوب الإجابة منع لأصالة البراءة من غير دليل حاكم عليها.

(9) لأن المناط هو الإسكان و هو يتحقق بكل ذلك، و يدل عليه الإطلاق و الاتفاق و الأصل، و في ذكر خصوص الإسكان في قوله تعالى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (2)، إشارة، بل دلالة على ذلك.

(10) لأنه عشرة بالمعروف بالنسبة إليها فيشمله الإطلاق و الاتفاق و الأصل سواء كان الزوج من أهل الكوخ و بيت الشعر أيضا أو من يرفع شأنه عن ذلك.

(11) لكون ذلك من المعاشرة بالمعروف حينئذ فتشمله الأدلة.

(12) لفرض أنها عشرة بالمعروف بالنسبة إليها حينئذ فتشملها الإطلاقات.

ص: 301


1- سورة الطلاق: 6.
2- سورة الطلاق: 6.

بين أن يبتاع خادمة لها أو يستأجرها أو يستعيرها لها أو يأمر مملوكته بأن تخدمها بنفسه (13) على إشكال في الأخير (14).

و أما الآلات و الأدوات المحتاج إليها فهي أيضا تلاحظ ما هو المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التي تسكن و تعيش بها ضرورة اختلافها اختلافا فاحشا (15).

مسألة 2: المناط في ما مر من الإنفاق على حال الزوجة لا الزوج

(مسألة 2): المناط في ما مر من الإنفاق على حال الزوجة لا الزوج (16).

مسألة 3: الظاهر انه من الإنفاق اجرة التنظيفات و التجميليات عند الحاجة إليها

(مسألة 3): الظاهر انه من الإنفاق اجرة التنظيفات و التجميليات عند الحاجة إليها مع كونها متعارفا بين أمثالها (17) و كذا الأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها بسبب الأمراض و الآلام التي قلما يخلو الشخص منها في الشهور و الأعوام (18).

______________________________

(13) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق و الأصل.

(14) وجه الإشكال انها ربما تستحي من إرجاع جملة من حوائجها إليه يوجب ذلك عدم أداء حقها على ما هو في الواقع.

(15) بحسب الأزمنة و الأمكنة و العادات فيراعى في ذلك كله المعاشرة بالمعروف التي أمر بها اللّه عز و جل.

(16) لظواهر الأدلة و أن المراد بالمعاشرة بالمعروف المعروف بالنسبة إليها كما و كيفا و من سائر الجهات، و قد مر أنه لو كان الزوج من أهل البادية و الزوجة من أهل القصور يجب عليه تحصيل القصر لها.

و يجزى الكوخ لو انعكس و ليس لها أن تطالب بالقصر.

(17) للعمومات، و الإطلاقات، و ظهور السيرة و الإجماع.

(18) للعرف و العادة و السيرة المستمرة من قبل البعثة إلى زماننا و ما تأتي من الأزمنة فيشملها جميع إطلاقات الكتاب و السنة.

ص: 302

نعم، الظاهر أنه ليس من الدواء ما يصرف في المعالجات الصعبة التي يكون الاحتياج إليها من باب الاتفاق خصوصا فيما إذا احتاج إلى بذل مال خطير (19) و هل يكون منه اجرة فحص الطبيب كما هو المتعارف في زماننا فإن كانت يسيرة وجب على الزوج (20) و إن كانت كثيرة ففي الوجوب عليه إشكال (21).

مسألة 4: تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم من الطعام

(مسألة 4): تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم (22)، من الطعام

______________________________

(19) للشك في شمول الأدلة له فيرجع إلى أصالة البراءة بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات و العمومات في الشبهات الموضوعية.

(20) لشمول الأدلة لها و جريان السيرة عليها.

(21) لاحتمال الانصراف عنها فترجع إلى البراءة حينئذ.

ثمَّ ان الظاهر ان جملة من تفصيلات الفقهاء في المقام مما لا ينبغي بل ربما توجب المشاحة بين الزوجين، و اللازم هو التحريض على المراضاة في ما بينهما بكل ما أمكن في البين لا الدقة و بيان منشأ الاختلاف و المشاحة فراجع المطولات تجد صدق ما ادعيناه.

(22) إجماعا و نصا قال الصادق عليه السّلام في صحيح شهاب بن عبد ربه:

«و يقدر لكل إنسان منهم قوته فإن شاء أكله و إن شاء و هبة و إن شاء تصدق به» (1)، و لا يخفى أن الدليل أعم من المدعى لأن ما يستفاد من الإجماع و من النص انما هو انتفاعها و القيام بحاجتها و سد خلتها، أما التمليك و التملك فلا يستفاد شي ء من الأدلة، و قوله عليه السّلام: «فإن شاء أكله و إن شاء و هبة و إن شاء تصدق به» يجتمع مع الإباحة المطلقة و إيكال الأمر إليها أيضا من كل جهة حتى في الهبة و التصدق.

ص: 303


1- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.

أم و الإدام و غيرهما مما يصرف و لا يبقى عينه (23) في صبيحته (24) فلها أن تطالبه بها عندها (25) فلو منعها و انقضى اليوم بقيت في ذمته و كانت دينا عليه (26)، و ليست لها مطالبة نفقة الأيام الآتية (27).

مسألة 5: لو مضت أيام و لم ينفق عليها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة

(مسألة 5): لو مضت أيام و لم ينفق عليها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة (28) سواء طالبته بها أو سكتت عنها و سواء قدرها الحاكم و حكم بها

______________________________

و لو تمسكوا بقوله تعالى وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ (1)، لكان أولى بناء على ظهور كلمة اللام في الملكية إلا ما خرج بالدليل.

و لكنه أيضا مشكل، لأن ظهور اللام في الاختصاص معلوم و الملكية تحتاج إلى دليل خاص و الآية الشريفة أعم من المدعى.

و لكن ظاهرهم التسالم على الملكية مع تحقق التمكين فراجع المطولات فان عباراتهم بين ناصة و ظاهرة في ذلك، و تقتضيه السيرة و كون النكاح من هذه الجهة مثل المعاوضة كما تقدم غير مرة، و الالتزام بالفروع المتفرعة عليها.

(23) أرسلوا ذلك إرسال المسلمات و قالوا إن المناط في ملكيتها له ما يتوقف الانتفاع به على إتلافه فتشمل كل ما كان كذلك كالعطر و الدهن و الصابون و نحوها.

(24) لأنها أول زمان الصرف في الحوائج المتعارفة و أول زمان حدوث وجوب الإنفاق.

(25) لأنه لا معنى لوجوب البدل و الإنفاق إلا جواز مطالبة المنفق عليه لما يبذل و ينفق من أول زمان حدوث الوجوب.

(26) لاستصحاب بقاء اشتغال الذمة مضافا إلى الإجماع.

(27) لأصالة عدم حق لها عليه فيما لم يتحقق موضوعه بعد.

(28) للأصل و الإجماع كما مر.

ص: 304


1- سورة البقرة: 228.

لا، و سواء كان موسرا أو معسرا (29) غاية الأمر انه مع الإعسار ينظر في المطالبة إلى اليسار (30).

مسألة 6: لو امتنع الزوج من الإنفاق أجبره الحاكم الشرعي به

(مسألة 6): لو امتنع الزوج من الإنفاق أجبره الحاكم الشرعي به، فإن امتنع عنه مع ذلك فرّق بينهما (31).

مسألة 7: لا نفقة في كل ما هو غير مشروع

(مسألة 7): لا نفقة في كل ما هو غير مشروع فيحرم على الرجل الإنفاق عليها في ذلك كما تحرم على المرأة قبول ذلك (32).

مسألة 8: لو دفعت إليها نفقة أيام

(مسألة 8): لو دفعت إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا و انقضت المدة و لم تصرفها على نفسها اما بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد بقيت ملكا لها (33)،

______________________________

(29) كل ذلك لإطلاق الأدلة المتقدمة و إجماع فقهاء الملة.

(30) لقوله تعالى وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ (1)، مضافا إلى الإجماع.

(31) لأن كل ذلك من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و من الأمور الحسبية التي له الولاية عليها مضافا إلى نصوص خاصة ففي موثق أبي بصير قال «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرّق بينهما» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «و الا فرّق بينهما» (3)، و يأتي في كتاب القضاء ما ينفع المقام.

(32) لإطلاق أدلة تلك المحرمات الشاملة للمقام، و لأن الصرف إثم و الإعانة عليه من الإعانة على الإثم المحرمة.

(33) للإجماع على انها تملك ما أخذته للنفقة و يصير ذلك ملكا لها بالقبض.

ص: 305


1- سورة البقرة: 270.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 2 و 12.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 2 و 12.

و ليس للزوج استردادها (34)، و كذا لو استفضلت منها شيئا بالتقتير على نفسها كانت الزيادة ملكا لها (35) فليس له استردادها.

نعم، لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائنا يوزع المدفوع على الأيام الماضية و الآتية و يسترد منها حصة ما بقي من المدة (36)، بل الظاهر ذلك أيضا فيما إذا دفع لها نفقة يوم و عرض أحد تلك العوارض في أثناء اليوم قبل صرفها، فيسترد الباقي من نفقة ذلك اليوم (37).

مسألة 9: كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام

(مسألة 9): كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام إما بمؤاكلتها مع الزوج في بيته على العادة كسائر عياله، و إما بتسليم النفقة لها.

و ليس له إلزامها بالنحو الأول، فلها أن تمتنع من المؤاكلة معه و تطالبه بكون نفقتها بيدها تفعل بها ما تشاء، إلا أنه إذا أكلت و شربت معه على العادة سقط ما على الزوج من النفقة فليس لها أن تطالبه بها بعد ذلك (38).

مسألة 10: لو دفع إلهيا نفقة الأيام الآتية بعد التقدير و قبلتها بهذا العنوان فتلفت في يدها بتلف سماوي أو غيره فلا ضمان عليه

(مسألة 10): لو دفع إلهيا نفقة الأيام الآتية بعد التقدير و قبلتها بهذا العنوان فتلفت في يدها بتلف سماوي أو غيره فلا ضمان عليه و لا يجب

______________________________

(34) لأنه أكل للمال بالباطل إن كان بغير رضائها، و لقاعدة «الناس مسلطون على أموالهم» مضافا إلى الإجماع.

(35) لأنها تملكها بمجرد القبض و لا تزول ملكيتها إلا بدليل يدل عليه و هو مفقود.

(36) لكشف ذلك عن عدم حصول الملكية لها من أول حصول القبض.

فتبقى على ملك الزوج فيجوز له أخذها.

(37) لجريان عين ما مر في سابقة هنا أيضا من غير فرق فيكون تحقق الملكية لها مراعى بوجود الشرائط.

(38) دليل هذه المسألة من أولها إلى آخرها إطلاق قوله تعالى:

ص: 306

عليه الدفع (39).

مسألة 11: لو أسقطت نفقتها بعد التقدير برضى منها فالظاهر عدم جواز الرجوع لها

(مسألة 11): لو أسقطت نفقتها بعد التقدير برضى منها فالظاهر عدم جواز الرجوع لها بالنسبة إلى ما مضى (40) و أما بالنسبة إلى ما يأتي فلا يبعد صحة الرجوع (41).

مسألة 12: لو قدّر النفقة و كان للزوج عليها دين فامتنعت من أدائه

(مسألة 12): لو قدّر النفقة و كان للزوج عليها دين فامتنعت من أدائه

______________________________

وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1)، فإنه لا يفرق في الإنفاق الواجب بين الكيفيتين مضافا إلى الإجماع و المنساق من سائر الأدلة إلا إذا كان هناك عرف خاص على الخلاف فلا بد من أتباعه حينئذ.

(39) أما عدم الضمان فلفرض التراضي على التسليم و التسلم فتبرأ ذمة الزوج لا محالة.

و أما عدم وجوب الأداء ثانيا فلفرض عدم تحقق الموضوع فلا موضوع للوجوب حينئذ فيكون تلف المال من ملكها، و سيأتي في (مسألة 14) ما ينفع المقام.

(40) لفرض سقوط ذمة الزوج و براءتها عن النفقة فلا موضوع للرجوع حينئذ.

(41) لأنه من رجوعها يستكشف أن إسقاطها لم يكن دائميا بل كان، ما داميا فيمكن أن يستدل بإطلاقات أدلة وجوب الإنفاق على الزوج إلا أن يستفاد من القرائن المعتبرة أن السقوط كان مطلقا أي دائميا حتى بالنسبة إلى ما يأتي و هو أيضا مشكل بل ممنوع لأنه إسقاط ما لم يجب بالنسبة إلى ما يأتي.

إلا أن يقال أنه يكفي في الإسقاط معرضية الوجوب و لو لم يكن الوجوب فعليا كما قلنا في موارد كثيرة من المضاربة.

ص: 307


1- سورة النساء: 19.

مع التمكن عنه جاز له أن يقاصها حينئذ بها (42).

مسألة 13: ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول

(مسألة 13): ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول كالخبز و التمر و اللحم المطبوخ و غيرها مما لا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج و مزاولة و مئونة و كلفة، و اما عين تحتاج في ذلك إلى الأعداد كالحب و الأرز و الدقيق و نحو ذلك، و الظاهر أن الزوج بالخيار بين النحوين (43) و ليس للزوجة الامتناع و إلزامه بالنحو الأول (44).

نعم، لو اختار النحو الثاني و احتاج إعداد المدفوع للأكل إلى مئونة كالحطب و غيره كانت عليه (45).

مسألة 14: إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته

(مسألة 14): إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته و سقط ما هو الواجب على الزوج (46)، و ليس لكل منهما إلزام الآخر به (47).

مسألة 15: إنما تستحق في الكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره

(مسألة 15): إنما تستحق في الكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره (48)، و لا تستحق عليه أن يدفع إليها

______________________________

(42) لعموم دليل التقاص الشامل لذلك بعد تحقق الموضوع و الشرائط كما هو المفروض.

(43) لأن المناط كله انما هو سد خلتها و رفع حاجتها و هو يحصل بكل واحد من النحوين و لا دليل على تعين أحدهما من العقل أو النقل في البين.

(44) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(45) لكون ذلك من الإنفاق الواجب حينئذ كما مر.

(46) أما ملكيتها بالتسليم فلما مر من الأدلة الدالة على ذلك، و أما سقوط ما هو الواجب على الزوج، فلتحقق الامتثال فلا بد من الإجزاء لا محالة.

(47) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(48) لأن المدار على الكسوة و الإكساء و هما يحصلان بكل ذلك،

ص: 308

بعنوان التمليك (49)، و لو دفع إليها كسوة المدة جرت العادة ببقائها إليها فكستها فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت وجب عليه دفع كسوة أخرى إليها (50)، و لو انقضت المدة و الكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة أخرى (51)، و لو خرجت في أثناء المدة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق تسترد إذا كانت باقية (52)، و كذلك الكلام في الفراش و الغطاء و اللحاف و الآلات التي دفعها إليها من جهة الإنفاق مما ينتفع بها مع بقاء عينها فإنها كلها باقية على ملك الزوج (53) تنتفع بها الزوجة (54)، فله استردادها إذا زال استحقاقها (55)

______________________________

و المرجع في الكسوة العرف و العادة المختلفة باختلاف الأزمنة و الأمكنة و العادات.

و الجامع ما قاله اللّه تعالى وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1)، و يرجع في اعتبار أزيد منه إلى الأصل و الإطلاق و مقتضاهما عدم اعتبار شي ء زائد على ما يسمى في العرف و العادة كسوة مع مراعاة حال الزوجة من حيث الشرف و الضيعة.

(49) لإطلاق الأدلة و أصالة البراءة و إجماع فقهاء الملة.

(50) لإطلاق دليل وجوب اكسائها بالمعروف الشامل لهذه الصورة أيضا.

(51) لأصالة عدم ثبوت هذا الحق لها مع وجود كسوة الزوج لديها.

(52) لكشف ذلك عن أن اباحة التصرف لها كانت ما دامية لا دائمية.

(53) لاستصحاب بقاء الملكية للزوج ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود.

(54) للإجماع و الإطلاق و السيرة.

(55) لقاعدة السلطنة بعد استصحاب الملكية.

ص: 309


1- سورة البقرة: 233.

إلا مع التصريح بإنشاء التمليك لها (56).

مسألة 16: لا يجوز إعطاء نفقة الزوجة من الحقوق الواجبة عليه

(مسألة 16): لا يجوز إعطاء نفقة الزوجة من الحقوق الواجبة عليه (57)، و هل يجوز إعطائها منها بعد سقوط النفقة عن الزوج بالنشوز؟

فيه إشكال (58).

مسألة 17: لو اشترطا في عقد النكاح الزيادة في النفقة عن المتعارف لزم الشرط

(مسألة 17): لو اشترطا في عقد النكاح الزيادة في النفقة عن المتعارف لزم الشرط (59) و هل يكون كذلك لو شرطا سقوطها من أصلها؟

______________________________

(56) فينتقل من ملك الزوج إلى ملك الزوجة فليس للزوج حينئذ التصرف في شي ء منه إلا برضاها.

(57) لما تقدم في كتاب الزكاة من الروايات فلا وجه للإعادة هنا (1).

نعم، لو سلم الحقوق إلى الحاكم الشرعي و رأى الحاكم المصلحة في صرفها على الزوجة التي تجب نفقتها على الرجل المعطي جاز له ذلك حينئذ هذا في أصل النفقة الواجبة.

و أما التوسعة عليها من الحقوق الواجبة فقد تقدم في كتاب الزكاة جواز ذلك إن تحققت الشرائط فراجع (2).

(58) من تحقق الاستحقاق و سائر الشرائط كما هو المفروض فيجوز إعطائها منها.

و من أنه يمكن لها تحصيل النفقة بالرجوع عن النشوز فلا تكون فقيرة حينئذ.

و لها أن ترجع إلى الحاكم الشرعي في تشخيص الموضوع.

(59) لعموم أدلة وجوب الوفاء بالشرط خصوصا إذا كان في ضمن عقد لازم كما تقدم في كتاب البيع.

ص: 310


1- راجع المجلد الحادي عشر صفحة: 255.
2- راجع المجلد الحادي عشر صفحة: 255.

فيه إشكال (60)، و لو شرطا نفقة الزوج على الزوجة يلزم الوفاء به (61).

مسألة 18: لا تسقط النفقة بجنون الرجل

(مسألة 18): لا تسقط النفقة بجنون الرجل (62) فعلى الولي إخراجها من أمواله (63) و تسقط بموت كل واحد من الزوجين (64).

مسألة 19: لو اشتغلت ذمة الزوج بنفقة الزوجة و ماتت فلورثتها المطالبة بها من الزوج

(مسألة 19): لو اشتغلت ذمة الزوج بنفقة الزوجة و ماتت فلورثتها المطالبة بها من الزوج (65).

مسألة 20: لو وهب الزوج نفقة السنة إليها و ماتت في أثناء السنة يرثها و إرثها

(مسألة 20): لو وهب الزوج نفقة السنة إليها و ماتت في أثناء السنة يرثها و إرثها (66) بخلاف ما لو أعطاها بعنوان النفقة ترد إلى الزوج ما

______________________________

(60) من انها من الحقوق الدائرة بينهما فيجوز الشرط و يجب الوفاء به و تسقط بمقتضاه.

و من احتمال انها من قبيل الحكم فلا يسقط بالشرط و الظاهر الأول، و طريق الاحتياط أن تأخذها و تهبها له.

(61) لعموم أدلة وجوب الوفاء بالشرط.

إن قيل إن هذا الشرط خلاف الكتاب و السنة لما مر من وجوب الإنفاق على الزوج لها لا العكس.

يقال: ما هو في الكتاب و السنة من باب الإرفاق و الغالب بينهما فإذا حصل الشرط بينهما و باختيارهما يذهب موضوع المخالفة قهرا.

(62) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(63) لانحصار الأمر فيه حينئذ فيتولى الإخراج سواء كان الولي الشرعي أو المنصوب أو الحاكم الشرعي نفسه.

(64) لزوال الموضوع حينئذ.

(65) لفرض صيرورتها دينا محضا في ذمته فتنتقل إلى الورثة و الأحوط التصالح و التراضي دفعا لشبهة الحكم فيها كما مر.

(66) لصيرورة المال ملكا للزوجة بالهبة و سقوط النفقة بها و تنقل المال

ص: 311

زادت عما بعد موتها (67).

مسألة 21: لو تردد النكاح بين الدوام و الانقطاع و لم تكن قرينة على التعيين تجب النفقة على الزوج

(مسألة 21): لو تردد النكاح بين الدوام و الانقطاع و لم تكن قرينة على التعيين تجب النفقة على الزوج (68).

مسألة 22: لو شك الزوج في أداء النفقة بعد وجوبها عليه يجب عليه الأداء

(مسألة 22): لو شك الزوج في أداء النفقة بعد وجوبها عليه يجب عليه الأداء (69).

مسألة 23: إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق

(مسألة 23): إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق فإن كان الزوج غائبا أو كانت الزوجة منعزلة عنه فالقول قولها بيمينها (70) إذا لم يكن له بينة (71).

و إن كانت في بيته داخلة في عيالاته فالظاهر أن القول قول الزوج بيمينه (72) إذا لم تكن لها بينة (73).

______________________________

إلى الورثة لا محالة.

(67) لفرض أنه بالموت يستكشف عدم انتقال النفقة إليها كما تقدم في (مسألة 15).

(68) لأصالة عدم ذكر المدة في العقد. و الأحوط التراضي.

(69) لأصالة عدم الأداء إلا إذا دل دليل على الخلاف.

نعم، لو كانت في بيته تأكل مما في البيت يمكن أن يجعل ذلك قرينة على الإنفاق حينئذ فلا مجال للأصل.

(70) لأصالة عدم وصول حقها إليها مؤيدة بالظاهر. و أما اليمين فلفصل المنازعة و الخصومة.

(71) لأنه مع وجود البينة لا تصل النوبة إلى اليمين المنكر فلا موضوع لليمين مع وجود البينة.

(72) لظاهر الحال بعد فرض كونه أمينا شرعا.

(73) لما مر من أنه لو كانت بينة على صحة دعواها فهي مقدمة على يمين الزوج.

ص: 312

مسألة 24: إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق

(مسألة 24): إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق، فادعى الزوج أنه قبل الوضع و قد انقضت عدتها به فلا نفقة لها الان، و ادعت هي أنه بعده لتثبت لها النفقة و لم تكن بينة فالقول قولها مع اليمين (74)، فإن حلفت ثبت لها استحقاق النفقة (75)، لكن يحكم عليه بالبينونة و عدم جواز الرجوع من جهة اعترافه بأنها خرجت من العدة بالوضع.

مسألة 25: لو صار الزوج معسرا و لم يتمكن من النفقة أصلا ليس للزوجة حق فسخ النكاح

(مسألة 25): لو صار الزوج معسرا و لم يتمكن من النفقة أصلا ليس للزوجة حق فسخ النكاح (76).

مسألة 26: إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار فالقول قوله بيمينه

(مسألة 26): إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار فالقول قوله بيمينه إذا لم يكن لها بينة (77)، إلا إذا كان مسبوقا باليسار و ادعى تلف أمواله و صيرورته معسرا و أنكرته فإن القول قولها مع يمينها إذا لم تكن بينة (78).

______________________________

(74) لأصالة بقائها في العدة و أصالة بقاء النفقة، و أصالة تأخر الطلاق

(75) لثبوت الموضوع شرعا فيترتب عليه الحكم قهرا.

(76) كما هو المشهور بين الفقهاء للأصل، و عدم ثبوت هذا الحق لها.

نعم، لو تضررت ببقائها في نكاحه ترجع إلى الحاكم الشرعي. فيرى فيه رأيه.

(77) أما أن القول قوله فلأصالة عدم اليسار لكونه مسبوقا بالعدم و أما اليمين فلقطع المنازعة و الخصومة.

و أما اعتبار عدم البينة فلأنه مع وجودها لا تصل النوبة إلى اليمين.

(78) لأصالة عدم تحقق الإعسار بعد فرض كونه مسبوقا باليسار و أما اليمين، و اعتبار عدم البينة فلما عرفت في سابقة.

ص: 313

مسألة 27: لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها

(مسألة 27): لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها، فلها على زوجها الإنفاق و بذل مقدار النفقة و إن كانت من أغنى الناس (79).

مسألة 28: إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته

(مسألة 28): إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته (80) و هي على أقاربه (81)، فما فضل من قوته صرفه إليها و لا يدفع إلى الأقارب إلا ما يفضل من نفقتهما.

______________________________

(79) لإطلاق الأدلة، و إجماع الفرقة، و أصالة عدم الاشتراط.

(80) للإجماع و أهمية حفظ النفس عن حفظ الغير عقلا و شرعا.

(81) لأن نفقة الزوجة وضعية و تكليفية بخلاف نفقة الأقارب فإنها تكليفية محضة.

ص: 314

نفقة الأقارب

اشارة

نفقة الأقارب

مسألة 1: يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما

(مسألة 1): يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما و إن علوا و على الأولاد و أولادهم و إن نزلوا (1) ذكورا و إناثا صغارا كانوا أو كبارا مسلمين كانوا أو كفارا (2)، و لا تجب على غير العمودين من الأقارب كالإخوة و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و غيرهم (3)، و إن استحب خصوصا الوارث منهم (4).

______________________________

(1) بإجماع المسلمين و ضرورة من دينهم و نصوص متواترة منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة حريز قال: «قلت له: من الذي أجبر عليه و تلزمني نفقته؟

فقال: الوالدان و الولد و الزوجة» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام أيضا: «من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة» (2)، و في صحيح جميل بن دراج: «لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين و الولد» (3)، إلى غير ذلك من النصوص و إطلاق كل منها يشمل الولد و إن نزل كما سيأتي في (مسألة 12).

(2) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق بعد سقوط احتمال الانصراف إلى من كان بلا واسطة كما في سائر الموارد.

(3) للأصل، و الإجماع، و ما مر من مفهوم الحصر.

(4) أما الاستحباب لمطلق الأرحام فلقوله تعالى:

ص: 315


1- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات.
مسألة 2: يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه

(مسألة 2): يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه، بمعنى عدم وجدانه لما يتقوّت به فعلا (5)، فلا يجب إنفاق من قدر على نفقته فعلا و إن كان فقيرا لا يملك قوت سنة و جاز له أخذ الزكاة و نحوها (6).

و أما غير الواجد لها فعلا القادر على تحصيلها، فإن كان ذلك بغير الاكتساب كالاقتراض و الاستعطاء و السؤال لم يمنع ذلك عن وجوب

______________________________

وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي تَسٰائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحٰامَ (1)، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا صدقة و ذو رحم كاشح» (2)، مضافا إلى الإجماع و يشهد له الاعتبار أيضا.

و أما الأخير فلما عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في المعتبر أنه سئل عن قوله تعالى وَ عَلَى الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ قال: «هو في النفقة على الوارث مثل ما على الولد» (3)، و في معتبرة غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام: «قال اتي أمير المؤمنين عليه السّلام بيتيم فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه» (4)، إلى غير ذلك من الروايات المحمولة على الأفضلية جمعا كما مر و إجماعا.

(5) لأن المناط في وجوب الإنفاق سد الخلة و رفع الحاجة و المفروض أنه متمكن منهما و ليس المناط صدق الفقر و عدمه، إذ رب فقير يمكن من رفع حوائجه من الوجوه المنطبقة عليه أو التبرعات أو الأوقاف أو نحو ذلك، و رب غني لا يتمكن من ذلك كله هذا مضافا إلى الإجماع.

(6) لصدق أنه محتاج و غير قادر على سد خلته عرفا.

و القدرة على الاقتراض أو السؤال و الاستعطاء من الأمور غير المتعارفة لا

ص: 316


1- سورة النساء: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب الصدقة.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب النفقات الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات.

الإنفاق عليه بلا إشكال (7)، فإذا لم يكن للأب مثلا ما ينفق على نفسه لكن يمكن له الاقتراض أو السؤال و كان بحيث لو اقترض يقرضونه و لو سأل يعطونه و قد تركهما فالواجب على ولده الموسر نفقته (8) و إن كان ذلك بالاكتساب، فإن كان ذلك بالاقتدار على تعلّم صنعة يمكن بها إمرار معاشه.

كالبنت تقدر على تعلم الخياطة المكفية عن معيشتها و الابن يقدر على تعلم الكتابة أو الصياغة أو التجارة المكفية عن نفقته و قد تركا التعلم فبقيا بلا نفقة فلا إشكال في وجوب الإنفاق عليه (9)، و كذا الحال لو أمكن له التكسب بما يشق عليه تحمله كحمل الأثقال، أو لا يناسب شأنه كبعض الأشغال لبعض الأشخاص و لم يكتسب لذلك فإنه يجب على قريبه الإنفاق عليه (10)، و إن كان قادرا على التكسب بما يناسب حاله و شأنه كالقوي القادر على حمل الأثقال و الوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال و من كان كسوبا و له بعض الأشغال و الصنائع و قد ترك ذلك طلبا للراحة، فالظاهر

______________________________

يجعله قادرا على سد الخلة و رفع الحاجة عند المتعارف، إذ المناط في ذلك عند العرف على القدرة المتعارفة عليه لا القدرة العقلية.

(7) لصدق أنه محتاج غير قادر على سدّ خلّته عرفا و إن قدر عليه عقلا، و تقدم أن المناط القدرة العرفية لا العقلية الدقية.

(8) لصدق أنه محتاج غير قادر على سدّ خلّته عرفا و إن قدر عليه عقلا، و تقدم أن المناط القدرة العرفية لا العقلية الدقية.

(9) لصدق أنه غير قادر على النفقة و محتاج إليها عرفا و إن لم يصدق ذلك دقة و عقلا و مر أن المناط هو الأول دون الثاني.

(10) لأن قدرته على ما لا يليق بشأنه كالعدم شرعا و عرفا فيكون غير قادر على الإنفاق على نفسه حينئذ فيجب على قريبه الإنفاق عليه.

ص: 317

عدم وجوب الإنفاق عليه (11).

نعم، لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجا فعلا بالنسبة إلى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه (12)، و إن كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما انه لو ترك التشاغل بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه (13).

مسألة 3: إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دواما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر

(مسألة 3): إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دواما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو ابنها الإنفاق عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني (14).

مسألة 4: يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته

(مسألة 4): يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته (15)

______________________________

(11) لفرض قدرته على الإنفاق على نفسه و إهماله لذلك فيتوجه إليه اللوم و الذم انه لم فعل ذلك و لا يتوجه اللوم و الذم على القريب لم لا ينفق عليه مع وجود هذه الخصلة فيه.

(12) لصدق الاحتياج الفعلي من غير اقتدار على رفعه عرفا.

(13) لأنه محتاج فعلي من دون توجه مذمة و ملامة بالنسبة إليه لا عرفا و لا شرعا.

(14) لخروج هذا القسم من القدرة عن منساق الأدلة عرفا و شرعا و يكفي الشك في الشمول لعدم الشمول، فيرجع إلى عمومات وجوب الإنفاق بعد صدق الموضوع عرفا.

(15) لأنه من الشرائط العامة لكل تكليف فضلا عن الإنفاق.

ص: 318

بعد نفقة نفسه (16) و نفقة زوجته (17) لو كانت له زوجة دائمة (18)، فلو حصل له قدر كفاية نفسه خاصة اقتصر على نفسه و لو فرض أنه فضل منه شي ء و كانت له زوجة فلزوجته، فلو فضل منه شي ء فللأبوين و الأولاد (19).

مسألة 5: المراد بنفقة نفسه- المقدمة على نفقة زوجته- مقدار قوت يومه و ليلته و كسوته

(مسألة 5): المراد بنفقة نفسه- المقدمة على نفقة زوجته- مقدار قوت يومه و ليلته و كسوته اللائقة بحاله و كل ما اضطر إليه من الآلات للطعام و الشراب و الفراش و الغطاء و غيرها (20)، فإن زاد على ذلك شي ء صرفه إلى زوجته ثمَّ إلى قرابته (21).

مسألة 6: لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة

(مسألة 6): لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة، فإن اضطر إلى التزويج بحيث يكون في تركه عسر و حرج شديد أو مظنة فساد ديني فله أن يصرفه في التزويج (22)،

______________________________

(16) لآيتي نفي الحرج (1)، و النهي من الإلقاء في التهلكة(2)، و حديث نفي الضرر (3).

(17) لأن في النفقة على الزوجة جهة معاوضية و وضعية و تكليفية فتكون مقدما على ما فيه جهة تكليفية محضة.

(18) لعدم النفقة للمنقطعة.

(19) لما عرفت من تقدم نفسه ثمَّ زوجته، و الفضل للأبوين و الأولاد.

(20) بعبارة أخرى مستثنيات الدين.

(21) كل ذلك لأنه المنساق من الأدلة مضافا إلى إجماع الأجلة.

(22) لصيرورة التزويج حينئذ أهم من نفقة القريب و من النفقة على

ص: 319


1- سورة الحج: 78.
2- سورة البقرة: 195.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات ج: 17.

و إن لم يبق لقريبه شي ء، و إن لم يكن كذلك ففي جواز صرفه في الزواج و ترك إنفاق القريب تأمل و إشكال (23).

مسألة 7: لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل إلى تحصيله

(مسألة 7): لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل إلى تحصيله بأي وسيلة حتى بالاستعطاء و السؤال فضلا عن الاكتساب اللائق بالحال (24)، و أما لو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا ينبغي الإشكال في أنه يجب عليه تحصيله بالاكتساب اللائق بشأنه و حاله (25)، و لا يجب عليه التوسل إلى تحصيله بمثل الاستيهاب و السؤال (26).

نعم، لا يبعد وجوب الاقتراض إذا أمكن من دون مشقة و كان له محل الإيفاء فيما بعد و كذلك الشراء بنسية بالشرطين المذكورين (27).

______________________________

النفس، لأدلة نفي العسر و الحرج و الضرر.

(23) منشأ الإشكال أنه حينئذ من النفقة على النفس أو لا؟ فعلى الأول يقدم بخلاف الأخير و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الخصوصيات، و في مورد الشك يرجع إلى عموم الوجوب مع صدق الموضوع عرفا.

(24) كل ذلك لآيتي نفي العسر و الحرج و النهي عن الإلقاء في التهلكة و حديث نفي الضرر و الضرار (1)، مضافا إلى الإجماع.

(25) لوجوب مقدمة الواجب مضافا إلى الإجماع.

(26) للأصل بعد انصراف دليل الوجوب عن مثلهما مضافا إلى صدق عدم القدرة العرفية بالنسبة إليه حينئذ.

(27) لوجود المقتضي للإنفاق و فقد المانع عنه فيجب لا محالة.

و احتمال انصراف أدلة القدرة على الإنفاق عن مثل ذلك، و مقتضى

ص: 320


1- راجع صفحة: 318.
مسألة 8: لا تقدير في نفقة الأقارب بل الواجب قدر الكفاية من الطعام و الإدام و الكسوة و المسكن

(مسألة 8): لا تقدير في نفقة الأقارب بل الواجب قدر الكفاية من الطعام و الإدام و الكسوة و المسكن مع ملاحظة الحال و الشأن و الزمان و المكان حسب ما مر في نفقة الزوجة (28).

مسألة 9: لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا

(مسألة 9): لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا لتزويج أو إعطاء مهر له أو تمليك أمة أو تحليلها له (29) و إن كان أحوط مع حاجته إلى النكاح و عدم قدرته على التزويج و بذل الصداق خصوصا في الأب (30).

مسألة 10: يجب على الولد نفقة والده

(مسألة 10): يجب على الولد نفقة والده (31) دون أولاده الذين هم

______________________________

الأصل عدم الوجوب حينئذ مدفوع بأنه من الانصرافات البدوية التي تزول بعد التأمل.

(28) كل ذلك للأصل، و ظهور الإطلاق و الاتفاق، و السيرة المستمرة قديما و حديثا.

و المناط كله هو العرف و العادة المختلفان باختلاف الأزمنة و الأمكنة و الحالات و الأشخاص.

(29) للإجماع و الأصل بعد الشك في شمول أدلة وجوب الإنفاق لمثل ذلك، لأن المورد من الأقل و الأكثر و تعلق التكليف بالأول معلوم و بالأخير مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة.

(30) أما الأول فلاحتمال كونه من الإنفاق الواجب حينئذ خصوصا بعض مراتب الحاجة.

و أما الثاني فلذهاب جمع إلى الوجوب فيه و أنه من العشرة بالمعروف، فيشمله دليل وجوبها.

و كل منهما لا يصلح للاستدلال و إن صلح للاحتياط.

(31) لما مر سابقا من وجوب نفقة الأبوين فلا حاجة للإعادة.

ص: 321

اخوته و دون زوجته التي ليست بامه و يجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته، نعم، يجب عليه نفقة أولاده أيضا لأنهم أولاده (32).

مسألة 11: لا تقضى نفقة الأقارب

(مسألة 11): لا تقضى نفقة الأقارب و لا يتداركها لو فاتت في وقتها و زمانها و لو بتقصير من المنفق و لا تستقر في ذمته (33) بخلاف الزوجة كما مر (34).

نعم، لو لم ينفق عليه لغيبته أو امتنع عن إنفاقه مع يساره و رفع المنفق عليه أمره إلى الحاكم فأمره بالاستدانة عليه فاستدان عليه اشتغلت ذمته بما استدانه و وجب عليه قضاؤه (35).

و إن تعذر الحاكم فالظاهر أنه يجتزي بنيته بمعنى أنه لو استدان بقصد كونه على المنفق وجب عليه قضاؤه (36).

مسألة 12: قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب

(مسألة 12): قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب اعني بين الأصول و الفروع (37)

______________________________

(32) الوجه في ذلك كله واضح لا يحتاج إلى البيان كما مر ذلك أيضا.

(33) للإجماع و الأصل، و لأنها مجرد سد خلة و قضاء حاجته و مع زوال الموضوع فلا معنى للقضاء و الاستقرار في الذمة.

(34) لأنها معاوضة من هذه الجهة و لا معنى للمعاوضة إلا تدارك العوض مع التفويت أو الفوات.

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 25، ص: 322

(35) لولاية الحاكم عليه فيكون أمره كأمر نفس المنفق عليه فيتحقق منه التسبيب إلى الاستدانة فيترتب عليه الضمان لا محالة.

(36) لأن الموضوع حينئذ من الأمور الحسبية التي يصح أن يقوم بها كل متشرع يعرف هذه الأحكام، و قد تقدم في كتاب البيع البحث عن ولاية الحاكم الشرعي ثمَّ العدول من المؤمنين.

(37) لما تقدم في (مسألة 1 و 10) فلا وجه للتكرار.

ص: 322

دون الحواشي (38) كالإخوة و الأعمام و الأخوال- فليعلم أن لوجوب الإنفاق ترتيبا من جهتين (39): من جهة المنفق و من جهة المنفق عليه.

أما من الجهة الأولى فتجب نفقة الولد ذكرا كان أو أنثى على أبيه و مع عدمه أو فقره فعلى جدة للأب، و مع عدمه أو إعساره فعلى جد الأب (40)، و هكذا متعاليا الأقرب فالأقرب (41)، و لو عدمت الآباء أو كانوا معسرين فعلى أم الولد (42)،

______________________________

(38) مر دليل كل من الحكمين من النص (1)، و الإجماع.

(39) على ما هو المتسالم بين الفقهاء بل المجمع عليه عندهم فتوى و عملا.

(40) للإجماع، و لظهور الأدلة في أن الأب مطلقا هو الأصل في وجوب الإنفاق على الولد مطلقا إلا ما خرج بالدليل فمع وجوده و لو في الدرجات المتعالية لا تصل النوبة إلى غيره و لو في الدرجات القريبة، و هذا الأصل يمكن أن يستفاد من الكتاب (2)، و الروايات المتقدمة (3)، و الإجماع و الاعتبار أيضا، و لأصالة عدم وجوب النفقة على غيره مع وجوده مطلقا إلا مع إعساره، أي عدم قدرته على الإنفاق حينئذ.

(41) للإجماع، و الاعتبار، و ما هو المنساق من الأدلة الواردة في الأبواب المختلفة.

(42) إجماعا و نصوصا منها صحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة» (4)، إلى غير ذلك من النصوص و لا بد من تقييد ذلك بعدم وجود الوالد و لو تصاعدا.

ص: 323


1- راجع صفحة: 315.
2- سورة البقرة الآية: 233.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات الحديث: 6.

و مع عدمها أو إعسارها فعلى أبيها و أمها و أبي أبيها و أم أبيها و أبي أمها و أم أبيها (43) و هكذا الأقرب فالأقرب (44)، و مع التساوي في الدرجة يشتركون في الإنفاق بالسوية و إن اختلفوا في الذكورة و الأنوثة (45) و في حكم آباء الام و أمهاتها أم الأب و كل من تقرب إلى الأب بالأم كأبي أم الأب و أم أم الأب و أم أب الأب و هكذا (46)، فإنه تجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه و امه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى الولد، فإذا كان له أب وجد موسران كان نفقته على الأب، و إذا كان له أب مع أم كانت نفقته على الأب، و إذا كان له جد لأب مع أم كانت نفقته على الجد و إذا كان له جد لام مع أم كانت نفقته على الام (47)، و إذا كان له جد و جدة لام تشاركا في الإنفاق عليه بالسوية (48)، و إذا كانت له جدة لأب مع جد و جدة لام تشاركوا فيه ثلاثا هذا كله في الأصول اعني الآباء و الأمهات (49).

______________________________

(43) للإجماع و إطلاق الوالدين و الأبوين الوارد في الأدلة كما مر.

(44) للإجماع و بعض ما مر من النصوص مثل قوله عليه السّلام في المعتبر:

«خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة» (1).

(45) لانسباق التساوي من الأدلة في المقام مضافا إلى الإجماع عليه.

(46) لما مر من الإطلاق و الاتفاق بعد ملاحظة الترتيب المذكور بالإجماع.

(47) كل ذلك للإجماع و الإطلاقات الشاملة لذلك كله مع ملاحظة الترتيب في الوجود و العدم و الإعسار و اليسار.

(48) لانطباق الموضوع على كل واحد منهما إجماعا و بطلان الترجيح بلا مرجح فلا محيص حينئذ إلا عن الاشتراك.

(49) لما مر آنفا في سابقة من غير فرق.

ص: 324


1- الوسائل باب: 11 من أبواب النفقات الحديث: 4.

و أما الفروع اعني الأولاد فتجب نفقة الأب و الام عند الإعسار على الولد مع اليسار (50) ذكرا كان أم أنثى و مع فقده أو إعساره فعلى ولد الولد- أعني ابن ابن أو بنت و بنت ابن أو بنت- و هكذا الأقرب فالأقرب (51)، و مع التعدد و التساوي في الدرجة يشتركون بالسوية (52) فلو كان له ابن أو بنت مع ابن ابن مثلا كانت نفقته على الابن أو البنت، و لو كان له ابنان أو بنتان أو ابن و بنت اشتركا في الإنفاق بالسوية و إذا اجتمع الأصول مع الفروع يراعى الأقرب فالأقرب (53)، و مع التساوي يتشاركون (54) فإذا كان له أب مع ابن أو بنت تشاركا بالسوية و إذا كان له أب مع ابن ابن أو ابن بنت كانت نفقته على الأب (55) و إذا كان له ابن وجد لأب كانت على الابن (56)، و إذا كان له ابن ابن مع جد الأب تشاركا بالسوية (57).

و إذا كانت له أم مع ابن ابن أو ابن بنت مثلا كان نفقته على الأم (58).

______________________________

(50) إجماعا و نصا كما مر فلا وجه للتكرار.

(51) لما مر من الإجماع و الانسباق من النصوص المتقدمة.

(52) لانطباق الموضوع عليهم حينئذ و عدم الترجيح بلا مرجح فلا بد من الاشتراك و التساوي.

(53) لأصالة مراعاة الأقرب فالأقرب في النفقات مطلقا نصا كما مر و فتوى.

(54) لأنه المنساق من أدلة المقام مضافا إلى الإجماع.

(55) لما تقدم من مراعاة الأقرب فالأقرب.

(56) لما مر في سابقة من غير فرق.

(57) للتساوي و عدم الأقربية.

(58) لكونها أقرب من ابن الابن أو ابن البنت.

ص: 325

و يشكل الأمر فيما إذا اجتمعت الام مع الابن أو البنت و الأحوط التراضي و التصالح على الاشتراك بالتسوية (59).

و أما الجهة الثانية فإذا كان عنده زائدا على نفقته و نفقة زوجته ما يكفي لانفاق جميع أقاربه المحتاجين وجب عليه نفقة الجميع (60)، و إذا لم يكف إلا لانفاق بعضهم ينفق على الأقرب فالأقرب منهم (61)، فإذا كان عنده ابن أو بنت مع ابن ابن و كان عنده ما يكفي أحدهما ينفق على الابن أو البنت دون ابن ابن، و إذا كان عنده أبواه مع ابن ابن و ابن بنت أو مع جد و جدة الأب أو لام أو بالاختلاف و كان عنده ما يكفي لاثنين أنفق على الأبوين و هكذا (62)، و أما إذا كان عنده قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة و كان عنده ما لا يكفي الجميع فالأقرب أنه يقسم بينهم بالسوية (63).

مسألة 13: لو كان له ولدان و لم يقدر إلا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر

(مسألة 13): لو كان له ولدان و لم يقدر إلا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر فإن اختلفا في قدر النفقة و كان ما عنده يكفي لأحدهما بعينه

______________________________

(59) وجه الإشكال من أن الابن مقدم على الجد، و الجد مقدم على الام فالابن مقدم عليها، و من اتحاد المرتبة فلا وجه للتقدم فلا بد من التسوية.

و منه يظهر وجه الاحتياط المذكور في المتن.

(60) لوجود المقتضي و فقد المانع فيشمله جميع الأدلة بلا محذور مدافع.

(61) للإجماع، و لأصالة تقديم الأقرب ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود.

(62) لما تقدم من الأدلة بعد ملاحظة ترتيب الأقرب إلى المنفق.

(63) لأصالة التساوي في النفقات إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود و احتمال التخيير أو تقديم كل من سبق لا وجه له من عقل أو نقل و لا يتعدى عن مرتبة مجرد الاحتمال لدى الفقيه الخبير المتتبع.

ص: 326

كالأقل نفقة اختص به (64)، و كان نفقة الآخر على أبيه جد الولدين (65)، و إن اتفقا في مقدار النفقة فإن توافق مع الجد في أن يشتركا في انفاقهما و تراضيا على أن يكون أحدهما المعين في نفقة أحدهما و الآخر في نفقة الآخر فهو و إلا رجعا إلى القرعة (66).

مسألة 14: لو امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم

(مسألة 14): لو امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم و مع عدمه فعدول المؤمنين (67)، و إن لم يمكن إجباره فإن كان له مال أمكن للمنفق عليه أن يقتص منه مقدار نفقته جاز له (68)، و إلا أمره الحاكم بالاستدانة عليه (69)

______________________________

(64) لعموم الدليل بعد وجود المقتضي و فقد المانع.

(65) لما مر من عموم الدليل بعد وجود المقتضي لنفقة الآخر و فقد المانع.

(66) لأنها لكل أمر مشكل و المقام منه.

(67) لأن المقام من الأمور الحسبية التي لا بد من القيام فمع وجود الحاكم هو يقوم به و مع عدمه فالعدول كما قد مر ذلك في هذا الكتاب مكررا، و قلنا بأنه يكفي صدور العمل موافقا للوظيفة الشرعية و لو لم يكن من العدول.

(68) لفرض كون المورد من موارد وجوب صرف المال في الجملة و المفروض أن المنفق اعتدى بامتناعه و مقتضى إطلاق قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ (1)، جواز التقاص إلا إذا ثبت بإجماع معتبر أن الإنفاق في المقام واجب تكليفي محض مجرد عن احتمال المالية و هو ممنوع.

(69) إذ لا معنى لحكومته إلا ولايته على مثل هذه الأمور و التسبيب

ص: 327


1- سورة البقرة: 194.

و مع تعذر الحاكم جاز له ذلك كما مر (70).

مسألة 15: لو تبرع شخص نفقة الأرحام سقطت عن المنفق

(مسألة 15): لو تبرع شخص نفقة الأرحام سقطت عن المنفق (71).

و لو كان المنفق متعددا (72) و امتنع بعضهم عن الإنفاق و لم يمكن إجباره أو أمكن و لم ينفع يتعين الإنفاق على غيره (73).

مسألة 16: لو حجر الحاكم على المنفق لا يسقط وجوب نفقة من تجب نفقته

(مسألة 16): لو حجر الحاكم على المنفق لا يسقط وجوب نفقة من تجب نفقته (74).

مسألة 17: يجزى في نفقة الأقارب بذل العين أو القيمة

(مسألة 17): يجزى في نفقة الأقارب بذل العين أو القيمة (75)، و لو بذل القيمة و قتّر المنفق عليه على نفسه و جمعها تكون باقية على ملك المنفق (76).

______________________________

لتحصيل هذه المقاصد.

و لا شك أن الاستدانة عليه لا مدخلية لها في المقاصة بوجه.

(70) لأنه من الإعانة على الخير فيكون مأذونا شرعا.

(71) لفرض تمكنه حينئذ فلا موضوع للنفقة حينئذ لأن موضوعه الفقر و الاحتياج، و المفروض رفعهما بالتبرع إلا إذا كان في التبرع قبل الصرف حضاضة و منّة لا يليق بشأنه فيشكل السقوط حينئذ ما لم يأخذها، و لو أخذها مع ذلك فيسقط و كذا الكلام لو كان هناك مؤسسات خيرية شرعية ترعى شؤون المسنين مثلا كما في عصرنا الحاضر.

(72) كما إذا كان للرجل أولاد متعددون فاشتركا في الإنفاق على الأب.

(73) لانحصاره حينئذ في مورد الإطلاقات و العمومات.

(74) للعمومات و الإطلاقات.

(75) لتحقق الإنفاق بكل واحد منهما فتشملهما الإطلاقات و العمومات.

(76) للأصل ما لم يصرف فعلا فيكون المدار على الصرف الفعلي نعم لو وهبها له ملكها و لا يجوز الرجوع فيها لأنها لازمة.

ص: 328

مسألة 18: نفقة سفر الأقارب مطلقا- واجبا كان أو مندوبا- ليست على عهدة المنفق

(مسألة 18): نفقة سفر الأقارب مطلقا- واجبا كان أو مندوبا- ليست على عهدة المنفق (77) و يجرى هنا ما تقدم في الإنفاق على الزوجة في مرضها و علاجها (78).

مسألة 19: يجوز للمنفق عليه إغناء نفسه

(مسألة 19): يجوز للمنفق عليه إغناء نفسه فيخرج عن وجوب الإنفاق عليه قهرا (79)، و لا يجوز للمنفق الإنفاق من الحقوق الشرعية الواجبة عليه (80).

______________________________

(77) للأصل، و ظهور الإجماع، و الاتفاق.

نعم، لو توقف صحته على ذلك بحيث لو كان له دواء يجرى عليه حكم الدواء حينئذ بلا فرق في ذلك بين الأقارب و الزوجة.

(78) لوحدة المناط فيهما.

(79) لزوال الموضوع فيزول الحكم لا محالة.

(80) لما في صحيح الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الأب و الام و الولد و المرأة و المملوك و ذلك لأنهم عياله لازمون له» (1)، و في معتبرة أخرى: «لأنه يجبر على النفقة عليهم» (2)، و تقدم في كتاب الزكاة ما ينفع المقام.

ص: 329


1- الوسائل باب: 13 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1 و 4.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1 و 4.

نفقة المملوك

اشارة

نفقة المملوك

مسألة 20: تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره حتى النحل و دود القز على مالكه

(مسألة 20): تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره (1) حتى النحل و دود القز (2) على مالكه، و مولى الرقيق بالخيار بين الإنفاق عليه من خالص ماله أو من كسبه (3) بأن يرخصه في أن يكتسب و يصرف ما حصله في نفقته، و ما زاد لسيده فلو قصر كسبه عن نفقته كان على المولى إتمامه (4)، و لا تقدير لنفقته بل الواجب قدر الكفاية (5) من طعام و ادام و كسوة و يرجع في جنس ذلك إلى عادة مماليك أمثال السيد مع أهل بلده (6)، كما أنه لا تقدير لنفقة البهيمة، بل الواجب القيام بما تحتاج إليه

______________________________

(1) كتابا و سنة قال تعالى وَ هُوَ كَلٌّ عَلىٰ مَوْلٰاهُ(1)، و عن الصادق عليه السّلام: «خمسة لا يعطون من الزكاة: الولد و الوالدان و المرأة و المملوك لأنه يجبر على النفقة عليهم» و مثله غيره.

(2) لإطلاق الدليل الشامل للجميع، و إن ترك النفقة تضييع للمال المحترم و هو حرام.

(3) لأن كسبه أيضا من خالص ماله فهذا التخيير عقلي.

(4) لإطلاق وجوب الإنفاق الشامل للتمام و الإتمام.

(5) لأنه المنساق من الأدلة و مورد إجماع فقهاء الملة.

(6) لما هو المنساق من الأدلة و إجماع فقهاء الملة.

ص: 330


1- سورة النحل: 76.

من أكل و سقى و مكان رحل و نحو ذلك (7)، و أما مالكها بالخيار بين علفها و إطعامها و بين تخليتها ترعى في خصب الأرض فإن اجتزأت بالرعي و إلا علفها بمقدار كفايتها (8).

مسألة 21: لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه

(مسألة 21): لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه أو غيره مما يزيل ملكه عنه أو الإنفاق عليه (9)، كما أنه لو امتنع المالك من الإنفاق على البهيمة و لو بتخليتها للرعي الكافي لها اجبر على بيعها أو الإنفاق عليها (10) أو ذبحها إن كانت مما يقصد بذبحها اللحم.

______________________________

(7) كل ذلك للاتفاق و الانسباق.

(8) لتحقق المقصود بكل ذلك فلا بد من الاجزاء لا محالة.

(9) لأن ذلك من أهم أمور الحسبية التي يجب القيام بها على الحاكم و غيره.

(10) لما مر في سابقة من غير فرق، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «للدابة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مر به، و لا يضرب وجهها، فإنها تسبح بحمد ربها، و لا يقف على ظهرها إلا في سبيل اللّه و لا يحملها فوق طاقتها، و لا يكلّفها من الشي ء إلا ما تطيق» (1).

و عن الصادق عليه السّلام عن وصية لقمان: «و ابدء بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك» (2)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «اطلعت ليلة أسرى بي على النار فرأيت امرأة تعذب فسألت عنها فقيل: إنها ربطت هرة و لم تطعمها و لم تسقها و لم تدعها تأكل من حشاش الأرض حتى ماتت فعذابها بذلك، و قال: اطلعت على الجنة فرأيت امرأة مومسة فسألت عنها فقيل انها مرت بكلب يلهث من العطش

ص: 331


1- الوسائل باب: 9 من أبواب أحكام الدواب الحديث: 1 (الحج).
2- الوسائل باب: 52 من أبواب آداب السفر إلى الحج.
مسألة 22: النباتات المملوكة إذا صارت في معرض التلف هل يجب حفظها حينئذ عنه بالإنفاق عليها بما يناسبها أو لا؟

(مسألة 22): النباتات المملوكة إذا صارت في معرض التلف هل يجب حفظها حينئذ عنه بالإنفاق عليها بما يناسبها أو لا؟ وجهان (11).

______________________________

فأرسلت إزارها في بئر فعصرته في حلقه حتى روى فغفر اللّه لها» (1).

(11) من أن ترك ذلك يوجب تضييع المال خصوصا إذا كان زوال حياتها النباتية يوجب سلب المالية بالكلية عنها فيجب حينئذ بلا إشكال و من أصالة البراءة عن الوجوب، و لكن جريانها مع صدق تضييع المال و الإسراف مشكل إن لم يكن إجماع و سيرة معتبرة على الخلاف.

و كذا الكلام في الأبنية و سائر الجمادات و المكائن و نحوها مما يحتاج إلى الإنفاق لتعميرها و حفظها و اللّه العالم.

و الحمد للّه أولا و آخرا و هو نعم المولى و نعم النصير.

انتهى كتاب النكاح و به تمَّ آخر قسم العقود و يتلوه الجزء السادس و العشرون من أول كتاب الطلاق بعونه تبارك و تعالى.

محمد الموسوي السبزواري النجف الأشرف 4- 1- 1407

______________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 332


1- البحار ج: 65 صفحة: 61 و 65 و كنز العمال رقم 3005 و 4549.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.